مجلة أمريكية تكشف تورط إسرائيل في التجسس على البيت الأبيض

قسم الترجمة - الاستقلال | 5 years ago

12

طباعة

مشاركة

كشفت مجلة "بوليتكو" أنَّ الحكومة الأمريكية توصَّلت خلال العامين الماضيين إلى أنَّ إسرائيل كانت على الأرجح وراء وضع أجهزة مراقبة للهواتف المحمولة عُثر عليها بالقرب من البيت الأبيض وغيرها من المواقع الحساسة في جميع أنحاء العاصمة الأمريكية، واشنطن.

وقالت المجلة الأمريكية في تقرير لها، إنَّه على عكس معظم الحالات الأخرى التي تمَّ فيها اكتشاف حوادث صارخة للتجسس الأجنبي على الأراضي الأمريكية، فإنَّ ردَّة الفعل من إدارة ترامب لم تكن حازمة على الإطلاق، ولم توجه نقداً  للحكومة الإسرائيلية، كما لم تكن هناك عواقب لسلوك إسرائيل المشين، على حد قول أحد المسؤولين السابقين.

التجسس على ترامب

وأوضحت، أنَّ أجهزة المراقبة المصغرة، المعروفة بالعامية باسم "StingRays"، تُحاكي الأبراج الخلوية العادية لتخدع الهواتف المحمولة لإعطائها مواقعها ومعلومات الهوية الخاصة بها. يُطلق عليهم رسمياً اسم صائد هوية مستخدمي الهاتف من المشتركين الدوليين أو "IMSI" ويمكِنُهم أيضاً التقاط محتويات المكالمات واستخدام البيانات.

ونقلت المجلة عن أحد المسؤولين السابقين قوله: إنَّ "الأجهزة كانت تهدِف على الأرجح للتجسُّس على الرئيس دونالد ترامب، وكبار مساعديه وأقرب المقربين منه - رغم أنَّه ليس من الواضح بعد، ما إذا كانت الجهود الإسرائيلية نجحت في تحقيق هدفها أم لا. ويشتهر ترامب بأنَّه متساهل في اتباع بروتوكولات أمن البيت الأبيض".

ذكرت "بوليتكو" في مايو/أيار 2018 أن الرئيس يستخدم في كثير من الأحيان هاتفاً محمولاً غير مُؤمَّن بما فيه الكفاية للتواصل مع الأصدقاء والمقربين.

 وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" قد كشفت في وقت لاحق في أكتوبر/تشرين الأول 2018 أنَّ "الجواسيس الصينيين كانوا يستمعون في كثير من الأحيان" إلى مكالمات هاتفية من ترامب، مما دفع الرئيس إلى انتقاد الخبر باعتباره "غير صحيح، ولا يملك وقتاً لتصحيحه". وأشار مسؤول سابق إلى إنَّ ترامب يستخدم هاتفاً محمولًا  ضد الاختراق.

وأكَّدت المجلة، أنَّه بعد فترة، وكجزء من فحوص الحكومة الفيدرالية، اكتشف المسؤولون في وزارة الأمن الداخلي بالفعل أدلة على وجود أجهزة للمراقبة في جميع أنحاء عاصمة البلاد، لكنهم لم يتمكنوا من نسب الأجهزة إلى كيانات محددة.

ولفتت إلى أنَّ تبادل المسؤولون النتائج التي توصلوا إليها مع الوكالات الفيدرالية ذات الصلة، وفقًا لرسالة كتبها كريستوفر كريبس، وهو مسؤول كبير في وزارة الأمن الداخلي، في مايو/أيار 2018 إلى السناتور رون وايدن.

واستطرد المجلة: "بناءً على تحليل رسمي مُفصَّل، أصبح مكتب التحقيقات الفيدرالي والوكالات الأخرى العاملة في القضية تميل إلى تصديق أنَّ العملاء الإسرائيليين كانوا وراء وضع الأجهزة"، بحسب تعليق مسؤولين سابقين، خدم العديد منهم في مناصب عليا في المخابرات والأمن القومي.

ونقلت عن أحد المسؤولين السابقين قوله، إنَّ هذا التحليل، يرأسه عادة قسم مكافحة التجسُّس التابع لمكتب التحقيقات الفدرالي ويتضمن فحص الأجهزة بحيث "يتعرفون قليلاً عن تاريخها، ومصادر القطع والأجزاء المستخدمة فيها، وكم عمرها، وأي الجهات تقدر على الحصول عليها، وبناء على ذلك يساعدك هذا التحقيق في الحصول على هوية المخترق".

ونوَّه المسؤول السابق إلى أنَّه "بالنسبة لهذه الأنواع من التحقيقات ، يميل المكتب غالبًا إلى وكالة الأمن القومي وأحيانًا تلعب وكالة المخابرات المركزية والمخابرات السرية دوراً مسانداً". وقد صرّح مسؤول استخباراتي سابق كبير: "كان من الواضح أنَّ الإسرائيليين مسؤولون".

ورداً على ما أوردته المجلة الأمريكية، أنكر المتحدث باسم السفارة الإسرائيلية، إلعاد ستروماير، أنَّ إسرائيل وضعت الأجهزة، وقال: "هذه الادعاءات هراء لا معنى لها. إسرائيل لا تُجري عمليات تجسُّس في الولايات المتحدة، انتهى!".

وبحسب مسؤول كبير في إدارة ترامب، فإنَّ الإدارة لا "تُعلِّق على الأمور المتعلقة بالأمن أو المخابرات". كما رفض مكتب التحقيقات الفيدرالي التعليق، في حين لم يرد قسم الأمن الداخلي والمخابرات على طلبات التعليق.

ترامب ونتنياهو يعلقان

وذكرت المجلة، أنَّه بعد نشر هذه القصة، أخبر ترامب المراسلين أنَّه سيجد "من الصعب تصديق" أنَّ الإسرائيليين تنصتوا عليه. وقال ترامب "لا أعتقد أنَّ الإسرائيليين كانوا يتجسسون علينا. علاقتي مع إسرائيل كانت عظيمة... كل شيء ممكن، لكنني لا أصدق ذلك".

من جهته، نفى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد نشر الخبر أنَّ إسرائيل كانت وراء هذه الأجهزة. وقال في صراع مع الصحافيين "لدي توجيه: بأنَّ لا يوجد عمل استخباراتي في الولايات المتحدة، ولا جواسيس. وهو توجيه يُعمل به وبصرامة، دون أي استثناء. إنَّ هذه التقارير ملفقة بالكامل إنها ملفقة بالكامل".

وتابعت المجلة: لكنَّ المسؤولين السابقين الذين يتمتعون بخبرة عميقة في التعامل مع مسائل الاستخبارات يسخرون من الادعاء الإسرائيلي - وهو إنكار مبدئي من المعروف أنَّ المسؤولين الإسرائيليين يقومون به أمام النظراء الأمريكيين المتشككين من الخبر.

وبحسب المجلة، فإنَّ أحد كبار مسؤولي الإستخبارات السابقين، لاحظ أنَّه بعد أن توصَّل مكتب التحقيقات الفيدرالي والوكالات الأخرى إلى أنَّ الإسرائيليين هم المسئولون على الأرجح عن الأجهزة، فإنَّ إدارة ترامب لم تتخذ أي إجراء لمعاقبة أو حتى تأنيب الحكومة الإسرائيلية بشكل خاص.

ونقلت عنه قوله: إنَّ هذا الشخص "كان رد الفعل مختلفًا تمامًا عما كان عليه الحال في الإدارة الأخيرة. مع الإدارة الحالية، هناك مجموعة مختلفة من الحسابات فيما يتعلق بمعالجة هذه المواضيع".

وانتقد المسؤول الكبير السابق بالمخابرات الكيفية التي تعاملت بها الإدارة مع هذه المسألة، مشيراً إلى الفرق الواضح بين الإدارات السابقة، والتي من المرجح أن تُصدر على الأقل نوعاً من النقد، أو توبيخ دبلوماسي رسمي، إلى الحكومة الأجنبية تدين تصرفاتها. وقال المسؤول السابق "لست على علم بأي مساءلة على الإطلاق".

التنصت على ترامب

وأكَّدت المجلة أنَّه إلى جانب محاولة اعتراض المحادثات الخاصة لكبار المسؤولين – وهي المعلومات الأثمن لأي جهاز استخبارات- ستحاول الدول الأجنبية في كثير من الأحيان التجسُّس على زملائهم المقربين أيضًا.

وفي حالة الرئيس ترامب، أشار المسؤول السابق في إدارة ترامب، إلى أنَّ ذلك قد يشمل محاولة الاستماع إلى أجهزة الأشخاص الذين يتصل بهم بانتظام، مثل ستيف وين وشون هانيتي ورودي جولياني. وقال مسؤول ترامب السابق: "الناس في تلك الدائرة مستهدفون بشدة".

وعلى حد قول المجلة، فإنَّ دائرة أخرى من أهداف المراقبة تشمل الأشخاص الذين يتحدثون بانتظام مع أصدقاء ترامب والمستشارين غير الرسميين. وأضاف المسؤول السابق أنَّ المعلومات التي تمَّ الحصول عليها من أيٍ من هؤلاء الأشخاص "ستكون ذات قيمة كبيرة" حتى بالنسبة لحليف وثيق للولايات المتحدة مثل إسرائيل ، التي تسعى غالبًا إلى التفوق في مناورتها الدبلوماسية مع الولايات المتحدة.

ونقتل عن مسؤول استخباراتي سابق ذو أهمية، قوله: "الإسرائيليون عدوانيون جداً في عمليات جمع المعلومات الاستخباراتية. إنهم جميعاً مهووسون بحماية أمن الدولة الإسرائيلية ويفعلون كل ما يشعرون أنَّه يتعين عليهم تحقيقه في سبيل هذا الهدف".

وأردف: لذلك، على الرغم من أنَّ ترامب تجمعه علاقة خاصة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقام بخطوات سياسية عديدة في صالح الحكومة الإسرائيلية - مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وتمزيق الاتفاق النووي الإيراني واستهداف إيران بشدة بالعقوبات - أصبحت إسرائيل المشتبه به الرئيسي في زرع الأجهزة.

وذكرت، أنَّه كان يُنظر إلى الصينيين، الذين تمَّ القبض عليهم بانتظام أثناء قيامهم بعمليات استخباراتية في الولايات المتحدة، كمُشتبه بهم محتملين، إلا أنَّه من غير المحتمل أن يكونوا قد وضعوا الأجهزة بناءً على تحليل دقيق للأجهزة. "يمكنك في كثير من الأحيان، بناءً على الخبرات للأشخاص الذين وضعوا الأجهزة في مكانها، معرفة من الذي كان يستفيد من الوصول واستخدام البيانات من الأجهزة" ، كما أوضح مسؤول سابق آخر بالمخابرات الأمريكية.

ما الذي أثار الشك؟

وأشارت إلى أنَّ واشنطن غارقة في المراقبة، وجهود الكيانات الأجنبية لمحاولة التجسُّس على مسؤولي الإدارة وغيرهم من الشخصيات السياسية البارزة شائعة إلى حد ما. لكن ليس لدى العديد من الدول القدرة - أو الميزانية - على زرع الأجهزة الموجودة في هذه الحالة الأخيرة، وهذا سبب آخر وقع الشك على إسرائيل.

وأوضح بعض المسؤولين السابقين في وكالة الاستخبارات الأمريكية لـِ"بوليتكو"، بأنَّ أجهزة المخابرات الإسرائيلية تتمتع بسمعة مخيفة. لكنهم يقعون في بعض أخطاء أحيانًا ، وهم "ليسوا كماتقدمهم شاشة السينما ".

في عام 2010، تمَّ كشف شخصيات سرية لفريق "الموساد" الإسرائيلي، الذي كان بعضهم يتقمص شخصية لاعب تنس، بعد نشر تسجيل يقرب من 30 دقيقة للمراقبة على الإنترنت لفندق فاخر في دبي حيث تمَّ قتل عنصر بارز من حماس في غرفته.

وأوضحت المجلة، أنَّه ومع ذلك، فقد فُوجِئ المسؤولون الأمريكيون أحيانًا بتجسُّس إسرائيل عليهم، إذ ذكر أحد المسؤولين الحكوميين السابقين في الولايات المتحدة قلَقَه المُتكرر بأنَّ إسرائيل كانت على علم بمداولات السياسة الأمريكية الداخلية التي كان من المفترض أن تبقى سرية.

وتحدث المسؤول السابق للمجلة أيضاً: "كانت هناك شكوك بأنهم كانوا يستمعون إليها"، استناداً إلى تباهي نظرائهم الإسرائيليين بمستوى من المعرفة التفصيلية "كان من الصعب تفسير ذلك".

وأضاف: في بعض الأحيان كان نوعًا من المعرفة بتفكيرنا. في بعض الأحيان كانت هناك معرفة بنوعية اللغة التي لم تظهر إلا في مسودات الخطب ولم يتمَّ استخدامها فعليًا علنًا، ثم يعيدها بعض المسؤولين الإسرائيليين إلينا.

ماذا عن إدارة أوباما؟

وأشارت المجلة إلى أنَّه بالعودة إلى الوراء، عندما كانت إدارة أوباما تحاول بدء مفاوضات مع الفلسطينيين، كان الإسرائيليون متحمسون للحصول على معرفة مسبقة باللغة التي تجري مناقشتها والتي ستصف اختصاصات المحادثات.

ولفتت إلى أنَّه "كان لديهم اهتمام بنوع اللغة المستخدمة من الرئيس باراك أوباما أو وزير الخارجية جون كيري أو أي شخص آخر كان سيستخدمها وقد يحاولون بالفعل إيجاد طريقة للضغط من أجل نوع اللغة التي يفضلونها أو ضد التعابير التي لا يفضلونها.

ونقلت عن دانييل بنيامين، المنسق السابق لمكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية في عهد أوباما ومدير مكتب جون الآن، قوله: "الإسرائيليون استخباراتيون عدوانيون، لكنهم كُشفوا عِدَّة مرات في حالات تجسسهم على الولايات المتحدة وليس من المستغرب أن تستمر هذه الجهود".

وأفاد بنيامين، بأنَّ الذي أكَّد أنَّه لم يكن على علم بالتحقيق الذي أجراه مكتب التحقيقات الفيدرالي حول الأجهزة المكتشفة مؤخرًا، ذات مرة التقيت برئيس سابق للموساد، ورئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلي، عندما كان خارج المكتب. أول ما أخبرني به مسؤول الموساد السابق هو أنَّ إسرائيل لم تتجسس على الولايات المتحدة. فقلت له: "إذا كنت تتعامل معي بهذا الاستخفاف فإنَّ حديثنا قد انتهى".