هل يكون حزب "القوة اليهودية" قنبلة الانتخابات الإسرائيلية؟

عبدالله معروف | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

في الثالث عشر من نوفمبر/تشرين الثاني عام 2012، أعلن كل من عضويّ الكنيست الإسرائيلي، اليمينيان المتطرفان أرييه ألداد وميكائيل بن أري، انشقاقهما عن حزب "الاتحاد الوطني اليميني" وتأسيس حزبهما الجديد، الذي أطلقا عليه اسم "القوة اليهودية" أو "العَظَمة اليهودية" أو "المَنَعة اليهودية" – وكلها تُؤدي نفس المعنى – ودخلا بحزبهما انتخابات الكنيست التاسعة عشرة عام 2013، ليصبح هذا الحزب ممثلاً لأفكارٍ هي أقرب ما تكون إلى أفكار الحاخام المتطرف مائير كاهانا الذي اغتُيل في نيويورك يوم الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني عام 1990م وحركة "كاهانا حي" المصنفة حركةً إرهابيةً حتى لدى دولة الاحتلال.

لم ينجح حزب "القوة اليهودية" في تخطي عتبة الـ2 بالمية من الأصوات – اللازمة لدخول الكنيست – في تلك الانتخابات، كما لم يتمكن هذا الحزب من دخول الكنيست العشرين في انتخابات عام 2015 بالرغم من دخوله الانتخابات ضمن قائمة موحدة مع حزب "ياحاد" المتطرف. وفي انتخابات شهر أبريل/نيسان من العام الجاري، دخل هذا الحزب الانتخابات على قائمة موسعةٍ سميت "اتحاد الأحزاب اليمينية"، شملت أيضاً حزب "البيت اليهودي" وحزب "تكوما" اليمينية المتطرفة، وكان ذلك بطلب مباشر من بنيامين نتنياهو الذي أراد من ذلك أن يكسب أصوات اليمين المتطرف لصالحه، وحازت تلك القائمة خمسة مقاعد في تلك الانتخابات (كان يفترض أن يكون واحد منها لحزب "القوة اليهودية")، قبل أن يُقرر نتنياهو الذهاب إلى الانتخابات المبكرة التي ستجري الثلاثاء 17 سبتمبر/ أيلول الجاري.

في الخامس والعشرين من شهر يونيو/حزيران الماضي، أعلن حزب "القوة اليهودية" انسحابه من قائمة "اتحاد الأحزاب اليمينية" وخوضه الانتخابات منفرداً، وذلك على خلفية رفض حزب "البيت اليهودي" ترشيح أحد قادة حزب "القوة اليهودية" المتطرف "إيتامار بن جفير" للكنيست، وبن جفير يعتبر واحدا من عتاة المتطرفين المعروفين بتأييد أفكار الحاخام المتطرف المقتول كاهانا، وبالتالي حركة "كاهانا حي" الإرهابية، وكان أحد أشهر الوجوه التي وقفت في وجه الانسحاب الإسرائيلي من غزة، ومن أبرز المستوطنين المتطرفين العاملين في مدينة الخليل في الضفة الغربية. ومنذ الانسحاب من تلك القائمة أصبحت فرص فوز هذا الحزب بمقعد في الانتخابات القادمة ضئيلةً في استطلاعات الرأي المتتابعة خلال شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب الماضيين.

إلا أنَّ هذا كله انقلب نهاية الأسبوع الماضي، حيث أظهرت أحدث استطلاعات الرأي الإسرائيلية أنَّ حزب "القوة اليهودية" يمكن أن يحصل على أربعة مقاعد دفعةً واحدةً في الانتخابات القادمة وحده ودون أي مساعدة من أحزاب أخرى. بما يعكس النزوع الشديد للمجتمع الإسرائيلي نحو التطرف، خاصة بعد أن رأوا رئيس وزرائهم يفِرُّ على الهواء مباشرة من صواريخ غزة إلى الملجأ بينما كان يُلقي كلمةً في مدينة أسدود ويرغي ويزبد ويتوعد – قُبيل لحظات من فراره أمام الكاميرات – بالحرب على غزة وضم غزو الأردن وفرض السيادة الإسرائيلية عليه بشكل كامل.

مجرد ظهور استطلاعات رأي تعطي هذا الحزب شديد التطرف – والمتهم بدعم إرهاب جماعة "كاهانا حي" – أربعة مقاعد في الكنيست القادم يُعتبر مؤشراً واضحاً على الاتجاه الذي قد تصل إليه نتائج الانتخابات الإسرائيلية المقبلة، وشكل الحكومة الإسرائيلية القادمة التي يمكن أن ينفرد بتشكيلها اليمين المتطرف الإسرائيلي دون الحاجة لحزب "إسرائيل بيتنا" بزعامة "أفيغدور ليبرمان"، الذي كان يُشكِّل في انتخابات شهر إبريل الماضي بيضة القبان في الكنيست، وتمكَّن وحده من إفشال تشكيل الحكومة الإسرائيلية وأدى للذهاب إلى الانتخابات المبكرة التي ستجري هذا الشهر.

حزب "القوة اليهودية" يُصنف على أنَّه شديد اليمينية والتعصب، وهو ينادي بوضوح بضرورة ضم الضفة الغربية بالكامل – لا غور الأردن فقط – لدولة الاحتلال، وضمان السيادة الإسرائيلية الكاملة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط والتطهير العرقي للفلسطينيين كافة داخل حدود فلسطين الانتدابية وطردهم بالقوة في حال لم يعلنوا "الولاء" لدولة إسرائيل، هكذا وبكل بساطة! كما أنَّ أغلب أعضاء هذا الحزب هم أعضاء في نفس الوقت في جماعات المعبد اليهودية المتطرفة التي تعمل ليل نهار على تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى المبارك وإزالة جميع المعالم الإسلامية منه وبناء المعبد على أنقاض المسجد بعد سحب الوصاية الأردنية والسيادة الإسلامية منه بالقوة. وجميع المؤشرات تبيّن أنَّ غالبية أعضاء هذه الجماعات المتطرفة ستتجه للتصويت لهذا الحزب في الانتخابات القادمة بدلاً من حزب "الهوية" المتطرف بزعامة موشيه فيغلين – والذي كان كثير من أبناء هذه الجماعات يؤيده – الذي قرر حل نفسه والانضمام إلى قائمة حزب الليكود في الانتخابات. وبما أنَّ أفراد هذه الجماعات المتطرفة باتت ترى في الأفق ضعفاً قد أصاب حليفها القديم بنيامين نتنياهو، فإنَّه من المفهوم أن تسعى لدعم الجهات الأشد تطرفاً وتقنع المجتمع الإسرائيلي بأنَّ التطرف والتشدد هو الحل لما تواجهه دولة الاحتلال من اختلالات في بنيتها السياسية وإستراتيجيتها في التعامل مع تحديات المحيط العربي والإسلامي، الذي باتت شعوبه أشد رفضاً لها، رغم محاولات بعض الأنظمة العربية تغيير هذه المعادلة.

حسب استطلاع الرأي الذي نشر مؤخراً، يمكن في حال حصول حزب "القوة اليهودية" على أربعة مقاعد في الكنيست القادم أن يتمكن نتنياهو من تشكيل حكومة بعد حصوله على تأييد هذا الحزب والأحزاب الدينية، يما يؤهله للحصول على تأييد 61 نائباً في الكنيست وتشكيل الحكومة دون الحاجة لليبرمان أو اليسار الصهيوني. وفي المقابل سيضطر نتنياهو – إن افترضنا أنَّه مضطر – لتطبيق سياسة هذا الحزب التي تتمحور حول ضم الضفة الغربية، وإيجاد سيادة يهودية صهيونية داخل المسجد الأقصى المبارك، إضافةً إلى تطبيق تعهداته لفيغلين زعيم حزب "الهوية" التي كان منها تسهيل اقتحامات وصلاة اليهود في المسجد الأقصى المبارك. وهذا ما يدعو بالضرورة إلى القول إنَّ استطلاعات الرأي الأخيرة لو صدَقت، فإنَّ الأراضي الفلسطينية مقبلة بعد الانتخابات الإسرائيلية على شتاءٍ قارس شديد العواصف، وأخصُّ هنا بالذكر مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك الذي سيواجه أول تحدٍّ لنتيجة الانتخابات نهاية هذا الشهر مع حلول أعياد رأس السنة العبرية، والتي قد تحمل لنا أنباء تحركاتٍ متطرفةٍ في غاية الخطورة.

سننتظر ونرى نتائج الانتخابات الإسرائيلية القادمة، ولكن علينا منذ الآن أن نطرح السيناريو المحتمل لو حقق حزب "القوة اليهودية" المفاجأة وحصل على 4 مقاعد في الكنيست القادم بالسناريو الذي ذكرناه، فإن حصل ذلك، فلنستعد جميعاً؛ مقدسيين وفلسطينيين وعرباً ومسلمين منذ الآن لشتاءٍ حافل.