"ليست معركتنا".. حيثيات دعوة سحب مقاتلي اليمن من جنوب السعودية

آدم يحيى | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

طالب قياديون موالون للحكومة الشرعية، المقاتلين اليمنيين المرابطين على الحد الجنوبي للسعودية، من أجل حماية أراضي المملكة من هجمات الحوثيين، بترك مواقعهم القتالية والعودة إلى اليمن.

الدعوة جاءت عقب غارة جوية نفذتها طائرة إماراتية ضد الجيش اليمني، وتسببت بمقتل وإصابة نحو 300 جندي من قوات الجيش الوطني في عدن.

عقب ذلك، أصدرت السعودية والإمارات بياناً مشتركاً تجاهل ذكر الغارة الجوية، بل بررت الإمارات الضربة بأنها استهدفت "عناصر إرهابية شكلت خطراً على قوات تابعة للتحالف"، في إشارة لقوات المجلس الانتقالي المدعومة من قبل الإمارات.

دعوات للعودة

قائد المقاومة في تعز حمود المخلافي أصدر بياناً اتهم فيه الإمارات بـ"الغدر والخيانة والسعي إلى تقسيم اليمن وتفتيته"، واتهم تحالفَ الرياض وأبوظبي، بـ"التآمر على وحدة اليمن".

ودعا المخلافي المقاتلين في الحد الجنوبي إلى "العودة إلى تعز، للدفاع عن المحافظة وحمايتها من المخاطر والتهديدات التي تتعرض لها"، حد قوله.

إلى جانب تلك الدعوة، وجهت الحائزة على جائزة نوبل توكل كرمان دعوات لانسحاب المقاتلين اليمنيين من الحد الجنوبي، قائلة: "إلى الإصلاحيين خاصة واليمنيين عامة: أعظم انسحاب في التاريخ سيكون حين تسحبون أفرادكم ومقاتليكم من الحد الجنوبي، تلك ليست حربكم ولا حرب اليمن، وجودهم هناك مجرد مرتزقة يقاتلون لصالح عدو تاريخي لبلادهم".

تلك الدعوات لقيت استجابة من قبل عدد من المقاتلين اليمنيين، إذ طالب مجندون يمنيون من اللواء ثالث حرس حدود بإعادتهم إلى محافظاتهم، وأوضح الجنود أنهم "لبّوا نداء المقاومة اليمنية بالعودة إلى اليمن والدفاع عن محافظاتهم، احتجاجاً على ممارسات التحالف السعودي الإماراتي ضد الجيش الوطني". 

وفي حديث لـ"الاستقلال" قال الجُندي صفوان الحارثي: "لست من الجيش النظامي، لكني من المتطوعين، تم منحي رقم عسكري مؤخراً، كنت أقاتل في جبهة باقم بمحافظة صعدة على الحدود السعودية".

مضيفاً: "وصلت إلى قناعة مؤخراً بأن السعودية والإمارات تستخدمنا لتنفيذ مشاريعها ولحماية أرضها من التهديد الحوثي، استهداف الإمارات للجيش الوطني في عدن جعلنا نحسم أمرنا، ونقرر العودة إلى قُرانا".

يتابع الحارثي: "جئت بمحض إرادتي للقتال في هذه الجبهة، وذلك لأني كنت أعتقد أن السعودية صادقة في قتالها لميلشيا الحوثي، لكني أصبحت على قناعة بأن السعوديين والإماراتيين لا يختلفون عن الحوثيين، فكلهم أصحاب مشاريع ليست في مصلحة اليمن".

وأوضح الحارثي أن هناك الكثير من المقاتلين قرروا ترك الجبهات والعودة إلى مدنهم وقراهم في تعز وإب ويافع والضالع، قائلاً: "لكن أغلب من عادوا كانوا من المتطوعين وليسوا من الجنود الرسميين الذين يخافون من تسجيلهم في كشوف الجيش كفارين من الواجب الوطني من قبل قيادة القوات الشرعية، ويتم محاسبتهم بعد ذلك ومعاقبتهم".

"نحميهم ويقتلوننا"

كانت تلك الدعوات قائمة على فكرة أنه ليس من المنطقي أن يحمي الجنود اليمنيون الأراضي السعودية من هجمات الحوثيين، في الوقت الذي تستهدف طائرات التحالف الجيش اليمني والمقاتلين اليمنيين في مناطق عدة.

وخلال 4 سنوات مضت، استهدفت طائرات التحالف وحدات من الجيش اليمني بغارات جوية ذهب ضحيتها آلاف الجنود، كان آخرها الغارة الإماراتية بعدن، التي أسفرت عن مقتل وإصابة 300 جندي.

في تصريح حديث، لوزير الدولة أمين العاصمة في الحكومة الشرعية عبدالغني جميل، على حسابه بموقع"فيسبوك، قال: "عدد ضحايا الجيش الوطني الذين قضوا في الغارات الخاطئة لطيران الإمارات، بلغ نحو 4 آلاف قتيل مُنذ تدخلها في اليمن"، وتوعد الوزير بالحديث عن كل حادثة بالتفصيل.

"ليست معركتنا"

في معاركها ضد الحوثيين، تنشر السعودية مجندين يمنيين على الجبهات الأمامية في الحدود اليمنية السعودية، بينما يقبع المجندون السعوديون في مؤخرة المعركة.

وفي حال قُتل جندي سعودي، فإن مساعدة عاجلة تُمنح لأهله بقيمة 100 ألف ريال، كما يصرف لأسرته تعويض بقيمة مليون ريال سعودي، إضافة إلى التزامات أخرى تتكفل بها وزارة الدفاع السعودية، بينما لا يتم تعويض أسر القتلى اليمنيين على الحدود.

في سبتمبر/أيلول 2019 أصدرت منظمة "سام" للحقوق والحريات (جنيف)، تقريراً بعنوان "محرقة الحدود" سلط الضوء على قضية استدراج مدنيين يمنيين بينهم أطفال، للقتال في الحدود الجنوبية للملكة العربية السعودية بدون غطاء شرعي.

وقالت "سام" إن السعودية تشتري المقاتلين اليمنيين عبر شبكات إتجار بالبشر، تشمل سعوديين ويمنيين بينهم ضباط حاليين وسابقين في الجيش اليمني، وتقوم بنشرهم على الحدود السعودية لمواجهة الحوثي.

وخلصت المنظمة في تقريرها، إلى أن "آلاف اليمنين اضطروا للذهاب للقتال دفاعاً عن الحدود السعودية، تحت ضغط الأوضاع الإنسانية السيئة وقُتلوا أو جُرحوا، وعُوملوا من قبل الرياض كما لو أنهم غير موجودين"، حسب التقرير.

أطفال على الحدود

في فبراير/شباط الماضي، نقلت صحيفة الجارديان البريطانية، عن وزير الدولة البريطاني لشؤون آسيا مارك فيلد قوله "لدي تقارير تشير إلى أن 40% من جنود قوات التحالف السعودي في اليمن هم من الأطفال".

مضيفاً: "المعلومات أشارت إلى أن القوات البريطانية دربت أطفالاً ليكونوا جنودا للتحالف السعودي الإماراتي في حرب اليمن"، ووعد الوزير البريطاني بإجراء تحقيق شامل للتأكد من إشراف قوات بريطانية على تدريب أطفال باليمن.

وذكر تقرير لصحيفة الديلي ميل، نشر في مارس/آذار الماضي، أن التحالف يدفع رشوة لزعماء القبائل لجلب أطفال وتجنيدهم على الحدود اليمنية السعودية في مناطق التماس مع الحوثيين.

تحقيق استقصائي لموقع الجزيرة، كشف عن تجنيد أطفال في منطقة جغرافية على الحدود اليمنية السعودية تسمى البقع، وهي منطقة حدودية بين البلدين، تدور فيها معارك طاحنة بين جماعة الحوثي والقوات السعودية.

التحقيق قال إن "سماسرة يقومون باقتياد أطفال اليمن إلى منطقة البقع، من أجل حماية حدود المملكة مقابل مبلغ من المال يتراوح بين 1500 و3000 ريال سعودي. السماسرة يقتنصون الفرص باستمرار للتغرير بأطفال دفعهم شظف العيش لترك ذويهم وحمل السلاح دفاعاً عن حدود السعودية".

احتجاز وإهانة

السعودية استقطبت نحو 2000 جندي من المحافظات الجنوبية، بحجة تدريبهم في معسكرات بمدينتي جيزان ونجران وإعادتهم إلى عدن، إلا أنها قررت مطلع العام 2018 الزج بهم في جبهات الحد الجنوبي لحماية أراضيها، وهو ما رفضه بعض المجندين، فتم احتجازهم في المعسكرات.

أهالي المحتجزين نظموا وقفات احتجاجية قالوا فيها إن أولادهم محتجزون ويتعرضون لمعاملة قاسية وإهانات متكررة من قبل القوات السعودية، وقدموا شكوى إلى قيادة القوات الخاصة".

الأهالي قالوا في الشكوى "إنهم وافقوا على إرسال أولادهم إلى الأراضي السعودية لتدريبهم وعودتهم إلى عدن، بناء على اتفاق مع قوات اللواء الخاصة التابع للمنطقة العسكرية الرابعة، لكنهم لم يعودوا، وطالبوا بإعادة أولادهم إلى عدن بشكل فوري، وحملوا قيادة القوات الخاصة والمنطقة العسكرية الرابعة المسؤولية الكاملة".