كيف انتصر اليمنيون في معركتهم الإلكترونية على أبوظبي؟

آدم يحيى | 5 years ago

12

طباعة

مشاركة

مؤخراً تحوَّل معظم الناشطين اليمنيين من التدوين على "فيسبوك" إلى التغريد على "تويتر"، وشهد الموقع الشهير مؤخراً نشاطاً ملحوظاً لمغردين يمنيين، ارتفعت فيها عدد منشوراتهم، وحازت عدد من الهاشتاجات ترنداً عالمياً.

ذلك النشاط غير المعهود جاء إثر هجمة عسكرية نفذتها القوات الإماراتية على وحدات من الجيش اليمني في عدن، أسفرت عن مقتل وإصابة 300 جندي، بررته الخارجية الإماراتية في بيان بأنَّه "استهداف لعناصر إرهابية شكلت خطراً على قوات التحالف"، في إشارة إلى قوات المجلس الانتقالي المدعومة إماراتياً.

بيان الخارجية تلته هجمة إلكترونية لمغردين بارزين مقربين من دوائر الحكم في أبوظبي، نالت من شرعية حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف بها دولياً، وبررت الضربة العسكرية متوعدة بمزيد من الضربات حال قرر الجيش اليمني الاستمرار بعملية تحرير المحافظات الجنوبية من سيطرة المجلس الانتقالي.

من بين من غردوا، حمد المزروعي المُقرب من دوائر الحكم في أبوظبي، قال: "القوات التي تتجهز في مأرب وتنوي التحرك إلى عدن أقول لكم تراها جاهزة (طائرة أباتشي)، وسوف تكون هناك أكبر حفلة مقلقل (لحم مشوي) في تاريخ اليمن".

رد اليمنيين

الأمر أثار حفيظة اليمنيين واعتبروه اعتداء سافراً ومتعمداً، ومحاولة لاستهداف اليمنيين واستئصال وجودهم، معتقدين في نفس الوقت أنَّ هؤلاء المغردين إنما يتكلمون بلسان محمد بن زايد وليِّ عهد أبوظبي وهو ما جعلهم يتجهون إلى تويتر للهجوم على الإمارات والدفاع عن بلادهم وحكومتهم الشرعية.

في حديث لـِ"الاستقلال" يقول الناشط الحقوقي موسى النمراني: "وجود اليمنيين على منصة التواصل الاجتماعي تويتر مهم للغاية، هناك رأي عام دولي يستقي معلوماته من تويتر، ويلتفت للهاشتاجات التي تحقق الترند".

مضيفاً: "نزح اليمنيون إلى تويتر بعد أن وجدوا أنَّ تغريداتهم التي يُدونونها تجد صدى وتفاعلاً على الموقع، بالإضافة إلى كونه منصة ومدونة للأخبار القصيرة، على خلاف فيسبوك الذي وجد المدونون أنَّ سياسته تقضي بمحدودية الوصول".

النمراني موضحاً: "أما بالنسبة للحملات الإلكترونية وما يُسمى الجيش اليمني الإلكتروني فهي حملات عفوية وغير منظمة، حيث لا توجد غرفة عمليات، على غرار غرف العمليات الإماراتية والسعودية، ولا يوجد تنسيق، والمغردون يتصفحون الإنترنت على حسابهم الشخصي، وأعرف بشكل شخصي بعض المغردين اليمنيين يجدون صعوبة في سداد فاتورة الإنترنت".

وتابع النمراني: "وجد اليمنيون أنَّ هناك حملة إلكترونية تستهدف النفسية اليمنية وتُسيء إليهم، بعد استهداف وجودهم عسكرياً، فردَّ عليها اليمنيون إلكترونياً بطريقة وضعت سمعة الإمارات على المحك، وهذه الحملات مشروعة وتأتي في سياق الدفاع عن النفس وحرية الرأي".

اعتبر الناشطون اليمنيون تحقيق الترند بعدة هاشتاجات والوصول إلى الرأي العام العالمي، وتعريف العالم بتفاصيل القضية اليمنية نجاحاً بحدِّ ذاته، بالإضافة إلى ذلك، نفَّذ اليمنيون حملات إلكترونية دعوا فيها إلى التضامن مع القضية اليمنية ضد ما سموه "عبث الإمارات".

الناشطون دعوا إلى مقاطعة المنتجات الإماراتية من أغذية وأدوية داخل اليمن وخارجه. كما دعوا إلى مقاطعة شركات الطيران الإماراتية المتعددة (الإماراتية، الاتحاد، العربية، فلاي دبي)، وعقِب الدعوة للمقاطعة، أعلن طيران الإمارات عن تخفيض 40 % بأسعار التذاكر.

رسالة الانسحاب

عقِب الهجوم الإلكتروني الذي نفَّذه ناشطون يمنيون ضد حملات التحريض والاستهداف التي دعا إليها مغردون إماراتيون بارزون، كتب نائب رئيس دولة الإمارات أمير دبي محمد بن راشد آل مكتوم رسالة وجهها للمغردين الإماراتيين.

ابن راشد قال في أحد بنود رسالته: "العبث والفوضى على وسائل التواصل الاجتماعي تأكل من منجزات تعبت آلاف فرق العمل من أجل بنائها. سمعة الإمارات ليست مشاعاً لكل من يريد زيادة عدد المتابعين، لدينا وزارة للخارجية معنية بإدارة ملفاتنا الخارجية والتحدث باسمنا والتعبير عن مواقفنا في السياسة الخارجية للدولة، لن نسمح بأن يعبث مجموعة من المغردين بإرث زايد الذي بناه لنا".

اعتبر مغردون تلك الرسالة دعوة للانسحاب، وحسب الباحث في العلاقات الدولية عامر أبو اليسر، فإنَّه: "في الوقت الذي تُعربِد فيه الطائرات الإماراتية بالأجواء اليمنية وتنال من جيشها، يُعربِد المغردون الإماراتيون على مواقع التواصل الاجتماعي في محاولة للنيل من المواطن اليمني، مستفيدين من عدم المساءلة في جرائم التحريض والكراهية".

أبو اليسر قال لـِ "الاستقلال": "الرسالة التي وجهها محمد بن راشد للمغردين الإماراتيين كشفت أنَّ ردَّ الفعل اليمني كان موجعاً ومؤثراً، فقد أمر المغردين الإماراتيين بالانسحاب، وهذا هو المسمى الناعم لإعلان الاستسلام".

وأضاف: "شعر اليمنيون بدرجة كبيرة من الاستياء، بعد صبر طويل دام لنحو 4 سنوات، ورأوا أنَّ تلك التغريدات تستهدف وجودهم و كرامتهم".

وعقِب رسالة آل مكتوم استجاب عدد من المغردين الإماراتيين لتلك الدعوة، غير أنَّ نائب قائد شرطة دبي ضاحي خلفان، شكا من ذلك الانسحاب، ونشر تغريدة عبر فيها عن حزنه لانسحاب المغردين، وقال: "ذلك يضع الإمارات في آخر قوائم الدول العربية في حرية التعبير. الرسالة التي نشرها محمد بن راشد قبل أيام لم تكن موجهة للمغرد الرصين المدافع بفكره وقلمه عن سمعة الإمارات، حاكم دبي يحترم الرأي الشخصي".

لكن ذلك الانتقاد تسبب بجدل بين المغردين الإماراتيين حيث علق الأكاديمي الإماراتي عبدالخالق عبدالله على منشور خلفان قائلاً: "عزيزي بو فارس واضح أنَّ لديك حصانة ولك سقف مختلف عن سقف بقية المغردين الذي قرروا الانسحاب بعد رسالة الشيخ، فالحذر ضروري وغيرك من الكتاب والمغردين لا يتمتع بما تتمتع به أنت من حصانة بحسب موقعك وقربك وتاريخك".

أما بخصوص تشويه إرث زايد، فقد ردَّ القيادي في جماعة الحوثي محمد علي الحوثي على محمد بن راشد بتغريدة قال في أجزاء منها" "ليست التغريدات ما شوهت صورة الإمارات بل الحروب". 

وقفات احتجاجية

تمكَّن المغردون على تويتر من تنظيم جهدهم ونقل التظاهرة الإلكترونية إلى تظاهرات على أرض الواقع، فقاموا بتسيير مظاهرات ووقفات مُندِّدة بالانتهاكات الإماراتية بحق اليمنيين، أمام السفارات والقنصليات الإماراتية في عدد من عواصم العالم.

نفَّذ اليمنيون وقفات احتجاجية أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، وكذلك أمام البيت الأبيض في واشنطن، بالإضافة إلى مقر الأمم المتحدة في نيويورك، وعدد من العواصم الأوروبية، ومازالت الفعاليات والوقفات الاحتجاجية مستمرة، وانضم لتلك الاحتجاجات الشعبية عدد من الناشطين الأوروبيين والأمريكيين.

الكاتب والناشط الحقوقي عبدالله الحرازي أحد منظمي الوقفات الاحتجاجية أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي قال، "ما نريده كناشطين وحقوقيين، هو أن يلتفِت العالم للمأساة اليمنية، وكيف تحوّل من كان يفترض بهم مساعدة اليمن بغطاء قانوني دولي إلى جلادين يضاعفون مأساة اليمنيين".

الحرازي اتهم الإماراتيين بأنَّهم "يستنسخون كل الانتهاكات التي تمارسها المليشيا الحوثية شمالاً إلى المحافظات الجنوبية (المحررة)، ويتفوقون عليها بمسألة سحق الشرعية وتبديد كل أمل لليمنيين بالخلاص واستعادة دولتهم وبنائها على أسس مدنية وديمقراطية تحترم حقوق الإنسان".

مضيفاً: "نريد ألا تضيع حقوق الضحايا وأن تكون محكمة العدل في لاهاي أحد شهود اللحظة وموثقيها، لم يكن لدينا دعم حكومي، فحكومتنا الشرعية تمر بأضعف حالاتها، فلم يكن لنا سبيل إلا تنظيم جهدنا عبر توتير، والتحرك بجهد شخصي، يدفعنا ما نراه من انتهاكات إماراتية على بدلنا على مدى 4 أعوام، في ظل خذلان من القريب والبعيد".