مركز أبحاث أمريكي: هذه أهداف تصريحات أردوغان عن السلاح النووي

12

طباعة

مشاركة

سلّط موقع مركز "أوراسيا ريفيو" الأمريكي للدراسات والبحوث، الضوء على التصريحات الأخيرة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، التي رفض فيها منع بلاده من امتلاك أسلحة نووية، مشيراً إلى أنَّ اتِّباع سياسة حافة الخطر ربما يكون أهم علامة تميز سياسة أردوغان.

وأضاف الموقع، في مقال للكاتب جيمس دورسي، أنَّه مع ذلك من غير المُرجَّح أن يُثير الرئيس التركي غضب المجتمع الدولي من خلال إطلاق برنامج أسلحة نووية.

تصدع النظام الدولي

وأوضح: "لكن مطالبته بأن يكون لتركيا الحق في القيام بذلك يُسلط الضوء على تصدُّع النظام الدولي القائم على القواعد فضلاً عن تغيُّر الحقائق الإقليمية".

وتابع الكاتب، أنَّ "تشكُّك أردوغان في النظام الدولي، قد يعكِس تفكيراً صريحاً لقادة إقليميين آخرين في عالم انسحبت فيه الولايات المتحدة من معاهدة القوات النووية المتوسطة المدى مع روسيا، وانسحبت فيه من جانب واحد من الاتفاق النووي الدولي لعام 2015 مع إيران، وتُبدي دول مثل الصين وروسيا استعداداً لبيع التكنولوجيا النووية وكذلك الأسلحة، بضمانات أقل إذا اقتضى الأمر".

ومضى يقول: "أضف إلى ذلك فشل المجتمع الدولي في منع باكستان وكوريا الشمالية من أن تصبحا قوتين نوويتين، فضلاً عن معاييره المزدوجة في التعامل مع إسرائيل التي طوَّرت ترسانة نووية لا تعترف بها".

وأشار الكاتب إلى أنَّه "ليس انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقيات مع روسيا وإيران سوى مثالين على الانهيار الأوسع نطاقًا في الالتزام بالقوانين والقواعد والإجراءات الدولية، الذي أثاره ازدراء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للركائز الرئيسية لنظام ما بعد الحرب العالمية الثانية، الذي قادته الولايات المتحدة".

وأردف: "لقد انصرف ترامب عن اتفاق باريس بشأن تغيِر المناخ بالإضافة إلى الشراكة عبر المحيط الهادئ، وألقى بظلال من الشك على التزام الولايات المتحدة بترتيبات أخرى متعددة الأطراف، من بينها منظمة حلف شمال الأطلنطي (الناتو) والاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول السبع التي تجمع بين أكبر اقتصادات الغرب".

وسط منطقة الصراع

وبحسب الكاتب، فقد شجَّعت مقاربة ترامب "أمريكا أولاً" الآخرين المدعومين من روسيا والصين، على تحدِّي النظام الحالي بمزيد من العدوانية وانتهاك قواعده بشكل صارخ.

وزاد: "من المُؤكَّد أنَّ إصرار أردوغان الأخير في الذكرى المائة لمؤتمر سيواس، الذي أرسى الأساس لجمهورية تركية مستقلة، بأنَّه من غير المقبول أن تمنع الدول المسلحة نووياً بلاده من تطوير أسلحة نووية، يبدو أمراً منطقياً للوهلة الأولى".

وبيّن الكاتب أنَّ "تركيا تعيش في منطقة مصابة بالصِّراع العنيف الذي يكون فيه سباق التسلح هو اسم اللعبة. إذا لم يكن ذلك كافياً، فإنَّ تركيا مُحاطة بقوى حقيقية وستكون قوى نووية مع تطبيق المجتمع الدولي لمعايير مزدوجة".

ولفت إلى أنَّ دول الخليج، وتحديداً السعودية والإمارات، الَّلتين لا تُكِنَّان مودة لتركيا، من بين أكبر المُنفقين عسكرياً في العالم.

ونوَّه الكاتب إلى أنَّ "إسرائيل، التي هي الأخرى في الشرق الأوسط على خلاف مع تركيا، تشهد تفوقاً عسكرياً وتكنولوجياً، حيث قُدرتها النووية في جوهر إستراتيجيتها الدفاعية وألمحت بذلك مُنذ فترة طويلة لكنها لم تُؤَكِّد علناً".

واستطرد قائلاَّ: "باكستان، وهي قوة نووية متورطة في توتُّر متصاعد مع الهند حول كشمير، مشبعة بالأسلحة. يشتبه في أنَّ إيران، رغم نفيها الشديد، تريد أن تكون قوة نووية ولديها القدرة على أن تصبح كذلك، خاصة إذا تخلصت في النهاية من الاتفاق الدولي لعام 2015".

استجابة للتطورات الإقليمية

وأشار الكاتب إلى أنَّ متحدثاً إيرانياً أعلن في نهاية هذا الأسبوع أنَّ إيران بدأت في استخدام مجموعة من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة لتخصيب اليورانيوم في انتهاك للاتفاقية النووية في محاولة لإجبار أوروبا على تحدِّي العقوبات الأمريكية القاسية.

وبحسب قوله، فإنَّ الخطوة الإيرانية تزيد من خطر حدوث سباق نووي في الشرق الأوسط مع السعودية، التي يُعتقد أنها تضع لبنات بناء أولية، ولا تُخفي عزمها على مضاهاة أي قدرة نووية قد تمتلكها إيران.

وأكَّد الكاتب، أنَّ مُطالبة أردوغان بالحقِّ في تطوير أسلحة نووية هو استجابة للتطورات الإقليمية والعالمية بقدر ما هي محاولة تدعم محاولة الزعيم التركي لوضع بلاده في موقع زعامة العالم الإسلامي.

وأردف يقول: "هذا الطموح مُعقدٌ بسبب وجود حقل ألغام من الخلافات مع الولايات المتحدة بشأن امتلاك تركيا لنظام صاروخي روسي مضاد للطائرات، ومع روسيا بسبب الحملة العسكرية الروسية السورية في إدلب، آخر معاقل المتمردين السوريين".

هدف مطالبة أردوغان

وأفاد الكاتب بأنَّ "المطالبة بحق تطوير أسلحة نووية يخدِم هدف أردوغان حتى لو لم يفعل ذلك. على المستوى المحلي، تسمح المطالبة بتقديم نفسه كقائد يناضل من أجل ما تعتقد تركيا أنَّه يجب أن يكون مكانها الصحيح في النظام الدولي غير المستقر. على المستوى العالمي، تُمثِّل المطالبة وسيلة لاستغلال التحدِيات التي تواجه النظام الدولي الذي يرى أردوغان أنَّه يعيق بلده".

ونقل "دورسي" عن الكاتب والصحفي التركي كايا غينس الذي يصف أردوغان بأنَّه سياسي غاضب ولكنه صبور، قوله: "لقد استغرق الأمر 16 عاماً لتكوين ما أسماه تركيا الجديدة، وهي دولة تعتمد على نفسها اقتصادياً".

وتابع غينس بقوله: "إنَّ التحدي الكبير الذي يواجهه أردوغان على مدى العقد المقبل سيكون إقناع الناخبين بأنَّ مزيج الغضب والصبر لا يزال نموذجاً يُحتذى به، وأنَّ قصته يمكن أن تواصل الإلهام، وأنَّ قدرته غير المحدودة هي التي يُمكنها توجيه تركيا إلى برِّ الأمان. لا شكَّ أنَّ أردوغان سيبذِل قُصارى جهده للنجاح في هذه المهمة الشاقة".