صحيفة فرنسية: الإسلاميون ينتظرون أن تدُقَّ ساعتهم في الجزائر

قسم الترجمة - الاستقلال | 5 years ago

12

طباعة

مشاركة

نشرَت صحيفة "لوبينيون" الفرنسية، مقالاً للكاتب باسكال أيرولت، تحدَّث فيه عن مُجريات الأوضاع السياسية في الجزائر بعد الإطاحة بالرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة في أبريل/ نيسان الماضي، بعد حُكمٍ استمر 20 عاماً، على خلفية احتجاجات شعبية عمّت البلاد.

وقال الكاتب في مقاله الذي حمَل عنوان "تحت ضغط الشارع.. قايد صالح يريد تسريع الجدول الزمني للانتخابات": "إنَّه في الوقت الذي يسعى فيه قائد الجيش الجزائري الفريق قايد صالح، تسريع الجدول الزمني للانتخابات تحت استمرار ضغط الشارع الجزائري، ينتظر الإسلاميون بفارغ الصبر أن تدق ساعتهم.

تحالف مصلحة

وأشارت الصحيفة إلى إمكانية قيام تحالف مصلحة بين من أسماهم "الملتحين" والجيش خلال الفترة المقبلة، لافتةً في الوقت نفسه إلى أنَّ رغبة فرنسا الوحيدة، بالنظر إلى العلاقات العميقة التي تربطها بهذا البلد، هي أن يجد الجزائريون معاً طُرق الانتقال الديمقراطي، كما أكَّد رئيس الدبلوماسية الفرنسية، جان - إيف لو دريان في كلمته الختامية لمؤتمر سفراء فرنسا في العالم، الخميس الماضي بالعاصمة باريس.

وأضافت: هتف الجزائريون الجمعة في شوارع العاصمة (أطلقوا سراح المحتجزين، لم يبيعوا الكوكايين)، وذلك ضمن المظاهرات المستمرة لـِ 28 أسبوعاً على التوالي مُنذ بداية الاحتجاج الشعبي في 22 فبراير/ شباط الماضي.

وأكَّدت الصحيفة، أنَّ هذه المظاهرة الجديدة أثبتت للنظام الذي يسيطر على مقاليد الحكم، بعد إجبار الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة على الاستقالة، انتعاش الحراك، بعد صيفٍ هادئٍ وشهر رمضان والعطلات المدرسية.

وأشارت إلى أنَّه يوم الثلاثاء الماضي، خرج الطلاب إلى الرصيف مرة أخرى، قبل بِضعة أيام من العودة للدراسة، حيث يطالب الشارع بالإفراج عن الناشطين، وتنحِّي الحكومة الحالية وتعيِين حكومة انتقالية، لافتةً إلى أنَّه في ظلِّ بدء المجتمع المدني محادثات مع المعارضة، لكنَّه يُكافح من أجل الاتفاق على خريطة طريق مشتركة.

ونوَّهت "لوبينيون" إلى أنَّه بعد ستة أشهر من المظاهرات، تدهورَ الوضع الاقتصادي والاجتماعي بشكل كبير، إذ تكافح "سوناطراك"، مجموعة النفط الاقتصادية في البلاد، كما أنَّ نشاط شركات التوزيع، لا سيما في قطاع الأدوية، يهبِط بشكل حادٍّ.

ولفتت إلى أنَّ أكثر من 30 ألف شركة صغيرة أفلست لأنَّ الشركات الكبرى تُعاني، وبدون الحركة، يُعاني الاقتصاد غير الرسمي وتتناقص القوة الشِرائية للأسر الجزائرية، كما انخفضت احتياطيات النقد الأجنبي (70 مليار دولار)، والشركات تُؤجل دفع ضرائبها، ويتقوَّضُ السِّلم الاجتماعي.

"صالح الهدف"

وبيَّنت الصحيفة، أنَّ عودة الحراك تبدو ملتهبة بالنسبة للجيش، حيث أصبح الجنرال قايد صالح هو الهدف الرئيسي للمظاهرات، وأنَّ منطقة القبائل تشهد حالة من التدفق، ناهيك عن أنَّ لجنة الوساطة التي يرأسها كريم يونس، بناءً على طلب الحكومة، تُدين وتُقنع بالكاد، خاصة وأنَّ رئيس أركان الجيش الشعبي الوطني يُشدِّدُ الخناق.

وأشارت إلى أنَّه في خطاب ألقاه في وهران يوم 27 أغسطس/ آب، وقف أحمد قايد صالح مرة أخرى إلى جانب الشعب، مستنكراً "الألغام" التي زرعها معارضوه في المؤسسات (جزء من عشيرة بوتفليقة التي كان مقرباً منها)، ويُهدِّد باستخدام القوة ضد أولئك الذين سيحبطون خطته.

وأردفت الصحيفة: لكنّ أسبوعاً بعد أسبوع، يُقيِّدُ النظام نطاق التعبير، ويُمنع الآن التجمع حول متحف البريد المركزي في الجزائر أو في ساحة موريس أودان، والتلويح بأعلام البربر، كما ألغت الحكومة لقاء الأحزاب البديلة الديمقراطية، والجامعة الصيفية في بلدة تيشي التي تبعد نحو مئتي كيلومتر شرق الجزائر، لجمعية التجمع للنشاط والشبيبة "راج"، التي تقود حركة الاحتجاج غير المسبوقة في الجزائر منذ 22 فبراير/شباط الماضي.

وأوضحت "لوبينيون" أنَّ الجنرال قايد صالح يستخدم القضايا القومية القديمة، ويدين - دون تسمية ذلك - اليد الخارجية لفرنسا في الأحداث، ويواصل التطهير الذي طال رجال السياسة والاستخبارات والأعمال، فالرجل القويُّ في البلاد في عجلة من أمره، فهو لا يرغب في رؤية هذا الوضع يتدهور ويعتزِم تنظيم الانتخابات الرئاسية في أقرب وقت مُمكن، لكنَّ التحديَّ بالنسبة له: الحفاظ على وجود المؤسسة العسكرية في قلب السلطة.

ورأت الصحيفة الفرنسية، أنَّ قايد صالح يُحلِّق في المناطق العسكرية لضمان ولاء كبار الضباط، بعد حركة كبيرة من التغييرات التي جرت في عام 2018.

ونقلت "لوبينيون" عن أحد المُحللين القول: "لم يصبح قايد صالح ديمقراطياً بفضل الثورة، يسعى الجنرال إلى تسويق حلٍّ توافقيٍّ، ظاهره ديمقراطيّ، لأنَّه يعلم أنَّ مصلحته تقضي بلعب دور الحكم للتَّخلُّص من منافسيه والحفاظ بالوقت ذاته على الدولة العميقة، ذلك أنَّ الجيش لاعب أساسي مُنذ الاستقلال".

وشدَّدت الصحيفة على أنَّه في الحقيقة، الجيش يريد أن يبقى العمود الفقري، متحفظًا، ولكنَّه يتدخل في الحكم للدفاع عن مصالحه، ويضيف المصدر نفسه: "يريد الجيش تغيير رؤوس فقط للحفاظ على النظام، بينما يطالب الشارع بتغيير جذري للنظام من أجل تثبيت حكومة مدنية".

استعداد للقتال

وأكَّدت أنَّه في الوقت الحالي، نجد أنَّ من يُمسكون بزمام الحكم والشارع يرمقون بعضهما البعض، ويُفكرون في أنَّه إما الآن وإلا فلا، ويبدو أنَّ المتظاهرين على استعداد للقتال، لكنَّ المعارضة مُنقسمة حول السلوك الواجب اتباعه.

وأوضحت، أنَّ أحد طرفي المعارضة يحاول التعامل مع الجيش، بينما يتبنى الآخر تماماً التطلعات الشعبية، فيما تسعى الأحزاب السابقة للسلطة، مثل جبهة التحرير الوطني وحزب التجمع الوطني، إلى إعادة تأهيل أنفسهم، فيما يتطلع النظام القديم، مثل رئيس الوزراء السابق وزعيم حزب طلائع الحريات، علي بن فليس، إلى الاستفادة القصوى من اللعبة.

رأت "لوبينيون" أنَّ الإسلاميين ينتظرون بفارغ الصبر أن تدقَّ ساعتهم، للحصول على السِّلم الأهلي، الذي منحهم إياه عبدالعزيز بوتفليقة من خلال السيطرة على المساجد وحُرية التعبير في القضايا الاجتماعية، وسمح لهم بالازدهار في التجارة غير الرسمية، وعلى الرغم من أنَّهم منقسمون، خاصة بين "الإخوان" و"الوهابيين"، إلا أنَّهم يظلون منظمين.

وذكرت الصحيفة، أنَّه تمَّ انتخاب سليمان شنين عضو البرلمان، والنائب عن التحالف الذي شكَّلته ثلاثة أحزاب إسلامية معارضة، رئيسًا للمجلس الوطني الشعبي الجزائري في يوليو/ تموز، جاء بفضل تصويت جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، وهما الحزبان اللذان ساندا بوتفليقة حتى النهاية.

ويخْلص المُحلل في ختام حديثه إلى أنَّ "تحالف المصالح بين أصحاب الِّلحى والجيش أمر مُمكن" في الجزائر.