محادثات سرية بين الرياض والحوثي في عُمان.. هل تنهي حرب اليمن؟

آدم يحيى | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

بعد انعدام وجود خيارات عسكرية قابلة للتطبيق أمام التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن، واشنطن تدفع الرياض لإجراء محادثات سرية مع قادة الحوثيين في سلطنة عمان، لإنهاء الحرب المستمرة مُنذ 4 سنوات في اليمن.

هذا ما كشفته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية الأسبوع الماضي، مُؤكَّدة أنَّ إدارة ترامب تستعدُّ لبدء محادثات مباشرة مع الحوثيين يقودها السفير الأمريكي في اليمن كريستوفر هينزل.

وخلال زيارة قام بها إلى السعودية في 5 سبتمبر/أيلول 2019، أعلن مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشرق الأدنى ديفيد شينكر في تصريح صحفي أنَّ واشنطن بالفعل تُجري محادثات مع الحوثيين، من أجل الوصول لحلٍّ مقبول يُنهي النزاع في اليمن.

لم يكشف المسؤول الأمريكي في تصريحه عن مكان المحادثات، ولا ما إذا كانت المحادثات مباشرة مع الحوثيين أو عن طريق وسطاء.

التحضيرات للمحادثات السرية تتزامن مع زيارة يقوم بها الأمير خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع السعودي، التقى فيها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، بمقر الوزارة، وناقش فيها التوتر المتصاعد في المنطقة وخاصة ملفي إيران والحوثيين في اليمن.

دلالات الحوار

كانت هذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها واشنطن إجراء محادثات مع الحوثيين، الجماعة الموالية لإيران، كما أنَّ الرياض لم تُعلِّق على تلك الدعوات، إلا أنَّ الخارجية الأمريكية قالت: إنَّ بومبيو ونائب وزير الدفاع السعودي اتفقا خلال مباحثاتهما في واشنطن على أنَّ الحوار هو السبيل الوحيد للحفاظ على استقرار اليمن ووحدة أراضيه.

وتأتي الدعوة للحوار المباشر مع الحوثيين بعد 4 سنوات من الحرب، كدلالة على فشل العملية العسكرية التي أطلقها التحالف، وهو ما أكَّدته صحيفة وول ستريت جورنال بقولها: إنَّ "الخيار العسكري الذي شنَّه التحالف لم يعُد قابلاً للتطبيق"، في إشارة إلى فشل تحالف (الرياض ـ أبوظبي) في تحقيق أهدافه، ضمن عملية عاصفة الحزم التي أطلقها في 26 مارس/آذار 2015.

كانت السعودية قد تدخَّلت بحجة استعادة الشرعية وإنهاء الانقلاب في اليمن، غير أنها تسبَّبت بأسوأ كارثة إنسانية في تاريخ اليمن، حسب الأمم المتحدة، وعجزت عن تحقيق أهدافها، فالانقلاب الحوثي تمكَّن مُنذ تدخُّل التحالف من بسط نفوذه وإحكام قبضته على مزيد من الأراضي اليمنية.

 وفي حين أعلن التحالف نجاح عمليته العسكرية "عاصفة الحزم" في تحقيق أهدافها، وتمكُّنه من  تحرير 80% من الأراضي اليمنية، صرَّح وزير حقوق الإنسان في الحكومة الشرعية محمد عسكر :بأنَّ الحوثيين يسيطرون على نحو 80 % من السكان.

وقال عسكر في مقابلة له مع صحيفة سبوتنيك الروسية في يونيو/حزيران الماضي: "حوالي 80 % من اليمنيين يقعون تحت سيطرة الحوثيين، وهم جميعاً بحاجة إلى المساعدات الإنسانية". 

أما عن الهدف المتعلق باستعادة الشرعية فقد كشف تقرير لفريق خبراء الأمم المتحدة المختص باليمن صدَر في 14 فبراير/شباط 2019 أن استعادة سلطة الحكومة على جميع أرجاء اليمن غدا أمراً بعيد المنال، بسبب عدم وجود مصالح مشتركة داخل التحالف ضد الحوثيين، في إشارة لاختلاف مصالح وأهداف الرياض وأبوظبي في اليمن.

لماذا الآن؟

وفق حديث الكاتب والمحلل السياسي محمد الأحمدي لـِ"الاستقلال"، فإنَّ إعلان الحوار قد تزامن على ما يبدو مع بداية تشكُّل واقع سياسي جديد، مرتبط بعدَّة أسباب، ملخصها: 

  • فشل التحالف في تحقيق أهدافه خلال 4 سنوات مُنذ إعلان تدخله في اليمن.
  • شعور السعودية بالورطة التي وقعت فيها والمستنقع الذي انزلقت به، حيث تمَّ استنزاف اقتصادها دون القدرة على تحقيق أهدافها.
  • تعرُّض بناها التحتية ومطاراتها وأنابيبها النفطية لهجمات الحوثيين، وخاصة في المحافظات الجنوبية، وعدم قدرتها على صدِّ تلك الهجمات.
  • اقتراب تفكُّك التحالف، وذلك تبعاً لاختلاف أجندته في اليمن، خصوصاً بعد أن قامت الإمارات بدعم الانقلاب العسكري في عدن، ومكَّنت ميلشياتها من الزحف باتجاه مدن تعتبرها السعودية واقعة ضمن مُخطط نفوذها الإستراتيجي.
  • السِّمة السيئة التي لحقت بالتحالف إثر هذه الحرب، والضغوط الدولية التي تواجهها لإنهاء الحرب في اليمن.

وحسب الأحمدي، كل تلك الأسباب "مثَّلت فشلاً للتحالف وهزيمة مُدوية للرياض، حيث لم تكن قادرة على حسم الحرب عسكرياً لصالحها".

تغييب الشرعية

بعيداً عن احتمالات نجاح وفشل المحادثات بين السعودية والحوثيين، إلا أنَّ خطورة هذه المحادثات تكمُن في تغييب الحكومة الشرعية بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي واستبعادها من المحادثات كطرف محاور.

وفي حين ذهب البعض إلى أنَّ هدف الحوار مع الحوثيين هو "هدف تكتيكي وليس إستراتيجي، الهدف منه إضعاف الحوثيين ومن ثم القدرة على احتوائهم"، حسب الباحث في العلاقات الدولية مراد محمد لـِ"الاستقلال"، يرى آخرون أنَّ السعودية قد تنجِز اتفاقاً مباشراً مع الحوثيين بعيداً عن الحكومة الشرعية، وذلك بعد أن وجدت الرياض نفسها متورطة في حرب اليمن، وانعدمت الخيارات أمامها.

المحادثات بين الحكومة الشرعية والحوثيين مرت بعِدَّة جولات في الكويت وجنيف وآخرها في السويد ضمن محادثات ستوكهولم، غير أنها باءت جميعاً بالفشل بعد أن أعلنت جماعة الحوثي رفضها لتنفيذ مخرجات محادثة ستوكهولم.

كما أنَّ محادثات سرية في مارس/آذار 2016 تمَّت بين السعودية والحوثيين في مدينة ظهران الجنوب بالسعودية باءت أيضاً بالفشل وتسبَّبت بانهيار الترتيبات المتفق عليها بين الجانبين. 

أما في حال نجحت المحادثات الحالية بين الجانبين (السعودية والحوثيين)، بصيغة تستبعد الشرعية، فإنَّ نجاحها ، حسب خبراء، لا يعدو كونه ترحيلاً للحرب وليس إنهاء لها.

أيُّ صيغة للمصالحة تستبقي الحوثي كسلطة فاعلة في اليمن، يعني بقاء أداة من أدوات إيران كمُهدد إستراتيجي للسعودية، وسيعمل الحوثي في قادم الأيام، كما هي عادته، على الاستفادة من تلك المصالحة في التقاط أنفاسه وإعادة ترتيب أوراقه، وفق متابعين.

موقف محايد

تم اختيار عمان لإجراء المحادثات بين الجانبين، حيث وقفت مسقط من الأزمة اليمنية موقفاً محايداً، ورفضت المشاركة ضمن العملية العسكرية التي تقودها الرياض. وأشارت السفيرة العمانية في واشنطن حنينة المغيري في مايو/آيار الماضي، إلى أنَّ مسقط تمارس نشاطاً دبلوماسياً غير رسمي، لإيجاد تسوية سياسية تنهي الأزمة في اليمن.

وأضافت السفيرة: أنَّ "مسقط مستعدة للعب دور رسمي إذا ما طلب منها تقديم المساعدة بشكل يفضي إلى إنهاء الحرب في اليمن، وأنَّ موقف بلادها الرافض للمشاركة في الحرب أو في أي عملية عسكرية مستقر وحاسم".

وقالت السفيرة: "نرفض المشاركة في أي عملية عسكرية ضد اليمن، أو ضد أي بلد آخر، ما لم تكن في إطار الدفاع عن النفس، وفي الإطار التنظيمي لدول مجلس التعاون الخليجي".

وأضافت المغيري: "الحرب في اليمن مدمرة للشعب اليمني ولا تخدم أي طرف، والطريقة الأمثل لحلِّ الأزمة اليمنية تتمُّ عن طريق الحوار والمفاوضات ودعم جهود الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص في اليمن".

وفي جلسة سابقة للأمم المتحدة قال وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي: إنَّ بلاده لم تكن جزءاً من "عاصفة الحزم"، وإنها مستعدة للعب دور الوساطة فإنها تتقدم باقتراح مبادرة سياسية للحلِّ في اليمن.