"حزب الله" وإسرائيل.. هل تجرُّ إيران لبنان نحو حرب بالوكالة؟

مهدي محمد | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

عاد الهُدوء الحذر إلى الحدود الإسرائيلية اللبنانية بعد أيامٍ من التصعيد والتهديد بخوض معركة قد تكون فخاً لـ"حزب الله"، وتمنح "تل أبيب" مبررات لضرب لبنان مجدداً، في حرب لا ناقة لها فيها ولا جمل، وسط تسخين أمريكي إيراني.

وأعادت حالة التوتر، التي سادت الحدود بين إسرائيل ولبنان على مدار الأسابيع القليلة الماضية إلى أذهان اللبنانيين تفاصيل الحرب التي اندلعت قبل 13 عاماً وكلَّفت لبنان الكثير.

وتَعتبِر إسرائيل جماعة حزب الله المُدعومة من إيران أكبر تهديد عبر حدودها. وخاض الجانبان حرباً استمرت شهراً في 2006 أسفرت عن سقوط نحو 1200 قتيل في لبنان معظمهم من المدنيين و158 قتيلاً في إسرائيل معظمهم جنود.

ويقاتل "حزب الله" في سوريا إلى جانب رئيس النظام بشار الأسد، وتقول إسرائيل: إنَّ قواتها الجوية شنَّت مئات الهجمات في سوريا ضد ما تصفه بأهداف إيرانية وعمليات نقل أسلحة إلى حزب الله.

ويرى مراقبون أنَّ هذه المواجهة بالأساس، تأتي ضمن تصاعُدِ التوتر بين إيران والولايات المتحدة مُنذ أن انسحبت واشنطن من الاتفاق النووي المبرم عام 2015، وأعادت فرْض عقوبات مُشددة على طهران بهدف تصفير صادرات نفطها وإجبارها علی الجلوس ثانية علی طاولة المفاوضات، وهو ما ترفضه طهران.

ويمكن القول: إنَّ 2019 شهِد فتح 3 جبهات سياسية وعسكرية بين أمريكا وإيران، وجرَّت الدولتان فيهما أطرافاً أخرى للقتال بالنيابة عنهما.

جبهة لبنان

أطلق حزب الله في الأول من سبتمبر الجاري، صواريخ مُضادة للدروع على موقع في شمال الأراضي الفلسطينية المحتلة، وردَّ الجيش الإسرائيلي بقصف مناطق في جنوب لبنان.

وكان التصعيد بدأ الأسبوع الماضي مع قصف إسرائيلي لموقع في سوريا أوقع قتيلين لحزب الله. وقال الحزب: إنَّ إسرائيل أرسلت طائرتين مسيرتين استهدفتا معقل الحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت.

وحذَّر الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله قبل أيام، من أنَّه سيضرب في عُمق إسرائيل في حال وقوع هجوم إسرائيلي جديد.

الجيش اللبناني، قوات الدولة المسلحة كانت متأخرة في الدخول على خط المعركة، ليس هذا فحسب بل اكتفت بإصدار بيان، قالت فيه: إنَّ "قوات الاحتلال الإسرائيلي استهدفت بلدات مارون الراس وعيترون ويارون الحدودية بأكثر من 40 قذيفة صاروخية عنقودية وحارقة".

ويخشى اللبنانيون من أن يدفع لبنان، ثمن أيَّةَ مواجهةٍ مفتوحةٍ بين حزب الله وإسرائيل، ويعتبرون أنَّ وقوع مواجهة بين الطرفين، هو حرب بالوكالة يُنفذها الحزب نيابة عن إيران، وسعي إسرائيلي في الوقت نفسه لتصفية الحسابات مع إيران على الأراضي اللبنانية.

على الجانب الإسرائيلي يرى مراقبون، أنَّ اندفاع إسرائيل تجاه مواجهة مع حزب الله على الأراضي اللبنانية، وكذلك تنفيذها لعدَّة هجمات مؤخراً ضد أطراف تعتبِرها محسوبة على إيران في عدَّة دول عربية، هو بمثابة نوع من الدعاية الانتخابية التي تستثمر المواجهات العسكرية لصالح الساسة الإسرائيليين.

صحيفة "الغارديان" البريطانية، قالت: إنَّ التوترات الأخيرة بين إسرائيل وإيران، تُهدِّد بجرِّ الصراع إلى لبنان، وتحدَّثت عن استعداد إسرائيلي قُرب الحدود، على مدار الأسبوع، تحسباً لأي ضربة انتقامية، من حزب الله.

ورغم تلك الأجواء المشحونة والتهديدات المتبادلة، قالت الصحيفة: إنَّ الطرفان لم يعربا عن رغبتهما في اتساع دائرة المواجهات الحالية، لذلك اقتصرت على ضربات انتقامية محدودة، في سياق الرد.

صحيفة "هآرتس" العبرية، قالت: إنَّ الهجوم الإسرائيلي على الضاحية، كشف خطة حزب الله وإيران، في تهريب الأسلحة الإيرانية إلى لبنان، لتصنيع الصواريخ الدقيقة، وجاء قرار الهجوم لإحباط عملية تصنيع وتهريب، تلك الصواريخ في مواقع تحت الأرض.

واعتبر محللون أنَّ اعتراف إسرائيل الفوري بمسؤوليتها عن الغارات التي استهدفت مواقع تابعة لفيلق القدس الإيراني، ولمليشيا شيعية في دمشق، تغيير جوهري ضمن سياسة مواجهة ما تسميه "التموضع الإيراني في سوريا".

رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، غرَّد عبر حسابه الرسمي باللغة العربية على تويتر، قائلاً: "بجُهدٍ عملياتي كبير، أحبطنا هجوماً من قبل فيلق القدس والميليشيات"، وأضاف: "إيران ليس لها حصانة في أي مكان.. وقواتنا تعمل في كل اتجاه ضد العدوان الإيراني".

وتابع: "بجهود معقدة بذلتها المؤسسة الأمنية اكتشفنا بأنَّ فيلق القدس الإيراني أرسل وحدة خاصة تكونت من عناصر شيعة إلى سوريا من أجل قتل إسرائيليين في الجولان من خلال طائرات مسيرة مفخخة. أوُّد أن أؤكد أنَّ هذه هي مبادرة إيرانية بقيادة إيرانية وبمهمة أوكلت من قبل إيران".

واختتم بيانه بالقول: "أصدرتُ تعليمات للاستعداد لكل سيناريو، سنواصل العمل ضد إيران والمنظمات التابعة لها بتصميم ومسؤولية"، وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، لهيئة البث الرسمية: إنَّ هدف هذه العملية هو "نقل رسالة لطهران مفادها أنَّه لا حصانة لها في أي مكان".

وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس، قال في مقابلة مع إذاعة "103 FM" العبرية، إنَّ "المعركة ضد إيران واسعة وطويلة، لأنَّ طهران تحاول السيطرة على كل الشرق الأوسط، لتكون قادرة على توجيه الضغط ضد إسرائيل".

محلل الشؤون العسكرية في القناة 12 العبرية روني دانييل، رأى أنَّ الهجوم الإسرائيلي والإعلان عنه أنهى حالة الغموض التي كانت تتبعها إسرائيل في حملتها العسكرية ضد التموضع الإيراني في سوريا، مبيناً أنَّ هذا التطور قد يكون تغييراً في إستراتيجية إسرائيل في مواجهة إيران.

محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية رون بن يشاي، قال: إنَّ "المواجهة المستمرة بين إسرائيل وإيران تتوسع"، وأوضح: "تركز عمليات إسرائيل ضد أهداف إيرانية في العراق على دفع طهران إلى محاولة تنفيذ هجوم غير مسبوق ضد إسرائيل انطلاقاً من الأراضي السورية".

وتابع أنَّ إسرائيل ترغب في الكشف لروسيا وللعالم عن مواصلة استخدام إيران الأراضي السورية كقاعدة لتسوية حسابها مع إسرائيل، حتى من داخل مساحة الثمانين كيلومتراً التي تعهَّدت روسيا بأنَّها ستمنع تنفيذ عمليات ضد إسرائيل انطلاقها منها.

جبهة العراق 

وعلى مدار أيام في أواخر أغسطس/آب الفائت، نفذت إسرائيل 4 هجمات على مواقع لفصائل "الحشد الشعبي" العراقية والمرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، في حين تُشير تقديرات مراقبين أنَّ هناك نحو 17 ضربة، يُعتقد أنَّها إسرائيلية، تعرَّضت لها فصائل الحشد خلال الأشهر الماضية.

ولم تُؤكد إسرائيل رسمياً دورها في الهجمات التي تعرَّضت لها مخازن للأسلحة ومستودعات لصواريخ بالستية مخزنة في مواقع لفصائل الحشد الشعبي في العراق مع وجود تشابه بين هذه الضربات.

وفي مقابلة مع القناة التاسعة الإسرائيلية في 22 أغسطس/آب، أقر نتنياهو "ضمناً" بمسؤولية بلاده عن الضربات التي تعرَّضت لها معسكرات الحشد الشعبي في العراق، مشيراً إلى أنَّ إسرائيل "تعمل الآن في مناطق كثيرة ضد دولة (إيران) تريد إبادتنا"، وأنَّه أصدر توجيهاته "بفعل أي شيء ضروري لإحباط خطط إيران".

وفي الأول من أغسطس/آب، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية أنَّ الحرس الثوري الإيراني نقَل إلى مواقع تابعة للحشد الشعبي في العراق صواريخ بالستية وأخرى مضادة للطائرات، بهدف التصدي للطائرات الإسرائيلية.

واتسع النفوذ الإيراني في المنطقة عبر العراق، أو انطلاقا منه إلى باقي مناطق النفوذ الإيراني في سوريا ولبنان واليمن أيضاً، وفي العقيدة الإيرانية، فإنَّ كلاً من العراق والخليج العربي يُشكلان عمقاً إستراتيجياً لضمان أمنها القومي، ومجالين لنفوذها التقليدي في المنطقتين.

وبينما يتسع نطاق المواجهة في أكثر من ميدان، تنطلق تحذيرات إسرائيلية من هذا التوجه، حيث حذّر الجنرال احتياط ورئيس معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب، عاموس يدلين، المؤسستين العسكرية والسياسية في إسرائيل من أبعاد ومخاطر نقل "المعركة بين الحربين"، أي المعركة التي تديرها إسرائيل في سوريا، إلى لبنان والعراق.

وقال: إنَّ إدارة المعركة في ساحات العراق ولبنان تكتنِفها مخاطر عسكرية وصعوبات سياسية غير موجودة في سوريا، محذراً من تصعيد الأمور والبقاء في مواجهة مستمرة مع مقاتلي إيران في سوريا ولبنان والعراق.

وبحسب الباحث الإسرائيلي، جرى توسيع حدود المعركة إلى العراق، رداً على جهود إيران توسيع ساحات عملها ضد إسرائيل إلى هناك، من دون أن تنجح بغداد والضغوط الأميركية في منع ذلك.

ويقول يدلين: "العراق يُستخدم كحلْقة في سلسلة لوجستية لنظام جهاز المبعوثين الإيرانيين وكقاعدة إطلاق محتملة لصواريخ دقيقة ضد إسرائيل. إنَّ شمول ساحة العمليات في العراق.. تغيير مهم".

وحيال ما استعرضه البحث من ممارسات إسرائيلية تجاه سوريا، العراق ولبنان بشكل خاص، حذَّر من تصعيد مُحتمل من طرف لبنان، ورأى أنَّ الوضع الحالي هو الأقرب إلى التصعيد مُنذ عام 2015.

جبهة الخليج

في يونيو/ حزيران، أسقطت إيران طائرة أمريكية مُسيَّرة في محافظة هرمزغان الإيرانية، ما أعطى مؤشراً جديداً على احتمال انطلاق مواجهة بين واشنطن وطهران، في وقت تشهد فيه المنطقة توتراً وحشداً هما الأشدُّ مُنذ سنوات في تاريخ الخلافات بين البلدين.

وشكّل الهجوم الذي تعرَّضت له ناقلتا نفط قادمتان من السعودية والإمارات في مياه بحر عُمان، وقصف مطار أبها جنوبي المملكة بصاروخ كروز، مطلع يونيو، حزيران الماضي، إرهاصات لقُرب المواجهة الكبرى بين إيران والولايات المتحدة.

ولم تترك إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وقتاً للتحقق والتأكُّد من هوية الفاعلين مهاجمي ناقلتي النفط، إذ وُجهت الاتهامات بسرعة إلى إيران، وحمّلتها المسؤولية الكاملة.

وقال ترامب، في آخر تصريح له بعد الهجوم على ناقلتي النفط: إنَّ "إيران هي من نفَّذت الهجوم، والصور تُثبت أنَّها من تقف وراءه"، مشدداً على أنَّ بلاده لن تسمح لطهران بامتلاك أسلحة نووية.

ويقصد ترامب بالصور ما نشرته البحرية الأمريكية، يوم 14 يونيو 2019، من تسجيل مصور يُظهر الحرس الثوري الإيراني يُزيل لغماً لم ينفجر من جانب إحدى ناقلتي نفط تعرَّضتا لهجمات في خليج عمان.

في المقابل اتهمت إيران أطرافاً إقليمية ودولية باعتماد ما أسمتها "دبلوماسية التخريب"؛ وذلك رداً على اتهام وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، طهران بالوقوف وراء الهجمات التي استهدفت ناقلتي نفط في خليج عُمان.

ويأتي هذا الهجوم عقِب هجوم سابق، في 12 مايو الماضي، استهدف ناقلتي نفط سعوديتين وسفينة إماراتية وناقلة نرويجية في ميناء الفجيرة الإماراتي، دون أن يؤدي إلى سقوط ضحايا، لكنَّه أثار قلقاً في المنطقة.

وفي حالة اندلعت المواجهة في الخليج فإنَّ المتضرر الأول منها هي دول مجلس التعاون بأكملها، إضافة إلى اقتصاد تلك البلاد.

عدوان متشابهان

ولعل الحديث عن الحرب بين إسرائيل وإيران لا يمكن أن يتمَّ بمعزِل عما يمكن اعتباره منطلقات أو مرجعيات لها، وهي بعض أوجه الشبه التي تصل إلى حدِّ التطابق بين الطرفين المتحاربين.

بداية فإنَّ قاعدة "التفوق العرقي" لجنسي البلدين، تنطلق منها أشْرس أنواع العنصرية، على مدار التاريخ، فكما تُؤكد أدبيات اليهود على أنَّهم "شعب الله المختار"، لا ينسى الإيرانيون أنهَّم أبناء مملكة "فارس".

ولعل العداء الذي تُكِنه القوميتان اليهودية والفارسية للعرب والمسلمين، يكشف ذلك بوضوح مع بُعدٍ تاريخي عميق الجذور. أبحاث تاريخية، تُرجع تغيير اسم فارس إلى إيران، إلى هذه النزعة العرقية، فإيران عندهم تعني "الجنس الآري" النقي أو الطاهـر.

إسرائيل تتبنى العنصرية العرقية، وتزعم أنَّ أبناء إسحاق بن إسرائيل هم "شعب الله المختار"، وأنَّ الدم اليهودي أفضل الدماء وأزكاها، وأنَّ الله لم يخلق بقية البشرية على هذه الصورة المشاركة لليهود في الشكل وحسن التقويم، إلا ليكونوا خدماً مسخرين لخدمة اليهود.

إيران كذلك ترفع من شأن العنصر الفارسي، وقد لاحظ الدارسون للشأنِّ الإيراني أنَّ الفارسي مُفضل على غيره في سائر المجالات، الدينية والمدنية والعسكرية والدبلوماسية والأمنية، وسط قوميات وأعراق متعددة في البلاد ففيها العرب والبلوش والتركمان والأكراد والأرمن، واليهود.

صفة أخرى يشترك فيها المشروع اليهودي في إسرائيل، والفارسي في إيران، وهو الأحلام التوسعية.

إسرائيل دولة احتلال في الأساس، وأطماعها في المناطق العربية المحيطة بها لا تنتهي، حتى أخذت في اغتصاب الأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية والقدس، بعد هزيمتها في حرب 1973، وخروجها من جنوب لبنان، ومن قطاع غزة.

"من النيل إلى الفرات"، مقولة شهيرة في أدبيات الاحتلال، تُحدد بشكل تفصيلي حدود دولتهم المزعومة، على أنقاض دول عربية، ولعل محاولات إسرائيل بالاشتراك مع أمريكا في تدمير الجيوش العربية القومية في المنطقة "العراق، سوريا"، ثمَّ مصر، تصبُّ في هذا الاتجاه.

على الجانب الآخر فإنَّ إيران تحلُم باستعادة الإمبراطورية الفارسية الكسروية، أيام كانت تحكم إقليم إيران وعدداً من الأقاليم التي تجاوره الآن، بعضها تابع لروسيا وبعضها تابع لتركيا وبعضها أصبح دولاً عربية مستقلة.

ومن أجل هذا الهدف تعمل إيران جاهدةً لمدِّ نفوذها وتغلغلها في الدول العربية لأنَّها الخاصرة الأضعف، وتتطلع لفرض هيمنتها على دول الخليج، ولعل ما نراه من دعم إيراني للحوثيين في اليمن، والتدخل الصريح في سوريا والعراق ولبنان، وافتعال الأزمات في دول الخليج التي يقطنها شيعة مثل السعودية والبحرين والكويت، يُعزز من هذا التوجه.

هلال خشان، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية ببيروت قال في تقرير لموقع "ديلي نيوز آند أناليسيز": "إنَّ الإيرانيين سينشِئُون دائرة نفوذٍ لهم من العراق وحتى لبنان"، وما يسمى بمنطقة الهلال الشيعي.

بعد جديد يُضاف لأوجه الشبه، فالدولتان دينيتان بامتياز أيضاً، تقومان على أساس ديني، وكل منهما يزرع في أتباعه فكرة الولاء لدولته دينياً، سواء أكان يعيش على ترابها أم خارجه في أي مكان في الدنيا.

فاليهودي الذي يعيش في أمريكا أو أوروبا أو أي مكان، لا يدين بالولاء للدولة التي يعيش على ترابها، ويحمل جنسيتها وإنَّما يوالي دولة إسرائيل اليهودية، وهذا ما يُفسر السبب في تبنِّي اللوبي اليهودي في كل مكان بالعالم، نُصرة الكيان الإسرائيلي والدفاع عن أمنه.

هذا اللوبي اليهودي في أمريكا استطاع أن يتحكم بالقرار الأمريكي، وصار اليهود هم الذين يرسمون لأمريكا سياستها الخارجية والداخلية تقريباً، ويسعى أي مرشح لرئاسة أمريكا أولاً لكسب ثقته.

الشيعي كاليهودي أيضاً في تعصبه الديني، فهو أينما وُجد يظل ولاؤه لدولة إيران الشيعية، ومستعد أن يُقاتل ضد بلده الذي يعيش فيه، وينتمي إليه، وانطلاقاً من هذا الولاء الأعمى للتشيع، كان وقوف حافظ الأسد البعثي القومي العروبي، مع الخميني الشيعي الفارسي ضد صدام حسين البعثي القومي العروبي، أثناء حرب الخليج الأولى.

ومن أوجه الشبه بينهما أنَّ كلاً منهما يعتمد على آخرين لتحقيق أهدافه، والقضاء على أعداءه، فكما يعتمد اليهود على قوة الغرب في دعم إسرائيل اقتصادياً وعسكرياً ودبلوماسياً، استفاد النظام الإيراني من الغرب في إسقاط أعدائه، مثل صدام حسين في العراق، وطالبان في أفغانستان.

ولعل فكرة التمسك بخرافات هي عندهم من أصول العقيدة، تُعد قاسماً مشتركاً بين إيران وإسرائيل، فالنظام الإيراني يُروِّج لمسألة انتظار خروج "المهدي المنتظر"، الذي يدَّعون أنَّه الإمام الثاني عشر الغائب (وفق العقيدة الإثنى عشرية)، وبظهوره، يزعم الشيعة في أدبياتهم، أنَّهم سيحكمون العالم.

وكذلك لدى اليهود تلك النبوءات عن الهيكل المزعوم الذي سيظهر بعده ملك اليهـود، وسيسيطرون من خلاله على الأرض التي وعدهم الله بها.