خذ بيدي فالعاصفة الآن قد بدأت

رانيا قيصر | 5 years ago

بينما نستمر في مناقشة المؤامرة التي تحاك ضد الوطن العربي، أو ما يسميه الغرب الآن "الشرق الأوسط"، وبينما نتفق على أن لا نتفق: سترحل جذورنا وسينسى التاريخ أمة قال عنها الله عز وجل "كنتم خير أمة أخرجت للناس". 


وسيكتب المفكرون عن سبب سقوط الثورات العربية وسيقرأ طلاب العلم وستُفجع النساء وسيفقد الأطفال الأمل وستستمر المؤامرة دون أي حلول. 

جذورنا أصبحت مشتتة، يريدون تمزيق ما تبقى منها لتصبح العراق دولتين، ولبنان ثلاث دويلات، واليمن في مجاعة، بينما تفتح السعودية على نفسها عدة جبهات، وتعود مصر لأيام القهر والإبادة.


كل هذا لأنهم عرفوا تحديداً أين قلب الوطن العربي وأصابوه في الصميم: بلاد الشام يا عرب.

استطاعوا أن يلقنوا لكل الشعوب العربية الدرس الفظيع، حتى يسكت المواطن ويرضى بالهوان فقط لكي لا يحصل في بلاده ما يحصل في سوريا.

الثورات العربية بدأتها الشعوب المقهورة، واستمر فيها من آمن بضرورة التغيير، وبالرغم من كل التحديات الممارسة من قبل من يدعون أنهم أبناء ذات الوطن، استمرت الثورات ولو بشكل متواضع.

وبقي هناك في الصفوف الخلفية من ينادي بحلول سهلة عظيمة عميقة الفحوى بسيطة التحقيق. كل الخطط هي لإنهاء ما تبقى من العرب، لكن إلى الآن لم نضع خطط تنفيذية لهذه النداءات. 


الشعوب الغربية تعمل ضمن خطط قابلة للتعديل بعد التقييم المستمر. ينجحون في تحقيق خططهم لأنهم يركزون على الأسباب التي تدفعهم للحصول على ما يريدون.


وهم ليسوا شياطيناً كما يحاول البعض تصوريهم لنا بهدف زرع المزيد من بذور الخوف والعدوانية بين البشر. 


إنهم أيضا خائفون، وكل هذا بسبب من زرع بذور الكراهية بهدف التفرقة وإبادة كل من يقف بوجه مخططات خبيثة أنانية تهدف لتعزيز سيادتهم هم فقط.

فماذا أراد أولئك الشياطين؟


إنهم يريدون إيقاف أي خطة توحد بين العرب، وتحويل الشعوب العربية من منتج إلى مستهلك ومن مبدع صناعي إلى مستخدم ومن حر إلى مكبل. 


لماذا؟ لأنهم يعرفون أن الاستقلال والاكتفاء الذاتي هو ما سيُفشل خططهم في منع أي قوة قد تحصل إن تغيرت المعطيات الحالية. 


بدأوا بمحاولاتهم من خلال مسح الهوية الحقيقة وتعزيز ما يسمى بالقومية العربية بعيداً عن المبادئ والقيم والقوانين الضابطة التي جعلت منّا خَير أمة أخرجت للناس. 


كان الخوف والترهيب الذي زرعه أولئك الشياطين هو البوصلة التي وجهت الإستراتيجيين لوضع خطط شاملة تهدف للسيطرة على العقول العربية ومنعها من التفكير بأية حلول تحقق لهم الاستقلال. 


وكلما برزت فكرة وكَتَبَ عنها مفكر حاولوا جاهدين تهميشه وإقصائه وإبعاده عن إيصال الصوت لبقية العرب.

كيف نبدأ

علينا جميعاً أن نعمل على وضع خطوات صغيرة بسيطة في التنفيذ، عظيمة في النتائج، وذلك من خلال بناء جسور تواصل فعالة تحفز كل عربي على اقتراح حلول لهذه التحديات التي نواجه وتبدأ من المواطن بشكل فردي وتنتهي برأس الهرم الفاسد الذي ليس إلا أداة غبية استخدمها أولئك الشياطين للوصول إلى مآربهم. 

ابدأ بنفسك، وتعلّم كل يوم شيئاً جديداً واجعل الهدف بناء ذاتك. ضع خطة تطويرية لمهاراتك وقدراتك ولتكن دوما بَوصلتك إفادة العموم وليس الفرد. 


فكِّر عندما تقرأ مقالاً ما، كيف تستطيع تطويره وإيصاله للبقية وليس كيف تجد الأخطاء بين سطوره. 


عزز جذورك أيا كانت سواء دينية أو وطنية أو اجتماعية، وتذكّر أن هناك من سيحاول ايقافك، إن علموا أن هدفك ليس نفسك فقط بل كل من ينتمي لك أو له صلة بك. 

لا تستعجل... لا تيأس... لا تتوقف... اعرف أيضا أن هناك من ضمن خليتك المقربة من سيحاول ايقافك واستعن على قضاء حوائجك بالكتمان. 


انشر الرسالة على ضرورة التواصل بيننا من خلال توضيح الأسباب وليس الآليات، ولتكن دوماً مطلعاً على ما يحدث حولك على المستوى الداخلي والإقليمي. 

إياك والغضب... لأنه الوسيلة التي ستفقدك التوازن وهو تماما ما يريدون. إياك أن تكون قراراتك مبنية على صدى الألم ولا تقبل بأن تكون مرآة للضعفاء. 

حاول التفكير كيف تستطيع تقوية نفسك كي تستطيع مساعدة الآخرين وليس بناء أمجادك الشخصية. لا تطلب من أحد أن يصفق لك ولا تأخذك العزة بنفسك وركز على أنك خلية فعالة ضمن خلايا مقهورة. 


ابتعد عن السلبية وبرمج ذهنك على ايجاد الحلول عوضاً عن الاستمرار في مناقشة الأسباب للمشاكل التي تواجهنا جميعاً. 
هل نحن مظلومون؟ نعم، هل نحن مقهورون؟ نعم، هل نحن مكبلون؟ نعم.
 
لماذا؟ لأننا دوما نتفق على أن لا نتفق ونبحث دوماً على أخطاء بعضنا، جاهدين لتبرئة أنفسنا من المسؤولية وإظهار شخصيتنا الفردية المبنية على الأنا التي من خلالها نحاول تعويض نشوة الظهور على أننا نحن فقط ذاك البطل. 


خذ بيدي، لأن العاصفة قوية ولا يوجد عربي يستطيع انقاذ نفسه لوحده. بناء الجسور يبدأ من بناء الذات وبناء الذات يبدأ من الاستقلال الفكري، والاستقلال الفكري يبدأ من طلب العلم والبحث المستمر عن الحقيقة وليس المجهول. 

حلل كل ما تقرأ، ولا تقبل معلومات غير موثقة. كن حريصاً على استيعاب المشاكل فقط من أجل القدرة على إيجاد حلول لها وليس تحميل المسؤولية للآخرين. 


اقرأ... تأمل.... فكر... اكتب... شارك .... وليكن اجعل دوما هدفك هو شيء واحد فقط: 


كيف أستطيع النهوض بأمتي من خلال بناء نفسي وتطوير قدراتي، وماهي الأشياء التي أستطيع تقديمها بشكل فوري، وما هي تلك التي مازالت تحتاج للثقل الفكري. 


حدد نقاط القوة لديك واعتمد عليها لبناء كل من حولك. لا تخف من الضعف لأنه ليس إلا فرصة لتتعلم منه وسائل وحلول جديدة. لا تبخل بما لديك وشارك من حولك ولو بشق ثمرة واعلم دوما أن الله إن سينصرنا فهذا لأننا نستحق. 

خذ بيدي لأن ما يربطني بك هو ليس اللغات أو الأديان أو مجموعة من التقاليد، بل هو الحق المشترك في الحياة الكريمة لك.. لي... ولأحفادنا، الذين سيقرؤون عنا يوماً ما وإما يدعون لنا أو يدعوا علينا كما ندعو على من سبقنا ممن تخلى عنا. 


لا أريد منك التعاطف والحزن والبكاء وإظهار الضعف والصراخ لمساعدة الآخرين. أريد منك فقط أن تبني نفسك وتعزز جذورك وتحدد مهامك الفردية ثم المجتمعية. 


أريدك قوياً كي أختبئ ورائك إن كنت منهارة أو أقف بجانبك إن كنت قادرة، أو أكون عونا لك إن كنت قوية حين تشتد العاصفة، وإنها بدأت.

الكلمات المفتاحية