قصة نزاع.. ماذا يجري في دمشق بين الأسد وابن خالته؟

12

طباعة

مشاركة

تنتشر الشائعات مُنْذُ أيام بشأن مصير رامي مخلوف، أغنى رجل في سوريا، وابن خال رئيس النظام بشار الأسد، الذي تعتبره المعارضة والغرب رأس حربة للفساد، فهل ما حدث هو تحذير لرجال الأعمال السوريين، أم بداية تطهير على غرار ما فعله ولي العهد السعودي محمد بن سلمان؟

سؤال طرحته صحيفة "لوريون لوجور" اللبنانية الناطقة بالفرنسية، بعد الأخبار التي بثتها العديد من المصادر ووسائل الإعلام المناهضة لنظام بشار الأسد، عن أنَّ رجل الأعمال رامي مخلوف يخضع حالياً للإقامة الجبرية وأنه جرى الاستيلاء على جميع ممتلكاته.

مكافحة الفساد

وأوضحت الصحيفة، أنه وفقاً لما نُشر فقد اتخذت رئاسة النظام سلسلة من الإجراءات ضِدَّ أصول العديد من شركاته، بما في ذلك شركة الاتصالات "سيريتل"، تحت ستار "مكافحة الفساد"، وتقول بعض المصادر: إنَّ شقيقيه إياد وإيهاب مخلوف قيد الإقامة الجبرية في منزل آخر، بينما يقول آخرون: إنَّ 29 من رجال الأعمال تعرضوا لنفس الوضع أيضاً.

وأشارت إلى أنَّه على شبكات التواصل الاجتماعي، هناك مقارنات بين ما تشهده دمشق حالياً وبين ما حدث في فندق "ريتز كارلتون" في الرياض، عام 2017  عندما قام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان باعتقال رجال أعمال ومسؤولين في إطار ما أسماه "عملية تطهير ضد الفساد".

ونقلت "لوريون لوجور" عن مصدر سياسي في دمشق، قوله: "وجود نزاع بين الحكومة وثلاثة رجال أعمال هم: رامي مخلوف وحسام أحمد القاطرجي ومحمد حمشو، لكن تبقى أسباب الخلاف غير واضحة حتى الآن".

وبينت أنه وفقاً للمصدر: الأشخاص الثلاثة ليسوا رهن الإقامة الجبرية، حيث شوهد محمد حمشو، الاثنين الماضي، في المعرض الدولي في دمشق، لافتة إلى أنَّ هذه القضية، التي تطال الدائرة المغلقة للغاية للرجال الأعمال البرجوازيين، بعد أنْ استفادوا من التحرير الاقتصادي للبلاد وحتى الآن من حماية الأسد، قد أنتجت تفسيرات مختلفة، وأحياناً روايات لا يصدقها العقل، وحتى الوقت الحالي لا يمكن التحقق من الأسباب الحقيقة لهذا الخلاف.

وتابعت: "النسخة الأولى والأكثر انتشاراً تدَّعِي أنَّ روسيا، حليف النظام، طلبت من رئاسة النظام السوري سداد ديونها البالغة مليارات الدولارات، مما يشير إلى سعي النظام للحصول على هذه الأموال اللازمة من رامي مخلوف والأثرياء".

وزادت الصحيفة: "كما هناك تفسير آخر بشأن هذه المشاحنات وهو علاقة ابن خال الأسد المفرطة بالإيرانيين، فيما يقول آخرون أنَّ السبب هو التنافس بين بشار الأسد وابن خاله الذي اكتسب نفوذاً كبيراً وتفوق عليه داخل المعسكر العلوي".

ونوهت "لوريون لوجور" إلى أنَّ "أحد رجال الأعمال، وهو فراس طلاس، ابن وزير الدفاع السوري السابق مصطفى طلاس، الذي يعيش في العاصمة الفرنسية باريس منذ عام 2012 بعد انضمامه إلى معسكر المعارضة، بنشر رواية أخرى للأحداث التي ظهرت الثلاثاء الماضي".

وأشارت إلى أنَّه "على صفحته الشخصية بموقع فيس بوك، ذكر فراس طلاس أنَّ بشار الأسد طلب من ابن خاله رامي منحه ملياري دولار، لكنَّه رفض، وعندها قام وكلاء مكتب أمن القصر، بطرد جميع مديري الشركات، وذلك وسط شائعات التطهير".

العقوبات الدولية

وبيَّنت الصحيفة، أنَّه إضافة إلى النسب، يرتبط الأسد ومخلوف ارتباطاً وثيقاً، فمحمد، والد رامي وشقيق أنيسة، والدة بشار، كان مسؤولاً عن خزانة العشيرة، وتوصف العائلة بأنَّها "دعامة المبنى الذي دخله حافظ وورثه لابنه"،  وذلك وفقاً لما جاء في كتاب صدر مؤخراً عن دار نشر "أكت سود" في باريس عنوانه "في رأس بشار الأسد" وهو من تأليف صبحي حديدي وزياد ماجد وفاروق مردم بك.

وأوضحت، أنَّ رامي مخلوف نشأ إلى جانب الأسد وشارك إلى حدٍّ كبير في تمويل حملة القمع التي شهدتها سوريا عام 2011 إضافة إلى الجهود الحربية، لاسيما من خلال دفع رواتب الشبيحة.

ولفتت الصحيفة إلى أنَّ رجل الأعمال القوي يتحكم في حوالي 60 بالمئة من الاقتصاد السوري، بدءاً من الهواتف المحمولة إلى السياحة والمحلات التجارية الفاخرة، والنقل، والنفط، والخدمات المصرفية، مروراً بالمنتجات الغذائية.

وأردفت: في ظِلِّ العقوبات الدولية التي يخضع لها منذ 11 عاماً، تَمَّ وصف رامي مخلوف في البرقيات الدبلوماسية الأمريكية بأنَّه "وجه الفساد" السوري، وأنَّه أثرى وساهم في الفساد العام، وبأنَّه استعمل تخويف خصومه التجاريين للحصول على مزايا إضافية غير مشروعة.

ونقلت الصحيفة عن مراقبين قولهم: أنَّه منذ وفاة، الأم الحاكمة أنيسة مخلوف، في عام 2016 ، أصبحت العلاقات الأسرية متوترة إلى حدٍّ ما بين العائلتين، إذ يصف ميشيل دوكلوس، السفير الفرنسي السابق في سوريا في كتابه "الليلة السورية الطويلة"  هذا الرجل بأنَّه "المفترس الرئيسي لعشيرة العائلة".

كما نقلت عن مقال نشره موقع "تقرير سوريا" يعتقد، أن الشائعات في دمشق حول اختفاء رامي مخلوف المفاجئ تشير إلى أنَّه "يبدو أنَّ هناك شيئ ما قد كسر في العلاقة بين أسرة الأسد ومخلوف"، وأنَّه "ليس هناك شك في أنَّ أعمال رامي مستهدفة، لا يمكن أنْ يكون النزاع بين الاثنين سوى نتيجة لاختلافات عميقة، لا تقتصر على الجغرافيا السياسية، وأنَّه بدلاً من ربط ما حدث بالضغط الروسي، يجب ربط الخلاف بشيء أكثر شخصية حول المصالح الأساسية لبشار".

وأكدت الصحيفة، إنَّ الشخصين الأخرين داخل هذه القضية هما من أهم الشخصيات البارزة التي تمتلك ثروات ضخمة في البلاد، والذين أصبحا أكثر ثراءً خلال الحرب المستمرة في سوريا مُنْذُ أكثر من ثماني سنوات.

وأوضحت أنَّه على غرار رامي مخلوف، استفاد النائب والملياردير محمد حمشو من مزايا النظام واستثمر في العديد من قطاعات الاقتصاد السوري، وقد تمََّ استهدافه من قبل الولايات المتحدة (منذ عام 2011) كما يخضع أيضاً للعقوبات الأوروبية، خاصة بسبب علاقاته الوثيقة مع ماهر الأسد، شقيق بشار.

وأردفت: أما بالنسبة لحسام القاطرجي، الذي يخضع أيضاً للعقوبات الدولية، أصبح معروفاً للجمهور بعد إطلاق استطلاع أجرته "رويترز" عام 2017 بعنوان "كيف توصل رجل أعمال إلى اتفاق مع تنظيم الدولة يساعد الأسد في إطعام السوريين".

وأشارت الصحيفة إلى أنَّ العضو في البرلمان، وهو من مدينة الرقة، قام من خلال شركته قاطرجي، بشراء القمح من المزارعين في المناطق التي كان يديرها تنظيم الدولة إلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام،  كما أنَّ أحاديث أخرى عن دوره في إبرام عقود نقل النفط من المناطق التي تسيطر عليها الجماعات الكردية لمناطق بشار.