عبر قواعد عسكرية.. أسباب تمسّك الإمارات ببقائها في الصومال

شدوى الصلاح | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تحقيقًا لأهداف جيو سياسية وجيو اقتصادية، تتمسك الإمارات ببقائها في الصومال من خلال إبرام اتفاقات تسمح بسيطرتها على الموانئ وتمكنها من التواجد العسكري هناك عبر إنشاء قاعدة عسكرية، فضلًا عن ضخ استثمارات كبيرة.

حكومة الصومال الأم المعترف بها في مقديشيو تقدمت بشكوى للأمم المتحدة احتجاجًا على إقامة الإمارات قاعدة عسكرية في "أرض الصومال" دون موافقة الحكومة الفيدرالية.

المندوب الصومالي لدى المنظمة الدولية أبو بكر عثمان بالي شدد على أن إجراءات الإمارات "تنم عن بلطجة"، قائلًا:" هذه الممارسات تستلزم تدخلًا من الأمم المتحدة"، وأن بلاده ستتخذ كل ما يلزم للدفاع عن سيادتها.

وسبق للبرلمان الصومالي أن صوت بالأغلبية لصالح قرار يمنع شركة موانئ دبي العالمية من إدارة واستغلال الموانئ في الأراضي الصومالية، شاجبًا دور الشركة في الصومال و"اتهمها بالاعتداء بشكل صارخ على السيادة والوحدة الصومالية".

حكم ذاتي

إقليم أرض الصومال، أو "صومالي لاند" هي منطقة حكم ذاتي تقع في القرن الإفريقي، على شاطئ خليج عدن، وبالتحديد شمالي الصومال، يحدها من الجنوب والغرب دولة إثيوبيا، وتحدها جيبوتي من الشمال الغربي، وخليج عدن في الشمال، وفي الشرق يحدها إقليم بونتلاند التابع للحكومة الفيدرالية في الصومال.

"صومالي لاند" تعد نفسها دولة مستقلة، بعد انفصالها عن باقي أراضي الصومال عام 1991، رغم عدم الاعتراف بها من قبل الأمم المتحدة، ويعتبرها أغلب دول العالم تحت سيادة الصومال، وتعرف بأنها دولة بلا بطاقة هوية.

 

في فبراير/شباط من 2017 توصلت الإمارات مع حكومة "أرض الصومال" إلى اتفاق لإنشاء قاعدة عسكرية بمدينة بربرة على بعد 278 كم جنوب مضيق باب المندب، وعلى ساحل خليج عدن لمدة 30 عامًا مع حق الوصول إلى مطار المدينة، وذلك ضمن خطط أبو ظبي للتمدد في منطقة القرن الإفريقي، وبحثًا لها عن قاعدة جديدة بجانب قاعدة "عصب" في إريتريا.

"بربرة" مدينة ساحلية على خليج عدن، تعد من أهم مدن أرض الصومال، ويُقدَّر عدد سكانها بنحو ربع مليون نسمة من عرقيات مختلفة.

لبربرة دور مهم في اقتصاد "أرض الصومال" ويصدر ميناؤها الصمغ العربي والجلود والماشية لجميع أنحاء العالم، وبذلك تُعد بربرة الميناء التجاري الأول بالمنطقة، وتستخدم إثيوبيا وفق اتفاق مع حكومة أرض الصومال، ميناء بربرة في حركتها التجارية مستفيدة من قرب المدينة من باب المندب.

تصعيد إماراتي

صعد النظام الإماراتي مؤامرته في الصومال عبر نشر الفوضى والإرهاب والدفع بتقسيم البلاد خدمة لأطماعه في النفوذ ونهب ثروات ومقدرات الدول، إذ دعمت أبو ظبي سلطة إقليم صومالي لاند المنافس للحكومة المعترف بها رسميًا، من خلال استقبال الإمارات لرئيس الإقليم، ودعمه عسكريًا واقتصاديًا وإبرام الصفقات والاتفاقات معه.

قامت السلطة الإماراتية بمقامرة سياسية عدوانية لتقويض نفوذ الحكومة الصومالية لصالح زيادة النفوذ السياسي الإماراتي في جميع أنحاء الصومال وسط التنافس مع تركيا التي تعد منافسا إستراتيجيًا، حسب موقع ( ALL EAST AFRICA) المعني بالدراسات الإفريقية.

في أيار/مايو 2016، فازت "شركة موانئ دبي العالمية" بعقد مدته 30 عامًا لإدارة ميناء بربرة وتوسيعه ليصبح مركزًا إقليميًا للخدمات اللوجستية. وفي 16 مارس/آذار 2018، قال رئيس جمهورية أرض الصومال موسى بيهي عبدي:" إن الإمارات ستدرب قوات الجيش والشرطة في المنطقة التي يتولى إدارتها وتتمتع بحكم شبه ذاتي وتسعى للانفصال عن دولة الصومال. 

وفي 19 مارس/آذار 2018 أعلن عبدي افتتاح مكتب تمثيل تجاري لبلاده في دبي، مؤكدًا أن حجم التجارة البينية مع الإمارات يبلغ 300 مليون دولارًا، مشددًا على أنه لا حدود لآفاق التعاون الثنائي، متوقعًا زيادة التجارة والاستثمار بين البلدين بعد افتتاح المكتب التمثيلي.

بدورها، أعلنت الحكومة الصومالية المعترف بها دوليًا رفضها للاتفاق، واتهمت أبو ظبي بانتهاك القانون الدولي وأكدت أنه يخدم الصراعات العسكرية الإقليمية من قبل القوى الأجنبية، معربة عن أسفها لتعامل الإمارات مع الإدارة الموجود في أرض الصومال مباشرة والتي تعد منافسة لحكومة مقديشو.

ومع وصول محمد فرماجو الرئيس الصومالي الجديد إلى السلطة عام 2017، ألغت وزارة الموانئ والنقل البحري في الصومال اتفاقية الشراكة الثلاثية المبرمة في دبي بالإمارات بين شركة موانئ دبي العالمية وأرض الصومال والحكومة الإثيوبية في تشغيل ميناء بربرة.

فيما انشقَّ عناصر وأفراد في الجيش التابع لحكومة أرض الصومال، غير المعترف بها دوليًا، وأعلنوا عن تأسيس مجموعات انفصالية في عدد من الأقاليم (في شرق وجنوب أرض الصومال) تحت مسمى الجيش الحر.

ويعارض المتمرِّدون الذين يهدِّدون بانفصال مناطقهم توجهات الحكومة الحالية لأرض الصومال، التي يقودها الرئيس موسى بيهي عبدي، المدعوم بشكل سياسي واقتصادي من حكومة أبوظبي.

وتقدّر المجموعات الانفصالية في منطقة صومالي لاند، التي تتحرك تحت مسمى "الجيش الحر" بعشرة آلاف جندي، حسبما قالت مصادر مطلعة على الأزمة لموقع "عربي بوست".

أطماع تجارية

منطقة القرن الإفريقي الممتدة على سواحل (الصومال وجيبوتي وإثيوبيا وإريتريا وكينيا)، لها أهمية تجارية كبرى فهي تطل على المحيط الهندي من ناحية وعلى مدخل البحر الأحمر الجنوبي من ناحية ثانية، عبر مضيق باب المندب، وهو ما أهّلها لأن تتحكّم في طريق التجارة العالمي، خاصةً تجارة النفط القادمة من دول الخليج، والمتوجهة إلى الغرب.

كما أنها تعد ممرًا مهما لأية تحرّكات عسكرية قادمة من أوروبا، والولايات المتحدة الأمريكية، باتجاه منطقة الخليج العربي، ما شجّع الإمارات أن تستأجر الموانئ والجزر، حسب ما قاله محمد عبد الرحمن عريف الكاتب والباحث في تاريخ العلاقات الدولية والسياسة الخارجية.

الكاتب أوضح في مقاله بصحيفة "الميادين": أن الإمارات لا يمكن أن تكون قوة عسكرية مؤثرة ومتوسّعة في المنطقة، لذلك فإن تحَـرّكاتها لبناء قواعد عسكرية ما بين (الجزر اليمنية وباب المندب ودول القرن الإفريقي) الواقعة على البحر الأحمر، ليست سوى غطاءً لتحَـرّكات دولية تتقنّع بغطاء وتمويل خليجي. 

وأشار "عبد الرحمن" إلى أن التحَـرّكات الإماراتية التي قد تبدو في ظاهرها بأنها طموحٌ لامتلاك نفوذ في دول القرن الإفريقي، إلا أن هناك كثيرا من الحقائق والعوامل والأسباب التي تؤكّد أن الإمارات تتصدر مشروعًا لصالح غيرها. 

ولفت إلى أن من تلك الحقائق أنها دولة قامت على حماية بريطانية وانتقلت لحماية غيرها مع تراجع القوّة البريطانية، وبالتالي فإن الدولة التي يبلغ تعداد جيشها بضعة آلاف وتاريخها العسكري كله لا يؤهلها لأن تكون دولة ذات تواجد عسكري عابرًا للحدود، وهو ما يجعلها أقل قدرة من ذلك على حماية مصالحها خارج حدودها.

وخلص الكاتب إلى أن التطوّرات المتصاعدة في الشرق الأوسط ستدفع في اتجاه إعادة تشكيل القرن الإفريقي، ما سيجذب العديد من الفاعلين الذين يجدون أن هذه التطوّرات تحمل فرصًا حقيقية لتدعيم مصالحهم، وسيسعى هؤلاء للبحث عن مواقع داخل الإقليم وجواره الجغرافي.

دعم أمريكي

موقع تيكتيكال ريبورت الاستخباراتي، نقل عن مصادر مقربة من القيادة العامة للقوات المسلحة الإماراتية أن هناك اتصالًا دائمًا بين ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد ووزارة الدفاع الأمريكية وذلك لتوسعة وتعزيز دور البحرية الإماراتية في منطقة القرن الإفريقي.

وأكد الموقع الاستخباراتي أن الحضور الإماراتي في دول إريتريا والصومال وجيبوتي، جاء في سياق التنافس الإقليمي والدولي على هذه المنطقة، ولم تكن الأهداف العسكرية فيما يتعلق بدعم القوات الإماراتية المشاركة في حرب اليمن، والحفاظ على تأمين المدن الجنوبية اليمنية التي سيطرت عليها القوات الإماراتية، هي الأهداف الوحيدة لمساعي الإمارات تعزيز نفوذها في هذه الدول.

وركز الموقع على أن التواجد الإماراتي في منطقة القرن الإفريقي، وتحديدًا الصومال هدفه السيطرة والنفوذ، بما يخدم دور أبوظبي الهدام في منطقة شرق إفريقيا.

وأضاف الموقع أن النفوذ الإماراتي في القرن الإفريقي يعتمد على إستراتيجية شراء واستئجار وإدارة موانئ ومطارات ذات أهمية عسكرية واقتصادية متنوعة، كما في حالتي عدن وجيبوتي، إضافةً إلى بناء القواعد العسكرية كما في بربرة شمال غرب الصومال.

 

وتتواجد إمارة أبوظبي عسكريًا في الصومال بشكل مكثف، حيث نشرت الدبابات والطائرات، بما في ذلك الطائرات المقاتلة والمروحيات والطائرات بدون طيار هناك.

فضحت التقارير الأممية والإعلامية، انتهاكات الإمارات في الصومال، إذ كشف تقرير لجنة العقوبات الدولية المفروضة على الصومال وإريتريا في أكتوبر/تشرين الأول 2018، انتهاك الإمارات لحظر الأسلحة المفروضة على الصومال.

وأكد التقرير أن أبو ظبي تواصل بناء قاعدة عسكرية شمالي الصومال وشحن أسلحة إليها، وتهريب الفحم الصومالي رغم الحظر الدولي.

وأشار تقرير فريق الخبراء الدوليين التابع لمجلس الأمن الدولي إلى استمرار أعمال بناء القاعدة العسكرية الإماراتية في بربرة بإقليم أرض الصومال من خلال شركة دايفرز مارين للمقاولات التي تتخذ الإمارات مقرًا لها، وذلك بما يشمل نقل العتاد العسكري إليها رغم ما يمثله ذلك من انتهاك للقرارات الدولية وتجاوزًا لضرورة نيل موافقة لجنة العقوبات الدولية للقيام بمثل هذه الأنشطة.

وأورد فريق الخبراء الدوليين في تقريره إعراب الحكومة الفدرالية في الصومال لكل من الجامعة العربية ومجلس الأمن عن معارضتها إنشاء القاعدة الإماراتية في بربرة، واعتبرت مقديشو أنشطة أبو ظبي هجومًا على سيادة الصومال.

خطة استثمار

ساحل الصومال الممتد على القرن الإفريقي يوفر مدخلًا مهمًا إلى أسواق ذات نمو اقتصادي سريع، ويمنحها نفوذًا على خطوط الملاحة والشحن بمنطقة الخليج.

ديفيد كيركباتريك صحفي بنيويورك تايمز ضمن فرق أعد تقريرًا مطولًا رصد مدى احتدام الصراع بين الإمارات وقطر في الصومال، قال في حوار معه "بي بي سي": " أنظار الحكومة الإماراتية اتجهت إلى الصومال ضمن خطة للاستثمار في الدول المطلة على خليج عدن ودول القرن الإفريقي (وتحديدًا الصومال، جيبوتي، إثيوبيا، إريتريا)، هذا بجانب الصراع الدائر في اليمن لبسط النفوذ على المنطقة المحيطة بمضيق باب المندب".

وأوضح كيركباتريك أن الإمارات اتجهت إلى التعاون مع أرض الصومال وبونت لاند بعد فشلها في التحالف مع حكومة الصومال المعترف بها دوليًا في مقديشو، التي تدعمها تركيا وقطر بمساعدات واستثمارات.

وأضاف أنه رغم المخاطر الأمنية التي تنطوي عليها هذه الاتفاقات، فإنها كانت الفرصة المتاحة أمام الحكومة الإماراتية للحفاظ على وجودها في خليج عدن.

وخلص كيركباتريك إلى أن الإمارات ستحتفظ بوجود عسكري لمهام الاستشارات والقيادة والسيطرة وتأمين الدعم الاستخباراتي سواءً لقوات التحالف العربي أو للقوات "الموازية" الحليفة لها.

كيركباتريك أكد أن الإمارات طيلة سنوات تدخلها العسكري في اليمن تمكنت من تعزيز البنية التحتية لنفوذها في مناطق سواحل البحر الأحمر وخليج عدن، وفي قواعد عسكرية تستضيف المزيد من القطع البحرية والقوات الإماراتية في جزيرة بريم اليمنية قبالة قواعدها في ميناء عصب في إريتريا وبربرة في جمهورية أرض الصومال غير المعترف بها دوليًا. 

نفوذ المضايق

تعد القوات البحرية على وجه التحديد مهمة للإمارات بشكل خاص، منذ وضعت أبوظبي نصب أعينها تأسيس وجود عسكري لها حول مضيق باب المندب، منذ مشاركة الدولة العسكرية الأولى صحبة واشنطن في الصومال مطلع التسعينيات.

وهي المشاركة التي أغرت الإمارات للمرة الأولى لإبراز قوتها في القرن الإفريقي، خاصةً أن إبراز النفوذ الجغرافي جنوب شبه الجزيرة العربية كان دومًا جزءًا من الرؤية الإستراتيجية الإماراتية، التي ترى أن مجال تأثيرها البحري يمتد من الهند وجزر المالديف إلى طول الساحل الشرقي لإفريقيا نحو زنجبار وما وراءها.

ونتيجة لذلك، كانت الحرب في اليمن بالنسبة إلى الإمارات فرصة إستراتيجية لا تُقدّر بثمن، ليس لدحر الحوثيين أو استعادة الحكومة أو حتى تحجيم الإسلاميين وغيرها من الأسباب المعلنة والدعائية، ولكن لتحقيق طموحها الإستراتيجي في تأمين قوس للنفوذ يمتد من جنوب الخليج إلى البحر الأحمر والقرن الإفريقي.

لذا فإن الإمارات عملت خلال الأعوام الأربعة الماضية على تكديس هذه المضايق والخلجان داخل القوس بالعديد من القواعد والمنشآت العسكرية، بداية من عدن، وسقطرى، وميون، في اليمن، ومرورًا بعصب في إريتريا، وليس انتهاءً ببربرة وبوصاصو في الصومال.

تأجير القواعد

عبد العزيز نور عابي مستشار والي ولاية بنادر الصومالية وعمدة بلدية مقديشو قال:" إن التواجد الإماراتي في الصومال ضمن خطة وجودها في إفريقيا للاستفادة من خيرات الصومال التي تعد دولة منهارة لا وجود لشرعية كاملة".

عابي أشار في حديثه لـ"الاستقلال": إلى أن الإمارات تتحرك بشكل كامل في منطقة القرن الإفريقي، وتستخدم عدة آليات لتحقيق مصالحها السياسية والدفاعية والاقتصادية، وكذلك للوجود في المحيط الإقليمي الذي تعتبر فيه لاعبًا مهمًّا.

ولفت "عابي" إلى أن الإمارات اتجهت قبل سنوات نحو الاستيلاء على موانئ الشرق الأوسط وبالأخص في منطقة القرن الإفريقي، بعد إدراكها أن مشروع البترول لن يستمر في الفترة القادمة وعليها البحث عن بديل.

وأكد أن تواجد الإمارات في الصومال تحديدًا، جاء بتوافق مع ولاية بونتلاد شمالي شرقي الصومالي وأرض الصومال بحيث تنوي استثمار الموانئ الصومالية الممتدة في البحر الأحمر خاصة مينائي بوصاصو وبربرة.

ولفت عابي إلى أن ظاهرة تأجير الصومال قواعد عسكرية لدول أخرى يأتي في سياق الاستثمار بالموقع الجغرافي من أجل تحقيق إيرادات مالية تعزز من اقتصادياتها التي تعاني في معظمها من التراجع لأسباب تتعلق بالحروب الداخلية والجفاف والتنافس الدولي والإقليمي الذي غالبًا ما يكون على حساب المصالح الخاصة بتلك الدول.

طموح جامح

إبراهيم آل حرم الكاتب والناشط السياسي الإماراتي، قال:" إن هناك طموحًا كبيرًا تحلم به القيادة السياسية في الإمارات تنعكس آثاره سلبًا على الصورة الخارجية للإمارات في الوطن العربي، وهو طموح النفوذ الذي تظن القيادة السياسية أنها يمكن أن تحققه بالمال ودعم الانفصالين والمليشيات واستخدام المرتزقة كـ"بلاك ووتر" وغيرهم.

آل حرم أكد في حديثه لـ"الاستقلال": أن هذا هو الهدف الرئيسي من وجود الإمارات في الصومال واليمن وجيبوتي وغيرها، وقد يكون الصراع الدائر بين الحلف التركي القطري والحلف الإماراتي السعودي هو صراع نفوذ في المنطقة الإفريقية المتاخمة لليمن. وهذا السعي لإدارة موانئ في جيبوتي والصومال وميناء عدن ما هو إلا جزء من هذا الصراع الدائر على النفوذ في المنطقة.

وأضاف: " لا يكفي أن تكون الدولة صاحبة مال حتى تكون صاحبة نفوذ حقيقي لذلك فإن الفشل سيكون حليف الإمارات في رغبة توسع النفوذ التي تطغى على سياستها الخارجية من غير أن تراعي ظروف تغير المجتمعات والوعي المتجدد لدى شعوب المنطقة".

واعتبر "حرم" أن طرد ميليشيات الإمارات من عدن جزء من رد الفعل تجاه أفعال الإمارات ومحاولة تجيير الشعوب ومواردها لصالحها. وحذر من أن التشعب في التدخلات الإماراتية في ليبيا ومصر واليمن والصومال حتى وإن كان يسير ضمن خطة واحدة إلا أنه أضر بالإمارات وسيضر بها بشكل أكبر اقتصاديًا وسياسيًا وإعلاميًا في المستقبل القريب.

صراع اقتصادي

الكاتب والمحلل السياسي أحمد الهواس قال: "إن الإمارات تخوض في الصومال صراعًا اقتصاديًا تجاريًا، حيث تسعى لأن تجعل جزءًا من الصومال تحت سيطرتها حتى لا تضرب موانئها لاسيما ميناء جبل علي، لأنها تعتمد في دخلها الأساسي على التجارة الحرة، ولذلك تحاول السيطرة على المناطق التي يمكن أن تؤثر عليها".

وأشار في حديثه لـ"الاستقلال": إلى أن هذا ما تفعله السلطات الإماراتية أيضًا في جنوب اليمن، بالإضافة إلى السيطرة على الجزر الإستراتيجية في اليمن، وفي المقابل يأتي القرن الإفريقي.

ولفت "الهواس" إلى أن دخول تركيا في الصومال ومحاولة تطوير عدة مناطق في الصومال وبناء مطار، وتطوير الموانئ، تنعكس سلبًا على جبل علي وتغيير في معادلة التجارة التي تصب في ميناء جبل علي التابع للإمارات.

وأضاف أن الإمارات لا تخفي هذه القضية التي لا تختلف كثيرًا عما حدث في مصر، حين دخلت في صراع مع الرئيس الراحل محمد مرسي، الذي كان يريد تطوير قناة السويس ما قد تؤدي إلى قتل وإضعاف ميناء جبل علي.

وأكد "الهواس" أن الإمارات تحاول أن تنوع من مصادر دخلها خاصة بعد انخفاض مستوى النفط لديها بشكل كبير، وركزت على مسألة التجارة والسيطرة على موانئ المنطقة حتى لا يمكن لأحد أن ينافسها، لاسيما وأن الصين تعمل على تطوير عدة موانئ في منطقة باكستان ستؤثر سلبًا فيما بعد على التجارة في الخليج.


المصادر