"نيويورك تايمز" تكشف عن تفاصيل غارات إسرائيلية استهدفت العراق

قسم الترجمة - الاستقلال | 5 years ago

12

طباعة

مشاركة

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، عن تفاصيل غارات جوية نفذتها إسرائيل على العراق، استهدفت مستودعا للأسلحة تابع لمليشيات عراقية وثيقة الصلة بإيران، الأمر الذي قد تكون له تداعيات كبيرة في إطار التوتر القائم بين واشنطن وطهران.

وقالت الصحيفة، في تقرير أعدته مديرة مكتبها في العراق أليسا روبين، والكاتب الإسرائيلي رونين بيرجمان، إنّ "سلاح الجو الإسرائيلي نفذ غارة جوية على مستودع للأسلحة بالعراق، قال عنه مسؤولون رسميون إن طهران كانت تستخدمه لتهريب الأسلحة إلى سوريا".

دفع للهاوية

وأضافت، أن هذه الغارة الجوية من المحتمل أن تؤدي إلى زعزعة استقرار العراق، ويدفع الصراع بين الولايات المتحدة وإيران إلى حافة الهاوية.

وأشار التقرير إلى أن "هذا الهجوم، الذي يمثل أول قصف إسرائيلي على العراق منذ قرابة أربعة عقود، يُعد امتدادا للحملة العسكرية التي تقوم بها إسرائيل ضد أهداف إيرانية في سوريا".

أكدت الصحيفة، أن الهجوم الذي قامت به إسرائيل الشهر الماضي، يُعد أحد الهجمات التي شُنت على مستودعات الأسلحة التي تسيطر عليها مليشيات عراقية، وثيقة الصلة بإيران، في الوقت الذي بدا فيه من غير الواضح هوية منفذ الهجمات الأخرى، التي وضعت العراق في مفترق طرق، إذ لا يزال البلد يكافح فيه من أجل الخروج من كارثة أربعون عاما من الحرب وعدم الاستقرار.

وأشار التقرير إلى أنه ردا على الهجمات التي وقعت الخميس الماضي، قال مستشار الأمن القومي العراقي، فالح الفياض، إن العراق يهدف إلى  تجنب الانحياز إلى أي من أطراف الصراع بين إيران وبين الدول الأخرى ودفعه إلى الحرب.

ونقل الكاتبان في تقريرهما عن مستشار الأمن القومي العراقي قوله ،"إن الحكومة العراقية وخاصة أجهزتها الأمنية وقواتها المسلحة ستتخذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية العراق وشعبه ، وردع أي محاولات لزعزعة استقراره".

وأضاف مستشار الأمن القومي العراقي، أن الحكومة العراقية لم تحدد بعد الطرف المسئول عن شن الغارة الجوية.

وبحسب التقرير، فقد ذكر مسؤول مخابراتي شرق أوسطي كبير، أن إسرائيل قامت بشن غارة جوية على قاعدة عسكرية شمالي بغداد في التاسع عشر من يوليو/تموز الماضي.

استهداف لإيران

نقلت الصحيفة عن اثنين من المسؤولين الأمريكيين الكبار قولهم: إن إسرائيل قامت بتوجيه عدة ضربات جوية على مخازن الأسلحة و الذخائر التي تسيطر عليها المليشيات الموالية لإيران في العراق خلال الأيام الماضية.

من ناحية أخرى، ألقى نائب رئيس الحشد الشعبي جمال الجعفر آل إبراهيم المعروف بـ"أبو مهدي المهندس"، اللوم على الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل للقيام بهجمات متكررة على المقر المحلي التابع للمليشيات العراقية.

ووفقا للتقرير، فإنه على الجانب الآخر، رفض الجيش الإسرائيلي التعليق على الهجمات، لكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، عندما سُئل عنها في زيارة إلى العاصمة الأوكرانية  كييف، الاثنين الماضي، قال: "إن إيران ليس لديها حصانة في أي مكان".

وأضاف رئيس الوزراء الإسرائيلي في حديث للصحفية أثناء رحلته إلى كييف، أن "الدولة التي تقول دائما سندمركم و سنقوم ببناء قواعد لإطلاق الصواريخ عليكم وإرسال خلايا إرهابية تزعزع استقراركم، ليس لديها حصانة، نعمل وسنعمل ضدهم حيثما كان ذلك ضروريا".

جدير بالذكر أن إسرائيل قامت بشن مئات الغارات الجوية على أهداف إيرانية في سوريا منذ بدء الحرب فيها، والتي استمرت طوال الثمني سنوات الماضية.

وفي سياق متصل، ذكر التقرير أن "أربع غارات جوية استهدفت مستودعات الأسلحة التابعة للمليشيات الموالية لإيران خلال الأشهر الثلاثة الماضية، يتبع ثلاث منها لقوات الحشد الشعبي، في محافظة صلاح الدين، بينما تقع القاعدة الرابعة، التي استهدفتها الهجمات في بغداد، حيث كانت تستخدمها الشرطة الفيدرالية والمليشيات العراقية الموالية لإيران.

ونقل التقرير عن مسؤول الاستخبارات الشرق أوسطي قوله، إن "الهجوم الإسرائيلي، الذي وقع في التاسع عشر من يوليو/تموز الماضي، قد أصاب قاعدة قال أنها كانت تُستخدم من قوات الحرس الثوري الإيراني لنقل شحنات الأسلحة إلى سوريا، مؤكدا أن "الهجمات قد دمرت شحنة من الصواريخ الموجهة ذات مدى يبلغ 125 ميلا".

من ناحية أخرى، نقلت الصحيفة عن مسؤول عراقي قوله، إنه "تم قصف قاعدة عسكرية، ونجم عنها مقتل ثلاثة أشخاص، بينهم إيراني".

وأكد التقرير، أن "الهجوم الأخير، الذي وقع الاثنين الماضي، كان على مقربة من قاعد بلد الجوية الشاسعة، وهي قاعدة عسكرية كانت تستخدمها الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أقامت المليشيات المسلحة الموالية لإيران مستودعات للأسلحة والذخائر على أطرافها، إذ نتج عن القصف انفجار العديد من صواريخ الكاتيوشا، وقذائف الهاون، والقنابل اليدوية، وأصابت المناطق المتاخمة للقاعدة العسكرية، ولم يتم الإعلان عن وفيات نتيجة الهجوم".

ولفت التقرير إلى أن "المليشيات، والمعروفة أيضا باسم الحشد الشعبي، تشكل الذراع الأقوى لقوات الأمن العراقية بشكل رسمي، إلا أنه البعض منها تعمل بشكل شبه مستقل والعديد منها لها روابط قوية مع إيران، وترجع نشأة هذه المليشيات على شكل قوات تطوعية غير رسمية في عام 2014 للمساعدة في الدفاع عن البلاد من تنظيم الدولة، إذ يعود الفضل لها في المساعدة في هزيمة تنظيم الدولة".

وأوضح، إلا أنه منذ ذلك الحين، يُنظر إلى بعض المليشيات التي تربطها علاقات وثيقة بإيران على أنها وكلاء لإيران تتوافق مصالحهم مع رعاتهم في طهران، وليس مع  الحكومة العراقية، إضافة إلى أن  بعض قادتهم مدرجون الآن في قائمة الإرهاب التي أصدرتها الولايات المتحدة.

وينقل التقرير عن المسؤولين الإسرائيليين قولهم: "إن هذه القواعد تحولت إلى قنوات غير شرعية لنقل الأسلحة من إيران إلى المليشيات التابعة لها في سوريا، إضافة إلى حزب الله في لبنان، مما جعل إيران شريكا رئيسا للحكومة السورية، حيث سمحت لها ببناء قواعد عسكرية ضخمة في سوريا، فيما قامت إسرائيل بشن غارات جوية متعددة على هذه القواعد و مستودعات الأسلحة هناك".

مخاطر على أمريكا

وفي سياق متصل، ذكرت الصيفة، أن العراق أوضح، أنه لا يريد أن يكون جزءا من الصراع بين الولايات المتحدة و إيران، في الوقت الذي يمثل فيه العراق الحليف الإستراتيجي لإيران، بينما يعرب المسؤولين العراقيين عن قلقهم من احتمالية استخدام الأراضي العراقية ساحة مشتعلة للصراع بين إيران والولايات المتحدة، التي تعمل على إحكام الحصار و مضاعفة العقوبات المفروضة على إيران.

وأكدت الصحيفة، أن الخطوة الإسرائيلية تنضوي على مخاطر عدة للولايات المتحدة، التي لا تزال قواتها في العراق في الحرب ضد تنظيم الدولة، ويلقي العراقيون باللوم على الولايات المتحدة، كونها الحليف الأقوى لإسرائيل، لأنها سمحت للقوات الإسرائيلية بشن غارات على  قواعد عسكرية عراقية.

وبحسب حديث مسؤول أمريكي رفيع المستوى (طلب عدم كشف هويته) للصحيفة، فإن إسرائيل قد تجاوزت حدودها بقصفها أهدافا عراقية، مؤكدا، أن الغارات الإسرائيلية من الممكن ينتج عنها طرد القوات الأمريكية من العراق.

وأشار التقرير إلى أن الهجوم الأخير الذي شنته إسرائيل على العراق كان عام 1981، حيث تسببت في تدمير مفاعل نووي قيد الإنشاء بالقرب من بغداد، حينها أكد المسؤولون الإسرائيليون، أن المفاعل كان يهدف إلى إنتاج أسلحة نووية.

وتابعت الصحيفة: انتهجت إسرائيل منذ فترة طويلة سياسة الصمت والغموض بشأن غاراتها الجوية في سوريا حتى يناير/ كانون الثاني، عندما وصف رئيس أركان الجيش المنتهية ولايته، جادي أيزنكوت ، تلك الحملة بصراحة في صحيفة "نيويورك تايمز". وقال إن إسرائيل قد ضربت أهدافا إيرانية أو وكلائها في سوريا ولبنان "آلاف" المرات "دون أن تعلن مسؤوليتها أو طلب ائتمان".

وأردف التقرير: بعد مرور أيام معدودة، كان نتنياهو، الذي كان يقوم بحملة لإعادة انتخابه، قال إن إسرائيل قصفت مستودع أسلحة إيراني في مطار دمشق، وهددت بمزيد من هذه الهجمات.

وذكرت الصحيفة، أنه في خطاب ألقاه في يوليو/تموز الماضي، قال يوسي كوهين، رئيس جهاز المخابرات  الإسرائيلي "الموساد"، إن "إسرائيل اتخذت عددا من الإجراءات العلنية والسرية، والتي تم الكشف عن جزء صغير منها فقط لمنع الجهود الإيرانية للحصول على موطئ قدم في سوريا".

واختتم "نيويورك تايمز" تقريرها بالقول: "إن إيران وحزب الله يحاولان نقل بعض قواعدهما إلى شمال سوريا، وفي الوقت نفسه، يقومون بإنشاء قواعد ومصانع للأسلحة المتطورة في العراق ولبنان. فهم يعتقدون خطأً أننا سنواجه صعوبة في الوصول إليهم".