"الجارديان": بريطانيا تسلّمت تقريرا يفضح انتهاكات السعودية باليمن

12

طباعة

مشاركة

كشفت صحيفة "الجارديان" البريطانية، عن تلقي سلطات المملكة المتحدة تقريرا يفيد بتستر السعودية على هجمات جوية للتحالف العربي طالت مدنيين في اليمن، مشيرة إلى أن ذلك سيضيف ضغوطا على حكومة بريطانيا بشأن عدم قانونية مبيعات الأسلحة للرياض.

وقال التقرير الذي أعده محرر الشؤون الدبلوماسية في الصحيفة، باتريك وينتور، إن مجموعة قانونية دولية قدمت تقريرا إلى حكومة المملكة المتحدة يدعي أن التحالف الذي تقوده السعودية تستر على أدلة تثبت عدم قانونية الغارات الجوية لقوات التحالف على اليمن بعد أن قصفت أهدافا مدنية وغير عسكرية.

بريطانيا مطالبة بالرد

وأوضح، أن "المزاعم التي يحتويها التقرير ستشكل ضغوطا على الحكومة البريطانية، وهي تستعد للرد على قرار المحكمة التي أمرت الحكومة بمراجعة وإعادة النظر في تراخيص مبيعات الأسلحة البريطانية إلى المملكة العربية السعودية لاستخدامها في حربها في اليمن".

وأشار التقرير إلى أنه في يونيو / حزيران الماضي، قالت محكمة الاستئناف في المملكة المتحدة أن الطريقة السابقة لمنح تراخيص جديدة لمبيعات الأسلحة الى السعودية، والتي تعتمد إلى حد كبير على تأكيدات من الرياض، غير كافية، حيث من المتوقع أن تقدم الحكومة ردها الشهر المقبل في خطوة تحمل بين طياتها تداعيات كبيرة على مستقبل العلاقات البريطانية السعودية.

وأفادت الصحيفة، بأن التقرير المكون من 288 صفحة، قُدم إلى وزير التجارة الدولي، ليز تروس، من شبكة الإجراءات القانونية العالمية (GLAN)، ومكتب المحاماة البريطاني في بيندمانز، يحتوي على شهادة الشهود إضافة إلى تحليل فوهات الحفر التي تسببت بها القذائف التي ألقتها طائرات التحالف من عشرات الضربات الجوية، مما يُعتبر التحليل الأكثر شمولا واستقلالية حتى الآن للهجمات الجوية التي ينفذها التحالف العربي، بقيادة السعودية في اليمن.

وأكدت، أن التقرير يثبت أن هجمات التحالف العربي تنتهك قانون حقوق الإنسان الدولي من خلال استهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية في اليمن.

أدلة تدين التحالف

وفي سياق متصل، ذكرت الصحيفة أن الأدلة أثبتتها مؤسسة حقوق إنسان يمنية مستقلة تُدعى "مواطنة"، التي تجمع أدلتها في أغلب الحالات مباشرة بُعيد الهجمات الجوية للتحالف الذي تقوده السعودية، وتتناقض تحليلاتها وأدلتها مع التحقيقات التي يقوم بها التحالف العربي بعد الهجمات الجوية.

وبيّنت، أن "مؤسسة مواطنة، التي تعتبرها الأمم المتحدة منظمة مستقلة، لديها باحثون ميدانيون في 21 محافظة يمنية من أصل 22 محافظة".

ونوهت الصحيفة إلى أن الأدلة التي يحتويها التقرير كان قد حصل عليها أرون ميرات، وهو صحفي وباحث في مجلس العموم البريطاني، الذي أشار الى أن التقرير سيتم تقديمه الى اللجنة المعنية بتقنين ضوابط تصدير الأسلحة البريطانية للخارج.

ونقلت "الجارديان" عن الصحفي ميرات قوله: "إن التقرير لا يثبت فقط استهداف الرياض للمدنيين في اليمن، بل إنها تتستر على التحقيقات وتقوم بإخفاء وطمس الأدلة التي تثبت تورطها في استهداف اليمنيين".

وأكدت: "الأسوأ من هذا أن الحكومة البريطانية تعتمد في قرارها إذا كانت ستسمح بتصدير الأسلحة الى المملكة العربية السعودية من عدمه، على معلومات تقدمها السعودية لها".

قانونية تراخيص السلاح

وأشارت الصحيفة إلى أن قرار محكمة الاستئناف البريطانية، الصادر في العشرين من يونيو/حزيران الماضي، يطلب من وزارة التجارة الدولية مراجعة جميع تراخيص التصدير الحالية للأسلحة التي يمكن استخدامها في اليمن من التحالف الذي تقوده السعودية، والتحقق من الادعاءات السابقة باستهداف المدنيين في غاراته.

واستكمالا لشرح قرار محكمة الاستئناف البريطانية، ذكرت الصحيفة، أن المحكمة كانت قد قضت بأن الحكومة قد وافقت بشكل غير قانوني على عمليات بيع الأسلحة للتحالف رغم عدم إجراء تقييم رسمي لسجل الانتهاكات المزعومة لقانون حقوق الإنسان الدولي.

وبحسب التقرير، ففي القانون البريطاني يُعتبر  من غير القانوني إصدار تراخيص تصدير السلاح إذا كان هناك خطر واضح من احتمالية استخدام تلك الأسلحة في هجمات متعمدة أو متهورة تستهدف المدنيين، في الوقت الذي أقر فيه وزراء بريطانيون أمام محكمة الاستئناف البريطانية أنهم لم يقوموا بإجراء أية تحقيقات مستقلة، ولكنهم اعتمدوا على تقارير وتحقيقات فريق تقييم الحوادث التابع للتحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية (JIAT).

وزادت الصحيفة، أن "مؤسسة مواطنة قامت بفحص أكثر من 400 حادث قصف في اليمن، وأشار تقرير شبكة الإجراءات القانونية العالمية (جلان)، ومكتب المحاماة البريطاني في بيندمانز إلى وجود 16 خرقا واستهدافا للمدنيين، علاوة على ذلك لفت التقرير إلى أن 4 هجمات قالت تحقيقات فريق تقييم الحوادث في التحالف، إلى أنها قصفت أهدافا عسكرية، بينما على أرض الواقع عكس ذلك، حيث ثبت استهدافهم لمواقع مدنية.

السعودية تنفي الهجمات

واستطردت: التقرير ذكر أن فريق تقييم الحوادث بالتحالف العربي، كان قد نفى مسؤوليته عن العديد من الهجمات بما في ذلك الهجوم الذي وقع في 21 سبتمبر/ أيلول الماضي، على جنازة شهدتها مدينة الحُديدة وراح ضحيته 23 شخصا بينهم 5 أطفال، كما يتضمن التقرير صورا لمؤخرات الصواريخ الموجهة وشظية صاروخية تم التعرف عليها على أنها من قنبلة "GBU-16" أمريكية الصنع، ومما يثبت تورط التحالف في المسؤولية على الهجمات ضد المدنيين، وأن التحالف فقط هو من يملك تلك القذائف.

وبحسب التقرير، فقد قال أحد شهود العيان لـ"مواطنة": إن "الانفجار كان قويا، وقد هزنا كما لو كنا دمى. لم أتخيل قط أن منطقتنا ستتعرض للقصف".

وأفادت الصحيفة، بأن فريق تقييم الحوادث بالتحالف العربي، نفى أيضا شن هجوم على سوق عند دوار الخوخة في محافظة الحديدة في العاشر من  مارس/آذار 2017، مما أسفر عن مقتل 21 مدنيا بينهم ثلاثة أطفال، حيث قال أحد الشهود الذين قابلتهم "مواطنة": إن "السوق  كان مليئا بالناس ولم يشعر المواطنون بالخوف عندما بدأ قصف المعسكر القريب (على بعد حوالي 200 مترا)، لأنه تعرض للقصف بشكل متكرر".

وذكرت أيضا، أن فريق تقييم الحوادث التابع للتحالف العربي كان قد نفى وقوع غارات جوية على منطقة الفليحي بالعاصمة اليمنية صنعاء، المحمية من اليونسكو، في الثامن عشر من سبتمبر/أيلول 2015، بينما أشارت تحقيقات "بيندمانز" و"مواطنة" الى العثور على أجزاء من قنبلة تم التأكيد أن مصدرها غارة جوية نتج عنها انفجار  قوي.

الحوثيون يحتمون بالمدنيين

ونقلت الصحيفة عن مدير شبكة الإجراءات القانونية العالمية "جلان" جيرويد كوين، قوله: "يمكن لحكومة المملكة المتحدة إما أن تعتمد على التأكيدات السعودية المشبوهة، أو أن تستمع إلى أولئك الذين وثّقوا بصعوبة الوفيات المدنية المستمرة الناجمة عن الغارات الجوية للتحالف".

وأشار تقرير الصحيفة، الى أن السعودية تتهم الحوثيين الذين يحاربون في اليمن أنهم يستخدمون المواقع المدنية للاحتماء من الغارات الجوية التي ينفذها التحالف العربي، ولكن إذا سلمنا بصحة الاتهامات السعودية للحوثيين، فإن القانون الدولي يتطلب أن تكون هذه الضربات متناسبة ومبررة بالقيمة العسكرية العالية للهدف المحدد.

ونقلت الصحيفة عن رضية المتوكل، رئيسة منظمة "مواطنة" لحقوق الإنسان، قولها: إنه "كان ينبغي على المملكة المتحدة أن توقف بيع الأسلحة للتحالف السعودي منذ وقت طويل، نأمل أن يساعدهم هذا الدليل في النهاية على اتخاذ القرار الصحيح ".

واختتمت "الجارديان" تقريرها، بالقول إنه من المتوقع أن يتم نشر دليل إضافي على انتهاكات مزعومة للقانون الإنساني الدولي من "التحالف" الذي تقوده السعودية في وقت لاحق من هذا الشهر من المحققين ذوي المصادر المفتوحة.