دول عربية تطارد عناصر حماس وتعتقل كوادر المقاومة.. تعرّف عليها

عدنان أبو عامر | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

علاقات الدول العربية والإسلامية بحركة المقاومة الإسلامية "حماس" تمر بحالة من المد والجزر، من جانبها تبدو "حماس" حريصة على عدم التوتر في علاقاتها مع مختلف العواصم، لكن بعض هذه الدول لا تتردد في اعتقال كوادر الحركة.

كانت دائما ما تفضل حماس سياسة الصمت على هذه الإجراءات القمعية بحق كوادرها، مفضلة إنهاء هذا الملف بالاتصالات الخاصة بعيدا عن وسائل الإعلام.

سياسة الحركة هذه ظلت حتى 26 يوليو/تموز 2019 عندما كشف صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحماس عن اعتقال العديد من أنصار الحركة في دول عربية وإسلامية، لم يفصح عن أسماءها.

تجميد الأرصدة

كلام العاروري غير المسبوق تزامن مع شروع السعودية والإمارات مؤخرا في تكثيف حملات اعتقال طالت أكثر من 150 من كوادر حماس ومناصريها من المقيمين على أراضي الدولتين، بجانب استدعاءات وملاحقات طالت العشرات بسبب علاقتهم بالحركة، كما أن دولا أخرى مثل سوريا والأردن ومصر وليبيا تعتقل أيضا بعض كوادر الحركة.

كان شهر أبريل/نيسان 2019 على موعد بدء حملة سعودية ضد حماس، شملت عمليات ترحيل واعتقال لفلسطينيين وسعوديين وتجميد أرصدة ورقابة على الحوالات المالية، لمن يعتقد أن لهم صلة بالحركة. 

أواخر يونيو/حزيران الماضي تحفّظت السعودية على أموال المعتقلين، وتركت عوائلهم بلا رعاية، ورفضت مغادرتهم البلاد. ووصل عدد المرحّلين من المملكة بسبب تقديم الدعم للمقاومة على مدار العامين الماضيين إلى 100 شخص.

وتزامنت الاعتقالات مع إغلاق ورقابة مشددين على الحسابات البنكية، وحظر على إرسال أي أموال من المملكة لقطاع غزة، وتمت الحملة بناء على توجيه أعلى سلطة في النظام السعودي بأمر مباشر.

من أبرز من طالتهم الإجراءات السعودية، الطبيب الاستشاري الثمانيني محمد الخضري، الذي مثّل حماس لدى السعودية حتى عام 2003، ورغم ترك موقعه منذ سنوات، فقد أبقته السلطات السعودية رهن الاحتجاز في ظلّ ظروف صحية صعبة.

أبو عبد الرحمن، فلسطيني تم اعتقال ابنه في السعودية، قال لـ "الاستقلال": "الحملة السعودية طالت العشرات من المقيمين في المملكة، والمتعاطفين مع القضية الفلسطينية، ومنع سفر آخرين، وتجميد حساباتهم، ومصادرة مؤسساتهم، والتهمة الجاهزة أنهم مؤيدون للمقاومة الفلسطينية، خاصة حماس، كما شملت الاعتقالات سعوديين يكفلون هؤلاء الفلسطينيين، أو يعملون في مؤسساتهم".

وأضاف: "الاعتقال تم في أبريل/نيسان الماضي، واليوم نحن في أغسطس/آب، وما زال نجلي قيد الاعتقال، دون أن نبلغ بالتهم الحقيقية الموجهة له غير تلك المتداولة في الإعلام، ابننا يعمل مدرسا منذ 15 عاما في مدارس المملكة، ولدينا تخوّف أن يطول اعتقاله، فيفقد مصدر عمله، ويتم ترحيله، وحرمانه من كافة حقوقه".

في مايو/آيار الماضي شنت السلطات الإمارات حملة أمنية واسعة شملت اعتقال 40 فلسطينيا من المقيمين فيها، واستدعاءات وملاحقات طالت العشرات، وأدخلت المئات من العائلات الفلسطينية في حالة قلق على مستقبلهم.

جهاد علي، فلسطيني عاد من الإمارات إلى غزة، تحدث لـ "الاستقلال" عما وصفها "معاملات صعبة يواجهها الفلسطينيون هناك، خاصة من يشتبه بأن له علاقة بالمقاومة أو حماس، حيث يواجه عقبات في إجراءات تجديد الإقامة أو جواز السفر، وتسجيل الأبناء، فيتم تأخير معاملته، وإدخاله بعدة تحقيقات مع الجهات الأمنية، قبل رفض أو قبول معاملته، التي غالباً ما تُقابَل بالرفض".

وأضاف: "الاعتقالات التي تطال الفلسطينيين في الإمارات تشمل إجراء التحقيقات الأمنية معهم، ومحاولة الحصول على معلومات أمنية حول الوضع الأمني في غزة، وآراء الفلسطينيين تجاه حماس". 

اختطاف الكوادر

اعتقلت السلطات في مصر عددا غير معروف من عناصر حماس خلال السنوات الأخيرة، ومع تحسن علاقة الجانبين في الآونة الأخيرة أفرجت في ديسمبر/كانون الأول 2018 عن 3 عناصر، وفي مارس/آذار 2019 أفرجت عن 4 من كوادر كتائب القسام المعتقلين لديها منذ 4 سنوات.

يأخذ موضوع المحتجزين الفلسطينيين في السجون المصرية، دون تحديد أعدادهم، نصيبا وافرا من المباحثات الدائمة بين حماس والقاهرة، حيث تمارس الحركة ضغوطا قوية على المصريين للإفراج عنهم.

الحملة ضد حماس بدأت منذ الإطاحة بالرئيس المصري الراحل محمد مرسي في يوليو/تموز 2013، واتهام نظام السيسي لعناصر حماس بتنفيذ عمليات أمنية داخل سيناء والأراضي المصرية، فيما تنفي حماس هذه الاتهامات.

"الاستقلال" أجرى العديد من الاتصالات مع مسؤولي حماس للتعقيب على اعتقال كوادرها في عدد من الدول العربية، لكنهم فضلوا التزام الصمت حتى لا يُحسب المعتقلون في تلك الدول عليها، وتجنّبا للتصعيد معها، والإضرار بالمسجونين، أملا في الوصول إلى تفاهم يقضي بالإفراج عنهم.

لكن مسؤولا في حماس فضّل عدم الكشف عن هويته، قال لـ "الاستقلال": "حماس حركة تحرّر وطنيّ، تخوض معركتها ضدّ الاحتلال داخل فلسطين، لكنّ المطلوب من العرب شعبيّاً ورسميّاً دعمها، فمقاومتنا لإسرائيل جزء من الدفاع عن الأمن القوميّ العربيّ، وتمنعها من التغوّل على الدول العربيّة، وحماس ستبقى حريصة على أمن الدول العربية، وتبذل جهدها مع أطراف عدّة لحلّ مشكلة معتقليها في تلك الدول".

وأضاف: "لدينا اعتقاد أن الاعتقالات في صفوف كوادرنا ببعض الدول العربية مرتبطة بترتيبات إعلان صفقة القرن، وشعور تلك الدول أن حماس تقف عقبة أمام تطبيق الصفقة، لذلك تتم هذه الاعتقالات وتجميد الأرصدة والملاحقة، فضلا عن تزامن هذه الحملة مع حالة التطبيع الجارية بين عدد من الدول العربية والاحتلال الإسرائيلي".

ملاحقات وتعذيب

في سوريا، شنت الأجهزة الأمنية اعتقالات واسعة في صفوف حماس من الفلسطينيين فيها، ووضعت قوائم بأسماء أنصارها في مجال إغاثة الفلسطينيين، حيث يتم الاعتقال الفوري لكل من يوجد اسمه على القوائم.

أوساط أمنية سورية زعمت أن الاعتقالات في صفوف حماس تأتي بسبب تدريب عناصرها لوحدات من الجيش السوري الحرّ في سنوات الثورة الأولى، وأنّ عددا من مقاتليها شارك في القتال بجانب المعارضة المسلَّحة، واستخدموا خبراتهم ببناء الأنفاق لتهريب الأسلحة، لتمهيد الطريق أمام المسلَّحين لشنّ هجوم وسط دمشق.

أحمد عبد الله، فلسطيني سوري غادر إلى تركيا، قال لـ "الاستقلال": "عدد معتقلي حماس في السجون السورية يبلغ 55 شخصا موثقا بالاسم وزمان وموقع الاعتقال، والأسباب متعددة يأتي في مقدمتها سياسية بعد خروج الحركة من سوريا في 2012، واتخاذها موقفا مؤيدا للشعب السوري، وهناك من اعتقلوا على خلفية النشاط الخيري بمخيمات اللاجئين، والعدد الأقل منهم نشطوا في قضايا التدريب ونقل الخبرات لفصائل الجيش السوري".

وأضاف "من أبرز المعتقلين أحمد موسى أبو سمير مسؤول العمل الخيري في سوريا، اعتقل عام 2014، وأبلغت عائلته بوفاته في المعتقل عام 2016، بسبب التعذيب، لكن عدد من أفصح النظام السوري عن مقتلهم تحت التعذيب فقط 3 من عناصر حماس".

أحكام مشددة

بالانتقال إلى ليبيا، فرضت المحكمة العسكريّة في فبراير/شباط 2019، أحكاماً مشدّدة بين 17 و22 عاما على 4 أفراد من حماس، اعتقلوا منذ أكتوبر/تشرين الأول 2016، وهم: مروان الأشقر، ونجله براء، ومؤيّد عابد، ونصيب شبير، بتهم الضلوع في تهريب شحنات أسلحة لحماس في غزّة.

رياض محمد، أحد أقارب المعتقلين قال لـ "الاستقلال": "المحكوم عليهم مقيمون في ليبيا منذ التسعينيّات، ويعملون في شركة تكنولوجيّة، ويدرسون في جامعاتها، ومحتجزون في سجن قوة الردع الخاصة في طرابلس، وممنوعون من الزيارة منذ أشهر، ويتعرّضون للتنكيل اليوميّ، ونخشى أن يتم تسليمهم لإسرائيل بسبب اتّهامهم بدعم المقاومة، والسفارة الفلسطينيّة في طرابلس لم تبذل جهداً للإفراج عنهم".

حماس أصدرت بيانا استهجنت فيه "الأحكام الليبية الجائرة" ضد الفلسطينيين الأربعة، وطالبت الجهات الرسمية بالتدخل الفوري للإفراج عنهم؛ لأنهم لم يتدخلوا بشؤون ليبيا، ولم يعبثوا بأمنها، وكشفت أنها تواصلت مع جهات عدة، لم تسمها، لحل هذه القضية.

المؤكد أن ظاهرة اعتقال كوادر حماس في الدول العربية ليست منفصلة عن العلاقات غير الخافية بين إسرائيل وتلك الدول، تل أبيب تستفيد منها لملاحقة تهريب الأسلحة إلى قطاع غزّة.