"أضعفت عدن".. هذه أسباب ونتائج انسحاب أبوظبي من اليمن

12

طباعة

مشاركة

سلّطت صحيفة "لونوفيل أكونوميست" الفرنسية، الضوء على الوضع باليمن في ظل الحرب الدائرة منذ عام 2015 التي يشنها "التحالف" بقيادة السعودية، والأزمة الإنسانية المقلقة، إذ تميل البلاد إلى مزيد من عدم الاستقرار والعنف خاصة بعد انسحاب الإمارات.

وفي مقال للكاتب الفرنسي من أصل إيراني، أردافان أمير أصلاني، نشره في الصحيفة، قال: "إن هجومين أديا إلى مقتل ما لا يقل عن 49 شخصا وإصابة 48 آخرين في عدن، المدينة القديمة في جنوب البلاد ومقر الحكومة التي يدعمها السعوديون ضد الحوثيين، الذين لايزالون يسيطرون على العاصمة صنعاء".

وأضاف الخبير في العلاقات الدولية والجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط: إن "أجهزة الأمن اليمنية تقول إن أول هجوم بسيارة مفخخة، الذي وقع في وسط المدينة أمام مقر للشرطة ولم يتبناه أحد، يقف وراءه تنظيم القاعدة، الموجود في جنوب البلاد".

وأشار إلى أن "الهجوم الثاني، الذي وقع في الوقت نفسه بالضواحي الغربية من عدن، خلال عرض تخرج لضباط الشرطة، تبناه الحوثيون الذين قالوا إنه وقع بواسطة صاروخ وطائرة بدون طيار. وأدى على الفور إلى مقتل ضابط كبير، الجنرال منير اليافعي، وأسفر عن مقتل وإصابة 35 شخصا".

وأكد أصلاني، أن الهجمات التي استهدفت بوضوح الشرطة الموالية للحكومة المدعومة من السعودية، هي الأكثر دموية بالنسبة للتحالف وحدثت بعد أسابيع فقط من إعلان دولة الإمارات العربية المتحدة سحب قواتها بشمال البلاد.

وتابع: "بدون إعلان رسمي، قررت الإمارات بالفعل تقليص جهودها العسكرية في اليمن، بعد أن وافق الحوثيون على التخلي عن جزء من المناطق التي سيطروا عليها في الحديدة، ففي مطلع يونيو/حزيران الماضي، أعادت أبوظبي معظم مدفعيتها الثقيلة، بما في ذلك طائرات الهليكوبتر من طراز أباتشي، تاركة الآن المليشيات اليمنية التابعة للحكومة الرسمية دون حماية جوية".

ولفت المحامي الفرنسي إلى أنه على أرض الواقع، يبدو أن الانسحاب الإماراتي قد أضعف بالفعل دفاع عدن، لأن سحب صواريخ باتريوت (صواريخ أرض جو متوسطة المدى) جعلت المدينة بدون دفاع جوي، وهي نقطة ضعف استغلها الحوثيون على الفور.

فشل "عاصفة الحزم"

وتساءل: هل يجب أن نتفاجأ بهذا التحول من جانب دولة الإمارات؟ منوها بأنه في مواجهة الفشل الواضح لما يسمى بعملية "عاصفة الحسم" التي أطلقها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في عام 2015، يقول المسؤولون الإماراتيون الآن أنهم يريدون تجربة "إستراتيجية التركيز على السلام".

واستطرد الكاتب قائلا: "على الرغم من التفوق العسكري، فشلت السعودية وحلفاؤها السنة في تبديد سيطرة الحوثيين الشيعة، ولا تزال حرب العصابات مستمرة، والوضع الإنساني يزداد سوءا يوما بعد يوم".

ورأى أصلاني، أنه من الواضح أن المسؤولين الإماراتيين يفضلون في الوقت الراهن حماية مصالح البلاد الخاصة على الساحة الدولية، لافتا إلى أن العديد من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، الذين ينتقدون الدعم العسكري الأمريكي للسعودية، يرغبون في جعل الحرب في اليمن قضية حملة الانتخابات الرئاسية لعام 2020.

وبيّن الكاتب، أنه في إطار حرصها على تجنب الظهور كقادة مشاركين في حرب قذرة من شأنها أن تتسبب بمقتل 100 ألف (وفقا لأحدث التقديرات)، وتدمير التراث الثمين لليمن ولا سيما تسببها في أزمة إنسانية غير مسبوقة حيث يتعرض ملايين الأطفال للجوع، تنفصل الإمارات تدريجيا عن حليفها السعودي المولع بالقتال.

وأشار إلى أن قرار دولة الإمارات العربية المتحدة الأخير يضعف بقوة المملكة العربية السعودية في اليمن وكذلك في المنطقة، ويمكن أن يكون له عواقب كثيرة.

انتصار الحوثيين

وأكد أصلاني، أن الانسحاب الإماراتي في اليمن بمثابة انتصار للحوثيين، الذين يطالبون الآن بانسحاب جميع القوات العسكرية الأجنبية في البلاد، إذ تكشف الهجمات الأخيرة، إستراتيجيتهم المتمثلة في عدم المرونة ومن المرجح أن تثير ذعر حكومة سيئة بالفعل في هذه النقطة، فبدون الإمارات العربية المتحدة، يفقد السعوديون الأمل في استعادة العاصمة صنعاء والأراضي الشمالية التي يحتلها الحوثيون.

وأوضح الخبير الفرنسي، أنه في الخليج، تقع أبوظبي جغرافيا في قلب التوترات المتنامية بين الولايات المتحدة والسعودية من ناحية، وإيران من ناحية أخرى، وبدعم قوي من طهران، يهدد الحوثيون الشيعة الحدود الإماراتية، ومن هنا مرة أخرى، باتت مصلحة الإمارات هي اختيار الدبلوماسية بدلا من الحرب، والمحاولة بكل الوسائل وقف تصاعد العنف.

وبحسب أصلاني، فإن السعوديين يلقون باللوم على إيران في هذه الهجمات، لكن هل ما زلنا نتذكر أن الحرب في اليمن هي أرض حرب شبه أيديولوجية بالوكالة ضد طهران، شنها ولي العهد الذي كان يأمل في سحق الحوثيين في غضون بضعة أشهر، وبالتالي تأكيد تفوق السعودية في مواجهة منافستها؟

وأجاب الكاتب على تساؤله بالقول: "في الحقيقة يجب التذكر بأن الحروب لديها الكثير من النتائج غير المؤكدة، ومسئولو الإمارات يفهمون هذا جيدا، وقرارهم مهم بشكل خاص لأنه يمكن أن يمهد الطريق للمفاوضات وإنهاء الحرب في اليمن".

وتابع: "لكن من يدري ما إذا كانت الإمارات لا تستطيع بعد ذلك لعب دور الوساطة وتخفيف التوترات في الخليج، وتواجه المملكة العربية السعودية المهزومة في اليمن، ومن سيفقد نفوذه إلى حد كبير؟"