سقطت صنعاء وعدن.. ما هي المدينة المرشحة لمقر حكومة هادي؟

آدم يحيى | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

21 سبتمبر/أيلول 2014 سقطت العاصمة اليمنية صنعاء في يد الحوثيين، وأعلنت الحكومة الشرعية مدينة عدن عاصمة مؤقتة، ونقلت البنك المركزي والوزارات والمؤسسات الحكومية إليها.

وفي 10 أغسطس/آب 2019 سقطت العاصمة المؤقتة عدن في يد قوات الحزام الأمني التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات.

قوات المجلس الانتقالي التي تدعو لانفصال الجنوب والحزام الأمني سيطرت على قصر معاشيق الرئاسي في عدن، وطردت الحكومة الشرعية من المدينة.

سيطرة القوات المدعومة إماراتيا على عدن جاءت بعد أيام من إعلان أبو ظبي انسحاب قواتها من اليمن، وهو ما اعتبره مراقبون محاولة من الإمارات لإخلاء مسؤوليتها عن "تحرك مرتقب ومخطط له ضد حكومة عبد ربه منصور هادي".

السؤال المطروح الآن ما هي الخيارات المتاحة أمام حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي بعد سقوط العاصمة الرئيسية صنعاء في 2014 ثم العاصمة المؤقتة عدن في 2019؟ وما المدينة المرشحة لكي تكون عاصمة ثالثة لليمن؟

خطة مبيتة

منذ دخولها إلى عدن بدعوى تحريرها من الحوثيين، والإمارات تعمل على تقويض دور الحكومة الشرعية والحيلولة دون تمكينها من ممارسة مهامها، وشكلت أجهزة أمنية وعسكرية موازية تعمل خارج منظومة الجيش الوطني، أسفرت في الأخير عن منع طائرة الرئيس عبد ربه منصور هادي من الهبوط في مطار عدن الدولي.

عملت أبوظبي خلال تلك الفترة على الحيلولة دون عقد أي اجتماع للحكومة الشرعية، ثم منعت انعقاد مجلس النواب، فاضطرت الحكومة لعقد البرلمان في أبريل/نيسان الماضي بمدينة سيئون التابعة لمحافظة حضرموت، شرقي اليمن.

ورغم أن الإمارات عارضت انعقاد مجلس النواب في سيئون، إلا أنها لم تكن قادرة عن منعه حيث لا تملك تشكيلات مسلحة هناك.

المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا يتحدث عن مبررات المنع بأنه شرعنة للقوات التي غزتهم في 1994، وهو ما أكده تصريح رئيس الدائرة الخارجية للمجلس الانتقالي عيدروس النقيب لصحيفة إندبندنت البريطانية قال فيه إن انعقاد البرلمان تعبير عن القوى السياسية التي شنت حربا على الجنوب عام 1994 (في إشارة للحرب بين الشمال والجنوب).

غير أن مصادر حكومية يمنية تقول إن أبو ظبي تعد أي نجاح لحكومة هادي وأي خطوة تخطوها في اتجاه استعادة الشرعية سوف يتم احتسابها لصالح الثورة الشعبية في 2011.

فالشرعية ثمرة من ثمار ثورة الشباب، وهو الأمر الذي تأباه الإمارات وترفضه، بالإضافة إلى ذلك فإن عودة الدولة وتماسكها سوف يحول دون تنفيذ الأجندة الإماراتية في الجنوب، وهو الأمر الذي لن تسمح به أبو ظبي، لذلك تعمل على إبقاء الحكومة الشرعية في أضعف حالاتها.

طائرات مسيّرة

أثناء انعقاد البرلمان اليمني في أول جلسة استثنائية له منذ الحرب، تم اعتراض عدة طائرات مسيرة من قبل منظومة الدفاع الجوي "باتريوت"، كانت تستهدف مقر البرلمان.

حسب مراقبين ومحللين سياسيين فإن الإمارات تقف خلف تلك الطائرات، ورأوها ترجمة لما توعّد به نائب رئيس المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات هاني بن بريك، من حدث مهم، بعد إعلان انعقاد البرلمان في سيؤون، بقوله في تغريدة على تويتر: "في هذه الأيام - بإذن الله - سنفرح بخبر سار لكل الجنوبيين، والخبر ما سترونه وتسمعونه، وليس سماعا فقط، اربطوا الأحزمة وكونوا جاهزين".

المحلل السياسي ياسين التميمي قال لـ"الاستقلال": "بذلت الإمارات من خلال أدواتها في عدن جهدا كبيرا لعرقلة جهود الحكومة الشرعية، ومنها انعقاد البرلمان، أما بالنسبة للطائرات المسيرة فيرجح أنها إماراتية المصدر، لعدة أسباب".

السبب الأول أن أبو ظبي هي المستفيد الأكبر من فشل انعقاد مجلس النواب، ثانيا: ميلشيا الحوثي نفت مسؤوليتها عن إرسال تلك الصواريخ، وعرف عن الحوثيين إعلان مسؤوليتهم عن الطائرات المسيرة، وحتى عن الطائرات التي لم يقوموا بإرسالها، وذلك للظهور بمظهر القوي والقادر على الحيلولة دون انعقاد الحكومة الشرعية.

ثالثا: محافظ حضرموت فرج البحسني  أكد علم الحكومة بمصدر تلك الطائرات، وقال إنه سيفصح عن المسؤول عن إرسالها في وقته، ما يوحي بوجود طرف آخر غير الحوثيين.

منتصف يوليو/تموز الماضي، أجرى رئيس مجلس النواب سلطان البركاني زيارة إلى أبو ظبي قابل فيها محمد بن زايد، وحاول إقناعه بضرورة عقد مجلس النواب في عدن، ومنحه تطمينات في حال تمكن البرلمان من عقد جلساته بشكل طبيعي، غير أن زيارته تلك باءت بالفشل.  

حينها توصلت الحكومة الشرعية إلى أنه من الصعب في الوقت الحالي ممارسة أي نشاط حكومي أو برلماني في مدينة عدن، فقررت استئناف عقد البرلمان مرة أخرى في مدينة سيئون.

وقالت وكالة الأناضول، إن الترتيبات جارية لعقد مجلس النواب في مدينة سيئون بمحافظة حضرموت، بعد إجازة عيد الأضحى، وأشارت أن المجلس سينعقد تحت حماية قوات يمنية وسعودية. 

عاصمة مؤقتة 

بين الضغوط التي واجهتها الحكومة الشرعية في ضرورة عودتها وممارسة مهامها من المناطق المحررة من الداخل اليمني، ورفض الإمارات عودتها إلى عدن، لجأت الحكومة الشرعية للبحث عن بدائل وخيارات مناسبة.

وتحدثت مصادر صحفية عن نوايا رئاسية لإعلان سيئون عاصمة مؤقتة، وعودة الحكومة الشرعية وممارسة مهامها من هناك، بما فيها عقد جلسات مجلس النواب، غير أن عودة الحكومة وممارسة العمل من هناك سيواجه تحديات أمنية كبيرة، وهو ما يتطلب استعدادات كبيرة.

رغم أن مدينة سيئون التابعة لمحافظة حضرموت (وسط) ليست جاهزة لتكون عاصمة مؤقتة، ولا تمتلك البنية التحتية ولا المقومات التي تجعلها مناسبة لذلك الاختيار، إلا أن الحكومة الشرعية، يبدو، لم يعد لديها خيار آخر.

فمدينة حضرموت عاصمة المحافظة خاضعة لسيطرة الإماراتيين، ولم تعد قادرة على تلبية حاجة أبنائها بعد تدهور البنية التحتية منذ أن سيطرت عليها النخبة الحضرمية التابعة للإمارات.

بالنسبة للحكومة الشرعية، يبدو أن مدينة سيئون، التي اختارتها في وقت سابق لعقد جلساتها، كانت أفضل ما هو متاح، فمطار سيئون مازال يقدم خدماته منذ اندلاع الحرب، وأصبح مطارا رئيسيا لتنظيم الرحلات والحركة الملاحية، رغم تواضعه، في حين تواصل القوات الإماراتية إغلاق مطار الريان الدولي في مدينة المكلا (جنوب).

كانت سيؤون أيضا خيار لجنة رياضية دولية، بعد أن ألغى الاتحاد الدولي للملاكمة العربية، اعتماد مدينة المكلا لاستضافة بطولة العالم للملاكمة العربية للمحترفين التي أقيمت في 28 ـ 29 يونيو/حزيران الماضي، حيث أقر الاتحاد الدولي للملاكمة العربية رسميا بنقل البطولة إلى مدينة سيئون.

رئيس الاتحاد الدولي للملاكمة الهادي السديري صرح لصحيفة مسند للأنباء إنه بعد زيارته لمدينة المكلا ومعاينته للعديد من المواقع، لاعتمادها رسميا لإقامة البطولة العالمية، رآها غير مناسبة، لعدم صلاحية البنية التحتية والمواقع الرياضية.

زعزعة الاستقرار

بعد الإعلان عن نوايا وتوجهات رئاسية لإعلان سيئون عاصمة مؤقتة، بدأت المدينة تشهد حالة من عدم الاستقرار وزعزعة الأمن، حيث شهدت عدة حوادث اغتيال وتفجير عبوات ناسفة، كان آخرها اغتيال جميل باتيس شقيق القيادي في حزب الإصلاح وعضو مجلس الشورى صلاح باتيس، وسط سيؤون نهاية يوليو/تموز الماضي.

وفي أبريل/نيسان الماضي قتل 4 جنود من كتيبة الحضارم الموالية للشرعية وأصيب آخرون جراء انفجار عبوة ناسفة وسط مدينة سيؤون وقيدت الحادثة مثل غيرها من الحوادث الأخرى ضد مجهول إلا أن مصادر حكومية قالت لموقع "بوست" إنها رصدت تحركات لعناصر تتبع الانتقالي الجنوبي تخطط لإحداث فوضى في مديريات وادي حضرموت. 

وكانت محاضر تحقيق مسربة كشفت تورط هاني بن بريك بنحو 23 حالة اغتيال لأئمة مساجد وعلماء وشخصيات اجتماعية رافضة للوجود والأجندة الإماراتية في عدن، إلا أن الاغتيال والعبوات الناسفة يبدو أنها في طريقها لتنتقل من عدن إلى سيئون عبر عناصر تابعة للمجلس الانتقالي.

المحلل السياسي ناصر المودع قال في تصريح صحفي: "في حال أعلنت سيئون عاصمة مؤقتة لليمن سيعمل الانفصاليون أعداء الحياة والاستقرار على منع ذلك، وسيدفعون بالغوغاء للتظاهر والاحتجاج".

المودع دعا أبناء سيئون وحضرموت عموما أن يتصدوا للانفصاليين قائلا: "وجود العاصمة في أي منطقة هي مكسب سياسي واقتصادي لأبناء المحافظة، وهو ما حرم الانفصاليون عدن من جنيه".