اللاجئون السوريون في تركيا.. ما هو المصير الذي ينتظرهم؟

آدم يحيى | 5 years ago

12

طباعة

مشاركة

"يجب على الاتحاد الأوروبي إعادة توطين السوريين من تركيا، وبنفس الوقت يجب أن يضمن دعمه المالي لتركيا، لحماية كل السوريين الطالبين للجوء في تركيا".

تصريح لمساعد مدير الطوارئ جيري سيمبسون في تقرير لمنظمة العفو الدولية، دعت فيه إلى إيقاف ترحيل اللاجئين السوريين في تركيا إلى بلدهم، التي ما تزال تشهد قصفا جويا في المحافظات الشمالية.

تزامن هذا التقرير مع إعلان السلطات التركية نيتها إعادة توطين نحو نصف مليون سوري في الشمال السوري، وذلك بعد تحديات وصعوبات واجهتها في استضافة اللاجئين الذين بلغ عددهم نحو 3.6 مليون سوري، وهو أعلى رقم للاجئين في العالم.

الاتحاد الأوروبي تنصّل من التزاماته ولم يف بتعهداته، من بينها 6 مليارات دولار لم يدفع منها سوى 4 فقط رغم إنفاق الحكومة التركية نحو 73 مليار دولار على اللاجئين السوريين، حسب تصريح سابق للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

سياسة جديدة

يبدو أن خسارة حزب العدالة والتنمية الحاكم في الانتخابات البلدية بالمحافظات الكبرى الثلاث، إسطنبول وأنقرة وإزمير، دفعته لإعادة النظر في سياسته تجاه قضية اللاجئين السوريين.

الحزب الحاكم أعلن عن سياسة جديدة سوف يتخذها تجاه اللاجئين، بعد أن استطاع إعلام المعارضة استثمار هذا الملف، وحشد معارضين أكثر للحزب الحاكم، أسفر عن خسارته للانتخابات البلدية، في عدة ولايات تركية من بينها إسطنبول.

كانت السلطات التركية أعلنت عن تطبيق سياسات جديدة تجاه المواطنين السوريين، فيما بدا إنها إعادة نظر في "سياسة الباب المفتوح" التي انتهجتها تجاههم من ناحية، ومن ناحية أخرى لامتصاص غضب الشارع التركي وطمأنته.

في اجتماع لهيئة القرار والتنفيذ المركزي بحزب العدالة والتنمية لتقييم نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة، قال أردوغان: "الآن ستكون لدينا خطوات جديدة في هذا الصدد سوف نتخذ الخطوات اللازمة لتشجيعهم على العودة، سنرحّل من ارتكب منهم جرائم، وسنأخذ الضرائب على العلاج الطبي الذي يتلقونه".

وتحدث وزير الداخلية التركي  سليمان صويلو، وكذلك والي إسطنبول يرلي كايا، في اجتماع عقد منتصف يوليو/تموز الماضي مع الإعلاميين السوريين والعرب، عن تحديات كبيرة تواجهها تركيا في قضية اللاجئين السوريين.

الوزير أوضح أن السياسة الجديدة تتضمن إجراءين رئيسيين، هما إعادة توزيع السوريين المقيمين بحسب مناطقهم وأماكن إقامتهم في الولايات التركية، وترحيل المهاجرين غير النظاميين الذين لا يملكون أوراقا رسمية، إلى خارج تركيا، بالإضافة إلى توفير التسهيل لمن يريد العودة "الطوعية" إلى المناطق الآمنة في سوريا، على أن يتم ذلك في غضون 6 أشهر.

إنذار مبكر

بالنسبة للحزب الحاكم، فإن خسارته للانتخابات البلدية كان إنذارا مبكرا يجب أن يتعامل معه بجدية ويبحث عن الأسباب التي وقفت خلف خسارته خوفا من أن تكون مقدمة لخسارة الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2023.

بالطبع لا يمثل ملف اللاجئين السوريين السبب الرئيس أو الوحيد في خسارة العدالة والتنمية، غير أنه كان أحد الأسباب الرئيسية التي استطاعت أحزاب المعارضة توظيفها، وخلق رأي عام مضاد أسهم في انخفاض شعبية حزب العدالة.

في استطلاع أجرته جامعة "قادر هاس " التركية أشار إليه مركز المرصد الإستراتيجي للدراسات، فإن نسبة الأتراك غير الراضين عن وجود السوريين ارتفعت من 54.5 % عام 2017 إلى 67.6 % عام 2019.

يعود ذلك، حسب التقرير، إلى توظيف المعارضة لملف اللاجئين والتركيز على أخطاء وتجاوزات بعض السوريين، وإحياء مشاعر "المظالم التنافسية"، لدى الأتراك تجاه السوريين الذين استحوذوا على سوق العمل وخاصة في المجال الزراعي ومجال التصنيع.

حماية مؤقتة

يعيش كثير من السوريين بإقامات عمل وإقامات سياحية، ويسمح لهم بالتنقل في جميع المحافظات التركية، وهؤلاء لم يشملهم القرار، بل شمل فئتين.

الفئة الأولى تحمل إذن إقامة "حماية مؤقتة"، من مدينة غير إسطنبول لكنها تقطن في إسطنبول، فهؤلاء يشملهم قرار إعادة التنظيم لإعادتهم إلى المحافظات التركية التي حصلوا منها على أذونات الإقامة "الكيملك"، عند بداية لجوئهم في أجل أقصاه 20 أغسطس/آب 2019.

والفئة الثانية هم المهاجرون غير النظاميين، ولا يحملون أوراقا رسمية ولا بطاقة "الحماية المؤقتة"، ويواجه أصحابها تعقيدات أكبر واحتمالا بالترحيل الى سوريا لأنهم لا يحملون إذنا بالإقامة أصلا.

لكن وزير الداخلية التركي سليمان صويلو قال في أحدث تصريح له "لن نرحّل اللاجئين السوريين غير المسجلين خارج تركيا، لكن سيتم وضعهم في مخيمات للاجئين داخل الأراضي التركية".

إعادة التوطين

نهاية يونيو/حزيران الماضي، أعلن الرئيس أردوغان أن ملايين اللاجئين السوريين سيعودون عند حل مشاكل منطقة منبج وشرق الفرات، وتحويل حزام الشمال إلى منطقة آمنة.

وقال أردوغان، في كلمة له أمام الكتلة النيابية لحزب العدالة والتنمية: "نريد أن نحوّل الحزام الإرهابي شمال سورية إلى حزام أمني، من أجل توطين اللاجئين السوريين الموجودين في تركيا".

وأضاف أردوغان: "عاد حتى اليوم 330 ألف لاجئ سوري إلى بلدهم، وسيرتفع هذا الرقم إلى ملايين، مع حل المشاكل في منبج وشرق الفرات". 

وبحسب المرصد الإستراتيجي، فإن ملف إعادة اللاجئين السوريين يندرج ضمن الخطة الأمنية التركية في الشمال السوري، حيث ترغب أنقرة في توطين نحو نصف مليون سوري في شمال سوريا، بهدف تفتيت الديمغرافية الكردية، ومحاصرتها بكتل سكانية عربية، وفصلها بالتالي عن مناطق الامتداد الكردي جنوب تركيا.

ووضعت الخطة تصوراً شاملاً لإعادة توطين مئات الآلاف من اللاجئين في "المنطقة الآمنة" التي رسمتها أنقرة بهدف حيازة "شرعية شعبية في العمق السوري"، ودفع اللاجئين للمطالبة بالحماية التركية، بالتزامن مع عمل عسكري مزمع ضد "وحدات حماية الشعب" الكردية شرقي الفرات.

تأتي تلك الخطة بالتزامن مع إعلان السلطات التركية عن خطط تهدف إلى تنشيط الحركة التجارية والعمرانية والخدمية لتأمين إقامة طويلة الأمد للنازحين والعائدين إلى تلك المناطق.

موقف الأسد 

لا يتعاطى بشار الأسد ومؤيدوه بشكل إيجابي مع ملف اللاجئين وإعادة توطينهم، بل باتت هناك قناعات راسخة لدى الكثيرين بأن بشار الأسد هو المشكلة في حسم هذا الملف والسبب وراء عرقلته ورفض المقترحات التي يتم طرحها دوما.

من بين هذه المقترحات الروسية إصدار قانون عفو عام، وتجميد قانون التجنيد الإجباري، حتى يتمكن اللاجئون والفارون من العودة الآمنة إلى مناطقهم في سوريا.

حسب مراقبين، فإن رفض نظام الأسد لعودة اللاجئين وافتعاله دائما العراقيل وفرض الشروط العسكرية والأمنية عليهم بالإضافة إلى تعمد حرمانهم من حقوق التمليك، يعود لأسباب ديموغرافية وإستراتيجية.

الأسد يعمل على إنجاز مخطط يهدف إلى تغيير الديموغرافيا السورية، من خلال ضرب التفوق العددي للمسلمين السنة في سوريا، لصالح المكونات الطائفية الموالية لإيران ونظام بشار.

من الناحية الإستراتيجية، فإن نظام الأسد غير قادر على توفير حاجيات أكثر من 6 ملايين سوري، لجأوا إلى خارج سوريا، حيث يقف النظام عاجزا عن توفير الحد الأدنى من احتياجاتهم، ما قد يشكل معاناة جديدة تعيد إحياء الثورة.

علاوة على ذلك، فإن نظام الأسد يرغب باستمرار بقاء الأعباء ملقاة على كاهل الدول المضيفة، والتي يعدها من أكبر خصومه خصوصا تركيا.