مصارعة الأكباش والرقص عند الذبح.. أغرب عادات العرب في العيد

فريق التحرير | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

يحتفل المسلمون في كل البقاع بعيد الأضحى المبارك، لكن قد يكون المشترك الوحيد هو ذبح الأضحية، فيما تختلف عادات أخرى تصاحب هذه السُنة من بلد إلى آخر. 

يسمي أهل العالم العربي عيد الأضحى بـ"العيد الكبير"، لما له من أهمية دينية واجتماعية. ويُجمع المحتفلون به على اختلاف عاداتهم وطقوسهم، على إدخال الفرح إلى بيوتهم والاجتماع مع الأهل والتصدق على الفقراء والمحتاجين. 

لا تخلو طقوس الاحتفال بالعيد من الغرابة لدى بعض الشعوب العربية، إذ يستقبل أهل اليمن العيد بإشعال النار على قمم الجبال ويرقصون خلال الذبح، فيما ينتظر أهل المغرب أن يذبح ملكهم أضحيته، ويرتبط العيد في السودان بـ"زفة العيد"، حيث يخرج الشباب إلى الشوارع للإعلان عن قدوم العيد.

أما في تونس فيعلن عن قدوم العيد عندما تنتشر في الشوارع حلبات للمصارعة خاصة بالأكباش، أما يوم العيد فيصطحب سكان الحي الإمام بالتكبير من منزله إلى غاية المسجد. 

الذبح بعد الإمام

بعد العودة من صلاة العيد والاجتماع على وجبة الفطور، يترقب المغاربة عبر التلفزيون فقرة "النشاط الملكي"، يظهر عبر الشاشة الموكب الملكي خارجا من القصر متوجها إلى المسجد لأداء صلاة العيد. 

يحيّ الملك في طريقه إلى المسجد المغاربة الذين لم تثنهم مناسبة كهذه عن التجمهر أمام القصر على جانبي الطريق الذي يمر منه الموكب. تنقل القنوات المغربية الرسمية الصلاة، وبعدما يتلقى الملك التحايا من ولي عهده وأفراد العائلة الملكية، يذبح أضحيته حسب تقاليد أسرته العلوية.

بلباسه التقليدي الأبيض يمد الملك يده من خلف ملاءة بيضاء -تقيه من قطرات الدم- ويذبح أضحيته التي يتم لفها وأخذها إلى القصر. ثم يذبح إمام المسجد أضحيته بعد الملك مع تكرار المشهد نفسه. 

السياسة حاضرة حتى في طقوس عيد الأضحى بالمغرب، بما أن للسلطة فيه وجهان واحد ديني والثاني حداثي. إذ لا يذبح المغاربة أضاحيهم سوى بعد أن يذبح الملك.  

ينص المذهب المالكي الذي يتبعه المغرب على أنه "لا يصح الذبح إلا بعد ذبح الإمام"، إذ يطلق على الملك في المغرب لقب "أمير المؤمنين" -وهي الصيغة الدينية للحكم في المملكة- وبالتالي يعتبر هو الإمام الأول لها. والمقصود بإمارة المؤمنين في المغرب، بحسب تصريح صحفي للباحث المغربي المتخصص في الجماعات الإسلامية، إدريس الكنبوري، "مجموعة من المؤسسات التي تشرف على تدبير الشأن الديني في البلاد وتخضع جميعها لإمارة المؤمنين".

والشأن الديني في المغرب هو من شأن إمارة المؤمنين، أي من شأن الملك الديني وليس الملك المدني، والملك كممثل أسمى للأمة أو كما تقول وزارة الأوقاف بصفته من يمثل الإمامة العظمى، يفوض تدبير الشأن الديني لمجموعة من المؤسسات ولكن تبقى تابعة له وتسترشد به.

بقرار ملكي

ضرب المغربَ سنة 1981 جفافٌ كان من تبعاته نفوق في رؤوس الأغنام، لذلك قرر الملك السابق الحسن الثاني منع العيد، وهو الأمر الذي لم يرق عددا كبيرا من المغاربة الذين كانوا ينتظرون العيد لأكل ما حرموا منه طيلة العام.

وتواصلت موجات الجفاف خلال الأعوام اللاحقة بدرجات متفاوتة، إلى أن زادت حدتها في عام 1995 ليتم الإعلان حينها عن مرور المغرب بـ"سنة كارثية" فلاحيا.

وفي عام 1996، تلا وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية حينها، عبدالكبير العلوي المدغري، أمرا ملكيا يقضي إلغاء الاحتفال بعيد الأضحى.

واعتبر القرار أن تضحية المغاربة بأكباش جديدة غير تلك التي أخذها الجفاف من شأنه إلحاق ضرر بالمغاربة والرفع من أسعار الأكباش على المدى المتوسط.

مصارعة "العلوش"

تتغيّر ملامح المدن التونسية من شمال البلاد إلى جنوبه، مع دخول شهر ذي الحجة، ويحدث ما يصفه التونسيون بـ"غزو الريف للمدينة". إذ تنتشر في كل أنحاء تونس أسواق المواشي، ويسميها التونسيون "علوش". كما يكثر الباعة المتجولون الذين يجوبون الأحياء وهم يقتادون خرفانهم.

تكثر مباريات مصارعة الأكباش ويزيد إقبال المتفرجين عليها خلال موسم عيد الأضحى. تنتشر هذه اللعبة خاصة في العاصمة، رغم وجودها أيضاً في المدن الأخرى، وتعتمد على المساحات الكبرى والملاعب ذات الأرضية الترابية، مثل الملعب البلدي في "حي التضامن"، أحد أكبر الأحياء غرب العاصمة تونس، وهو أشهر فضاء يجتمع فيه المتسابقون. كما توجد فضاءات أخرى كالساحات والبطاح في الأحياء الشعبية. فهذه اللعبة ترتبط دائما بالطبقات الوسطى والفقيرة، ولا تجد لها صدى في الأحياء والضواحي الغنية. 

وتحظى حلبات الصراع بحضور جماهيري كبير وحماس يجعل الرهانات تزيد، ويتم خلال المصارعة التقاط صور تذكارية مع الأكباش. وفي الكثير من المباريات تنتهي المصارعة بإصابة أحدها بجروح خطيرة أو نزيف يؤدي إلى الموت، أو يتم ذبحه بعد نزيف حاد أو كسر في الرأس

يعلن عن الفائز من طرف حكم يعين قبل بدء اللعبة، وغالبا ما تكون النهاية إما بهروب أحد الأكباش من الحلبة أو بطلب من صاحبه. 

خرجة العيد

صباح يوم العيد، يشارك التونسيون من مختلف الأعمار، خاصة من سكان الأحياء العتيقة بمدينة تونس العاصمة في "خرجة العيد" باتجاه المساجد، المنتشرة بكثرة هناك، لجمع أكبر عدد ممكن من المصلين.

وتشبه خرجة العيد إلى حد كبير مسيرة يتجمع فيها المصلون، هاتفين "الله أكبر الله أكبر، وسبحان الله والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله".

يتقدّم "الخرجة" إمام المسجد، الذي يتجه المصلون إلى بيته وينتظرون خروجه معهم برفقة المؤذن وكبار الحي، الذين يتزينون باللباس التقليدي التونسي، الذي يسمى "الجبة" والعمامة التي تحيط بالشاشية (الطربوش)، يسير المصلّون ببطء ممسكين ببعضهم البعض في تلاحم وانسجام، يرتدي جميعهم أفضل ملابسهم. 

هذه العادة، التي تناقلتها كتب التاريخ في تونس وحفظتها ذاكرة الأجداد لعقود، كانت من بين أهم الطقوس التي منعها نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي خلال سنوات حكمه الـ23، في إطار سياسة تجفيف منابع التدين ومحاربة المظاهر الإسلامية.

وبعد الثّورة سنة 2011، عرفت هذه الظاهرة انتشارًا في العديد من المدن التونسية، ليتراجع بريقها بعد منع الصلاة في المساحات المفتوحة "المصليات" خارج المساجد لدواعي أمنية، بعد وصول "حركة نداء تونس" إلى الحكم عام 2014، إلا أنها ما زالت أبرز ما يُميّز العيد في المدينة العتيقة في العاصمة تونس. 

"عيد اللحمة" 

للعيد طقوس خاصة عند المصريين، إذ يبدأ الاحتفال "يوم الوقفة" (وقوف الحجاج على جبل عرفة)، عبر الإقبال الكبير على شراء الملابس الجديدة التي تعد جزءاً أساسياً من استقبال العيد. وتشهد الشوارع المصرية ازدحاماً شديداً في ظل وجود أغلب الأسر خارج المنازل لشراء الملابس الجديدة، خاصة للأطفال.

ليلة العيد أو "الوقفة" كما يسميها المصريون، لها عادات مختلفة، إذ يعتني الشباب بمظهرهم فرحا بالعيد، بينما يستعد البعض الآخر في المنزل لاستقباله، إذ تنهمك ربات البيوت في تنظيف المنازل الذي يبدأ قبل العيد بيوم أو اثنين.

ويطق المصريون على عيد الأضحى اسم "العيد الكبير" وكذلك "عيد اللحمة"، وتعود التسمية إلى كون جميع البيوت تتناول اللحم في معظم أيام العيد، وخصوصا في اليومين الأول والثاني، ولا تعيق الحالة المادية للأسرة ذلك، فحتى الأسر الفقيرة تجمع ما استطاعت من المال عبر شهور لتصرفه في هذه المناسبة.

كما يتم توزيع "اللحوم" كصدقات وهدايا، من قبل المقتدرين الذين قاموا بالسُنة، ويحرص الجميع كبارا وصغارا على آداء صلاة العيد، ثم يتبادلون المباركات مع الأهل والأصدقاء والجيران، ثم يبدأون بالعودة إلى بيوتهم لذبح الأضحية.

تقضي الأسر المصرية عيد الأضحى مجتمعة في بيت العائلة، ويتناولون وجبة الإفطار بشكل جماعي، والذي يكون غالبا من "الذبيحة" وتحديدا "الكبد"، ثم تأتي وجبة الغداء التي تكون خيارات متعددة بين كثير من الأطباق، مثل الفتة (خبز وأرز ولحم)، وتشترك جميعها بوجود اللحمة مثل "الكفتة – المشويات - اللحم المحمر" وغيرها مما تتفنن الأم المصرية بإعداده.

ويرى المصريون أن عيد الأضحى وقت مناسب لإتمام أفراحهم، ومناسباتهم السعيدة، فتقام الكثير من احتفالات الخطبة والزواج خلال أيام العيد.

"زفة العيد"

يستقبل السودانيون عيد الأضحى المبارك أو "عيد الضحية" كما يسمونه باللهجة المحلية، بطقوس فريدة ومميزة، إذ يجتمع الأهل والأقارب والجيران، وتسهر الأسر السودانية حتى الصباح في عمل دؤوب ومستمر لجعل المنزل في أبهى مظاهره.

وبعد انتهاء العمل واكتمال الترتيب والتنظيم تقوم ربات البيوت بإطلاق البخور في أركان المنزل مستخدمة نوعا خاصا من البخور يدعى (التيمان)، وهو عبارة عن خليط من اللبان والعود وبعض الأعشاب الأخرى، في تقليد تراثي بديع توارثته الأجيال، وتمثل تلك العادة جزءا من الثقافة السودانية القديمة.

تبدأ التحضيرات بغسل الأواني التي يحتاجون إليها لإعداد اللحم (الشواية، الصاج، الكانون، والصواني والصحون)، وتمتد إلى غاية إضفاء لمسات جمالية على البيت من حيث تجديد الطلاء والستائر.

تعتبر "زفة العيد" مما يمتاز به أهل السودان في احتفالاتهم بالعيد، ففي يوم وقفة عرفة تخرج هذه الزفة إلى الميادين الكبرى والشوارع الرئيسة بالمدن وفي مقدمتها كبار مسؤولي هذه المناطق تصحبهم الموسيقى الشعبية الأصيلة وعشرات، بل مئات الأطفال من أبناء الحي لتطوف هذه الزفة جنبات المنطقة (لتزف) إلى أهلها خبر قدوم العيد.

ويشارك في هذه المسيرات الاحتفالية عدد من أبناء القبائل المختلفة في السودان بتقديم فنونها التراثية المميزة ابتهاجًا بحلول العيد. ثم يذهبون جماعات إلى صلاة العيد، ومع عودتهم، يجهزون لذبح الأضاحي، في جو من السعادة والبهجة والسرور، وتوزيعها على الجيران والفقراء والمحتاجين. 

أكلات سودانية

ومن عادة السودانيين صبيحة عيد الأضحى المبارك أن يتناولوا (العصيدة) عقب عودتهم من الصلاة، وذلك لتأخر الإفطار، حيث ينهمك الجميع في مراسم الذبح، وتتكون العصيدة من خليط من الدقيق مع الماء يضاف إليه البامية المجففة والمطحونة المضاف إليها اللحم المفروم، ويطلق على هذا الخليط السوداني الخالص قبل إضافته إلى الدقيق والماء اسم (الويكة). 

و"المرارة" أكلة سودانية خالصة يتناولها السودانيون في صباح أول أيام العيد في الإفطار عقب الذبح مباشرة، إذ تُؤخذ أحشاء الماعز أو الخراف من الكبد والرئة والطحال والكلى وتتبل جيدًا بعد أن تنظف تنظيفًا شديدًا ثم تأكل نيئة دون طهي، ولكنها إذا طهيت فإنها تسمى (كمونية).

وهناك بعض المأكولات الشعبية تتمتع بخصوصية عند أهل السودان مثل (رأس الخروف) ويعرف شعبيا (بالباسم) ويوضع في (اللداية) وهي المكان الذي توقد فيه النار، ويترك فيها لمدة يومين ليتم نضجه بطريقة جيدة، وبعد ذلك يتم إخراجه من النار ويقطع وتنثر فيه البهارات ويقطع فيه البصل ويبدأ عشاقه في تناوله، خلال ثالث أيام العيد.

استقبال العيد بالنيران

يشترك اليمنيون مع معظم الدول العربية في جملة من عادات عيد الأضحى، كذبح الأضاحي وزيارة الأقارب وارتداء الملابس الجديدة ومعظم طقوس العيد، غير أن لليمنيين عادات ربما تفردوا بها عن بقية البلدان، ففي المناطق الشمالية، وخاصة في الأرياف والمدن الريفية، يستقبل اليمنيون العيد بإطلاق الأعيرة النارية في الهواء، وفي مناطق أخرى يستقبلونه بإيقاد النار ليلة العيد على رؤوس الجبال، فترى ألسنة اللهب  تتوزع على رؤوس الجبال وتزين القمم الجبلية التي عادة ما تحيط بالقرى وتحتضنها.

توقد النار على رؤوس الجبال، وخاصة في المناطق الريفية والجبلية، وسط اليمن، لغرضين، أحدهما للابتهاج بقدوم العيد، والثاني لإعلان حلول العيد، في حال كان إعلان العيد يتوقف على إعلان رسمي بثبوت رؤية الهلال، كما هو الحال في عيد الفطر، وعادة ما يقوم اليمنيون، قبل عيد الأضحى بعدة أيام، بتجهيز المواد التي سيشعلونها ليلة العيد، سوءا كانت حطبا أو أي مواد أخرى قابلة للاشتعال لفترة طويلة.

اعتاد بعض اليمنيين أيضا، على صيام يوم عرفة، ومع أن الصيام شعيرة دينية في الأساس، إلا أن صيام يوم عرفة أخذ عند كثير من اليمنيين طابعا اجتماعيا، وغدا صيامه أقرب إلى الفريضة منه إلى النافلة، وخاصة عند الأسر الريفية، الذي لا تزال مجتمعاتها متماسكة وتحتفظ بعاداتها الاجتماعية إلى حد ما.

الذبح رقصا

يخصص عدد من اليمنيين ذبيحتين، أحدهما ليوم عرفة، والثانية لأضحية العيد، ويبالغ اليمنيون في تعظيم شعائر عيد الأضحى، لارتباطه بمناسك الحج وما فيها من شعائر، حتى أنهم يسمونه "العيد الكبير"، مقارنة بعيد الفطر الذي يصفونه بالعيد الصغير.

ويحتل الحديث عن الحجاج وأوضاعهم في المناسك، الصدارة في مقايل اليمنيين أيام العيد، وتكون مناسبة لإعادة سرد البعض لقصصه وحكاياته إبان أدائه لفريضة الحج.

في صباح يوم العيد يذبح اليمنيون الأضاحي بعد عودتهم من صلاة العيد، ولا يفطرون إلا منها، وقد اعتاد اليمنيون على تجفيف لحوم الأضاحي، وخاصة في الأرياف والقرى التي تفتقر للكهرباء، فيقومون بتقطيع اللحم ورش الملح عليه ثم نشره في حبال يتعرض فيها للشمس، بحيث يحافظ فيها على خواصه، ولا يصيبه العفن، ويبقى صالحا للطبخ والأكل.

يتشارك بعض اليمنيين، خاصة من ذوي الدخل المحدود، في أضحية واحدة، وعندما تكون من الحجم الكبير، فإن الشركاء عادة ما يجتمعون لذبحها وتقسيمها، وأثناء الذبح والتقسيم، الذي يستمر لعدة ساعات، يمضي البعض الوقت في ممارسة بعض الرقصات الشعبية الجماعية كـ(البَرَع) وهي رقصة شعبية، يستل فيها الراقصون جنابيهم (الخناجر) ويؤدون حركات راقصة، عادة ما تكون استعراضية عسكرية، أو يضع الراقصون بنادقهم على أكتافهم، ويؤدون رقصات بشكل موحد ومنسجم مع الإيقاع الذي يصدر من آلة تسمى (الطاسة) وأخرى تسمى (الطبلة).