بصورة لافتة تتنامى الحركات اليمينية المتطرفة في دول الاتحاد الأوروبي ويزداد تأثيرها في السياسات المحلية والقارية، لا سيما مع اقتراب الانتخابات الأوروبية المقرر إجراؤها في يونيو/ حزيران 2024.
وقالت صحيفة "بوبليكو" الإسبانية إن الأوضاع أصبحت على ما يبدو مواتية للغاية بالنسبة لليمين المتطرف الأوروبي، للسيطرة على انتخابات الاتحاد الأوروبي، حيث جرت رياح التقلبات الجيوسياسية بما تشتهيه سفن هذه القوى.
بالإضافة إلى ذلك، شهدت الفترة الأخيرة بروز الحركات اليمينية المتطرفة مما ينذر بحقبة جديدة من التطرف في جميع أنحاء القارة، ومن شأن هذه العوامل التأثير على التوازن السياسي للاتحاد في الانتخابات.
تحديدا، في فرنسا، سجلت مارين لوبان رقما قياسيا جديدا، في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية لسنة 2022، عندما حصلت على 41.5 بالمئة من الأصوات.
وفي المجر، حصل حزب فيدس على 54 بالمئة من الأصوات في الانتخابات التشريعية، ما يؤكد وصول فيكتور أوربان إلى السلطة لولاية رابعة على التوالي.
وفي إيطاليا، احتفلت جورجيا ميلوني، زعيمة حزب إخوة إيطاليا اليميني، بعامها الأول على رأس الحكومة.
وفي السويد، احتل حزب ديمقراطيو السويد بزعامة جيمي أكيسون المركز الثاني في الانتخابات العامة لسنة 2022، بنسبة 20.5 بالمئة من الأصوات.
أما في بقية الدول الأوروبية، فتعمل التشكيلات اليمينية المتطرفة أيضا على التمركز في قلب اللعبة السياسية في البرتغال وإسبانيا وفنلندا؛ كما تهيمن على نوايا التصويت في النمسا وبلجيكا.
وأضافت الصحيفة أن أوروبا الشرقية تشهد أيضا تنامي صيت اليمين المتطرف؛ خاصة في إستونيا وكرواتيا ورومانيا وبلغاريا.
وفي بولندا، حصل المحافظون المتطرفون من حزب القانون والعدالة على أغلبية الأصوات في الانتخابات التشريعية التي جرت في 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بنسبة تأييد بلغت 35.38 بالمئة.
رغم أنهم لم يحصلوا على أغلبية مطلقة، ما يفتح الأبواب أمام المعارضة لتشكيل الحكومة. وبالمثل، حصلت الكونفدرالية، وهي مجموعة متطرفة غير متجانسة، على 7.16 بالمئة من الأصوات.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحرب في أوكرانيا ولّدت بيئة مواتية للخطاب القومي والحمائي الذي تتبناه هذه الأحزاب، وسط انتقادات لاذعة ضد النخب والمطالبة المتزايدة بالسلطة والقيادة القوية.
نتيجة لذلك، أصبح اليمين المتطرف بعيدا كل البعد عن أن يصبح ضعيفا في القارة العجوز.
وأضافت أن اليمين المتطرف شهد صعودا بالتزامن مع الأزمة الاقتصادية في القارة، التي لا تؤثر على ناخبيه الشعبيين فحسب.
بل أيضا على الطبقات الوسطى. وانتقدت العديد من هذه الأحزاب العقوبات المفروضة على روسيا ووصفتها بأنها "غير عادلة" لمواطني بلدانها، ودعت إلى مزيد من الحماية الاجتماعية.
في الأثناء، استغلّ اليمين المتطرف التشاؤم والقلق الاجتماعي إزاء التدابير المعتمدة خلال جائحة كوفيد-19؛ التي أبرز معارضته لها.
وتحديدا، جاءت هذه المعارضة من أحزاب مثل حزب الحرية النمساوي، والاتحاد الكونفدرالي في بولندا، أو حزب البديل من أجل ألمانيا، على الجانب الآخر من نهر الراين؛ حيث وقفوا بشدة في وجه هذه التدابير الصحية وعرفوا كيف يستغلون غضب الناس سرا.
وأوضحت الصحيفة أن صعود اليمين المتطرف يعكس أيضا استمرار انعدام الأمان تجاه المسائل المرتبطة بالهجرة.
في الحقيقة، لا تزال قضايا الهجرة تؤثر بشكل عميق على الناخبين الأوروبيين. ويمثل تجدد هذه النقاشات حاليا في فرنسا وألمانيا وإيطاليا والنمسا والمملكة المتحدة خير دليل على ذلك.
في حين تبرز لامبيدوزا مرة أخرى بمثابة رمز لفشل الاتحاد الأوروبي في إدارة تدفقات الهجرة.
ومن المرجح أن تكون مسألة تنامي الحركات اليمينية المتطرفة قضية رئيسة في الانتخابات الأوروبية في حزيران/ يونيو 2024.
واستنادا إلى استطلاعات نوايا التصويت الوطنية المتاحة، يمكن أن تفوز هذه التشكيلات بما يصل إلى أكثر من 180 مقعدا في برلمان ستراسبورغ، مقارنة بحوالي 130 مقعدا حاليا.
وتتوقع الصحيفة أن يكون حزب إخوة إيطاليا، وحزب التجمع الوطني بزعامة جوردان بارديلا في فرنسا، وحزب البديل من أجل ألمانيا، وحزب فوكس في إسبانيا؛ المجموعة الفائزة بأكبر حصة من الأصوات.
ومن المرجح أيضا أن يظفر حزب التجمع الوطني بحوالي 25 مقعدا وحزب إخوة إيطاليا بحوالي 27 مقعدا.
ومن المحتمل أن ينتهي الأمر باثنين من الأحزاب التي لها وزن خلال السنوات الأخيرة، على غرار حزب القانون والعدالة البولندي.
وفي المقام الأول حزب الرابطة بقيادة ماتيو سالفيني، بتحقيق نتائج ضعيفة خلال هذه الانتخابات.
وفي المجر، من الممكن أن يعود فيكتور أوربان بشكل أو بآخر إلى مستواه في سنة 2019، لكنه لا يزال لا يحظى بمكانة جيدة بين اليمين المتطرف في البرلمان الأوروبي.
وستدخل جهات فاعلة جديدة أيضا؛ أبرزها التحالف من أجل اتحاد الرومانيين، وتشيغا في البرتغال، وحزب نحن عائلة في سلوفاكيا، والديمقراطيين الدنماركيين.
وذكرت الصحيفة أن نتائج الانتخابات الأوروبية القادمة ستعتمد، مثلما شهدنا في إيطاليا أو فرنسا، على التوازنات السياسية والقضايا الوطنية.
ومع ذلك، فهي تعكس عددا من الاتجاهات الرئيسة على المستوى الأوروبي. وفي المقام الأول، يجب تسليط الضوء على التوازن الإستراتيجي الذي تمكن العديد من الأحزاب اليمينية المتطرفة من إيجاده بين التطبيع والتطرف.
ومن ناحية أخرى، فقد حافظوا على جوهرهم القومي والشعبوي والاستبدادي، لمواصلة الابتعاد عن الأحزاب التقليدية وتغذية أحزابهم بالاستياء والغضب. في الأثناء، شهدت أوروبا تسلل أفكار وموضوعات اليمين المتطرف إلى أحزاب اليمين الكلاسيكية.
وعلى الرغم من أن الأمور ستتغير بشكل طبيعي من الآن وحتى يونيو/ حزيران 2024، مثلما أظهرت انتكاسة حزب فوكس في الانتخابات الإسبانية الأخيرة، فإن النجاحات المستقبلية تشير إلى تحول في مركز ثقل السياسة الأوروبية وزيادة قوة اليمين المتطرف.
وتشمل العواقب أيضا خطر تشديد سياسات الهجرة في الاتحاد الأوروبي والتراجع المحافظ بشأن القضايا الكبرى المتعلقة بالمناخ وانتقال الطاقة، كتهديد آخر للصفقة الخضراء الأوروبية التي أضعفتها الأزمة الاقتصادية.
1 |
La Unión Europea se enfrenta a un resurgimiento de la extrema derecha |
---|