عرقلة الجمهوريين بأمريكا لقانون التسلح الفردي.. من المستفيد؟

12

طباعة

مشاركة

يعاني المجتمع الأمريكي من عنصرية بيضاء تزيد مع الوقت، وتنتشر في الغرب بشكل فاضح، سيما مع بعض السياسيين الذين يشجعون انتشارها بين المجتمعات؛ ومنهم الرئيس دونالد ترامب، الذي يميل أيضًا لأن تكون بلاده من أكثر دول العالم التي تنتشر فيها الأسلحة بين الأفراد، ويعد ناخبيه بالمزيد من القوانين التي تحميهم للقيام بذلك. 

وأفاد الكاتب التركي عبدالله مراد أوغلو، في مقال له على صحيفة "يني شفق" التركية، تعليقا على مقتل 29 شخصًا بهجمات حدثت نهاية الأسبوع الماضي في 3 ولايات أمريكية، أن هناك أدلة جدية على أن الهجمات كانت بدافع "العنصرية البيضاء".

قبل أن يستدرك، لكن الرئيس الأمريكي ادعى، كالعادة في مثل هذه الظروف، أن المهاجمين كانوا مصابين بأمراض عقلية. ومن الواضح أن ترامب يرفض الاعتراف أن العنصرية البيضاء تشكل تهديدًا.

خطر على المهاجرين

وقال الصحفي المتخصص في العلوم السياسية، إن الديمقراطيين يتهمون ترامب بالتحريض على العنف العنصري، بعد أن دعا ترامب مؤخرًا 4 نواب ديمقراطيين من ذوي الخلفيات المهاجرة للعودة إلى بلادهم في تجمع حاشد لمناصريه، وقد ردد الحشد تصريحات ترامب ورحبوا بها مطالبين بدروهم بإعادة النواب.

غير أن ترامب ندد، في خطاب موجه إلى الشعب الأميركي، بالعنصرية وأيديولوجية تفوق العرق الأبيض، وذلك ردا على الانتقادات التي وجهت له بعد تصريحاته المعادية للهجرة، التي قد تكون ساعدت في تزكية العنف. وقد كانت آخر فصوله، بحسب المقال، مجزرتان أدتا إلى مقتل 31 شخصا.

ويعد المهاجرون هدفًا لظهور اليمين العنصري في أوروبا؛ ويجادل العنصريون البيض بأن النسيج "الأبيض المسيحي" للولايات المتحدة وأوروبا تشتت بسبب المهاجرين، وكما قال ترامب إن "استقبال أوروبا للمهاجرين يلحق الضرر بنسيج أوروبا".

وذكّر الكاتب، بما حدث في مارس/آذار 2019، عندما استشهد 51 مسلم في نيوزيلندا بعد أن هاجم إرهابي عنصري أبيض مسجدين منفصلين. وتكرر الأمر ذاته، في عطلة نهاية الأسبوع، حين هاجم مجرم مركز تسوق في البلدة الحدودية الباسو بولاية تكساس، وقتل 19 شخصًا مشيدًا بالمجرم النيوزيلندي.

وكان المهاجم النيوزلندي، قد استوحى جريمته من أندرس بريفيك، الذي قتل 77 شخصًا في النرويج عام 2011. وتشير هذه الروابط، بحسب مراد أوغلو، بين العنصريين البيض وشبكة إرهابية عالمية.

قانون حبيس الأدراج

بعد الهجمات السابقة، شُنّت حملة واسعة النطاق ضد التسلح الفردي، ووافق مجلس النواب، حيث يشكل الديمقراطيين الأغلبية، على مشاريع القوانين التي تقيد التسلح الفردي، وكانت تنقص المصادقة على مشاريع القوانين في مجلس الشيوخ حتى يسري مفعولها. 

وركز عدد من النواب في تصريحاتهم على أن مجلس النواب، أقر في شباط/ فبراير الماضي مشروع قانون يعزز التدقيق في سوابق طالب رخصة السلاح، لكنه لا يزال في الأدراج بانتظار موافقة مجلس الشيوخ، حيث الغالبية للجمهوريين.

وقالت رئيسة مجلس النواب الديموقراطية، نانسي بيلوسي، إنه "على الجمهور التدخل للمطالبة بإقرار هذا القانون"، موجهة اللوم إلى رئيس مجلس الشيوخ الجمهوري، ميتش ماكونيل، لأنه لم يعرضه بعد على التصويت.

وطالب كبار المرشحين الديمقراطيين للرئاسة الأمريكية، زعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ باستدعاء الكونجرس من عطلته لمواجهة أحداث العنف باستخدام الأسلحة النارية.

وأفاد مقال "يني شفق"، بأن الولايات المتحدة تحتل المرتبة الأولى في نصيب الفرد من الأسلحة، ويموت 100 شخص في المتوسط بالأسلحة النارية يوميًا، فيما تشير الإحصائيات أن كل 100 شخص أمريكي يمتلك 120 قطعة سلاح؛ ويعني ذلك أن توافر الأسلحة في الولايات المتحدة أكثر من المواطنين. 

ولا عجب إذا علمنا أن الولايات المتحدة تشكل 4.4 في المئة من سكان العالم وحوالي نصف الأسلحة المدنية يتواجد فيها، وبالتالي، تحتل الولايات المتحدة المرتبة الثانية بين الدول الست التي تشكل أكثر من نصف عدد الوفيات بالبنادق في جميع أنحاء العالم.

لوبي الموت

وانتقل الكاتب إلى الجهود التي تعارض، الخطوات الهادفة إلى تقنين انتشار الأسلحة بين الأفراد في أمريكا، وقال، إن أقوى جماعات الضغط ضد القيود المفروضة على التسلح الفردي هي "جمعية البندقية الوطنية"، التي تضم أكثر من 5 ملايين عضو، وهي التي أنفقت أكثر من 30 مليون دولار لدعم انتخاب ترامب في الانتخابات الرئاسية 2016.

وأفاد مراد أوغلو بأن، كارولين دودجن ميدوز، رئيسة جمعية البندقية الوطنية "NRA"، هي في نفس الوقت نائبة رئيس "جمعية المحافظين الأمريكية"، وكانت قد عملت عضوًا في اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري لمدة 3 فترات في جورجيا.

وفي أبريل/نيسان 2019، تم انتخاب ميدوز رئيسًا للجمعية، وفي مقابلة معها، قالت إنها ستعمل على إعادة انتخاب ترامب كرئيس للولايات المتحدة في الانتخابات المقبلة.

واستدلالا على قوة هذه الجمعية وتأثيرها، أوضح الكاتب، أن السياسيين الأمريكيين يقومون بالتحية للجمعية وأفرادها مرتدين ملابس رعاة البقر "كاوبوي" وحاملين مسدساتهم. وهو ما وعد به ترامب في اجتماع الجمعية في أبريل/نيسان 2019، "الكفاح من أجل الحق في اقتناء الأسلحة الفردية". وفي اجتماع آخر عقدته الجمعية، قال إن حقوق الأسلحة كانت محاصرة، وانتقد بشدة "الديمقراطيين الذين أرادوا تقييدها".

ورأى الكاتب أن الحملة من أجل تقنين التسلح الفردي ليست هدفًا بحد ذاته عند الديمقراطيين، موضحًا أنهم، يريدون تحويل "الإرهاب العنصري الأبيض" و"التسلح الفردي" إلى حملة فعالة في انتخابات 2020، في مقابل ما ستنفقه جماعات الضغط ومناصري حيازة الأسلحة، ولا سيما جمعية البندقية الوطنية، من المزيد من الأموال للفوز على أشد منافسيهم الجمهوريين.

وختم الكاتب مقاله قائلا، إن الولايات المتحدة تشجع سباق التسلح في العالم أيضا، متساءلا "كيف سيوقف الأمريكيون هذا الوحش الذي يطلق عليه (المجمع الصناعي العسكري) لوبي الموت".