حرب مضللة.. هل انقسم محور "الرياض - أبوظبي" في اليمن؟

قسم الترجمة - الاستقلال | 5 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلّط موقع "لوديسك" الناطق بالفرنسية، الضوء على الأوضاع في اليمن، متسائلا عن مصير دعم الإمارات الثابت للحرب التي تقودها حليفتها السعودية ضد الحوثيين، في سياق التوترات الشديدة في المنطقة مع إيران، وذلك بعد سحب قواتها من اليمن.

وقال الموقع في تقرير له، إن أبو ظبي، أعلنت مؤخرا عن خفض قواتها المتمركزة في اليمن (ستة آلاف جندي)، حيث تدّعي أنها تريد الانتقال من "الإستراتيجية العسكرية ذات الأولوية" إلى منطق "السلام".

وأكد، أن القرار الذي جاء بشكل غير رسمي من خلال الأكاديمي الإماراتي عبد الخالق عبد الله، في بادرة تبدو أنها رسالة من ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد، تفيد بأن الحرب في اليمن انتهت بالنسبة للإمارات.

تكاليف تفوق الفوائد

وأشار التقرير إلى أن هذه الخطوة جاءت لسبب وجيه، وهو أن التكاليف السياسية والمالية والعسكرية تفوق بكثير الفوائد الإستراتيجية لأبوظبي من وجودها العسكري في اليمن، كما يوضح أندرياس كريج، الأستاذ في كلية الملك في لندن.

وأوضح، أنه في حين أن غرب وشمال اليمن أكثر مناطق البلاد اكتظاظا بالسكان، لا يزال يسيطر عليها الحوثيون وأن المنطقة الحدودية مع السعودية أصبحت بانتظام هدفا للطائرات بدون طيار والصواريخ الباليستية من الحوثيين، يعتقد الإماراتيون أنهم حققوا الآن أهدافهم في منطقة نفوذهم في الجنوب، وهي منطقة خليج عدن الإستراتيجية حيث يمر عبرها 35 بالمئة من إجمالي التجارة البحرية العالمية، وحيث سيحتفظون بوجودهم هناك.

من جهته، رأى موقع "ميدل إيست آي" في نسخته الفرنسية، أن انسحاب أبوظبي من التدخل العسكري المباشر في الحرب ضد الحوثيين، يجعل السعودية مضطرة للتعامل بمفردها مع سجلها الخاص في اليمن، والذي يتميز بأخطاء لا حصر لها، جعلت الرياض أكثر عزلة جراء نزاع أصبح الآن في أيدي محمد بن سلمان بشكل تام.

وقال الموقع، إنه عندما أطلقت السعودية وبعض شركائها العرب والأفارقة عملية "عاصفة الحزم" في مارس/آذار 2015 لسحق الحوثيين في اليمن، كانت الإمارات الحليف الرئيسي للرياض في هذا التحالف.

وأكد، أنه خلال السنوات الأربع الماضية، اعتمدت الرياض اعتمادا كبيرا على الإمارات في الغارات الجوية وجمع المعلومات الاستخبارية والعمليات الميدانية وما يخص تدريب المقاتلين الحوثيين في اليمن.

وأشار الموقع إلى أنه في نهاية يونيو/حزيران الماضي، بدأ الإماراتيون سحب الدبابات وطائرات الهليكوبتر الهجومية من اليمن، وكذلك عدة مئات من الجنود الإماراتيين من ساحل البحر الأحمر، ورغم أن الإمارات لا تنوي سحب جميع قواتها، إلا أن أنباء الانسحاب الشامل أثارت العديد من الأسئلة المتضاربة في الغرب حول خطط أبو ظبي باليمن.

زيادة التوترات

ونوّه الموقع إلى أن الانسحاب بدأ مع تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، مما جعل الإمارات أكثر عرضة لسيناريو يمكن أن يحوّل البلد إلى ساحة معركة في صراع إقليمي أكبر، مبينا أن القرار يثير أيضا تساؤلات مهمة حول مستقبل التعاون السعودي الإماراتي في اليمن وتأثير ذلك على قدرة التحالف العربي في الحفاظ على التماسك.

ولفت التقرير إلى أن بعض الخبراء يجادلون بأن انسحاب الإمارات هو مجرد وهم لتحسين صورة أبوظبي في الغرب، ففي إطار شجب المشرعين الأمريكيين للحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن، تبدو الجهود التي تبذلها الإمارات للتخلص من الآثار السياسية السلبية عملية، لاسيما بالنظر إلى شبح هزيمة الرئيس دونالد ترامب أمام معارض ديمقراطي في الحملة الانتخابية العام المقبل.

وأكد، أنه على الرغم من أكثر الانتقادات الموجهة لمبيعات الأسلحة الأمريكية إلى الدول العربية تتعلق بالسعودية، إلا أن الاتفاقات المبرمة مع الإمارات العربية المتحدة يتم فحصها عن كثب.

وذكّر "ميدل إيست آي" بأن السناتور الديموقراطي بوب مينينديز، وهو عضو بارز في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، هدد بتجميد مبيعات الأسلحة الأمريكية للإمارات بعد تقارير عن نقل أبوظبي لصواريخ أمريكية الصنع إلى قوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، في انتهاك للقانون الأمريكي والدولي.

ولفت إلى أنه بدون أدنى شك، تخشى الإمارات انقلاب الولايات المتحدة، بسبب الدور الذي تلعبه البلاد في اليمن وكذلك في ليبيا، حتى إذا لم تقم واشنطن بإلغاء مبيعات الأسلحة إلى أبوظبي، فإن هذه النظرات السلبية تساعد على تشويه سمعة الإمارات في واشنطن.

حرب مضللة

وأوضح الموقع، أن انقلاب موقف لندن المتنامي تجاه الحرب في اليمن هو أيضا أحد العوامل، ففي يونيو/ حزيران الماضي، قضت المحكمة العليا في المملكة المتحدة بأن تراخيص الأسلحة البريطانية الممنوحة للرياض "غير قانونية"، ما سيكون له عواقب وخيمة على العواصم الأخرى المشاركة في التحالف العربي، بما في ذلك أبوظبي.

وبيّن أن العلاقات بين الإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة، وتّرتها نقطة خلافية أخرى شوهت سمعة أبوظبي في لندن وهي قضية الطالب ماثيو هيدجز الذي حكم عليه بالسجن مدى الحياة في الإمارات بتهمة التجسس، وتم العفو عنه فيما بعد.

وأشار الموقع إلى أن المفهوم الراسخ بشكل متزايد بين المشرعين الأمريكيين هو أنه على الرغم من أن الولايات المتحدة وحلفاءها يجب أن يواصلوا القتال ضد تنظيمي الدولة والقاعدة في اليمن، إلا أن حرب التحالف العربي ضد الحوثيين بدعم من الولايات المتحدة مضللة.

 وأردف الموقع: "في حين إن الإماراتيين أعربوا عن إرادتهم القوية لمواصلة الحملة المثيرة للجدل ضد القاعدة في شبه الجزيرة العربية، فإن تغيير المسار في أبوظبي يمكن أن يلفت انتباه جزء من صانعي سياسة واشنطن الخارجية".

وأكد  "ميدل إيست آي" أن الإمارات مصممة على أن تظل لاعبا رئيسيا في اليمن، لمحاربة أعدائها وتعزيز نفوذها لكن من خلال وسطاء، فمع انسحاب معظم قواتها، سيظل هناك 90 ألف مقاتل يمني متحالفون أو مدربون من قبل أبوظبي.

وأشار إلى أن هؤلاء الوسطاء - بمن فيهم رجال القبائل والأفراد السابقون في قوات الأمن والانفصاليون من الجنوب - سيستمرون في تلقي الأسلحة والمال من الإماراتيين، الذين لا يزالوا ملتزمين بطموحهم للسيطرة الفعالة على البنية التحتية للموانئ في اليمن.

ونقل الموقع عن الخبير السياسي الإماراتي البارز عبدالخالق عبدالله القول: "ما يدفع الإمارات لتقليص قوتها في اليمن هو أنها تثق في القوات اليمنية المحلية لمواصلة مواجهة الحوثيين بمفردهم، قامت الإمارات بالفعل بتدريب ما مجموعه 90 ألف من القوات اليمنية لسد الفجوة ودعم الحكومة الشرعية، يمكنهم القيام بهذه المهمة وهم مدربون ومجهزون جيدا".

وأكد الموقع، أنه على الرغم من أن الرياض وأبو ظبي حليفان وثيقان للغاية، فإن خلافاتهما تجاه اليمن ليست سرية، وبعد خطوة أبو ظبي الأخيرة فإن عبء الحرب سيكون أكبر بالنسبة للرياض حيث يواصل جيشها محاربة الحوثيين، ويبقى أن نرى كيف سيواجه الجيش السعودي التحديات الجديدة في اليمن، حيث تنشر المملكة قوات برية أقل بكثير من الإمارات منذ عام 2015.

تحالف ضعيف ومنقسم

ورأى تقرير الموقع، أنه من المحتمل أن تستغل إيران والحوثيون انسحاب الإمارات لأغراض الدعاية، فبعد عدة أشهر من التقدم الذي أظهره الحوثيون في تكنولوجيا الطائرات بدون طيار والصواريخ، التي استهدفت أهدافا إستراتيجية سعودية، سيسعى الإيرانيون والحوثيون إلى تقديم انسحاب الإمارات كإشارة إلى تحالف عربي ضعيف ومنقسم.

وشدد الموقع على أن انسحاب الإمارات يشير في النهاية إلى الانقسامات الأساسية التي كانت قائمة داخل التحالف العربي منذ البداية، فإنشاء إدارة موالية للإماراتيين في عدن ثبت أنه أكثر أهمية من قضية شمال اليمن الخاضع لسيطرة الحوثيين.

واستدرك: "لكن بالنسبة للسعودية، فإن فكرة توطيد سلطة الحوثيين في شمال اليمن لها عواقب مباشرة على أمن حدود المملكة، أكثر من الإمارات التي  قاتلت لمواجهة قوى الإسلام السياسي، وبالأخص الفرع المحلي لجماعة الإخوان المسلمين، الذي تلقى الدعم من الرياض على الرغم من الجهود السابقة التي بذلتها الإمارات لإقناع القادة السعوديين بالتخلي عن هذه الجماعة".

وخلص "ميدل إيست آي" إلى أنه مع انسحاب معظم القوات الإماراتية من اليمن، فإن أبوظبي تترك الرياض تواجه معضلة كبيرة، فالأمن القومي للمملكة السعودية مهدد بالفعل من الحوثيين وهذا الخطر لن ينمو إلا مع قيام الحوثيين  المتحالفين مع إيران بتحسين قدراتهم في الطائرات بدون طيار والصواريخ.