موقع بريطاني يكشف سر إطالة الرياض وأبوظبي لحرب اليمن

12

طباعة

مشاركة

كشف موقع "ميدل إيست آي"، أن فشل تحالف "الرياض - أبوظبي" في التقدم بالمدن اليمنية الكُبرى منذ عام 2016، دفع البعض في اليمن إلى التساؤل عما إذا كان التحالف مُلتزما بإنهاء الحرب ضد الحوثيين أم لا؟

وأوضح الموقع، في تقرير له، أن "القوات اليمنية المُتحالفة مع التحالف الذي تقوده السعودية تثير شكوكا حول نية التحالف باليمن، خاصة مع صدور أوامر للتوقف دون تقديم سبب واضح".

قصف القوات اليمنية

واتهم بعض الذين تحدثت إليهم "ميدل إيست آي" القوات التي تقودها السعودية بالقيام أحيانا بشن غارات جوية ضد القوات اليمنية لوقف تقدمهما.

ومضى التقرير يقول: "منذ بداية الحرب في مارس/آذار 2015، تقدمت القوات الموالية لهادي بدعم من التحالف في العديد من المحافظات، واستعادت العديد من المناطق من الحوثيين، إلا أنها أوقفت التقدم على العديد من الجبهات بناءً على أوامر التحالف".

وأردف: "بينما استولوا على مدينة عدن في غضون أيام قليلة في عام 2015؛ إلا أنهم لم يحققوا تقدما كبيرا منذ ذلك الحين، إذ توقفوا في المحافظات الجنوبية الغربية لحج، والضالع".

وبيّن التقرير، أنه "بالمثل، تقدموا من مدينة مأرب إلى مديرية نهم في صنعاء في غضون أيام قليلة في عام 2016، إلا أن المعارك مستمرة منذ ذلك الحين، دون أي تقدم كبير نحو وسط المدينة".

وتابع: "في العام الماضي، وصلت قوات التحالف إلى خارج مدينة الحديدة، وكانت على بعد بضعة كيلومترات فقط من استعادة الميناء البحري الإستراتيجي من الحوثيين؛ لكن القتال توقف بعد ذلك".

وأضاف التقرير، أنه "في تعز، يعاني السكان من الحصار من ثلاثة اتجاهات منذ عام 2015؛ إلا أن التقدم نحو المدينة قد توقف، ولم يتم إحراز أي تقدم نحو إنهاء الحصار".

إحجام ملموس

ولفت "ميدل إيست آي" إلى أن "إحجام التحالف الملموس على أرض الواقع عن الاستيلاء على المدن الرئيسية من الحوثيين، دفع العميد محسن خصروف، أحد كبار ضباط الجيش؛ للتعبير عن استيائه على الشاشات علنا الشهر الماضي، حينما ألقى باللوم صراحة على التحالف؛ لفشله في دعم القوات اليمنية؛ لتحقيق انتصارات حاسمة في ساحة المعركة".

وقال خصروف لقناة "اليمن" التلفزيونية: "إن التحالف الذي تقوده السعودية منع القوات الموالية لهادي من التقدم في مديرية نهم، ومدينتي تعز والحديدة ومناطق أُخرى".

وأضاف الضابط، الذي أوقفه هادي بعد تصريحاته تلك: "كانت القوات اليمنية ستهزم الحوثيين في الحديدة، لولا أوامر التحالف وحلفائه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي".

وأشار إلى أن التحالف لم يزوّد الجيش اليمني بالأسلحة اللازمة لكسب الحرب، بخلاف الحوثيين، الذين قال إن لديهم معدات أفضل نظرا للدعم الإيراني.

وأكد خصروف أن الرغبة في مواصلة الحرب كانت بدافع خوف التحالف من أن فوز الجيش اليمني سيكون بمثابة انتصار لـ"التجمع اليمني للإصلاح"، الذي يعرف أيضا بـ"الإصلاح"، ويُعد فرعا لجماعة "الإخوان المسلمين" في اليمن.  وأضاف "هذه كذبة كبيرة. القتال حتى النصر، محرّم علينا".

التقدم في تعز

وكان ينتاب الجنود اليمنيون الذين تحدثوا إلى "ميدل إيست آي" بشرط عدم الكشف عن هُويتهم نفس مشاعر خصروف، وأضافوا أن عددا من الغارات الجوية السعودية استهدفت قواتهم في هجمات وصفها التحالف، بأنها "دون قصد"، إلا أن الجنود اعتقدوا أنها متعمدة.

وقال أحمد، وهو اسم مُستعار لمقاتل في تعز لـ"ميدل إيست آي": "في يناير 2018، حاول مجموعة من الجنود الشجعان بمن فيهم أنا التقدم في غرب مدينة تعز لكسر الحصار، إلا أن قيادتنا منعتنا؛ فلم يكن لدينا أوامر من التحالف. ثم أصررنا على التقدم، وأبلغت قيادتنا غرفة عمليات التحالف بالمعارك".

وتابع التقرير: "لقد تقدم أحمد وزملاؤه على الجبهة الغربية، وسعدوا بتحقيق تقدم كبير دون دعم الغارات الجوية. في وقت مُبكر من اليوم التالي، حلقت الطائرات الحربية فوق مدينة تعز؛ إلا أن  هدفها لم يكن الحوثيين كالمعتاد".

ونقل التقرير عن أحمد، قوله: "استهدفتنا ثلاث غارات جوية، وقُتل، وجُرح العشرات من زملائي؛ لذلك انسحبنا إلى المواقع السابقة بعد أن تكبدنا خسارة كبيرة". وأضاف الموقع: "أُبلغ أحمد وزملاؤه بأن الضربات الجوية كانت غير متعمدة، وأنه يجب ألَّا يتقدموا مُجددا دون توجيهات من التحالف".

وتابع: "في البداية، اعتقد أحمد أن الضربات الجوية كانت بالفعل دون قصد. وبالرغم من ذلك، عندما تكررت الأخطاء، شك في أن تلك الضربات الجوية متعمدة".

ومضى التقرير يقول: "لم يكن ذلك هو الخطأ الوحيد؛ إلا أن العديد من الغارات الجوية الأُخرى استهدفت مقاتلين تقدموا في عدة محافظات دون توجيهات من التحالف".

ونقل التقرير عن أحمد قوله: "يُجبرنا التحالف على أن نكون تابعين له، ولا يمكننا التقدم دون تلقي توجيهات واضحة. علاوة على ذلك، لم نتلق توجيهات للتقدم في تعز منذ عام 2016".

ويتفق أحمد مع خصروف على أن التحالف يريد مُواصلة الحرب. واليوم لا يثق كثير من الجنود في التحالف؛ لأنهم يعرفون أنه يبحث عن مصالحه الخاصة وليس مصالح اليمنيين، بحسب التقرير.

التحكم بالرواتب

ونقل الموقع عن خالد (اسم مستعار)، وهو جندي موالٍ لهادي في الحديدة، قوله: إن "التحالف الذي تقوده السعودية ويقود المعارك في اليمن هو مسؤول عن إصدار أوامر بالتقدم، ووقف المعارك في أي مكان في البلاد".

وأضاف خالد لـ"ميدل إيست آي" قائلا: "حينما أراد التحالُف أن تتقدم القوات في الحديدة، دفع رواتب المقاتلين بالريال السعودي؛ لذلك فرّ المقاتلون من جبهات مختلفة وانضموا إلى الحديدة. بهذه الطريقة، تقدمت القوات في الحديدة بطريقة دراماتيكية. لا يتقدم المقاتلون لمتر واحد دون توجيه من قادة التحالف الذي تقوده السعودية".

وأوضح، أن الائتلاف لديه أموال، ويدفع جيدا حينما يحتاج إلى قوات للمضي قدما، بينما يؤجل الرواتب عندما يريدون انسحاب القوات، مضيفا: "إذا أراد التحالف تحرير الحديدة أو أي محافظة أُخرى، فيمكنه القيام بذلك في غضون أيام قليلة لأن لديه المال؛ إلَّا أنَّه لا يرغب في إنهاء الحرب؛ لأسباب غير معروفة".

واستطرد التقرير يقول: "في حين أن هناك العديد من الجنود الذين يتهمون التحالف الذي تقوده السعودية بعرقلة تقدم القوات الموالية لهادي، على الجانب الآخر هناك جنود يشعرون بالامتنان للتحالف".

وقال سمير، وهو مقاتل مؤيد لهادي في تعز لـ "ميدل إيست آي": "لا يمكن لأحد أن ينكر الدور الرئيسي للتحالف الذي تقوده السعودية في تحرير البلاد". وأردف: "تدخل التحالف عندما كان الحوثيون في عدن، ولولا التحالف، لسيطر الحوثيون على البلد بأكمله".

وصرح الجندي بأنَّ التحالف كان يدعم تقدم القوات الموالية لهادي، وأن غاراته الجوية دعمت معظم التقدم على ساحة المعركة، ونفى أنها كانت تعوق التقدم.

ونقل التقرير عن سمير أيضا، أن "التحالف على دراية كافية بإستراتيجيات الحرب، ويعرف متى يجب أن تتقدم القوات ومتى يجب أن تنسحب؛ إلا أن بعض القادة العسكريين اليمنيين ليسوا على علم بمثل هذه الإستراتيجيات. وبالتالي، يتحتم علينا أن نتوجه بالشكر للتحالف الذي تقوده السَّعودية لدعمه المستمر منذ عام 2015".

وفي حديث للموقع البريطاني، قال طارق الملاح، وهو صحفي مستقل ينتقل بين المحافظات: إن "المعارضة للتحالف الذي تقوده السعودية قد تزايدت في العديد من المحافظات، وليس فقط في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون".

وأردف: "بدأت القوات الموالية لهادي في إعادة النظر في دور التحالف، وعاد بعض الجنود إلى المناطق الموالية للحوثيين بسبب الدور الغامض للتحالف. تدخّل التحالف في اليمن لدعم القوات الموالية لهادي وليس لقيادة المعارك؛ إلا أنه أصبح زعيم المعارك، وهذا خطأ؛ لأنه ضد السيادة الوطنية".