يني شفق تكشف خطة "البعض" لنشر الكراهية ضد السوريين في تركيا

12

طباعة

مشاركة

جاء معظم السوريون في تركيا من محافظة حلب، قد يسميهم البعض "الفارين"، لكن الكاتب التركي إبراهيم تينكجي، يفضل أن يطلق عليهم اسم "المهاجرين".

وشدد تينكجي في مقال له على صحيفة "يني شفق" التركية على أن "الفارين" قد يكون مصطلحًا غير موفق، ولا حتى مصطلح "اللجوء" المستخدم. 

وقال الكاتب التركي إن عددًا كبيرا من المدن التي تدخل في النطاق الجغرافي السوري، اليوم، كانت قطعة من الأراضي التركية العثمانية قبل الحرب العالمية الأولى. وذكر الكاتب؛ حلب، والباب وإدلب وجرابلس والبستان والحسكي وحريم غيرها. قبل أن يزيد: "ما حدث بعد ذلك هو ظلم كبير". 

الشائعات لنقل الكراهية

استحضر البعض وقائعا تاريخية من الماضي، ولكن ليس بهدف التوعية أو استحضار دروس وعِبر التاريخ، إنما لنشر الكراهية والحقد.

هذه الوقائع، أضاف الكاتب، عن انسحاب الجيش من القدس إلى سوريا، وهي وقائع لا يمكن أن تنسى. وفي المقابل هناك بعض الوقائع وجب التذكير بها.

ومن بين هذه الوقائع، على سبيل المثال، 15 في المائة من السكان السوريين هم من المسيحيين العرب، وخلال أحداث 1914 تم توطين السكان الأرمن إلى حد كبير في الأراضي السورية، وبعد أربع سنوات مرّ هؤلاء أمام الجنود الأتراك المهزومين والمتعبين والجرحى وأغاثوهم.

وقال تينكجي: نحن نتحدث عن 3 ملايين ونصف المليون شخص (في إشارة إلى اللاجئين)، قد يكون بينهم بعض الناس ذوو النوايا الخبيثة، فقد يخرج من بين المهاجرين أشخاص يمكن أن يسيئوا للصالحين والطيبين ويقابلوا المعروف الذي قُدّم لهم بالشر. قبل أن يشدد على أن إبراز موقف واحد حدث هنا أو هناك على أنه اعتيادي وتعميمه على الجميع وإشاعة أن هناك الآلاف من هذه التصرفات، هو في حد ذاته تصرف غير أخلاقي. 

وزاد الكاتب في مقاله قائلًا: في الواقع، عندما ننظر إلى الأرقام الرسمية المتعلقة بمعدلات الجريمة، سوف نرى أن السوريين في بلدنا جيدون للغاية.

واعتبر تينكجي أنه لا يمكن تفسير ما يحدث، عبر خلق حالة من السخط الاجتماعي ضد الوجود السوري في تركيا.

أفاد المقال أن جزءا كبيرا من أولئك الذين فروا من "عين العرب - كوباني" وجاؤوا إلى تركيا لإنقاذ حياتهم، كانوا من بين الذين خرجوا إلى الشوارع خلال الهجوم الدموي الإرهابي في 6-7 أكتوبر/ تشرين الأول 2016.

وتساءل الكاتب، لماذا لا يتحدث أولئك الذين يعبّرون عن كل السلبية تجاه السوريين عن هذا؟ أليس هؤلاء من سوريا أيضًا؟

الإكراهات ليست مبررا

ووصف المقال ما يحدث بالخطة المدروسة والاحترافية لإنشاء جو من الشعور بالكراهية ضد الوجود السوري في تركيا. وبالطبع، يقول الكاتب، لقد تأثر حزب "العدالة والتنمية" الحاكم بهذا أيضًا، في ظل حقيقة لا يمكن إنكارها وهي المشاكل الاقتصادية التي تعيشها البلاد سيما في الفترة الأخيرة.

وتابع تينكجي: "قوتنا الشرائية آخذة في الانخفاض والبطالة في ازدياد. وباستثناء أقلية صغيرة، يأخذ الجميع نصيبهم من التعب والإرهاق والبحث عن لقمة العيش".

مضيفا أن "شرح كميات الأموال التي تنفق على السوريين في كل فرصة يمكن أن يفضي إلى مرارة وغضب لدى الأشخاص الذين يعانون من صعوبة العيش". وشدد الكاتب في هذه النقطة على ضرورة التخلي عن هذا الشرح في أقرب وقت ممكن. 

وقال مقال "يني شفق": دعونا لا ننسى أنه عندما كنا نستقبل لاجئين من جغرافية البلقان، كان وضعنا الاقتصادي أسوأ بشكل لا يضاهى اليوم. كان الأناضول في حالة من اليأس، وأولئك الذين يقولون إننا لا نريد السوريين، أتمنى أن يتمكنوا من الكتابة تحت اعتراضاتهم من أين هم في الأصل؟

وبيّن الكاتب أنه بعد الحرب العالمية الثانية، وسطوع نجم أمريكا، اختلفت سياسة الولايات المتحدة الخارجية عن سياسة بريطانيا؛ إذ يعملون على تعميق الحدود بين البلدان بحيث تغيب فرصة أن تتوحد هذه الدول. والوضع في أفغانستان والعراق وسوريا واضح وعلى ما يبدو، باكستان البلد المقبل، بحسب المقال.

الأرمن نموذجا

وإذا تم تأسيس دولة عرقية جديدة في شمال سوريا، فإن التهديدات والمخاطر التي تنتظر تركيا معروفة.

وعلى الجميع في تركيا أن يؤيد عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم والعيش في بلدانهم. لكن الحريق في المنطقة السورية لم يطفأ بعد؛ وعليه لا يجدر تسليم الأبرياء للمجرمين؛ قائلا: إن "تركيا بلد آمن ومنزل مؤتمن، ومن يأتي إلينا فحمايته وصونه هي ضمن أعرافنا وتقاليدنا نحن الأتراك".

وضرب تينكجي على ذلك مثالا بالجالية الأرمينية التي تعمل في تركيا، حيث يعمل عشرات الآلاف من المواطنين الأرمن، وعلى الرغم من الأزمات العميقة مع أرمينيا، فإن ذلك لم ينعكس على من يسعى لكسب وقته، فهل يمكن أن ينعكس سلبًا على إخوتنا في الدين والإنسانية؟

احترام القوانين يكفي

ليأتي لتركيا من يأتي، سواءً من أفغانستان، باكستان، بنغلاديش، سوريا، جورجيا أو إفريقيا، نحن ضد أولئك الذين يستفيدون من عجز هؤلاء الناس، والذين يرونهم عمالة رخيصة، وأولئك الذين يعارضون من يفتحون المتاجر لكسب رزقهم. بالنهاية، يزيد الكاتب، هناك قوانين في تركيا، ويمكن لأي شخص يحترم القواعد والقانون امتلاك مشروع تجاري في هذا البلد.

ونوّه الكاتب بأن هناك قرونًا من الانفصال بين الطرفين "الأتراك والسوريين" ويمكن كتابة ما لا يحصى من الاختلاف الثقافي بين الجانبين، ولكن لو كنا نمتلك الشجاعة الكافية، لأنقذنا خط حلب الموصل ولخضنا حربًا من أجل ذلك، مذكرًا كيف قام مصطفى كمال أتاتورك، بمحاولته الجادة لاستعادة هاطاي، وحين باتت الظروف متاحة في عام 1939 عادت هاطاي للوطن، لكن هاطاي هذه، كانت ضمن مقاطعة حلب التي هي الآن جزء من سوريا. 

وتابع صاحب المقال: "لا سمح الله، لو بقيت هاطاي ضمن الحدود السورية، ثم أتت الحرب الأهلية الحالية وأتى من يقطنها إلى تركيا كما هو الحال الآن، أتوا من ألتينوزو، أنطاكيا، بيلين، دفني، إسكندرون، كيريخان، كوملو، ريهانلي، سامانداج وييلاداجي. ماذا كنا سنقول لهم؟ لا نريد السوريين؟!

وشدد تينكجي على أن تركيا تُركت وحدها في ملف اللاجئين السوريين؛ كما فشلت منظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي في الوفاء بوعودهما؛ وقد أكد الرئيس رجب طيب أردوغان على أن الولايات المتحدة هي الأخرى لم تف بوعودها في ما يتعلق بالمنطقة الآمنة، التي تريد أنقرة إنشاءها بداية من منبج على الحدود السورية. 

وختم الكاتب مقاله، بأن الأتراك ينتسبون للدين الإسلامي والأمة الإسلامية، وأنهم أصحاب قلوب رقيقة ذات روحانية، مشغولون بعيش حياة كريمة، وأحد أسباب المعيشة هو البقاء على قيد الحياة. قبل أن يواصل: "نؤمن بالدعوات في محاريب الصلاة، وقد لا يكون لهذا مقابل في الحياة الواقعية وحياة السياسة، ولعله لا يكون. أمتنا أمة مضيافة، كريمة، رحيمة، تفهم أحوال الناس وتتفهمها، لسنا أمة عنصرية، ولن نكون، فالعنصرية وكره الأجانب عادات سيئة عند الغرب، ولكن نحن، سوف نستمر في الحفاظ على ميزاتنا الجميلة".