كيف تعمل السعودية للعودة إلى العراق عبر مجموعة "MBC"؟

منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

أثار إعلان مجموعة "mbc" عن افتتاحها قناة جديدة موجهة إلى الجمهور العراقي باسم " mbcالعراق"، الكثير من التساؤلات، حول غايات التوجه السعودي، وسط تحذيرات من قوى شيعية مقربة من إيران، من غزو فكري ثقافي تقوم به السعودية من خلال إطلاقها القناة الجديدة.

خطوة تطبيع مع العراق

في بداية تسعينات القرن الماضي، أطلق رجل الأعمال السعودي "وليد الإبراهيم" أول محطة تلفزيونية ضمن المجموعة التي تعرف رسميا باسم مركز تلفزيون الشرق الأوسط "mbc"، وبعد قرابة الثلاثة عقود باتت المجموعة تضم قرابة 25 محطة تلفزيونية وإذاعية، بعد أن أعلنت المجموعة عن قرب بدء بث قناة "mbc Iraq" لتضاف هذه القناة إلى عشرات القنوات المحلية التي تستهدف الشارع العراقي.

مدير مجموعة mbc "سام بارنيت" أكد من جانبه، أن المجموعة تحرص على تعزيز علاقاتها مع الجمهور العراقي، لافتا إلى أن القناة الجديدة ستزخر بمجموعة واسعة من البرامج الجديدة، خلال الموسم الرمضاني القادم، بتوليفة عراقية خاصة" بحسب ما جاء في موقع "العربية نت".

أضاف بارنيت أن "القناة الجديدة ستعمل على تلبية احتياجات الجمهور العراقي في المحتوى الإعلامي النوعي، إضافة إلى الاستفادة من الطاقات المحلية العراقية، سواءً من ناحية الخبرات أو الكفاءات الشبابية العاملة في مجال الإعلام العراقي".

وسيعمل في القناة الجديدة مجموعة من الإعلاميين والفنانين العراقيين ضمن سلسلة برامج ترفيهية ستبثها القناة، منهم حاتم العراقي وآلاء حسين وسولاف وإياد راضي وإحسان دعدوش، وعلي جابر، وعلي قاسم الملاك، ونسمة وعدي عبد الستار وغيرهم، بحسب موقع "العربية نت"، بينما لم يشر موقع القناة الرسمي على الانترنت إلى أي برامج سياسية قد تبثها القناة عند انطلاقتها أو في المستقبل.

توجيه أمريكي

وقال المحلل السياسي العراقي رياض محمد لـ "الاستقلال" إن افتتاح قناة عربية موجهة للعراق تتبع "mbc" الممولة سعوديا، يأتي ضمن التقارب العراقي السعودي الذي بدأت الولايات المتحدة الدفع باتجاهه منذ قرابة العامين، إذ تشهد العلاقات بين العراق والسعودية تطورا نوعيا لافتا منذ أن أعادت الرياض فتح سفارتها في العاصمة العراقية بغداد في أواخر عام 2015 والتي كانت قد أغلقتها بعيد الغزو العراقي للكويت عام 1990.

وأشار إلى أن افتتاح " mbc" العراق يأتي بعد أن اتفق البلدان في يونيو/ حزيران 2017 على تأسيس مجلس تنسيقي مشترك في محاولة لتحسين العلاقات المضطربة بين البلدين منذ عقود، وأن التقارب الجديد يأتي نتيجة توجيه أمريكي للسعودية بضرورة التقارب مع العراق لإضعاف نفوذ طهران المتنامي منذ سقوط نظام الرئيس العراقي السابق "صدام حسين" عام 2003.

ولفت محمد في حديثه لـ "الاستقلال" إلى أن العلاقات السعودية العراقية كانت جيدة قبيل الغزو العراقي للكويت، إلا أنها تحولت 180 درجة بعيد الغزو، ولم تشهد تحسنا إلا في الأشهر الأخيرة، بحسبه.

رأي الشارع العراقي

آراء مرحبة بالقناة الجديدة وأخرى رافضة ومشككة بها، "عمر هيثم" مواطن من مدينة الموصل شمالي العراق يرى في حديثه لـ"الاستقلال" أن افتتاح قناة "mbc" العراق خطوة صحيحة في مجال التنوع التلفزيوني في العراق، بعد أن باتت غالبية القنوات العراقية محشوة ببرامج تحض على الكراهية والطائفية أو مروجة لها وللأحزاب الداعمة لتلك القنوات.

الطالب في كلية الإعلام في جامعة بغداد "سمير منير"، يقول لـ"الاستقلال" أن افتتاح القناة الجديدة سيعزز من التجربة التلفزيونية في العراق، لاسيما أن مجموعة "mbc" تتميز بعملها الاحترافي.

ولفت منير إلى أن القناة الجديدة ستثقل كاهل القنوات المحلية في أنها ستضطر إلى تحسين جودة برامجها، لاسيما أن القناة الجديدة جمعت أغلب الشخصيات الإعلامية المؤثرة في الشارع العراقي وخاصة الترفيهية منها، بحسبه.

رأي آخر يشكك في القناة، إذ يعتقد "غزوان الفهيد" من مدينة كربلاء في حديثه لـ "الاستقلال" أن "mbc"  العراق ستزيد من الواقع العراقي المجتمعي المضطرب أصلا، خاصة إذا ما عمدت القناة إلى بث برامج سياسية.

وأضاف الفهيد، أن القناة الجديدة وبما أنها ممولة سعوديا، فإن حالها لن يختلف كثيرا عن القنوات التي تبث الفرقة والتي تتبناها المملكة، بحسبه.

من جانبه، رأى الصحفي العراقي مروان هشام أن ه"ناك توجها سعوديا واضحا نحو العراق مؤخرا، فيما يعتبره البعض محاولة لملئ فراغ محتمل قد يحدثه تراجع الدور الإيراني في الحياة السياسية والأمنية والاجتماعية بالعراق"، مضيفا لـ "الاستقلال" "القناة باعتقادي هي واجهة ثقافية اجتماعية أو الوجه الناعم للسعودية، التي تحاول أن ترسمه لدى المتلقي العراقي بعد سنوات طويلة من القطيعة والخصومة".

وعن الخطوات السعودية المرتقبة التي يمكن أن تتخذها للتقارب مع العراق، أضاف هشام أن افتتاح القناة قد تتلوها خطوات أخرى ربما تكون اقتصادية أو رياضية، مثل الحديث الذي يجري عن استصلاح مئات آلاف الهكتارات في صحرائي الأنبار والسماوة، إضافة إلى الملعب الرياضي الكبير في بغداد، والذي وعدت السعودية بإنشائه على نفقتها.

وأكد هشام أن هذه الخطوة تبعت تحركات سياسية واسعة بدأت في عهد رئيس الوزراء السابق "حيدر العبادي" وما زالت مستمرة في محاولة لإبعاد العراق عن المحور الإيراني، لافتا إلى أن القناة رغم أنها لن تحدث تغييرات كبيرة في الموقف العراقي تجاه طهران، إلا أن هذا التواصل يمكن أن تكون له العديد من الثمار على الأرض.

وعن مدى مقبولية القناة لدى الشارع العراقي، اختتم هشام حديثه لـ "الاستقلال" بالإشارة إلى أن القناة ستنجح في كسب شريحة كبيرة من العراقيين، خاصة أولئك اليائسين والمحبطين من المادة المقدمة في الفضائيات العراقية، لاسيما وأن القناة الجديدة استعانت ببعض الوجوه التي لديها حضور جيد لدى المتلقي العراقي، بغض النظر عن جودة ما يقدمونه.

ويعتقد الصحفي "ريحان الموصلي" أن قوة القناة الجديدة "mdc " العراق تكمن في استقطاب أشهر الشخصيات الإعلامية والفنية، فضلا عن توفير ميزانية ضخمة لها، يضاف لكل ذلك استقطاب أقوى مخرج عراقي نجح في كثير من أعماله على قناة الشرقية وهو أوس الشرقي.

وأضاف الموصلي لـ "الاستقلال" أن الانفتاح السعودي على العراق لا يجب أن يترجم في قناة فقط، العائلة العراقية تطمح إلى فتح تعاون بين البلدين في مجالات أخرى وتغيير الصورة النمطية عن السعودية أنها دولة دينية مقفلة على المنهج السلفي.

اتهام الفصائل للقناة 

لم تمر ساعات على إعلان مجموعة "mbc" إطلاقها قناة جديدة موجهة للجمهور العراقي، حتى بدأ سيل من الاتهامات ضد المجموعة، إذ هاجم النائب العراقي عن كتلة صادقون البرلمانية التابعة لميليشات "عصائب أهل الحق" الشيعية ليث العذاري، القناة الجديدة، واصفا الخطوة بالمحاولات "الدنيئة" التي يراد منها تفكيك المجتمع العراقي وغزو عقول الشباب، بحسبه.

وأضاف العذاري إنه لا يمكن الوثوق بمنهجية وسياسة "mbc"، إذ أنها كانت تطلق تسمية الثوار على مقاتلي تنظيم الدولة ودعمها للإرهاب، بحسبه.

فيما اتهمت حركة "البشائر" السعودية بالتدخل في الشأن العراقي عبر تأسيسها "بكل وقاحة وبشكل سافر وصريح" فضائية"mbc" العراق، وجاءت هذه الاتهامات على لسان الأمين العام لحركة البشائر الشبابية النائب ياسر المالكي.

الكلمات المفتاحية