الأساطير المرتبطة بإسرائيل

د. عبدالله الأشعل | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

إسرائيل أصلا أسطورة. وقد استخدم القرآن الكريم كلمة الأسطورة بالمعنى السلبي أي خيال وخبل في التفكير، إذ أجمعت الشعوب التى أرسل إليها المرسلون على أن دعواتهم من أساطير الأولين، أي حكايات وقصص للتسلية ولا ظل لها فى الواقع. أما الأسطورة بالمعنى الإيجابي؛ التميز والإعجاز. والحق أن إسرائيل يصدق عليها المعنى السلبي أكثر من الإيجابي.

وما دامت إسرائيل فكرة نفسية خيالية فقد قامت على عدد من الأساطير المؤسسة لها وسوف نعرض على سبيل التوعية لأهم هذه الأساطير بالسياسية، دون الأساطير والأوهام التاريخية والدينية.

الأسطورة الأولى؛ أن إسرائيل ضرورة لإنقاذ اليهود المضطهدين بعد المحرقة. والصحيح هو أن إسرائيل تجسيد لمشروع صهيوني قديم وأن قيام إسرائيل كما قال أبا ايبان تعليقا على قرار التقسيم لأنه إقرار من المجتمع الدولي بأن اليهود كانوا في فلسطين منذ آلاف السنين، وأنهم بهذا القرار يستردون فلسطين، والصحيح أن إسرائيل مشروع أقدم من المحرقة بأكثر من نصف قرن، وأن الهجرة اليهودية إلى فلسطين بدأت من القرن التاسع عشر، رغم أن هرتزل وزعماء اليهود لم يحددوا جهة معينة لإقامة الدولة اليهودية كما أن العرب ليسوا مسؤولين عن محرقة اليهود، بينما تمت هذه المحرقة فى إطار ألمانى لا علاقة لنا به، ثم إن قرار التقسيم كان وهما لأن المشروع الصهيوني كان يستهدف كل فلسطين كما أشار المسؤول الصهيوني الكبير وكما دل على ذلك مؤخرا قانون الدولة اليهودية.

الأسطورة الثانية؛ هي أن إسرائيل واحة للديمقراطية والازدهار والتقدم التكنولوجي لاستكمال المهمة المقدسة الاستعمارية وهى نقل الشعوب المتخلفة إلى الحضارة والتقدم، والصحيح أن إسرائيل هي أكبر مركز لتخريب المنطقة وإثارة الحروب والمآسى فيها. وأطالب بعقد مؤتمر دولي لدراسة مدى إسهام إسرائيل في مشاكل المنطقة وأنها نموذج للعنصرية واحتكار القانون الدولي. 

صحيح أن في إسرائيل ديمقراطية ولكنها ديمقراطية لخدمة المجتمع اليهودي، وهذا المجتمع ضالع في المؤامرة على المنطقة بدليل أن من يسفك الدماء العربية أكثر من غيره من المتنافسين في الانتخابات يتولى السلطة؛ وبالطبع فإن إسرائيل تعتبر الديمقراطية في المنطقة العربية نهاية لوجودها، ولذلك عملت على التماهي مع الحكام العرب ضد شعوبهم وقمع الثورات العربية. ويد إسرائيل موجودة في جميع الساحات العربية بغطاء أمريكي، فإسرائيل هي العقبة الأساسية في تقدم المنطقة والسلام معها هو استسلام لنزواتها ومشروعها وهي وكيل الغرب مع الحكام بعد رحيل الاستعمار التقليدي.

الأسطورة الثالثة؛ هي أن إسرائيل تريد السلام القائم على دولتين في فلسطين، والصحيح هو أن المشروع الصهيوني دفع العالم بحجة الأكاذيب وقام على أساس القوى العسكرية وإبادة الفلسطينيين والسلام الوحيد الذي يستهدفه هو السلام الإسرائيلي.

الأسطورة الرابعة؛ هي أن إسرائيل تعيش وسط غابة من الأعداء والصحيح أن إسرائيل أصبحت بسبب التخاذل العربي تعيش أزهى عصور الأمان لمشروعها، وأن هذه البيئة المعادية شكلت بيئة حاضنة لإسرائيل ومشروعها.

الأسطورة الخامسة؛ هي أن إسرائيل تستمد شرعيتها من قرار التقسيم وعضوية الأمم المتحدة، والصحيح أن إسرائيل نفسها لا تعترف بقرار التقسيم كأساس لشرعيتها وهو ما فصّله المفكر الفرنسي جارودى فى كتابه "الأساطير المؤسسة لإسرائيل"، وحتى هذا القرار يناقض ميثاق الأمم المتحدة ناهيك عن الأوهام التوراتية والخيال التاريخي المريض، وأما عضويتها في الأمم المتحدة فهي إن لم تكن باطلة ابتداء لافتقادها إلى شروط المادة الرابعة لعضوية المنظمة الدولية فإن قرار انضمامها لم تحترم الشروط الواردة فيه فبطلت عضويتها لتخلف شروط انضمامها، ولذلك فإن مسألة شرعية إسرائيل كابوس يطارد حكامها ومجتمعها.

الأسطورة السادسة؛ هي أن عدم الحرب بين مصر وإسرائيل يعني السلام وأن هذا السلام تضمنته المعاهدة المصرية الإسرائيلية، والصحيح هو أن إسرائيل صنعت للقضاء على مصر وتمكنت من قهر إرادتها المقاومة للمشروع، بل صارت مصر من أدوات تسهيل المشروع في المنطقة وليس المنافسة معه مما سمح للمشروع أن يعزل مصر في المنطقة العربية كلها ويحرمها من قيادة العالم العربي منذ توقيع هذه الصفقة.

يضاف إلى ذلك أن إسرائيل لا تحتاج إلى محاربة مصر ما دامت مصر لا تعادي إسرائيل ولا تقف ضد طموحاتها في المنطقة حتى في الجسد المصري بل وتغلغلت إسرائيل في قلب مصر وهيمنت وفق تقرير عموس يدلين عام 2010 الذي أكد أن الموساد اخترق جميع مفاصل الدولة المصرية ولم يرد أحد على هذا التقرير فى حينه، ولذلك فإن عدم الحرب بين مصر وإسرائيل سببه أن إسرائيل هي التي تشن الحرب ولا تجد مبررا إزاء تعاون مصر لشن الحرب عليها خاصة وأنها تسعى لاستكمال مخططها في الحصول على سيناء.

الأسطورة السابعة؛ هي أن إسرائيل تضمن استقرار المنطقة من خلال دعم النظم العربية في موافقة الشعوب والصحيح هو أن إسرائيل لا تبقى إلا بهذا التحالف، ولكن واشنطن هي التي هيئت للدور الإسرائيلي ووضعت قاعدة للعرب، وهي أن أي علاقات مع واشنطن يجب أن تمر عبر إسرائيل وذلك أن العلاقات الأمريكية مع الدول العربية تكون علاقات متابعة لعلاقات الدولة مع إسرائيل، إلا أن إسرائيل هي العامل الأساسي في هذه العلاقات، خاصة أنها تمكنت بنجاح من فضح المقولة الشائعة لما يسمى الأمن القومي العربي قد أصبح أمن النظم العربية يعتمد على إسرائيل ضد مصالح الأوطان العربية. 

الأسطورة الثامنة؛ هي أن القوة العسكرية الإسرائيلية وضياع العقل الشعبي العربي وهمٌ، أن تحل إسرائيل محل الفلسطينيين بعد تركهم إلى البلاد المبادرة، وأن المقاومة لإسرائيل مضيعة للوقت، والصحيح أن العقود السابقة والمآسي العربية وفرت مع العولمة الأساس لرفض المنطقة للمشروع الصهيوني وأذنابه وأن قمة الأساطير هي صفقة القرن، لأن الفلسطينيين لن يفرطوا في أرضهم وغيرهم لن يفرط في أرضه تحت أي ذريعة أو مسمى.

الأسطورة التاسعة؛ هي أن إسرائيل يمكن أن تندمج بالهوية الصهيونية في العالم العربي وتبديد الهوية العربية للمنطقة، والصحيح هو أن إسرائيل كيان غريب سرطاني لا يتمتع بأي مزايا جيوسياسية كما أن الجزء لا يمكن أن يبيد الكل، فالمنطقة تنتظر قيادة تعيدها إلى رشدها حتى تضطر إسرائيل هذا الكائن الغريب إلى مغادرتها كما فعلت المستعمرات الصليبية في فلسطين في العصور الوسطى.

الأسطورة العاشرة؛ هي أن الصهيونية تختلف عن اليهودية وهذا صحيح من الناحية العلمية، فليس كل اليهود صهاينة وليس كل الصهاينة يهودا ولكن الثابت أن إسرائيل لا تعترف إلا باليهود، وقد صرح كبير الحاخامات في نيويورك بأن الفصل بين الصهيونية واليهودية من الناحية الدينية يهدف إلى منع الدعم اليهودي عن إسرائيل، وأن المشروع الصهيوني هو تجسيد للقومية اليهودية وأن خدمة إسرائيل واجب ديني وتوراتي، وهذا هو السبب في إثارة البعد الديني بين التيارات الإسلامية ضد إسرائيل.