"أسوشييتد برس": هكذا يؤثر الانسحاب الإماراتي على الحرب في اليمن

12

طباعة

مشاركة

استعرضت وكالة "أسوشييتد برس" الأمريكية تأثير الانسحاب التدريجي الإماراتي من اليمن على الحرب التي يخوضها التحالف الذي تقوده السعودية هناك، مشيرة إلى أن الانسحاب يمثل خطوة كبيرة من الإماراتيين بعيدا عن سياسة الرياض، الشريكة الرئيسية في الحرب.

وبحسب تقرير للوكالة الأمريكية، فإن الخطوة التي اتخذتها الإمارات، التي هي واحدة من أقوى الأطراف في حرب اليمن، بسحب الآلاف من قواتها، تركت التحالف الذي تقوده السعودية هناك بإمكانيات ضعيفة من القوات البرية، وخيارات تكتيكية أقل.

إنهاء الحرب

وأوضح التقرير أن قرار خفض القوات لا يعني أن الإمارات تخلت عن اليمن أو الائتلاف الذي شكّلته مع السعودية في عام 2015 لوقف تقدم المتمردين الحوثيين الذين استولوا على شمال البلاد، مؤكدة أن الانسحاب يمثل خطوة كبيرة من الإماراتيين بعيدا عن سياسة السعودية، الشريكة الرئيسية في الحرب، لإخضاع الحوثيين،  وهي الإستراتيجية التي لم تنجح إلى حد كبير.

وتابعت "أسوشييتد برس": "تقول الإمارات إن تخفيض القوات يهدف إلى تعزيز المفاوضات مع الحوثيين لإنهاء الحرب".

ونقلت الوكالة عن وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات أنور قرقاش، قوله في صحيفة "الواشنطن بوست" هذا الأسبوع: "لقد حان الوقت لدفع العملية السياسية".

ومضت تقول: "أجرى الحوثيون والحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، والتي يدعمها التحالف، محادثات الأسبوع الماضي لأول مرة منذ أشهر حول تنفيذ وقف لإطلاق النار توسطت فيه الأمم المتحدة في مدينة الحديدة، وهي مدينة مطلة على البحر الأحمر والتي يسيطر عليها الحوثيون، والتي تعد نقطة لمعظم المساعدات الإنسانية. تعد المحادثات ضرورية لفتح الطريق أمام مفاوضات سلام أوسع لإنهاء الحرب المستمرة منذ 5 سنوات".

ولفتت إلى أن الحرب، التي اندلعت بسبب استيلاء الحوثيين على العاصمة في عام 2014، أودت بحياة عشرات الآلاف، ودفعت الملايين إلى شفا المجاعة وأحدثت أكثر الأزمات الإنسانية تدميرا في العالم.

وأردف التقرير يقول: "لن تكشف دولة الإمارات عن عدد القوات التي سحبتها، مما يؤكد فقط أن المستويات انخفضت بشكل كبير"، مبينة: "شارك حوالي 10 آلاف جندي إماراتي في اليمن قبل بدء الانسحاب، وفقا لمسؤولين يمنيين".

ونقلت الوكالة عن شخص مطلع على هذه التحركات، قوله إن التخفيض كان بنسبة 50إلى 75 بالمئة في جميع فرق العمل العسكرية الإماراتية في اليمن.

وبحسب تقرير "أسوشييتد برس"، فإن القوات الإماراتية لم تشارك إلى حد كبير في القتال المباشر، وبدلا من ذلك كانت تشرف على الاستخبارات والعمليات وتدريب القوات المحلية.

وتابعت الوكالة: "لا تزال تلك القوات المحلية - حوالي 90 ألف مقاتل في المليشيات التي تدربها الإمارات - موجودة حول الجنوب الذي تسيطر عليه قوات التحالف. وتقول الإمارات إن قادتها المتبقين سيواصلون توجيههم وتقديم المشورة لهم".

وأضافت: "كما عمل الإماراتيون عن كثب مع الولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب في اليمن، وهو جهد يقولون إنه سيستمر"، لافتة إلى تراجع مستويات القوات الإماراتية في القاعدة العسكرية للإمارات في ميناء عصب الإريتري، الذي يعد نقطة انطلاق للعمليات في الحديدة.

ونوّه التقرير إلى أن الإماراتيين سحبوا بطاريات باتريوت وأنظمة دفاعية أخرى من اليمن في وقت تصاعدت فيه التوترات في الخليج العربي بين الولايات المتحدة وإيران.

تأثير الانسحاب

وحول تأثير الانسحاب الإماراتي من اليمن، استبعدت الوكالة أن يميل الميزان العسكري على الفور، لأن المليشيات المتحالفة مع دولة الإمارات لا تزال على الخطوط الأمامية، بما في ذلك أهمها في الوقت الحالي، وهي الحديدة. وأوضحت أنه في خضم الجمود الطويل، خمد القتال على معظم الجبهات.

ونقلت "أسوشييتد برس" عن بيتر ساليسبري، المحلل البارز في المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات، قوله إن الانسحاب على الأقل في الوقت الراهن يعني أن خيار الهجوم المتجدد على الحديدة غير وارد.

وبحسب التقرير، فإن هذا يعطي الحوثيين بعض التنفس، لأن الإماراتيين تمركزوا لأشهر حول الميناء للضغط على الحوثيين لتطبيق شروط وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الأمم المتحدة هناك.

وذكرت الوكالة، أن قرقاش، حث الحوثيين على النظر إلى الانسحاب باعتباره "إجراء لبناء الثقة" وحثهم على "أن تكون أعينهم مفتوحة على مصراعيها لهذه الفرصة الحرجة" لإحراز تقدم في السلام. لكن ـ بحسب التقرير ـ يمكن للحوثيين النظر للانسحاب باعتباره إشارة أنه يمكنهم الصمود، بدلا من تقديم تنازلات.

ونقلت عن إليزابيث ديكنسون، المحللة البارزة في "كريسس جروب": أنه "ربما تشعر السعودية بأنها لا تزال بحاجة إلى فوز في اليمن، مهما كان شكله لهم، من أجل التركيز بشكل أوضح على المحادثات. هناك شعور في الرياض بأن الوقت الحالي ليس وقت التراجع".

واستطرد تقرير الوكالة قائلا: "لم تعلق المملكة العربية السعودية على الانسحاب الإماراتي، لكن هذه الخطوة تظهر بلا شك الانقسام في الأغراض بين الشريكين في قلب الائتلاف".

وأردف: "طالما أراد السعوديون طرد الحوثيين من العاصمة صنعاء وإضعاف قدراتهم العسكرية على طول الحدود المشتركة. ورغم سنوات من الغارات الجوية المدمرة والقتال لم تتمكن من تحقيق أي منهما".

وتابعت الوكالة: "في الوقت نفسه، تركز اهتمام الإماراتيين على الجنوب. هناك، رسخت الإمارات نفسها كحاكم فعلي من خلال تمويل وتسليح المليشيات، بما في ذلك الانفصاليون الجنوبيون. ويدير الإماراتيون أيضا قاعدة جوية رئيسية في عدن، المدينة الرئيسية في الجنوب. كما استبعد الإماراتيون فعليا حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف بها دوليا والتي يقاتل التحالف ظاهريا لاستعادتها".

ونقلت الوكالة عن مسؤول في حكومة هادي، قوله إن انسحاب الإماراتيين لن يقلل من سلطتهم هناك، لافتا إلى أن الذي تحدّث شريطة عدم الكشف عن هويته خوفا من الانتقام، يقول: "إن المليشيات التي تدعمها الإمارات تسيطر على كل شيء في عدن وغيرها من المناطق التي تخضع نظريا لسيطرة الحكومة. لديهم بالفعل رجالهم في جميع أنحاء اليمن".

ولفتت الوكالة إلى أنه برغم إعلان الإمارات أنها لا تزال ملتزمة بالتحالف، إلا أن التحالف يواصل الانكماش، مشيرة إلى أن قطر والمغرب كانتا سحبتا قواتهما من اليمن في السنوات الأخيرة وسط خلاف مع السعودية، بينما لا يزال في المعركة الآلاف من قوات السودان.

آلاف القتلى

واستعرض "أسوشييتد برس" تأثير الحرب على اليمن، قائلة إنها أسفرت عن مقتل أكثر من 94 ألف شخص، وفقا لأحدث البيانات. وتسبب القتال والحملة الجوية للتحالف في دمار هائل للبنية التحتية في اليمن، مما تسبب في انتشار الجوع والمرض.

وتقدّر مجموعة "انقذوا الأطفال" (غير الربحية) أن 85 ألف طفل دون سن الخامسة قد ماتوا بسبب الجوع أو المرض منذ بداية الحرب. ويُعتقد أن تفشي الكوليرا أودى بحياة أكثر من 3 آلاف شخص، وتسبب في حوالي 1.4 مليون حالة مشتبه فيها.

وقادت الأمم المتحدة جهود مساعدات ضخمة تهدف إلى إبقاء اليمنيين على قيد الحياة، لكن وكالة "أسوشييتد برس" وثقت مشكلة المساعدات المفقودة والمسروقة التي ألقي باللوم فيها على جميع أطراف النزاع.

وذكر التقرير، أن البلاد لا تزال منقسمة، ويسيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء، في العديد من المحافظات الشمالية وكذلك في الكثير من المرتفعات الغربية حيث يعيش غالبية سكان اليمن، وتسيطر القوات المدعومة من التحالف على الجنوب والمحافظات الشرقية.

وذكرت الوكالة، أن الكثير الآن يتوقف على المحادثات حول تطبيق اتفاقية الحديدة. ووصف المبعوث الخاص للأمم المتحدة لليمن مارتن غريفيث محادثات الحديدة بأنها "بوابة للعملية السياسية". لكن جلسة الأسبوع الماضي لم تحقق سوى تقدم بسيط.

ونقلت عن ساليسبري قوله: "لا تزال هناك فرصة لإنقاذ الاتفاقية وتنفيذها جزئيا على الأقل والانتقال إلى محادثات سياسية أكبر. ولكن لم نصل إلى هناك بعد ".

وختم تقرير الوكالة الأمريكية حديثه بالقول: "يؤدي فشل المحادثات إلى خطر استمرار الفوضى، وحذّر غريفيث من أن اليمن يخاطر بأن يتم جرّه إلى التوترات في الخليج العربي".