"صباح": ما الذي أضافته منظومة "أس 400" إلى قدرات تركيا العسكرية؟

12

طباعة

مشاركة

تساءل الكاتب التركي، حسن باصري يالتشين، عن ما إذا كانت القرارات المتعلقة، بالحصول على منظومة أس 400 الروسية هي قرارات إستراتيجية، وقال في مقال نشرته صحيفة "صباح" التركية، إنها بالفعل كذلك، فمن جهتها، أسست تركيا لدولة مستقلة وذات قرار سيادي قولا وفعلا، وغير أنها عززت قوة الدفاع لديها عبر هذا النظام الجوي، فإنها عززت قوة الردع. 

وتطرّق الكاتب إلى الاجتماع الذي عقده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع رؤساء تحرير الصحف التركية الأحد الماضي، وكان محوره الأساسي: الصواريخ الروسية وموقف الدول الخارجية من استلام تركيا لها.

خلال الاجتماع، جرى التطرق للكثير من الأمور، لكن من وجهة نظر الكاتب، فإن أهم ما تحدث عنه أردوغان هو التخطيط الإستراتيجي لتركيا، إذ أنه ولسنوات طويلة، قيل، إن تركيا كدولة مستقلة لديها هواجس الأمن، وضبط مسألة السياسة الخارجية؛ وهي مرتبطة في الغالب بالخطوات الدبلوماسية.

أكثر من زبون وبائع

تعرب تركيا دائمًا عن اتباع سياسة خارجية مستقلة وخاصة بها، ولعل حديث الساعة الآن في البلد، هي قضية حساسة للغاية وذات صلة بالأمن وتصلح مثالًا لذلك. 

استخدم أردوغان، بحسب المقال، جملة ربما لم تلفت انتباه الكثيرين، "لكنني شخصياً اعتبرتها مهمة للغاية"، إذ أنه في ظل الحديث عن استلام الصواريخ الروسية، وفي ظل شرح رؤية تركيا الإستراتيجية، تحدث عن فكرة أن تكون شريكًا، وليس زبونا وبائعا. ورأى الكاتب، أن هناك تعبير ملموس عن حدوث تحول في هذه الجملة.

ربما قيلت هذه التصريحات كثيرًا، لكن موقع وتاريخ الجملة يختلف، فعادة ما تستخدم هذه الجملة في المواقف الدبلوماسية، ما يعني أنها لا تحمل ذلك المعنى الكبير، لكن الموقف هنا مختلف. تركيا هي جزء من التحالف الغربي، لكن هذا ليس كل شيء، إذ تم تأسيس علاقات دبلوماسية مع الأطراف الفاعلة الأخرى وتحت عناوين مختلفة.

ولعل أبرز مثال صارخ على ذلك، هو محادثات أستانة التي كانت أرضية دبلوماسية وحاليًا هناك أرضية دبلوماسية أخرى، هي أنظمة الدفاع الجوي الأخيرة.

قدرة الردع

الدبلوماسية تتغير بين يوم وآخر، ولا يمكن أن تسير على نمط واحد، ولا اتجاه واحد فقط، ليست نظاما راسخا لا تغيير فيه ولا تبديل. نعم يجب توفير أرضية خصبة لدبلوماسية فعالة، لكن هذه الأرضية، يتم قياسها بمدى إمكانيتها لتحقيق نتائج ملموسة؛ والنتيجة الملموسة هي مساهمتها في القدرة المادية للبلد.

وعند هذه النقطة فإن الصواريخ الروسية، تفيد البلاد من جانبين:

  • من جهة، هي لحماية البلاد من الأخطار الجوية التي قد تهددها، سواء كانت هذه الأخطار من عدو أو غدر حليف. كما ستجبر أي جهة تخطط لمهاجمة تركيا، أن تفكر مرة وثلاث وربما خمس مرات قبل أن تُقدم على تنفيذ هجومها، حتى لو كانت تلك الجهة قوية بقدر الولايات المتحدة. وزاد الكاتب مشددا على أن تركيا، في هذه النقطة لم تفز بقدرة دفاعية فحسب، بل عززت قدرة الردع لديها.
  • ومن جهة أخرى، يتعلق بعلاقة تركيا بتحالف شمال الأطلسي الناتو، إذ أنها بلد حر قرر أن يجري علاقات وصفقات خارج إطار الناتو. ولذلك فإن الصفقة، تمثل عاملاً صارخًا، لاختراق تركيا حدودها الدبلوماسية المعتادة بالمعنى الحقيقي والجاد لمفهوم أن تركيا دولة مستقلة وذات سيادة. 

قال الكاتب في مقاله، إن الرئيس أردوغان كان متفائلًا لأقصى درجة في مسألة الطائرات الأمريكية الشبحية إف 35، ولو أُبطل بالفعل مشروع التصنيع المشترك الذي استثمرت فيه تركيا مليارا و400 مليون دولار، لن يكون تأثيره فقط عليها، بل ستتأثر كذلك كل من الدنمارك وهولندا بالإضافة إلى الولايات المتحدة. 

مصدر التخوفات

واعتبر الكاتب، أن التفكير في هذه المسألة من وجهة نظر شاملة، يفيد بأن تركيا -من خلال الصواريخ الروسية- دخلت من أكثر الأبواب أهمية وحساسية في اللعبة العالمية؛ أنشأت أنظمة دفاع جوي، التي تبقى أس 400 رقم واحد بينها، لذلك فهي خطوة ملموسة وإستراتيجية.

وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، الثلاثاء الماضي، إن سبب معارضة واشنطن لشراء تركيا منظومة أس400 الروسية، ليس تقنيا، بل لأن أنقرة تشتري المنظومة من روسيا. وأوضح تشاووش أن تركيا بحاجة ماسة لمنظومة دفاع جوي، وأن أس 400 الروسية بدأت بالوصول إلى الأراضي التركية. وأكد بأن المنظومة ستدخل حيز الاستخدام مطلع العام القادم.

وتابع قائلا: "تصريحات الرئيس ترامب خلال قمة العشرين كانت واضحة للعيان، وهناك أصوات معارضة لتصريحاته تصدر من واشنطن بين الحين والآخر، لكن تركيا دولة مستقلة وذات سيادة، وتشتري المنظومة التي تلبي احتياجاتها".

وأشار إلى أن أس 400 ليست منظومة هجومية، وأنها ستكون تحت تحكم تركيا ولن تشكل خطرا على أنظمة الناتو ومقاتلات إف 35 الأمريكية.