نتائج مقلقة.. لماذا تراجع تأييد إسرائيل داخل "الحزب الديمقراطي" الأميركي؟

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

استعرض موقع أميركي التغير الكبير في تأييد أعضاء الحزب الديمقراطي الأميركي للفلسطينيين على حساب الإسرائيليين.

وذكر موقع "ذا ميديا لاين" أن "مؤسسة "غالوب" للأبحاث في واشنطن أعلنت في 16 مارس/ آذار 2023، نتائج استطلاع رأي أظهر أن 49 بالمئة من الديمقراطيين متعاطفون مع الفلسطينيين، مقابل 38 بالمئة متعاطفين مع الإسرائيليين".

ووفقا لمؤسسة "غالوب"، فإن هذا الرقم المتعاطف مع الفلسطينيين يمثل ارتفاعا بنسبة 11 بالمئة مقارنة بعام 2022.

تحول دراماتيكي

ووصف الموقع الأميركي تلك النتيجة بـ"التحول الدراماتيكي" في آراء الديمقراطيين الأميركيين، الذين عبروا تاريخيا عن دعمهم القوي لإسرائيل.

"وبالنسبة لإسرائيل، التي تعتمد بشكل كبير على الدعم الأميركي، فإن مثل هذه النتائج مقلقة"، وفق التقرير.

وعلق كبير الحاخامات في كنيس "ستيفن وايز" في مدينة نيويورك، أميئيل هيرش، قائلا: "بينما نحن على دراية بهذا المنحنى الصاعد، فإن علينا إطلاق دعوة أخرى للداعمين الأميركيين لإسرائيل، وكذلك صانعو السياسة والدبلوماسيون الإسرائيليون".

في المقابل، ظل التأييد الجمهوري لإسرائيل ثابتا عند 78 بالمئة، في الاستطلاع الذي استكشف آراء 1,008 عضو في الحزب الجمهوري.

كما قاس استطلاع "غالوب" التعاطف الأميركي العام مع الإسرائيليين والفلسطينيين، حيث أشار إلى أن هذه هي "المرة الأولى التي لا تتمتع فيها إسرائيل بميزة على الفلسطينيين في تعاطف الأميركيين".

"ومع ذلك، لا تزال إسرائيل تحظى بتعاطف أكبر من الفلسطينيين، بنسبة 54 بالمئة، مقابل 31 بالمئة"، تضيف غالوب.

وحسب "ذا ميديا لاين"، فإن تآكل دعم إسرائيل بين الديمقراطيين في السنوات الأخيرة، وميل الكفة تجاه الفلسطينيين، لم يكن هذا مفاجئا للكثيرين؛ حيث تشير اتجاهات الرأي الأخيرة بين الناخبين الديمقراطيين إلى هذا المنحى منذ فترة".

وقال الحاخام الأميركي، باروخ فريدمان كول: "تاريخيا، كان الديمقراطيون داعمين لإسرائيل، فقد أظهرت قياداتهم دعما قويا لإسرائيل".

وأضاف: "لكن على مستوى القواعد الحزبية، اتجه الحزب نحو اليسار بدرجة ما، وأظهر مزيدا من السياسات التقدمية، ونتيجة لذلك، فإن هناك تعاطفا متزايدا مع الفلسطينيين لأن هناك مزيدا من الاهتمام الممنوح لحالتهم بشكل عام".

اختلاف الأجيال

ووفقا لبروفيسور العلوم السياسية الإسرائيلي، موشيه هيلينجر، فإن "هناك عملية طويلة لإضعاف التناغم مع إسرائيل في الحزب الديمقراطي، خاصة بين الديمقراطيين الأصغر سنا"، متوقعا أن تستمر هذه الحالة بشكل مكثف.

وأشار الموقع الأميركي إلى أن استطلاع الرأي أظهر أن هناك اختلافا بين الأجيال في الدعم، حيث يميل الشباب أكثر نحو دعم الفلسطينيين.

"ويتضح هذا بشكل متزايد حيث أصبحت الأجندة التقدمية أكثر صخبا، ما شجع الحزب على التخلي عن دعمه السابق - غير المشروط تقريبا- لإسرائيل"، يضيف الموقع.

وأضاف التقرير أن إسرائيل تحارب دائما صورتها كمحتل، لكنها باتت تقترب منذ سنوات من أن تكون نظاما ثيوقراطيا (قائما على نظرية الحكم الإلهي).

فالتطورات الأخيرة التي تشمل تشكيل حكومة يمينية متطرفة متحالفة مع عناصر قومية متطرفة، تشكل تحديا أكبر، حسب "ذا ميديا لاين".

ووفق البروفيسور هيلينجر، فإن "إسرائيل يُنظر إليها على أنها دولة احتلال، ومجتمع به إكراه ديني. وقد أصبح الجيل الأصغر من الأميركيين -وخاصة في الحزب الديمقراطي- أقل تدينا، ولذلك، تبدو إسرائيل بالنسبة لهم تسير في الاتجاه المعاكس".

وأشار هيلينجر إلى أن "هناك علاقة بين الانفصال المتزايد للديمقراطيين عن إسرائيل، والخلاف المتزايد بين الجمهوريين والديمقراطيين في الولايات المتحدة".

ففي السنوات الأخيرة، أصبحت إسرائيل قضية خلافية بشكل متزايد في الولايات المتحدة، بعد أن اعتادت على دعم شبه شامل من الحزبين في الولايات المتحدة. 

وأرجع الموقع الأميركي هذا التحول في الدعم إلى التطورات السياسية في كل من الولايات المتحدة وإسرائيل.

إذ يقود إسرائيل رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بشكل شبه مستمر منذ عام 2009، باستثناء 18 شهرا بين يونيو/ حزيران 2021، وأواخر ديسمبر/ كانون الأول 2022.

وبلغت الخلافات بين نتنياهو وإدارة الرئيس الأميركي الديمقراطي، باراك أوباما، ذروتها عام 2015، عندما خاطب نتنياهو الكونغرس حول الاتفاق النووي الإيراني بعد تلقيه دعوة من نواب جمهوريين.

خروج عن البروتوكول

ووصف التقرير ما فعله نتنياهو بأنه "كان خروجا عن البروتوكول، ووخزة كبيرة في عين الرئيس الأميركي حينها".

وقبل ذلك، كان نتنياهو قد اصطف تدريجيا مع الحزب الجمهوري، وتودد بشكل متزايد للمسيحيين الإنجيليين، كما شهدت سنوات حكمه تدهورا في العلاقات بين يهود أميركا وإسرائيل.

"وعندما دخل الرئيس الجمهوري، دونالد ترامب، البيت الأبيض، أصبح هذا هو العصر الذهبي لرئيس الوزراء الإسرائيلي، غير أنه تسبب أيضا في حدوث شقاق أكبر مع الديمقراطيين"، حسب التقرير.

وخلال الفترة القصيرة نسبيا التي لم يكن فيها نتنياهو في السلطة، حاولت الحكومة الإسرائيلية بقيادة رئيسي الوزراء السابقين، نفتالي بينيت، ويائير لابيد، تطوير العلاقات مع الديمقراطيين.

"لكن ذلك العام الذي استمر فيه رئيسا الوزراء في السلطة لم يكن كافيا، إذ تظهر الأرقام الواردة في الاستطلاعات اتجاها متصاعدا معارضا للإسرائيليين منذ فترة"، وفق التقرير.

"ونظرا لأن حل النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني يبدو بعيدا أكثر من أي وقت مضى، ولأن دائرة العنف تزداد، فإن المراقبين ينظرون إلى إسرائيل بشكل أقل إيجابية من الماضي"، حسب ذا ميديا لاين.

بالإضافة إلى ذلك، فإن التطورات الداخلية الأخيرة في إسرائيل - التي ترأسها حكومة يمينية متطرفة- جعلت الديمقراطيين ينظرون إلى إسرائيل بشكل مختلف.

إذ أدت الإصلاحات القضائية المثيرة للجدل التي روج لها نتنياهو وحكومته إلى احتجاجات واسعة النطاق في إسرائيل.

من جانبها، شجعت الإدارة الأميركية - عبر مسؤولين مختلفين- رئيس الوزراء الإسرائيلي على الانخراط في حوار حول التشريع المزمع، لكن من جانبها، تواصل الحكومة الإسرائيلية السير قدما في خططها.

وقال هيلينجر إن "المجتمع الإسرائيلي يتطلع بشكل مضطرد نحو اليمين والمحافظة، كما أصبح أكثر تمركزا حول العرق والقومية، ولذلك، تبدو إسرائيل مثل شخصية ترامب الكريهة بالنسبة للديمقراطيين".

وأكد التقرير أن التغييرات التي ظهرت في استطلاع غالوب تشكل تحديا كبيرا لإسرائيل، التي تعتمد في العديد من المجالات على تحالفها مع الولايات المتحدة.

وأشار إلى أن "الدعم الأميركي لإسرائيل في ظل حكومة نتنياهو الحالية لم يخضع لاختبار حقيقي بعد، لكن هذه الاختبارات يمكن أن تأتي في وقت قريب جدا".

وشدد التقرير على أن "حق النقض الأميركي في مجلس الأمن الدولي (الفيتو) منع إسرائيل من أن تصبح معزولة على الساحة الدولية، وسمح لها بالعمل عسكريا في قطاع غزة ولبنان لفترة أطول مما تريده غالبية المجتمع الدولي".

"وبدون هذا الدعم، كان من الممكن أن تجد إسرائيل نفسها بسهولة تحت نظام عقوبات خانق"، يؤكد الموقع الأميركي.

وحسب الحاخام هيرش، فإنه "من المؤكد أن مواقف السياسيين المنتخبين في مجلسي النواب والشيوخ ستتبع في نهاية المطاف الرأي العام لمن يمثلونهم وينتخبونهم".

وتتجه الولايات المتحدة إلى الانتخابات التمهيدية في كلا الحزبين ثم انتخابات رئاسية في عام 2024، ومن غير الواضح من سيكون المرشح للرئاسة من كلا الحزبين.

وأورد التقرير أن "هناك مخاطرة حقيقية بأن يتم انتخاب أعداد متزايدة من معارضي إسرائيل للكونغرس خلال السنوات المقبلة".

وعلى هذا، يمكن أن تكون المساعدات العسكرية الأميركية المكثفة لإسرائيل مشروطة بإجراء تغييرات معينة في السياسات الإسرائيلية.

وأشار البروفيسور هيلينجر إلى أنه "إذا لم تتغير التوجهات (اليمينية) في إسرائيل، والتوجهات التقدمية في الولايات المتحدة، فإن الصدع بين إسرائيل والديمقراطيين سيزداد".

وختم الموقع الأميركي بالقول، إنه "في الوقت الحالي لا يزال الدعم الأميركي لإسرائيل ثابتا كما يُظهر الاستطلاع، لكن التغيير في اتجاهات الدعم واضح أيضا، ويمكن أن يؤثر بشكل كبير على العلاقة بين الحليفين".