الجنائية الدولية تصدر مذكرة اعتقال بحق بوتين.. كيف تؤثر على تحركاته دوليا؟

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

ألقت "إذاعة أوروبا الحرة" الضوء على مذكرة التوقيف التي صدرت بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مشيرة إلى أن "هذا القرار سيحد من تحركاته الخارجية".

ففي 17 مارس/ آذار 2023، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية (ICC) مذكرة توقيف بحق "بوتين"، بتهمة ارتكاب جريمة حرب على خلفية الحرب في أوكرانيا.

ودعت المحكمة إلى القبض على بوتين لمسؤوليته عن ترحيل أطفال ونقل أشخاص دون سند قانوني من أوكرانيا إلى روسيا منذ بدء الحرب على أوكرانيا في 24 فبراير/ شباط 2022.

وباعتبار أن هناك 123 دولة حول العالم أعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، فإنه يتعين عليهم تنفيذ مذكرة التوقيف بحق الرئيس الروسي.

وقالت المحكمة الجنائية الدولية، في بيانها، إن مذكرة توقيف صدرت أيضا بحق ماريا لفوفا بيلوفا، وهي مسؤولة روسية في مجال حقوق الأطفال يُزعم أنها وجهت عملية نقل الأطفال الأوكرانيين إلى روسيا.

وذكرت المحكمة أن "الجرائم ارتكبت في الأراضي المحتلة الأوكرانية على الأقل اعتبارا من 24 فبراير 2022"، مشيرة إلى أن هناك أسبابا معقولة للاعتقاد بأن بوتين ولفوفا بيلوفا يتحملان المسؤولية الجنائية".

ووجدت المحكمة أن هذه الأسباب تفيد بتحمل بوتين مسؤولية ارتكاب هذه الأفعال بشكل مباشر، بالاشتراك مع آخرين، أو من خلال آخرين، و"لفشله أيضا في ممارسة سيطرته كما ينبغي على مرؤوسيه المدنيين والعسكريين الذين ارتكبوا الأفعال، أو سمحوا بارتكابها".

محاسبة تاريخية

بدوره، أشاد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بالخطوة، واصفا إياها بـ"القرار التاريخي الذي سيقود إلى محاسبة تاريخية".

وقال زيلينسكي إن ترحيل الأطفال الأوكرانيين "يعني النقل غير القانوني لآلاف أطفالنا إلى أراضي دولة إرهابية"، مضيفا أن هذا لم يكن ليتم بدون أمر من بوتين شخصيا.

وتابع: "فصل الأطفال عن عائلاتهم، وحرمانهم من أي فرصة للاتصال بأقاربهم، وإخفاء الأطفال في أراضي روسيا، وتشتيتهم في مناطق نائية، كل ذلك يمثل سياسة دولة واضحة تنتهجها روسيا".

وأردف الرئيس الأوكراني أن "كل ذلك كان قرارات صادرة من الدولة (الروسية)، وشرا نابعا منها، وانطلقت هذه الجرائم من أعلى هرم السلطة على وجه التحديد".

وبموجب المذكرة، أصبح بوتين ثالث رئيس دولة يتم استهدافه بمذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية- المحكمة الدائمة للنظر في جرائم الحرب حول العالم- إلى جانب الرئيسين السابقين في السودان وليبيا، عمر البشير ومعمر القذافي، على الترتيب.
 

وقال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إن الأسئلة التي أثارتها المحكمة الجنائية الدولية "شائنة وغير مقبولة"، مشيرا إلى أن روسيا – مثلها مثل العديد من الدول الأخرى- لا تعترف باختصاص المحكمة الجنائية الدولية.

وأضاف بيسكوف: "وبناء على ذلك، فإن أي قرارات من هذا النوع تعد لاغية وباطلة بالنسبة للاتحاد الروسي وفقا للقانون".

وعلاوة على ذلك، وصفت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، مذكرة اعتقال بوتين بأنها "لا معنى لها بالنسبة لروسيا".

وتابعت: "روسيا ليست طرفا في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ولا تتحمل أي التزامات بموجبه، ولا تتعاون مع هذه الهيئة".

وأشارت "إذاعة أوروبا الحرة" إلى أنه لا روسيا ولا أوكرانيا عضوان في المحكمة الجنائية الدولية.

ومع ذلك، منحت كييف المحكمة - التي تتخذ من لاهاي مقرا لها- ولاية قضائية على الجرائم التي ارتكبت على أراضيها منذ الغزو الروسي الذي بدأ في 24 فبراير 2022.

إهانة بوتين

ولا يوجد لدى المحكمة الجنائية الدولية قوات شرطية خاصة بها لتنفيذ أوامر الاعتقال التي تصدرها، لذا تحتاج المحكمة إلى مساعدة الدول الأعضاء للاضطلاع بمهمة احتجاز المشتبه بهم، ثم محاكمتهم في لاهاي.

"وفي حين أن المذكرة من المرجح أن تقلل من مكانة بوتين في الدوائر الدولية، فمن غير الواضح كيف سيتم تنفيذ المذكرة الصادرة بحقه"، وفق التقرير.

"ذلك أنه لا يمكن تنفيذ مذكرة الاعتقال إلا إذا كان موجودا في دولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية، وهو أمر من غير المرجح أن يفعله"، يضيف التقرير.

وصرح رئيس المحكمة الجنائية الدولية بيوتر هوفمانسكي، أن "محتويات مذكرات الاعتقال سرية لحماية الضحايا. ولكن مع ذلك، قرر القضاة الإعلان عن وجود المذكرات، لمصلحة العدالة وللحيلولة دون وقوع جرائم في المستقبل".

وأضاف أن "هذه لحظة مهمة في مسار تحقيق العدالة على يد المحكمة، وحيث إن القضاة أصدروا أوامر الاعتقال، فإن تنفيذ هذه الأوامر يعتمد على التعاون الدولي مع المحكمة".

من جانبه، أشاد المدعي العام الأوكراني، أندريه كوستين، بالخطوة التي اتخذتها المحكمة الجنائية الدولية ووصفها بأنها "تاريخية".

وقال كوستين إنه بأمر الاعتقال هذا "تلقى العالم إشارة بأن النظام الروسي إجرامي، وأن قيادته وشركاءه سيقدمون إلى العدالة". 

وأضاف: "وهذا يعني أنه يجب اعتقال بوتين خارج روسيا ومحاكمته، وسيفكر قادة العالم مرتين قبل مصافحته أو الجلوس معه على طاولة المفاوضات".

وتابع: "قرار اليوم خطوة تاريخية، لكنها ليست سوى بداية رحلة طويلة لاستعادة العدالة، وعلينا أن نسير في هذا الطريق مع العالم الحر بأسره".

ووفق "إذاعة أوروبا الحرة"، فإن هناك أدلة متزايدة على تورط بوتين، غير أن روسيا نفت مرارا وتكرارا الاتهامات بارتكاب فظائع أو انتهاكات لحقوق الإنسان منذ أن شنت غزوها الشامل على جارتها.

وأكد التقرير أن "لفوفا بيلوفا" يُعتقد على نطاق واسع أنها أحد من يتلقون أوامرهم مباشرة من الرئيس بوتين.

عقوبات أميركية

وحسب مؤسسات أمريكية، فقد أشرفت "لفوفا بيلوفا" بنفسها على ترحيل آلاف الأطفال الأوكرانيين إلى روسيا منذ بدء الحرب.

وفي 15 سبتمبر/ أيلول 2022، أضافت وزارة الخزانة الأمريكية المسؤولة الروسية إلى قائمة العقوبات، موجهة إليها عدة اتهامات.

وقال الوزارة في بيانها إن "جهود لفوفا بيلوفا تشمل على وجه التحديد التبني القسري للأطفال الأوكرانيين وإرسالهم إلى أسر روسية، وما يسمى بـ"التعليم الوطني" للأطفال الأوكرانيين، وإجراء تغييرات تشريعية لتسريع منح جنسية الاتحاد الروسي للأطفال الأوكرانيين، والإبعاد المتعمد لأطفال أوكرانيين".

ووثقت منظمة "هيومن رايتس ووتش" عمليات نقل المدنيين الأوكرانيين ووصفتها بأنها "انتهاك خطير لقوانين الحرب لدرجة اعتبارها جرائم حرب وجرائم محتملة ضد الإنسانية".

وقالت المنظمة إن مذكرة التوقيف ضد بوتين هي "دعوة للاستيقاظ للآخرين الذين يرتكبون انتهاكات أو يخفونها".

من جانبها، صرحت مديرة العدل الدولية المساعدة في المنظمة غير الحكومية، بلقيس جراح، أنه "بمذكرات الاعتقال هذه، جعلت المحكمة الجنائية الدولية من بوتين رجلا مطلوبا للعدالة".

وأضافت أن المحكمة "اتخذت بذلك الخطوة الأولى لإنهاء الإفلات من العقاب الذي شجع الجناة في حرب روسيا ضد أوكرانيا لفترة طويلة جدا".