التطبيع والدولار.. هل سيستمر التوافق الإيراني مع دول الخليج؟

قسم الترجمة | a year ago

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة إيرانية معارضة الضوء على السبب الحقيقي الذي تجاهلت طهران من أجله التطبيع الإماراتي الإسرائيلي، وأيضا حديث أبوظبي عن حقوقها في الجزر الثلاث المتنازع عليها.

وقالت صحيفة "كيهان" إنه "بعد الاتفاق على عودة العلاقات الدبلوماسية بين طهران والرياض، توجه الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، إلى الإمارات، لبحث القضايا محل الاهتمام المشترك، ضمن المساعي الإيرانية لتحسين العلاقات مع دول المنطقة".

وقبيل الزيارة، قال شمخاني إن "الحكومة الإيرانية الحالية تركز على التعاون الإقليمي في إطار دبلوماسية الجوار لبناء منطقة قوية".

وشدد على أن "العالم الاسلامي ومنطقة الخليج، اليوم وأكثر من أي وقت مضى، بحاجة إلى المودة والتعاون والتقارب بين الدول الإقليمية".

مثيرة للدهشة

وذكرت الصحيفة أن "إقدام الحكومة الإيرانية على تحسين علاقاتها مع الإمارات أثار دهشة البعض ممن رأوا أن طهران غلبت المصلحة على المبادئ التي رفعت شعاراتها بعد تطبيع أبو ظبي مع الكيان الصهيوني، في إطار الاتفاقيات الإبراهيمية، التي هاجمتها إيران بشدة، وعدتها خيانة لفلسطين والعالم الإسلامي".

وأوضحت أن "الهدف من التقارب مع أبو ظبي اقتصادي، في وقت تعاني فيه إيران من أزمة شديدة في العملة الأجنبية التي يتوفر جزء منها عن طريق الإمارات".

وأعادت الصحيفة التذكير في تقريرها المنشور بعنوان "(المرشد الأعلى) علي خامنئي يتجه إلى خونة العالم الإسلامي بعد أن اهتزت أركان حكمه"، بما حدث في أعقاب انضمام الإمارات إلى "الاتفاقيات الإبراهيمية" الخاصة بالتطبيع مع إسرائيل عام 2020.

وأشارت إلى أن "خامنئي، هاجم الحكومة الإماراتية في سبتمبر/أيلول 2020، وقال إنها فتحت الطريق أمام الصهاينة في المنطقة، وتناست القضية الفلسطينية التي هي مسألة غصب دولة وأرض، وقامت بتطبيع العلاقات مع الغاصبين".

ووصف خامنئي تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل حينها بـ"العار" على جباه أولئك الذين نسوا فلسطين، ويرى أن "هذه الخيانة لن تطول كثيرا".

في الوقت نفسه، قال رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، علي باقري، إن "الإمارات يجب أن تعيد النظر في علاقتها مع الكيان الإسرائيلي".

وحذر باقري من أن بلاده "ستحمل الإمارات المسؤولية إذا حصل شيء في منطقة الخليج يعرض الأمن لإيران للخطر، ولن تتسامح في ذلك، مهما كان الخطر ضئيلا".

وقالت الحركات المناهضة لإسرائيل في إيران بعد "الاتفاقيات الإبراهيمية" إن تطبيع الإمارات "مظهر من مظاهر استسلام الحكومات العميلة في المنطقة لاستكبار الصهيونية العالمية المتعجرفة". 

وتساءلت صحيفة "كيهان" عما حدث وأدى إلى تراجع الزعيم الإيراني مقابل هذه "الدول العميلة الخاضعة للصهيونية العالمية المتغطرسة".

وأجابت بأنه "بعد أقل من عامين على تطبيع العلاقات بين العديد من الدول العربية وإسرائيل، أدى الوضع الداخلي غير المستقر والضغوط الدولية إلى تكثيف الأزمات في إيران، مما اضطر المسؤولين الحكوميين إلى التراجع وفتح الطريق أمام المفاوضات مع نفس الحكومات التي عدوها قبل ذلك خائنة".

وبعد توقيع الاتفاقية الأمنية مع السعودية بوساطة الصين في 10 مارس 2023، وإرسال وفد دبلوماسي إلى البحرين، زار شمخاني أبوظبي في 19 مارس 2023، للتباحث مع الإماراتيين حول العلاقات الثنائية والإقليمية.

أزمة العملة

وربط التقرير بين زيارة شمخاني للإمارات وأزمة العملة الأجنبية التي تعاني منها إيران، تلك الأزمة التي حذرت منها السلطات الأمنية في إيران، وعدتها حرب عملة أجنبية واسعة النطاق.

وقال التقرير إن "نقص العملة أصبح بالنسبة لطهران معضلة كبيرة، لدرجة أنهم أجبروا على تجاهل ما يصدر عن الإمارات من مطالبة بالجزر الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، مقابل المساعدة في تجاوز أزمة العملة". 

ويرى أن "إيران تأمل في أن تساعد إقامة العلاقات مع دول الخليج على الخروج من عنق الزجاجة، وفتح قنوات تدفق العملة الأجنبية من جديد". 

وقال الرئيس السابق لغرفة التجارة الإيرانية الإماراتية، مسعود دانشمند، إن "الاتفاقية المبرمة بين إيران والسعودية نصت على أن أموالنا في العراق ستخرج عبر الإمارات وتدخل السوق الإيرانية في شكل دراهم".

وشدد دانشمند على وجوب التنسيق مع السعودية في مجال البتروكيماويات.

أما عن دور أبو ظبي في مواجهة أزمة العملة الأجنبية في إيران، فإن الصحيفة تعد الإمارات أحد الطرق الرئيسة لدخول العملة الصعبة إلى السوق الإيرانية. 

وأكدت على أن "شركات الصرافة والوساطة الإماراتية النشطة لعبت ولا تزال تلعب دورا حيويا في تجاوز العقوبات لصالح الجمهورية وتحويل الأموال إلى إيران، رغم أن البنوك الإماراتية لا تمتلك القدرة على إجراء مبادلات نقدية مباشرة مع إيران، بسبب العقوبات والرقابة الصارمة من جانب وزارة الخزانة الأميركية".

وفي الفترة الأخيرة، كان فرض قيود على تحويلات الدرهم والدولار إلى إيران أحد الأسباب الرئيسة لارتفاع أسعار العملات.

وأواخر فبراير/شباط 2023، أفادت بعض المصادر أنه بعد زيارة نائب وزير الخزانة الأميركي لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، بريان نيلسون، زاد تشدد الإمارات في تحويل الدرهم إلى إيران.

وبحسب موقع "تحليل بازار" (تحليل السوق)، فإن هذه القيود مرتبطة باتفاق وزارة الخزانة الأميركية مع السعودية والإمارات بشأن "مكافحة تمويل الإرهاب".

إمكانية التوافق

واضطرت العديد من الشركات الإيرانية وكذلك الأجنبية ذات الصلة بالاقتصاد الإيراني إلى التعامل مع الشركات الإيرانية عبر تركيا وسلطنة عمان وماليزيا بدلا من الإمارات.

ولكن بعد الزلزال الكارثي في ​​تركيا منذ 6 فبراير 2023، واجه خروج العملة من تركيا إلى إيران أيضا قيودا كثيرة.

كما مارست أميركا ضغوطا على الحكومة العراقية بسبب تحويل العملة إلى إيران.

بل ووردت أنباء عن قيام حركة "طالبان" أيضا بتقييد خروج الدولارات من أفغانستان، جارة إيران الشرقية، مما أثر بشكل مباشر على ارتفاع سعر العملة في السوق الإيرانية، وفق صحيفة "كيهان" التي تصدر من لندن البريطانية.

وشكك التقرير في إمكانية استمرار التوافق الإيراني مع دول الخليج.

وقال إنه "رغم أن إيران تسعى إلى تحسين العلاقات مع الدول العربية في المنطقة، وخاصة السعودية، إلا أن العديد من المحللين يعتقدون أن هذا الاتفاق الأمني ​​لن يدوم". 

وأفاد بأن "السعوديين أنفسهم، وبصفتهم الأب الروحي للدول العربية في منطقة الخليج، لديهم اختلاف في الرأي فيما يتعلق بإعادة العلاقات مع طهران".

واستشهد التقرير بتصريحات وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، الذي أكد بعد إعلان اتفاق السعودية مع النظام الإيراني على استئناف العلاقات بين البلدين وإعادة فتح السفارات خلال شهرين، على أن هذا الاتفاق "لا يعني حل جميع المشاكل والخلافات بين الطرفين".

كما استدعى تصريحات الرئيس الأميركي، جو بايدن، الذي قال في اجتماع جدة الإقليمي أواخر يوليو/تموز 2022، إن بلاده "لن تدع الصين وروسيا وإيران يملأون مكانة الولايات المنحدة في المنطقة، ولكن الآن الشيوعيين في بكين يصالحون المسلمين مع بعضهم البعض، حتى لو كانت هذه المصالحة مؤقتة". 

وختمت الصحيفة المعارضة تقريرها بالقول إن "إيران التي تراجعت عن المبادئ، ستفعل أي شيء للبقاء على قيد الحياة".