التجسس الحكومي.. كيف وقعت الشعوب العربية في قبضته؟

قسم الترجمة - الاستقلال | 5 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلّط موقع "إنترسبت" الأمريكي، الضوء على تجسس الحكومات العربية على شعوبها، باستخدام جهاز بحجم حقيبة صغيرة يمكن وضعه بسريّة في مؤخرة السيارة وعند تشغيله، يبدأ في مراقبة مئات الهواتف المحمولة في المنطقة، وتسجيل محادثات والتقاط رسائل نصية خاصة.

وقال الموقع في تقريره: إن "الجهاز يعد واحدا من عدة أدوات تجسس تم تصنيعها من شركة صينية تدعى Semptian (سمبتيان) والتي قامت ببيع هذه الأجهزة للحكومات الاستبدادية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا"، وفقا لمصدرين مطلعين على نشاطات الشركة.

أجهزة التجسس

وذكر التقرير، أن "(سمبتيان) تستخدم التكنولوجيا الأمريكية للمساعدة في بناء أجهزة مراقبة وتجسس ذات جودة عالية، ثم تبيعها للحكومات تحت ستار شركة تسمى (آي نيكس)".

وأشار إلى أن "(سمبتيان) تتعاون مع شركة (آي بي إم) وشركة (أكسلينكس) الرائدة في تصنيع الرقاقات الأمريكية لتطوير مجموعة من المعالجات الدقيقة التي تمكن أجهزة الكمبيوتر من تحليل كميات هائلة من البيانات بسرعة مذهلة. وتعد الشركة الصينية عضوًا في منظمة أمريكية تدعى مؤسسة (أوبين باور فونديشن) والتي أسسها المدراء التنفيذيون في (جوجل، وآ بي إم) بهدف محاولة "تحفيز الابتكار".

لم تستجب "(سمبتيان) و (جوجل) و (أكسلينكس) لمطالبة موقع "إنترسبت" للتعليق على الموضوع. وقالت مؤسسة (أوبين باور) في بيان إنها "لا تتورط أو تسعى للحصول على معلومات حول إستراتيجيات أو أهداف أو أنشطة الأعمال الفردية لأعضائها" بسبب قوانين مكافحة الاحتكار والمنافسة. وقال متحدث باسم شركة (آي بي إم) إن شركته "لم تعمل مع (سمبتيان) في تطوير التكنولوجيا المشتركة" ، كما رفض الإجابة على المزيد من الأسئلة.

وتابع التقرير: "تساعد معدات (سمبتيان) نظام الحزب الشيوعي الحاكم في الصين في مراقبة النشاطات على الإنترنت والهواتف المحمولة لما يصل إلى 200 مليون شخص في جميع أنحاء الدولة الواقعة في شرق آسيا، ويقومون بتفقد كميات هائلة من البيانات الخاصة كل يوم".

وأردف: لكن امتداد الشركة يتجاوز الصين. ففي السنوات الأخيرة، تم تسويق تقنياتها وأجهزتها على مستوى العالم".

وكشف التقرير أنه بعد تلقي نصائح من مصادر سرية حول دور (سمبتيان) في المراقبة والتجسس الجماعي، اتصل مراسل الموقع تحت اسم مستعار بالشركة وتظاهر بأنه عميل يرغب في الشراء. أكد ممثل لشركة (سمبتيان) للمراسل عبر البريد الإلكتروني، أن الشركة قد قدمت أجهزة المراقبة الخاصة بها لوكالات الأمن في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

تخزين البيانات

وأضاف، أن الشركة زوّدت أجهزة الأمن بنظام مراقبة جماعي في بلد تحفّظ على التصريح باسمه، مما خلق شبكة رقمية عبر جميع سكانها. تم تصميم نظام المراقبة الشامل، المسمى (إيجاس) لمراقبة الهواتف والإنترنت. يمكن للبرنامج "تخزين وتحليل بيانات غير محدودة" و "إظهار اتصالات الجميع"، وفقا للوثائق المقدمة من الشركة.

واستطرد التقرير: "لقد قمنا بتثبيت نظام (إيجاس) في بلدان أخرى- غير الصين- وقمنا بتغطية جميع أنحاء البلاد"، صرح بذلك تشو ون ينغ، من (سمبتيان) في رسالة بالبريد الإلكتروني في أبريل/نيسان. ورفض تقديم أسماء البلدان التي تم تركيب الأجهزة فيها، قائلا: إنها "حساسة للغاية، فنحن تحت (اتفاقية عدم الإفصاح) الصارمة للغاية".

وأكد أن أجهزة مماثلة استخدمت لسنوات من وكالات الاستخبارات الغربية والشرطة. أما الآن بفضل شركات مثل (سمبتيان) تجد التكنولوجيا طريقها بشكل متزايد إلى أيدي قوات الأمن في البلدان غير الديمقراطية حيث يتم سجن المنشقين وتعذيبهم وفي بعض الحالات إعدامهم.

ونقل التقرير عن قوس حسين، المدير التنفيذي لمجموعة الخصوصية الدولية لحقوق الإنسان ومقرها لندن: "لقد رأينا أمثلة منتظمة ومثيرة للدهشة حول كيفية استخدام الحكومات للمراقبة في جميع أنحاء العالم للبقاء في السلطة من خلال استهداف الناشطين والصحفيين وأعضاء المعارضة".

وأوضح أن "الشركات العاملة في هذا المجال تبيع مجموعة كاملة من أجهزة المراقبة على مستوى الشبكات والخدمات والمدن والدول. كما يبدو أن الشركات الصينية هي أحدث الشركات التي دخلت سوق التنافس في التأثير واستغلال البيانات".

أي الدول ترفض

وردا على سؤال حول ما إذا كان هناك أي دول ترفض التعامل مع هذه الشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كتب تشو، أن إيران وسوريا هما المكانان الوحيدان اللذان كانا خارج نطاق هذه الشركات.

وأضاف: كانت الشركة على ما يبدو على استعداد للعمل مع دول أخرى في المنطقة - مثل المملكة العربية السعودية والبحرين والمغرب والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان والسودان ومصر - حيث تنتهك الحكومات بشكل روتيني حقوق الإنسان وتصادر حرية التعبير والاحتجاجات السلمية.

وبحسب التقرير، فإن الوثائق توضح أن (سمبتيان) تقدم حاليا الفرصة لشراء أربعة أنظمة مختلفة هي: "Aegis و Owlet و HawkEye و Falcon".

وأكد أنه "جرى تصميم (إيجاس)، النظام الرئيسي لشركة (سمبتيان)، ليتم تثبيته داخل شبكات الهاتف والإنترنت، حيث يستخدم لجمع سجلات البريد الإلكتروني للأشخاص والمكالمات الهاتفية والرسائل النصية ومواقع الهواتف المحمولة وتاريخ تصفح الإنترنت بشكل سري. تتمتع الحكومات في معظم البلدان بالقدرة على إلزام مقدمي خدمات الهاتف والإنترنت من الناحية القانونية بتثبيت هذا النظام".

وذكر التقرير أن (سمبتيان) تزعم أن (إيجاس) تقدم "رؤية كاملة للعالم الافتراضي"، مما يمكّن جواسيس الحكومة من رؤية "معلومات الموقع لجميع المستخدمين للإنترنت في البلاد". كما يمكنه أيضا "حجب معلومات معينة على الإنترنت"، ومراقبة المحتوى الذي لا تريد الحكومات أن يطلع عليه مواطنوها.

وبيّن أن أجهزة (أولت) و (فالكون) أصغر حجما؛ هي أجهزة محمولة وتركز فقط على الاتصالات عبر الهاتف المحمول. يبلغ حجمها حقيبة سفر ويمكن تشغيلها من سيارة، على سبيل المثال، أو من شقة تطل على ميدان المدينة.

وأردف التقرير، أنه عند تنشيط جهاز (أولت)، يبدأ في التنصت على مكالمات الهاتف المحمول والرسائل النصية التي يتم إرسالها عبر موجات الهواء في المنطقة المجاورة. وتنص مستندات (سمبتيان) على أن (أولت) لديه القدرة على مراقبة 200 هاتف مختلف في نفس الوقت.

وتابع: "يستخدم الجهاز طريقة اعتراض واسع النطاق  لاقتناص الصوت والرسائل النصية القصيرة ضمن نطاق التغطية"، كما تنص الوثيقة التوضيحية لجهاز (أولت). ويضيف أن هناك ميزة "فلترة الكلمات المعيّنة بالرسائل"، مما يشير إلى أنه يمكن للسلطات أن تستهدف الأشخاص بناءً على عبارات أو كلمات معينة تم ذكرها في رسائلهم.

مقارنة بين الأنظمة

وأشار التقرير إلى أن نظام (فالكون) على عكس (أولت)، لا يملك القدرة على التنصت على المكالمات أو النصوص. بدلا من ذلك، تم تصميمه لتتبع موقع الهواتف المحمولة المستهدفة عبر دائرة نصف قطرها حوالي 1 ميل وتصل دقتها إلى نطاق 5 أمتار، على غرار النظام المعروف باسم (ستينجراي)، والذي يستخدمه منفذو القانون الأمريكي.

وأوضح أنه عندما يتم تشغيل (فالكون) فإنه "سيجبر جميع الهواتف المحمولة القريبة وغيرها من أجهزة البيانات الخلوية على الاتصال به" ويمكن أن يساعد السلطات الحكومية "في العثور على المكان الذي تختفي فيه الأهداف"، وفقًا لوثائق (سمبتيان).

وأكد التقرير أن نظام (فالكون) يأتي مزودا بجهاز صغير بحجم الجيب يمكن أن يستخدمه وكيل حكومي لملاحقة الأشخاص سيرا على الأقدام، وتتبع موقع هواتفهم المحمولة .

ونوه إلى أن النظام الرابع الذي تبيعه (سمبتيان) للحكومات، هو (عين الصقر) "هاكاي" عبارة عن منصة محمولة قائمة على الكاميرا تضم ​​تقنية التعرف على الوجه. تقول وثائق الشركة إنها مصممة لتوضع في أي مكان لإنشاء "مشهد مراقبة مؤقت".

وواصل قائلا: يقوم "هاكاي" بمسح الأشخاص أثناء سيرهم عبر الكاميرا ومقارنة صور وجوههم بالصور الموجودة في "قواعد بيانات متعددة المستويات" في الوقت الطبيعي، مما يؤدي إلى تنبيهٍ إذا تم التعرف على مشتبه فيه معين.

في ختام التقرير، نقل الموقع ما كتبه تشو، موظف (سمبتيان)، أن بعض هذه الأدوات قد تم توفيرها للسلطات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (مينا). كما كتب تشو: "إن هذه الأنظمة الثلاثة هي حلولنا الجديدة للجهات الأمنية ومنفذي القانون. جميع المنتجات الثلاثة لها قصص ناجحة وبعضها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا".