الإسلاموفوبيا والبيروقراطية والبنية التحتية.. هل تعرقل تصدر الهند اقتصاد العالم؟

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

يرى موقع إيطالي أن "مزيجا من العوامل الإيجابية كالتوترات المتزايدة بين واشنطن وبكين فضلا عن تباطؤ النمو الصيني، والسلبية على غرار تواصل العنف وخاصة مناخ معاداة المسلمين يقود إلى التساؤل حول قدرة الهند في أن تصبح اللاعب الرائد في الاقتصاد العالمي". 

وقال موقع "مركز الدراسات الجيوسياسة" إن "عام 2023 يعدُ بأن يكون عاما مهما بالنسبة للهند، إذ تمنح رئاسة مجموعة العشرين ومنظمة شنغهاي للتعاون فرصة لتعزيز البلاد سياسيا واقتصاديا".

وأشار إلى أنه "في الأشهر القليلة الأولى من العام الجديد، زار البلد كل من المستشار الألماني أولاف شولتز ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني".

رهان المستقبل

من ناحية أخرى، أشرف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، عبر الإنترنت، على توقيع طلب شراء أكثر من 200 طائرة من طراز "إيرباص"، لفائدة شركة "طيران الهند".

كما احتفلت الهند عام 2022، بقرار شركة "آبل" زيادة إنتاج "آيفون 14" في الهند والاتفاق بين شركة "فوكسكون" التايوانية وعملاق التعدين الهندي" فيدانتا" لبناء مصنع للرقائق في ولاية غوجارات.

 وهذا يؤكد، بحسب الموقع، الاتجاه نحو تكوين صداقات وتنويع الإنتاج للعديد من الشركات.

في الوقت نفسه، يواصل الاقتصاد الهندي تحقيق معدلات نمو تتراوح بين 6 و7  بالمئة في السنوات الأخيرة لينجح في افتكاك المركز الخامس من الاقتصاد البريطاني في التصنيف العالمي عام 2022. 

كما حصدت البلاد إشادات المنظمات الدولية، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، مما يؤكد المراهنة على العملاق الآسيوي في المستقبل، وفق المركز.

واستدرك أن هناك "أخبارا وبيانات أخرى تلقي بظلال من الشك على قدرة الهند الحقيقية على أن تصبح منارة للعولمة الجديدة وأن تواصل النمو لبلوغ مستويات مماثلة لتلك الموجودة في الصين."

ووفقا لمؤشر الحرية الاقتصادية 2023، الذي يقيس درجة الحرية الاقتصادية للدول، تحتل الهند المرتبة 131، بعد أنغولا وأمام تونس، والمرتبة 27 من بين 39 دولة في المنطقة.

لذلك، يبدو أن هناك أسبابا تدعم وأخرى تعارض المراهنة على الهند في أن تصبح القوة الاقتصادية الأولى في العالم، وفق تحليل الموقع.

وشرح الموقع أن إحدى النقاط الإيجابية الرئيسة والأكثر وضوحا تتمثل في امتلاك الهند قوة عاملة كبيرة، خصوصا وأنه من المتوقع أن تصبح الدولة الأكثر اكتظاظا بالسكان في العالم عام 2023، إلى جانب إتقان هذه القوة الحديث باللغة الإنجليزية أيضا.

في السنوات الأخيرة، نفذت الحكومة الهندية العديد من الإصلاحات الهيكلية التي تهدف إلى تبسيط وتحديث بعض القطاعات، مثل ضريبة السلع والخدمات، وقانون الإفلاس وتنظيم وتطوير العقارات.

وأضاف الموقع في نفس الفترة، قطعت الهند خطوات عملاقة في رقمنة البلاد والاقتصاد، مما أتاح وصول ملايين الأشخاص إلى الخدمات العامة والاقتصادية.

وخصصت حكومة نيودلهي في إطار برنامج "صنع في الهند"، الرامي إلى تطوير الإنتاج المحلي، حوافز مالية لجذب الشركات الأجنبية للإنتاج بالبلاد، وفي الوقت نفسه، استثمرت أيضا في تطوير وتحسين شبكات النقل البري. 

وبهدف زيادة الاندماج في التجارة العالمية وانفتاح البلاد على الاستثمار الأجنبي، أبرمت نيودلهي وتتفاوض بشأن اتفاقيات ثنائية مع عدد متزايد من البلدان. 

كما وقعت، بالإضافة إلى الاتفاقيات التجارية مع اليابان وكوريا الجنوبية ورابطة دول جنوب شرق آسيا، معاهدات التجارة الحرة وتخفيض الرسوم الجمركية مع أستراليا والإمارات عام 2022 وتتفاوض على اتفاقيات مماثلة مع المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي.

جوانب سلبية

من جانبها، ترى مجلة "فورين أفيرز" الأميركية في مقال، أنه لا تزال هناك بعض الجوانب الإشكالية التي تلقي بظلال من الشك على قدرة البلد الآسيوي على لعب دور ريادي في الاقتصاد العالمي.

وهنا إشارة إلى أنه رغم امتلاكها إمكانات عمالية كبيرة، إلا أن الغالبية منها لا تزال منخفضة المهارة.

بالإضافة إلى ذلك، لا تزال سلامة مكان العمل موضع شك لا سيما وأنه تم الإبلاغ عن حوالي 6 آلاف و500 حالة وفاة في السنوات الخمس الماضية والعديد من الحوادث الأخرى.

من جانبهما، اعترف كل من كبير المستشارين الاقتصاديين لحكومة الهند ومسؤول الخدمات الاقتصادية الهندية، للمجلة الأميركية  بأنه "لا يزال هناك الكثير مما يجب القيام به لتحسين جودة النظام البيروقراطي وتقليل الحواجز التي تعيق النشاط الاقتصادي، وخاصة بالنسبة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

 وذلك رغم جهود الحكومة لتبسيط وتحديث القوانين والبيروقراطية، وفق قولهما.

ومن الجوانب السلبية الأخرى، يذكر كذلك عدم وجود "تكافؤ الفرص"، أي ظاهرة "المحسوبية" تجاه التكتلات الوطنية الكبيرة.

وأشار الموقع إلى أن "المداهمات الأخيرة لمكاتب هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في الهند للتفتيش على خلفية تحقيق بشأن مخالفات ضريبية، تثير أيضا بعض التساؤلات حول الاستخدام السياسي لأجهزة الدولة، خاصة وأنها تأتي بعد أسابيع قليلة من نشر الإذاعة فيلما وثائقيا مثيرا للجدل عن صعود مودي السياسي".

وتابع: "رغم أن الحكومة أعلنت عن استثمارات كبيرة في البنية التحتية المتعلقة بالنقل، إلا أن النتائج لا تزال أقل من الانتظارات".

وأفاد بأن "المسافة المنجزة في الوقت الحالي بلغت 5774 كيلومترا من إجمالي 25 ألفا من الطرق الجديدة التي تم الإعلان عنها عام 2022".

نقطة أخرى هامة أثارها الموقع وهي "تواصل المناخ المعادي للمسلمين والذي تغذيه القومية الهندوسية بتواطئ قيادي الحزب الحاكم، رغم بيانات حكومية تزعم انخفاض العنف".

 وهو ما يهدد بتثبيط الاستثمار في معظم المناطق التي تشهد توترات واشتباكات بين الطوائف الدينية، يشرح الموقع الإيطالي.

في نفس سياق العوامل السلبية، ذكر الموقع أن "الهند رغم توقيعها اتفاقيات تجارية مع العديد من الدول، إلا أنها ظلت خارج الاتفاقيات الرئيسة متعددة الأطراف في المنطقة، مثل الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة، و اتفاق الشراكة الشاملة والتقدمية عبر المحيط الهادئ".

كما خيرت عدم الانضمام إلى المبادرة الاقتصادية "الإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ "التي أطلقتها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.

وتشكو البلاد، بحسب مقال "فورين أفيرز"، المنافسة من الدول الأخرى في المنطقة التي لا تزال في وضع أفضل من حيث التكامل لجذب الاستثمار الأجنبي. 

هذا الجانب بالإضافة إلى السياسات الحمائية القائمة على الاكتفاء الذاتي والمشروط بعجز الميزان التجاري، يؤثر على قدرة الهند على دخول سلاسل القيمة الدولية، وفق المقال.

وخلص الموقع الإيطالي إلى أن "الهند بلد كبير يضم اختلافات كبيرة داخله، كما تؤكد البيانات المذكورة بشكل عام، أن الدور الجيوسياسي المتزايد وحده لا يضمن النجاح في المجال الاقتصادي أيضا". 

وشدد على أنه "سيتعين على نيودلهي إذا ما أرادت الاستفادة الكاملة من هذه الظروف الجيوسياسية المواتية، مواصلة عملية الإصلاحات الداخلية والاندماج في الاقتصاد العالمي وأن تحذر من عدم تقويض التوترات السياسية والدينية الجهود المبذولة".