محمد رعد.. برلماني لبناني ينفذ أجندة حزب الله ويهاجم معارضيه

لندن - الاستقلال | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

يواصل النائب محمد رعد رئيس الكتلة "الوفاء للمقاومة"، الإشراف على تنفيذ أجندة حزب الله وسياساته داخل البرلمان اللبناني.

وتمثل هذه الكتلة "حزب الله" في البرلمان اللبناني، فيما لا يتوانى رعد عن إطلاق صفات "التخوين" ضد الرافضين لسياسات الحزب في لبنان.

ويلعب النائب المذكور، دور المنفذ لمشروع الحزب في المعارك السياسية داخل هذا البلد العائم على بحر من الأزمات المركبة.

وما يزال "حزب الله" المدعوم من إيران يمارس دوره في إجهاض محاولات إنقاذ لبنان من الفراغ الرئاسي المتواصل منذ نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2021، لإصراره على ملء هذا الفراغ برئيس "مطمئن للمقاومة".

وأمام ذلك المشهد، خرج النائب محمد رعد وألقى كلاما حاول فيه الإيهام بأن حزب الله يسعى "لتحقيق مصالح الوطن".

وقال: "إننا اليوم نخوض معارك ما قبل الفتح على كل المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية والإنمائية والصحية وكل مرافق الحياة".

وأضاف رعد قائلا خلال افتتاح خامس مخازن "الإمام السجاد" في الجنوب اللبناني بتاريخ 3 مارس/آذار 2023: "نخوض هذه المعارك وقد تخرجنا من مدرسة كربلاء التي علمتنا كيف نصبر ونجاهد ونطيع أولياء أمرنا ونتخطى الصعاب ونبذل أرواحنا ودماءنا".

ومضى يقول: "هذا المخزن هو جرعة دعم لصمود شعبنا من أجل أن يتقوى فيها هذا الشعب للتصدي والمواجهة للمؤامرات الإقليمية والدولية والتي يستخدم فيها بعض المحليين المولعين بالخضوع والسجود للمستكبرين والضالين والطواغيت".

اللافت أن كلام رعد، يأتي وسط تعطيل حزب الله ملء الفراغ الرئاسي في لبنان، عبر إصراره على الدفع بمرشح يحفظ مصالحه.

إذ لخص رئيس حزب "القوات اللبنانية" ​سمير جعجع هذه المساعي بقوله: "إن حزب الله يريد أن يترك الأمور تذهب إلى أسوأ ما يمكن، كي نقبل بما يريده".

النشأة والتكوين

ولد محمد حسن رعد عام 1955 في بلدة جباع بقضاء النبطية اللبنانية، لأسرة من الطائفة الشيعية، وهو حاصل على الشهادة من دار المعلمين والمعلمات في لبنان.

كما أنه حاصل على إجازة جامعية في الفلسفة من كلية الآداب في الجامعة اللبنانية. وفي فترة من الفترات تولى رئاسة تحرير جريدة العهد التابعة لحزب الله.

والنائب محمد رعد هو الوحيد في حزب الله الصامد في مجلس النواب منذ أن فاز بالمقعد الشيعي في النبطية عام 1992.

وحدث هذا قبل أن يصبح رئيسا لكتلة "الوفاء للمقاومة" التابعة لحزب الله اللبناني في البرلمان.

وانتُخب رعد بمجلس شورى حزب الله عام 2009، وهو أحد العناصر المقربين من الأمين العام للحزب حسن نصر الله.

ويعلم الجيل الأول في حزب الله أن النائب محمد رعد هو من أحد مؤسسيه، لذا بقي يحتل موقعا ثابتا في مجلس الشورى فيه منذ زمن ولاية الشيخ صبحي الطفيلي أول أمين للتنظيم اللبناني المذكور عام 1989.

وبحسب موقع "جنوبية" اللبناني المعارض لحزب الله، فإن رعد كان متقدما بصفته التنظيمية على الأمين العام الحالي حسن نصر الله، وكان من الفريق الذي اعترض على وصوله إلى سدة "الأمانة العامة" بعد انتهاء ولاية الشيخ الطفيلي.

وكان لرعد مكانته أيضا بعد اغتيال عباس الموسوي وهو الأمين العام الثاني خلفا للطفيلي. ولم يستمر الأخير أكثر من تسعة أشهر، فقد اغتالته إسرائيل في 16 فبراير/شباط 1992.

وبعدها قاد الحزب من بعده حسن نصر الله الذي لا يزال يشغل هذا المنصب حتى الآن. ومنذ ذلك الحين جرى تهميش محمد رعد فتحول إلى البرلمان.

ويضيف الموقع، أن اغتيال الموسوي كان بداية صعود ما يسمى الجهاز الأمني والعسكري اللبناني - الإيراني الذي فرض نصر الله في الأمانة العامة، وبالتالي وصول الأخير بما يمثل، كان يعني بالضرورة تراجعا لدور الحاج محمد رعد في داخل البنية الحزبية".

نفوذ تنظيمي

ويضرب الموقع، مثالا على نفوذ محمد رعد داخل حزب الله، بأنه كان من أبرز الذين خاضوا مواجهة لإنهاء ظاهرة قام بها الجهاز الأمني، بوضع صورة نصر الله في بعض المكاتب الحزبية والطرقات في منتصف تسعينيات القرن العشرين.

وقد نجح رعد في وقف هذه الظاهرة، باعتبارها تتنافى مع القواعد الحزبية، التي كانت تقصر موضوع الصور على قائد ما يسمى الثورة الإيرانية الخميني والمرشد الحالي علي خامنئي وعباس الموسوي.

ودفع رعد ثمن ذلك وسواه لاحقا بأن أخرج من قيادة الشورى واستبعد منها لمرات عدة.

و"مجلس شورى القرار" الذي يمثل مركز قيادة حزب الله فيه سبعة أعضاء يتولون مسؤوليات قيادية في مؤسسات الحزب.

ويضم أيضا اثنين آخرين، لا يعلن عن هويتهما واحدا ممثلا للحرس الثوري الإيراني، وآخر ذا صفة عسكرية من داخل حزب الله.

وأمام تهميش الرجل في داخل قيادة حزب الله التي تتخذ القرارات الحاسمة، اتجه إلى العمل النيابي.

لذلك فهو يرأس مجلسا يضم النواب السابقين والحاليين في حزب الله وتقتصر وظيفته على متابعة ملفات داخلية، تتصل بالقوانين وسياسة الحكومة، والتعيينات.

لكن مكانة رعد داخل حزب الله، دفعته لتولي مهمة محددة تتعلق بالإشراف على تنفيذ أجندة التنظيم وسياساته داخل البرلمان اللبناني.

وحزب الله مدعوم من إيران بترسانة كبيرة من الأسلحة والصواريخ والمال منذ ثمانينيات القرن العشرين، ويصنف كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة منذ عام 1997 ومعظم الدول الأوروبية الكبرى ومجلس التعاون الخليجي.

وعادة ما تتهم قوى سياسية لبنانية "حزب الله" بتهديد الساحة الداخلية بهذا السلاح، بينما تقول الجماعة إنه مكرس حصرا للدفاع عن لبنان في وجه إسرائيل، التي تواصل احتلال أراض لبنانية.

ويعتقد أن حزب الله يدير فعليا دولة ظل في ضواحي جنوب بيروت ووادي البقاع الشرقي وجزء كبير من جنوب لبنان، حيث يقدم خدمات اجتماعية من التعليم إلى الصحة.

وانعكس الولاء لحزب الله في صناديق الاقتراع، ففاز ممثله في النبطية محمد رعد، بأصوات أكثر من أي عضو برلماني آخر في انتخابات 2018، قبل بدء الأزمة الاقتصادية الطاحنة عام 2019 التي أدت إلى انهيار 90 بالمئة من قيمة الليرة، فضلا عن شح الوقود والأدوية وانهيار القدرة الشرائية للمواطنين وبلوغ 80 بالمئة منهم حد الفقر.​​​​​

لكن على الرغم من التحديات اليومية التي يواجهها سكان لبنان عموما فإن موالين لحزب الله يلومون القوى السياسية الأخرى على المشاكل والأزمات في لبنان.

وعلى لسان رئيس كتلته النيابية، محمد رعد، جدد "حزب الله" في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، التأكيد على أنهم يريدون "رئيسا سياديا يشكل ضمانة لاستمرار المقاومة بألا يطعنها في ظهرها".

ومضى يقول: "ما نحن فيه الآن من اشتباك سياسي حول اختيار رئيس للجمهورية هو اشتباك يقوم على خلفية التنازع بين توجهين حضاريين وليس فقط بين توجهين سياسيين".

لسان حاد

في المقابل، يشكل الحزب العائق الأكبر أمام مساعدة هذا البلد اقتصاديا من قبل دول الخليج والغرب كونه يتهم بتنفيذ أجندات إيران في المنطقة وعلى رأسها تدخله عسكريا في سوريا عام 2012 لمنع سقوط نظام الأسد عقب الثورة الشعبية هناك التي تفجرت في مارس/آذار 2011.

ولذلك يمثل رعد لسان حزب الله، لضرب خصومه ونظرائه داخل البرلمان كونه الساحة الأبرز التي تعكس شكل المعارك السياسية داخل لبنان.

إذ لا يتوانى النائب رعد عن إطلاق التهديد والوعيد والتخويف بحق ممثلي القوى السياسية اللبنانية الأخرى.

وأطلق النائب رعد في 17 مايو/أيار 2022، تهديدا واضحا وصريحا أراد من خلاله، ترهيب النواب الجدد في البرلمان وصولا إلى وضعهم في خانة واحدة مع إسرائيل، لمجرد التعبير عن رأيهم بعدم القبول بتشكيل حكومة توافقية.

وقال رعد لهؤلاء الفائزين: "إذا لم تريدوا حكومة وطنية فأنتم تقودون لبنان إلى الهاوية وإياكم أن تكونوا وقود حرب أهلية، فنحن نرتضيكم أن تكونوا خصوما لنا في المجلس النيابي، لكن لا نرتضيكم أن تكونوا دروعا لإسرائيل".

وأضاف: "عليكم التعاون معنا وإلا فمصيركم العزلة، نحن نحرص على العيش المشترك وإياكم أن تكونوا أعداء لنا فالسلم الأهلي خط أحمر، وإياكم أن تخطئوا الحساب معنا".

وحينما أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، في 9 يونيو/حزيران 2019 فرض عقوبات جديدة ضد رموز بحزب الله اللبناني، كان النائب محمد رعد على رأسهم.

وقالت الوزارة، حينها في بيان على موقعها الإلكتروني إن العقوبات ناتجة عن "استغلال هذه الشخصيات مناصبھم لتسھیل أجندة الحزب الخبیثة وتقدیم خدمات لإیران".

ونقل البيان عن وكیل وزارة الخزانة لشؤون الإرھاب والاستخبارات المالیة، سیغال ماندلكیر، قوله: "یستخدم حزب الله عملاءه في البرلمان اللبناني للتلاعب بالمؤسسات بغرض دعم المصالح المالیة والأمنیة الخاصة بھذه الجماعة الإرھابیة وتعزیز أنشطة إیران الخبیثة".

لكن العقوبات الأميركية لا تقف عقبة أمام ترشح أي من المدرجين على لوائحها، للانتخابات النيابية اللبنانية، لأن القانون الأمريكي لا يسري في الأراضي اللبنانية.

نموذج الحزب

وعلق حينها مدير موقع "جنوبية" الكاتب علي الأمين على قرار العقوبات الأميركي، بقوله إنه "أراد استهداف محمد رعد كونه النموذج اللبناني الأبرز في قيادة حزب الله، والذي كان مؤهلا نتيجة خبرته النيابية، وسمته المدنية، لأن يكون بديلا مخضرما في أي انتقال للحزب إلى الرئاسة الثانية".

ولدى رعد أيضا علاقات مع شركاء حزب الله الماليين وممثليه خارج لبنان، ففي عام 2017، التقى برجال الأعمال في الحزب، أدهم طباجة وحسين علي فاعور، اللذين سبق وأن طالتهما العقوبات الأميركية.

ويتحرك رعد في الخارج ممثلا عن حزب الله سياسيا، إذ سبق أن التقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في موسكو بتاريخ 15 مارس 2021 لبحث الوضع في لبنان.

وكان مراسل صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية نشر خبرا عن اجتماع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بمحمد رعد، خلال زيارته إلى لبنان في سبتمبر/أيلول 2020.

وحينها أوضح الصحفي جورج مالبرونو الذي غطى الخبر، بأن الرئيس الفرنسي قال للنائب: "أريد العمل معكم، لكن هل يمكنكم إثبات أنكم لبنانيون، فالجميع يقول إنكم تخدمون أجندات إيرانية، هل تحبون اللبنانيين؟".

وأضاف ماكرون حسب الصحفي: "عودوا إلى بلادكم، غادروا سوريا واليمن حالا، وافعلوا ما يلزم من أجل لبنان، لأن هذه الدولة ستعود بالفائدة على عوائلكم".

في الموقف من سوريا، يرى رعد أن "ما يجرى فيها تجاوز مسألة إسقاط النظام، وهو تقويض لكل بنيان يمكن أن تنهض به البلاد موحدة قادرة على التصدي لأي عدوان"، وفق ما قال خلال مهرجان لحزب الله جنوب لبنان في 5 مايو/أيار 2013.

ويصف رعد الثائرين بوجه نظام الأسد الحليف الأقوى لحزب الله، بـ "الارهابيين التكفيريين الذين أطلوا برؤوسهم في هذه الفترة ليزرعوا الفتنة والعبث بالاستقرار في منطقتنا"، وفق ما قال في المهرجان المذكور الذي أقيم بمناسبة مرور أسبوع على مقتل أحد عناصر الحزب بحمص السورية.

وتدخل "حزب الله" بقوة إلى جانب قوات بشار الأسد في سوريا بأمر مباشر من المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي منذ عام 2012، مرسلا العناصر لمنع سقوط النظام ومساعدته على قلب المعادلة العسكرية لصالحه.

وتشير التقديرات إلى أن الحزب خسر 2000 من مقاتليه وأصيب الآلاف منهم مع تعرض بعضهم لإعاقات جسدية دائمة.

وعقب توقيع الاتفاق النووي عام 2015 بين إيران ودول الغرب قال رعد في تصريحات صحفية: "إيران اليوم دولة عظمى باعتراف العظماء، وهي اليوم دولة قوية وعاقلة ويراهن على دورها لتحقيق التسويات والمعالجات للأزمات المتوترة في منطقتنا، ولكنها لن تعترف بإسرائيل كيانا غاصبا للقدس وفلسطين، وهذا يجب ألا يغيب عن بال أحد".

وحينما قتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني، بضربة أميركية قرب مطار العاصمة بغداد في يناير/كانون الثاني 2020، علق النائب رعد بقوله: إن "رد محور المقاومة سيكون حازما"، وفق وصفه.