استطلاع رأي: أكثر من نصف الألمان يريدون الاستقلال عن سياسات أميركا الخارجية

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة ألمانية الضوء على استطلاع رأي أجراه معهد محلي، نهاية يناير/ كانون الثاني 2023، يستبين من خلاله رأي الشعب الألماني تجاه الدول العظمى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة.

ونقلت صحيفة "شبيغيل" عن الاستطلاع الذي أجراه معهد أبحاث الرأي "Allensbach"، مع 1023 شخصا وجها لوجه، أن الغالبية العظمى من الألمان -نحو 82 بالمئة- ترى أن روسيا هي التهديد الأكبر للسلام في العالم، باعتبار أنها تشن حربا عدوانية ضد أوكرانيا منذ ما يقرب من عام.

ويبدو أن لهذه الحرب تأثيرا هائلا على النظرة العامة لروسيا في ألمانيا، ففي عام 2021 ، بلغت نسبة الألمان الذين يعدون روسيا التهديد الأكبر 32 بالمئة فقط.

وأبرزت الصحيفة مفارقة لافتة، متمثلة في وجهات النظر المتباينة للغاية بين غرب البلاد وشرقها، إذ يرى ثلاثة أرباع الألمان الشرقيين أن أميركا شريك غير موثوق به، في حين يرى نصف الألمان بالولايات الغربية أنها شريك يمكن الوثوق به.

استطلاع كاشف

فعلى سبيل المثال، كانت رغبة الألمان الشرقيين في دفاع بلادهم عن شركائها داخل حلف شمال الأطلسي "ناتو"، وفق ما تقتضيه مواثيق الحلف، أقل بكثير من رغبة نظرائهم في الغرب.

حيث يعتقد 48 بالمئة من الألمان الغربيين المشاركين في الاستطلاع بوجوب مشاركة ألمانيا في هذه العمليات العسكرية الدفاعية. في حين كانت نسبتهم في الشرق لا تتجاوز 30 بالمئة.

وفي حال غضضنا الطرف عن الشرق والغرب، وتعاملنا مع الألمان على الصعيد الوطني العام، فلا يمكن استنتاج صورة واضحة وحاسمة عن رأيهم الجمعي، تؤكد الصحيفة.

حيث يؤيد 45 بالمئة من إجمالي الألمان ضرورة التزام بلادهم بمواثيق الناتو، والدفاع عن شركائهم.

بينما حبذ نحو 35 بالمئة من المشاركين في الاستطلاع أن تنأى ألمانيا بنفسها عن الدخول في هذه المواجهات، في حين اختار 20 بالمئة من المشاركين عدم الإجابة على السؤال.

كذلك أبرزت الصحيفة وجود خلافات واضحة بين الشعب الألماني حول الولايات المتحدة، التي تعد أهم شريك عسكري غربي لألمانيا.

فوفقا للاستطلاع، لا يثق ثلاثة أرباع الألمان الشرقيين في الولايات المتحدة، ويرونها شريكا غير موثوق به.

في حين يرى نصف الألمان الموجودين في الولايات الغربية أن الولايات المتحدة شريك يمكن الوثوق به، وهو ما يعني -بطبيعة الحال- أن نصفهم الآخر لا يثقون أيضا في حليفتهم واشنطن.

مصالح متضاربة

ومن المعلوم أن العلاقات بين الولايات المتحدة وشركائها في أوروبا، ومن أبرزها ألمانيا، تمر بمنعطف حاد، وذلك بسبب تضارب مصالح الجانبين، جراء الإجراءات أحادية الجانب التي تتخذها الولايات المتحدة منذ مطلع عام 2022.

ولعل أحد أبرز هذه القرارات هو قرار البنك الفيدرالي الأميركي بالرفع المتكرر لأسعار الفائدة، ما أدى لنقل التضخم من داخل الولايات المتحدة إلى خارجها.

وهو ما تسبب في هروب الأموال الساخنة من القارة العجوز ولجوئها للدولار كملاذ أكثر أمانا، ما أحدث تدهورا قياسيا في سعر صرف العملة الأوروبية اليورو أمام الدولار.

كذلك اتخذت الولايات المتحدة عدة قرارات متعلقة بالدعم الكبير الذي توجهه لصناعة السيارات الكهربائية التي تصنع داخل الأراضي الأميركية.

وهو ما يسبب ضررا ليس قليلا على الشركات الأوروبية، لصالح الشركات الأميركية المنافسة.

وليس خافيا كذلك أن أصواتا أوروبية بدأت تتعالى في الآونة الأخيرة عن ضرورة استقلال القرار السياسي الأوروبي عن سياسات الولايات المتحدة الخارجية.

هذا علاوة على التحليلات غير الخافية، التي تركز على أن الولايات المتحدة تضع أوروبا في واجهة الحرب الروسية الأوكرانية، تحقيقا لمصالحها دون الإضرار بنفسها.

وبالتالي، قد تكون نتيجة الاستطلاع عاملا آخر يبرز حجم الخلاف المتزايد بين القارة العجوز والولايات المتحدة.

وعودة إلى نتائج الاستطلاع، يُنظر إلى الصين بشكل متزايد على أنها تهديد، حيث رأى 60 بالمئة من المشاركين في الاستطلاع، أن الدولة الأكثر اكتظاظا بالسكان هي أكبر تهديد للسلام في العالم. 

ومن ناحية أخرى، لم تعد كوريا الشمالية تمثل تهديدا كبيرا بالنسبة للألمان، حيث انخفضت نسبة السكان الذين يعتقدون أن النظام في بيونغ يانغ يعد تهديدا للسلام العالمي إلى 52 بالمئة، بعد أن كانت النسبة 58 بالمئة سابقا.