العلاقة فقدت توازنها.. لماذا أوقفت دول الخليج دعمها للسيسي؟

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

قال موقع إيطالي إن العلاقات التي تجمع بين مصر ودول الخليج تمثل اتحادا قائما على المصالح المشتركة "بدلا من كونها أخوة أيديولوجية حقيقية". 

ويرى موقع "إنسايد أوفر" أن قادة دول الخليج علقوا دعمهم خاصة المالي لنظام عبد الفتاح السيسي بعد أن تسبب في أزمة اقتصادية أدت إلى ارتفاع درجة الاستياء نحو مستوى لا يمكن احتواؤه خصوصا وأنهم في حاجة إلى استقرار البلاد خدمة لمصالحهم.

علاقات غير متوازنة

وأشار إلى أن ما عده "زواج المصالح بين الأصول المالية للخليج وتأثير مصر السياسي والثقافي عمل لحساب المصالح الإستراتيجية لكليهما ولكن بطريقة غير متوازنة". 

وبحسب الموقع، ظهر هذا الخلل بشكل صارخ في السنوات العشر الأخيرة من صعود السيسي وحكمه البلاد عقب انقلاب عسكري عام 2013.  

وذكر أن دعم ملوك وأمراء شبه الجزيرة العربية ظهر بشكل كبير منذ الأيام التي أعقبت وصول السيسي إلى السلطة في مصر من خلال الإطاحة برئيس منتخب بشكل شرعي، في إشارة إلى محمد مرسي.

ولاحظ أنه بينما خصص صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبنك التنمية الإفريقي مليارات الدولارات من أجل تعزيز الاستقرار الاقتصادي للبلاد وخفض التضخم والدين العام، جاءت التمويلات من دول الخليج في شكل تمويل مباشر ودون أي قيد. 

لفت الموقع الإيطالي إلى أن إدارة السيسي الاقتصادية المدمرة للبلد عكست إدارة 60 عامًا من الحكم العسكري قبله.

واستنكر بالقول إنه "لم ينته سوى القليل أو لا شيء في جيوب المصريين من حيث الرفاهية أو الأمن أو الاستقرار المالي من المليارات التي منحت للبلاد ما خلق وضعا غير مستقر ومتفجرا".

بدلا من استثمار تلك الأموال في مشروعات قادرة على تحفيز الاقتصاد المحلي والقطاع الخاص، أعطت السياسة الاقتصادية التي اتخذها السيسي الأولوية لمشاريع البنية التحتية الفرعونية الضخمة التي أثرت حصريًا الجيش المصري الناشط في جميع قطاعات الاقتصاد، يضيف إنسايد أوفر. 

كما يوضح البروفيسور روبرت سبرينغبورغ، المستشار العلمي في معهد الأعمال الدولية الإيطالي، أن القروض التي أسيء استخدامها من قبل السلطة المصرية لها تأثير ضار على ميزانية الدولة، مما تسبب في أزمة ديون أدت إلى مزيد من سيطرة الجيش الشاملة على الاقتصاد الوطني. 

يشير سبرينغبورغ إلى أن الاقتراض المفرط تسبب في أن جزءا كبيرا من الإنفاق الحكومي بات حاليا مخصصا حصريًا لسداد الديون، كما أدى إلى اعتماد اقتصاد البلاد بشكل كبير على الاقتراض المستمر. 

وقال إن هذه الحلقة المفرغة التي أغرق السيسي البلاد فيها تعرف بأنها "ثقافة التبعية" وتربط قدرة القاهرة على مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية بضرورة الحصول على تمويلات من الخليج.

المصالح الخليجية

بحسب الموقع، "غذى قادة مجلس التعاون الخليجي، ولا سيما السعودية والإمارات، الداعمين الرئيسين للسيسي، منذ فترة طويلة وبحكمة، ثقافة التبعية المصرية من خلال التمويل وتقديم الضمانات للقروض من صندوق النقد الدولي لأسباب متعددة". 

ويشرح أن السبب الأول يعود إلى أن "القمع الذي مارسه السيسي أدى إلى إحباط خطر حدوث تحول ديمقراطي في أكثر دول العالم العربي اكتظاظا بالسكان". 

وعدت دول الخليج ثورات الربيع العربي في عام 2011 خطرا وجوديا، إذ شعرت بالقلق من الصعود المفاجئ لقوة الإسلام السياسي الذي تجسده جماعة الإخوان المسلمين، وفق وصف الموقع.

ويشرح بأنه "بالنظر إلى الوزن الديمغرافي والثقافي لمصر في المنطقة، مثلت فرضية أن تصبح نموذجا يحكمه الإسلام السياسي بديلا عن أنظمة الحكم الموجودة في الخليج، خطرا كبيرا".

ويذكر أن "الدعم المقدم للسيسي ضد العدو المشترك، الإخوان المسلمين، تجسد في تمويل حركة تمرد التي جمعت في يونيو (حزيران) 2013، 22 مليون توقيع، بهدف سحب الثقة من الرئيس مرسي والقضاء على تهديد الإسلام السياسي الجديد في مهده"، وفق زعمه.

أما السبب الثاني الذي يعطي أهمية خاصة للقاهرة لقادة دول مجلس التعاون الخليجي بحسب إنسايد أوفر، يكمن في أهمية قناة السويس وخط أنابيب سوميد (السويس-البحر الأبيض المتوسط) كممرين إستراتيجيين للنفط الخام والغاز الطبيعي المصدر من الخليج إلى أوروبا وأميركا الشمالية. 

ويضيف بأن كليهما مركزان رئيسان للتجارة في موارد الطاقة السعودية والإماراتية والكويتية والقطرية. 

وبالتالي، يستنتج الموقع بأن الحفاظ على علاقة مميزة مع السلطة التنفيذية التي تتحكم في تلك الطرق يعد أولوية في البانوراما الجيوسياسية لمجلس التعاون الخليجي.

وأكد الموقع كذلك على أهمية مصر في المنافسة الإقليمية بين دول الخليج وإيران التي تشكل تحديا من حيث الحجم والسكان ومقدار الموارد والقوة العسكرية.

وشدد بأن الحفاظ على علاقات قوية مع دولة مؤثرة مثل مصر يمنح الدول الخليجية تفوقا في هذا التنافس.

نهاية التمويل

قال الموقع الإيطالي إن "حكم السيسي أدى إلى أزمة اقتصادية وتوترات اجتماعية جعلت مصر دولة غير مستقرة وبالتالي تشكل خطورة على مصالح الخليج". 

وأضاف على حد وصفه أن "قادة الممالك البترولية أوقفوا تمويلاتهم الممنوحة إلى القاهرة نتيجة عدم رضاهم على نتائج استثماراتهم المصرية لا سيما وأنهم يريدون الاستفادة من مصر مستقرة، وبذلك فقد السيسي ثقة كبار داعميه". 

من جانبه، وجه السيسي عبارات الشكر والتقدير إلى "الأشقاء في الخليج" في مناسبات عامة مختلفة، يشير الموقع.

ولفت إلى أنه انغمس أخيرا في تصريحات ذات نغمات يائسة، وذهب إلى حد القول إنه "لولا الدعم الخليجي لمصر منذ يوليو (تموز) 2013 لانتهت البلاد". 

أكد إنسايد أوفر أن "واقعية قادة الخليج لا تترك مجالا للشفقة، لكن مصالحهم في بلد الأهرامات تظل حاسمة ولحمايتها، يمكنهم الضغط على الجيش المصري لتهدئة الوضع واختيار بديل للسيسي".

في الختام، أوضح الموقع الإيطالي أن "العلاقات مع مصر كانت فعالة على مدى سنوات عديدة بالنسبة للأنظمة الملكية البترولية العربية".

لكن لكي تظل على نفس النحو هناك حاجة إلى شخصية أكثر موثوقية من السيسي، العنصر الوحيد الذي يمكن الاستغناء عنه في هذه المعادلة، بحسب تقديره.

وفي يناير/كانون الثاني 2023، صرح وزير المالية السعودي محمد الجدعان، قائلا إن "المملكة تتجه نحو تغيير طريقة تقديم المساعدات لحلفائها والمتمثلة في تقديم منح مباشرة وودائع دون شروط".

وأضاف الجدعان، خلال مشاركته في منتدى "دافوس" الاقتصادي العالمي بسويسرا، إن "المملكة أكبر مُصدر للنفط في العالم وقوة عربية، تشجع دول المنطقة على إجراء إصلاحات اقتصادية"، فيما عدّ وقتها إشارة قوية إلى نظام السيسي.

وأردف: "إننا اعتدنا تقديم منح ومساعدات مباشرة من دون شروط، ونحن نغير ذلك، نعمل مع مؤسسات متعددة الأطراف لنقول بالفعل إننا بحاجة إلى رؤية إصلاحات، نفرض ضرائب على شعبنا ونتوقع من الآخرين فعل الأمر نفسه وأن يبذلوا جهدا، نريد المساعدة لكننا نريد منكم الاضطلاع بدوركم".