صربيا توجه انتقادات نادرة لروسيا.. لماذا انقلب صديق بوتين الأوروبي عليه؟ 

قسم الترجمة | a year ago

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة صينية الضوء على العلاقات بين موسكو وبلغراد، لأن صربيا واحدة من الدول القليلة الموالية لروسيا في القارة الأوروبية.

وصرح وزير الداخلية الصربي ألكسندر فولين، بأن صربيا هي "الدولة الوحيدة في أوروبا التي لم تفرض عقوبات على روسيا، ولم تصبح جزءا من الهيستيريا المعادية لها".

ووصفت صحيفة "سوهو" الصينية صربيا بأنها تعد صديقا قيما واستثنائيا بالنسبة لروسيا. ويتمتع الرئيسان الصربي ألكسندر فوتشيتش والروسي فلاديمير بوتين، بعلاقة شخصية جيدة للغاية.

 ففي كل مرة يلتقيان فيها، تكون الأجواء ودية للغاية وحميمية، ما يدل على العلاقة الوثيقة الاستثنائية بين البلدين.

بالرغم من ذلك، عندما تعلق الأمر بقضايا المصلحة الوطنية، اختار فوتشيتش عدم التسامح وانتقاد ممارسات الحكومة الروسية غير الملائمة بشكل علني.

لا يمكن التسامح

وبحسب صحيفة غلوبال تايمز الصينية، قال الرئيس الصربي للصحفيين إن مجموعة فاغنر الروسية كانت تسعى لتجنيد مرتزقة من صربيا، مؤكدا أن هذا التصرف "لا يمكن التسامح معه"، وأنه انتهاك للقانون الصربي.

وأظهر مقطع فيديو نشرته وسائل الإعلام الروسية في وقت سابق، رجلين يتدربان في مدينة زاباروجيا الأوكرانية، زعم أنهما مواطنان صربيان.

وعبر الرئيس الصربي عن غضبه في منتصف يناير/كانون الثاني 2023، قائلا: "لماذا تتصل فاغنر بأي شخص من صربيا مع أنكم تعلمون أن ذلك مخالف لأنظمتنا وقوانيننا؟". كما أشار إلى أنه لم يتحدث إلى بوتين منذ "عدة أشهر".

ومن المعلوم أن مجموعة فاغنر هي أكبر شركة عسكرية روسية خاصة، وقد شارك عدد كبير من أفرادها في العمليات القتالية في الصراع الروسي الأوكراني.

وينظر إليها العالم الخارجي على أنها مجموعة مرتزقة عالية المستوى والكفاءة نسبيا، وفق صحيفة "سوهو".

من الناحية النظرية، وفيما يتعلق بما إذا كانت أفعال المرتزقة قانونية، تشير الصحيفة إلى أن المعيار الرئيسي للحكم بقانونيتها من عدمه هو سلوك هذا الشخص بعد التوظيف قانونيا.

فعلى سبيل المثال، إذا كان المرتزق يحمي شخصا اعتباريا أو هدفا معينا وفقا للعقد المبرم بينه وبين الشركة، فإن أفعاله تكون قانونية.

لكن إن كان مسؤولا عن حماية أهداف غير قانونية، أو مواجهة قوات مسلحة قانونا، أو قتل الأشخاص بشكل عشوائي، يكون عمله غير قانوني، حسب ما أوردته الصحيفة.

وبالرغم من ذلك، فإن كيفية تحديد مشروعية وقانونية عمليات فاغنر القتالية والأهداف التي تحميها تعد "منطقة رمادية". 

ففي حالة النزاع بين روسيا وأوكرانيا، ينبغي أن تتوافق إجراءات مجموعة فاغنر مع أحكام الدستور الروسي.

ولكن في نظر أوكرانيا ومعظم الدول الغربية، لا فرق لديها بين فاغنر والجيش الروسي، وكلاهما بالنسبة لهم معتدون محتلون.

أما بالنسبة لتجنيد مجموعة فاغنر مرتزقة في صربيا، فقد يعرف الأمر كثيرون على أنه "تجنيد مرتزقة أجانب". 

لكن تستدرك الصحيفة بأنه من وجهة نظر قانونية صارمة، فلا يمكن وصف هؤلاء الموظفين بأنه "مرتزقة أجانب".

إذ إن مجموعة فاغنر ليست "شركة مرتزقة" أمام القانون، لكنها "شركة عسكرية خاصة".

المصلحة الوطنية

وتعزو الصحيفة ما أسمته "التلاعب بالألفاظ" إلى محاولة هذه الشركات التهرب من قرارات متعددة صادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، مثل "حظر وجود المرتزقة على أراضي دول أخرى"، و"حظر مهنة المرتزقة الأجانب".

ونتيجة لذلك، تعتمد الشركات العاملة في هذا المجال على "إعادة تسمية" أنفسهم، فيغيرون اسمهم إلى "أفراد أمن" أو "موظفي دفاع"، أو غير ذلك من التسميات القانونية.

جدير بالذكر أن الفيلق الأجنبي الفرنسي الشهير والفيلق الأجنبي الإسباني، جرى تضمينهما في تسلسل الجيش النظامي في بلديهما. 

فعلى سبيل المثال، أصبح الفيلق الأجنبي الفرنسي أحد مكونات الجيش في الوقت الحالي.

وتعد هذه الطريقة واحدة من أساليب الالتفاف على قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة.

وبالنسبة لهؤلاء الموظفين، المسمين بـ "أفراد الأمن" و"موظفي الدفاع"، تحدد الشركة مسؤولياتهم في عقد العمل، لا سيما فيما يتعلق بسلطة إطلاق النار.

إذ تنص العقود على أنه "لا يسمح بإطلاق النار سوى في الحالات التي تتعرض فيها النفس للتهديد".

لكن الصحيفة تعد هذه النقطة أيضا "منطقة رمادية"، ففي ساحات المعارك المليئة بالرصاص، لا يمكن لأحد أن يقرر بدقة ما إن كانوا مهددين أو لا.

وفيما يتعلق بصربيا، تحظر قوانين الدولة على أي مواطن المشاركة في النزاعات المسلحة في بلدان أخرى.

كذلك فإن الأشخاص الذين يعملون على تجنيد مواطنين للمشاركة في القتال داخل صربيا يعدون خارجين أيضا عن القانون، وعقوبتهم السجن لمدة تتراوح من 6 أشهر إلى 10 سنوات.

وتختتم الصحيفة تقريرها بالقول: "يجب الاعتراف بأن فوتشيتش بالفعل رئيس صديق ومقرب بالنسبة لبوتين، وربما تكون روسيا تحتاج بالفعل بشدة إلى أعداد كبيرة من المقاتلين".

لكن الحكومة الصربية لديها أيضا موقفها الخاص الذي لا يمكنها المساومة عليه، أو السماح بتعريض المصلحة الوطنية لأي ضرر، وفقا لوصف الصحيفة.