أزمة جديدة تدفع تركيا للتمسك بموقفها تجاه انضمام السويد للناتو.. ما الأسباب؟

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

زادت الحكومة التركية من ضغوطها على ستوكهولم للموافقة على مطالبها، مقابل انضمامها هي وفنلندا، إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو".

جاء ذلك تزامنا مع حادثة شنق دمية على شكل الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في السويد، ووسط محادثات بشأن انضمام الدولتين الاسكندنافيتين إلى الناتو.

وبحسب ما ذكرته صحيفة "أو جورنال إكونوميكو" البرتغالية، استنكرت أنقرة، في 12 يناير/كانون الثاني 2023، مقطع فيديو نشرته جماعة مقربة من حزب العمال الكردستاني (بي كا كا) في السويد.

وقد احتوى الفيديو مشاهد لدمية على هيئة الرئيس التركي مشنوقة في ستوكهولم، مما أثار غضب أنقرة بشدة.

احتجاج تركي

وإثر ذلك، جرى استدعاء السفير السويدي في أنقرة ستافان هيرستروم إلى مقر وزارة الخارجية، بحسب ما صرح مصدر دبلوماسي تركي.

كما قرر رئيس البرلمان التركي مصطفى شنطوب، إلغاء زيارة نظيره السويدي أندرياس نورلين التي كان مُخطط لها في 17 يناير 2023 إلى تركيا".

وكذلك فتحت النيابة العامة في أنقرة تحقيقا بشأن الواقعة، بحسب ما نشرته وكالة أنباء الأناضول التركية.

ووفقا لما نشرته الصحيفة البرتغالية، أكد فؤاد أوقطاي نائب الرئيس التركي، أن بلاده لا يمكنها إعطاء الضوء الأخضر لانضمام السويد إلى حلف الناتو، في الوقت الذي تسمح فيه ستوكهولم "للتنظيمات الإرهابية على أراضيها بتنفيذ أنشطة معادية لتركيا تحت ذريعة الديمقراطية". 

واستدرك أوقطاي: "لا يمكننا أن نتسامح مع سماح ستوكهولم لهذه الأنشطة التي ينفذها أعضاء وأنصار التنظيمات الإرهابية باسم الديمقراطية، ولن نعطي الضوء الأخضر لعضوية السويد في الناتو، ويتعين عليها أن تفهم ذلك".

في مقابل ذلك، أشارت الصحيفة البرتغالية إلى موقف السويد من الواقعة الذي حاولت فيه احتواء الغضب التركي، وانتقاد التصرفات التي أزعجت أنقرة.

وقال رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون، إن "ما فعله المتظاهرون كان محاولة لتعطيل موافقة الناتو على طلب العضوية الذي تقدمت به بلاده إلى الحلف". واصفا ذلك بأنه "خطر على الأمن القومي في السويد".

وأضاف: "من الخطر البالغ أن تحدث عملية إعدام تخيلية ساخرة لرئيس أجنبي وصل إلى سدة الحكم بانتخابات ديمقراطية، في بلد مثل السويد لها تاريخ في الاغتيالات السياسية".

وأشار بذلك إلى اغتيال رئيس الوزراء السويدي أولوف بالم عام 1986، وكذلك قتل وزيرة الخارجية آنا ليند طعنا عام 2003.

وذكرت الصحيفة أن الحادث وقع في وقت أعربت فيه تركيا عن اعتراضها بشأن عضوية السويد وفنلندا في الناتو، مما أبقى طلب العضوية مُعلقا منذ مايو/أيار 2022.

هذا بالإضافة إلى اتهامات تركيا للسويد بشأن إيوائها أعضاء منضمين لحزب العمال الكردستاني، وللمنظمات المرتبطة به كذلك، والتي تصنفها أنقرة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي "إرهابية".

وفي هذا السياق، وجه إبراهيم قالن، المستشار الرئيسي للرئيس التركي أردوغان، تحذيرا شديد اللهجة إلى السويد، يطالبها بضرورة عدم السماح لوقوع مثل هذه العمليات التي تهدد تركيا "بشكل علني".

وكتب قالن، على موقع التواصل الاجتماعي تويتر: "ندين بشدة التصرف الشنيع ضد رئيسنا في ستوكهولم، نقلنا رد فعلنا إلى السلطات السويدية. واتخاذ خطوات ملموسة ضد مثل هذه الإجراءات هو مطلب من متطلبات القانون والاتفاق الذي توصلنا إليه سابقا".

الوقت يضيق

ووفقا لما نقلته الصحيفة، أشار قالن أيضا إلى ضيق الوقت الذي يجب على البلدان استغلاله للاتفاق، فلا يوجد أمامهم إلا فترة شهرين إلى شهرين ونصف الشهر.

إذ ستشهد تركيا انتخابات رئاسية جديدة في يونيو/حزيران 2023 (مع حديث عن إمكانية إجرائها مبكرا قبل ذلك بشهر أو شهرين)، وبالتالي سيدخل البرلمان في فترة عطلة ما قبل الانتخابات.

في حين صدقت 28 دولة من أصل 30 في التحالف على عضوية الدول الاسكندنافية، تواصل تركيا إحباط خطط بلدان الشمال.

وبحسب تركيا، فإن "السويد بحاجة إلى اتخاذ موقف واضح وصريح بشأن هذه المنظمات"، في إشارة إلى تسامحها مع الأفراد المتهمين بانضمامهم ودعمهم للمليشيات الكردية.

في هذا الإطار، ومع الضغط المستمر من قبل تركيا، استسلمت ستوكهولم جزئيا لمطالبها، وأعلنت في ديسمبر/كانون الأول 2022، تسليم عضو حزب العمال الكردستاني محمود تات، إلى أنقرة.

ومع ذلك، وفقا لما ذكرته صحيفة "إيه ريفرانسيا" البرتغالية، فإن السويد لا تقبل تنفيذ جميع المطالب. 

ففي نهاية عام 2022، استخدمت المحكمة العليا السويدية حق النقض ضد تسليم الصحفي بولنت كينيس، رئيس التحرير السابق لصحيفة "توديز زمان"، والمتهم كذلك بتورطه في محاولة الانقلاب على الرئيس التركي عام 2016.

وبالعودة إلى الفترة الحالية، طلبت أنقرة تسليم 33 فردا كرديا متهمين بأنهم من مقاتلي حزب العمال الكردستاني، لكن الحكومة السويدية علقت الطلب، مُدعية أن القرار يعتمد على موقف القضاء.

وحسب ما نقلته "إيه ريفرانسيا"، قالت وزارة الخارجية: "إذا رأت المحكمة العليا أن تسليم الأفراد المعنيين سيسبب عقبات للسويد، فيجب على الحكومة رفض الطلب بشكل صريح".

وعلى الرغم من واقعة دمية أردوغان، وإصرار السويد كذلك على رفض مطالب تركيا بشأن المنظمات الإرهابية، تقول ستوكهولم أنها "واثقة من موافقة الأعضاء جميعا على طلب انضمامها إلى الحلف".

وقد عزت الصحيفة هذه الثقة الشديدة إلى إشادة إبراهيم قالن، بالحكومة السويدية الجديدة، والتي اتخذت عدة خطوات مهمة نحو انضمامها لحلف الناتو.

ويشمل ذلك الزيارة "بالغة التقدير" التي أجراها رئيس الوزراء السويدي إلى أنقرة، بعد توليه السلطة بفترة قصيرة.

بالإضافة إلى ما قاله رئيس الوزراء السويدي، أولف كريسترسون سابقا، إذ صرح أن "السويد ملتزمة باتفاقية الناتو مع تركيا"، والتي جرى توقيعها على مذكرة ثلاثية في قمة حلف شمال الأطلسي في مدريد، يوم 28 يونيو 2022.