صحيفة تركية: على أنقرة أن تدعم ترامب في المرحلة المقبلة.. لماذا؟

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "صباح" التركية مقالا للكاتب برهان الدين توران، تحدث فيه عن التقارب الأمريكي- التركي بعد لقاء الرئيسين رجب طيب أردوغان ودونالد ترامب على هامش "قمة العشرين" التي عقدت الأسبوع الماضي، مشيرا إلى عدم رغبة الأخير بفرض عقوبات جديدة على أنقرة.

وقال الكاتب التركي في مقاله، إن التقارب التركي الأمريكي بفضل اللقاء الأخير الذي جمع بين كل من الرئيسين ترامب وأردوغان هو أمر في غاية الأهمية ويجب البناء عليه، مضيفا أن تحسين العلاقة يجب ألّا تلقى على كاهل ترامب وحده وتركه وحيدا يصارع الكونغرس ومشاريع العقوبات الأمريكية.

ظلم أوباما لأنقرة

ورأى برهان الدين توران، أن المؤشرات تدلل بالفعل على عدم رغبة ترامب في فرض عقوبات جديدة على تركيا وعلى العكس من ذلك، الرغبة في التوصل لحل وسط بين الطرفين، من أجل الاستمرار في علاقة دافئة بين أنقرة وواشنطن.

وأوضح، أنه خلال اجتماع الرئيس أردوغان وترامب في أوساكا، وصلنا إلى مرحلة جديدة في قضية "أس-400" حيث قدم الأخير دعما مفتوحا لأطروحات أنقرة حول قضايا الصواريخ الأمريكية باتريوت، والصواريخ الروسية "أس-400" وكذلك الطائرات الأمريكية "أف 35" وكلها كما يعرف الجميع قضايا مرتبطة ببعضها البعض.

وشدد الكاتب على أن ترامب ذهب أبعد من ذلك وأخبر أردوغان، أن هناك "ظلما" وقع بحق تركيا حين كانت الولايات المتحدة تحت إدارة الرئيس باراك أوباما.

ترامب أكد في ذات الوقت، يضيف الكاتب، أنه لم يعط أرودغان وعدا بمنحه الصواريخ الأمريكية، لكن الاجتماع بحد ذاته كان إيجابيا ولعل أصداءه بالفعل كانت إيجابية؛ والتحسن الطفيف في سعر صرف الليرة التركية دليل على ذلك، بل، أن أردوغان أعلن ذلك بصراحة حين قال: "الرئيس ترامب أخبرني أنه لن يفرض عقوبات بحق أنقرة في قضية الصواريخ الروسية".

ولفت الكاتب إلى أن "ترامب أعلن أنه سيزور تركيا، دون أن يحدد موعدا لذلك. وهنا يسأل الكاتب: بعد اجتماع أوساكا، هل يمكننا القول أن التوتر المتعلق بالصواريخ الروسية وإصرار تركيا على استلامها وإصرار الولايات المتحدة على رفضها؛ قد تم التغلب عليه بعد أن كان ذلك قد يودي لانهيار العلاقة التركية الامريكية الراسخة؟

وتابع توران قائلا: عندما يتعلق الأمر بالولايات المتحدة، فإنني أفضل التفاؤل الحذر حتى في أكثر التطورات إيجابية، لأنه وحتى اجتماع أوساكا، أكدت البيروقراطية الأمريكية مرارا وتكرارا أن عقوبات الكونجرس كانت "حتمية"؛ لكنه في ذات الوقت، أكدت محادثات أوساكا اليابانية، أن ترامب ليس لديه الكثير للقيام به.

وأردف: ترامب، ومع ذلك، لم يظهر فقط تعاطفه مع أردوغان في أوساكا على مستوى عال؛ لكنه في ذات الوقت، فإن القمة عملت على انهيار حجج ترامب والحجج الأمريكية الرافضة لشراء تركيا الصواريخ الروسية.

وأكد الكاتب، أن ترامب قد أقر بنفسه، أن الازمة التركية الأمريكية المتعلقة بالصواريخ الروسية، ليست أزمة متعلقة بتحالف دول شمال الأطلسي "الناتو" بل إنها أزمة أمريكية تركية خالصة؛ ويبدو أنه تولى بالفعل من خلال سياسته معالجة هذه الأزمة والمبادرة لحلها بطرقه الخاصة، وأقر بأن الخطأ وقع في إدارة سلفه أوباما بالولايات المتحدة؛ وأدان رد الفعل المحتمل للكونجرس والذي يصر على فرض عقوبات على تركيا.

وبحسب توران، فإنه في هذه الأثناء، يشير إلى أنه وبصفته رئيسا يحب العقوبات، فإن نهج ترامب تجاه القضية بكلمة "الظلم" مهم أيضا لسياستنا الداخلية.

واستطرد الكاتب قائلا: لا يوجد أي اعتراض تركي داخلي بخصوص الصواريخ الروسية، الكل يجمع على أهمية هذه الصواريخ لتركيا، وضرورة وجودها في البلاد، وهذا الأمر يغيظ واشنطن قليلا، إذ لا مجال أن تلعب على وتر الحكومة والمعارضة، لكنه في ذات الوقت، يقول إنه على الرغم من أن النظام الدفاعي الروسي "إس-400" مصلحة وطنية مشتركة، يجب أن نتوقع رد فعل مختلف من الكونغرس الأمريكي، وتحييد كلمات ترامب، أمر واقع، وأن العقوبات لا يمكن اعتبارها في حكم اللاموجودة".

ماذا عن جاستا؟

وتساءل الكاتب قائلا: الأيام العشر المقبلة مهمة للغاية، ما الذي يفعله حيال إيران؟ موعد استلام الصواريخ الروسية يقترب، في منتصف الشهر الجاري يوليو/تموز الجاري، والسؤال هل ستفعّل الإدارة الأمريكية من خلال مجلس الشيوخ نظام العقوبات "جاستا "وهو نظام أمريكي خاص بالدول التي تشتري أنظمة عسكرية معارضة للأنظمة الأمريكية يفعّل تلقائيا أم يستطيع ترامب أن يحول دون ذلك كما وعد في قمة العشرين باليابان؟

وأجاب توران: نعم، ترامب لا يحب "جاستا" فهو نظام عقوبات خارج تقريبا عن سيطرته وعن حدود صلاحياته، بل إنه صرح بذلك غير مرة، فقانونه معقد، والإجراءات فيه، ليست من السهولة بمكان، وعلى سبيل المثال، حدد القانون مدة إيقاف الدعوى بأن لا تزيد عن 180 يوما، كما يحق للمدعي العام مطالبة المحكمة بتمديد فترة إيقاف الدعوى لمدة 180 يوما إضافية. كذلك على الرئيس استخدام سلطاته الفائقة من أجل تخفيف هذه العقوبات، لكن الكونجرس أيضا يمكن أن يقاوم هذه السلطات وبالتالي يدخل الأمر في أتون الصراع بين المشرعين من جهة وإدارة الرئيس من جهة أخرى.

وأصدر الكونغرس الأمريكي العام الماضي "قانون مكافحة أعداء أمريكا بالعقوبات" والذي ينص على فرض عقوبات على دول ثالثة وشركات قامت بالتعاون مع مؤسسات وهيئات لها علاقة بوزارة الدفاع الروسية، واستخبارات موسكو.

وبيّن الكاتب، أنه "يمكن تعزيز منظور التعاون في المنطقة الآمنة في شمال سوريا ومنبج؛ حيث إن للولايات المتحدة عليها تحفظا واضحا".

وشدد مرة أخرى على أن العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة كانت تتجه في قطار سريع نحو التدهور وربما القطيعة، لكن ترامب، اثبت عكس ذلك، وموقفه ولقاءه الأخير الذي جمعه بأردوغان عمد إلى تغيير اللعبة، وصرح بجملة من التصريحات من شأنها أن تحلحل الأزمة بين الطرفين، بل وأن يصل كل منهما إلى حل وسط.

ورأى الكاتب، أن "هذا الوقت، هو التفكير بمن يريد عرقلة تركيا، وتمنع وصول أي اتفاق مع أنقرة بأي ثمن"، مشددا على أن "تصريحات ترامب مبشّرة ويجب عدم تركه وحيدا، ويجب في ذات الوقت ألا يغرق الساسة الأتراك في السياسة المحلية وصراع الانتخابات والبلديات وما شابه".

دبلوماسية استثنائية

وحثّ على ضرورة عدم تفويت التقارب الأمريكي التركي هذا، ويجب أن تبدأ دبلوماسية استثنائية بين أردوغان وترامب، وأن يتم تدشين حقبة جديدة في العلاقات الثنائية. يجب على الجميع وخاصة المؤسسات التركية، أن ترى أن العلاقات منذ العام 2013 "تولي ترامب الرئاسة" مستمرة، ممتدة.

يذكر أن صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، قالت في افتتاحيتها، الثلاثاء الماضي، تحت عنوان "تركيا وأمريكا تتجهان لأزمة كبيرة، يجب ألا يقوض أردوغان الناتو بأنظمة الدفاع الجوي الروسية"، إن الرئيس التركي ركز في تصريحاته الصحفية على أن بلاده لن تواجه عقوبات أمريكية بسبب شراء نظام الدفاع الجوي الروسي "أس-400" مؤكدا أن الشحنات الأولى ستصل خلال عشرة أيام.

أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن بلاده ستتسلم أول شحنة من منظومة صواريخ "أس-400" الدفاعية الروسية في غضون 10 أيام، دون مشاكل مع الولايات المتحدة.

وكانت وسائل إعلام نقلت عن الرئيس أردوغان قوله: "في محادثاتنا الهاتفية وعندما نجتمع بشكل ثنائي لم يقل السيد ترامب حتى الآن (سنفرض تلك العقوبات)". وفيما يتعلق بأنظمة (أس-400)، قال لي: أنت محق. وناقشنا تلك القضية على مستوى متقدم جدا".

وأضاف أردوغان أنه "خلال تلك النقاشات المتقدمة"، قال ترامب: "هذا ليس عدلا. هذا مهم جدا. أعتقد أننا سنتخطى هذه العملية بلا مشاكل". وقال إنهما اتفقا على تكليف مسؤولين من البلدين بمتابعة القضية، مضيفا أن وزراء الخارجية والدفاع في البلدين "سيفتحون الأبواب" أمام حل تلك المسألة.