مُنيت بفشل ذريع.. لماذا تتبنى الإمارات سياسة خارجية عدوانية؟

12

طباعة

مشاركة

نشر موقع "ميدل إيست آي" في نسخته الفرنسية مقالا للباحث خليل العناني، أستاذ العلوم السياسية رئيس برنامج العلوم السياسية والعلاقات الدولية بمعهد الدوحة للدراسات العليا، عن السياسة الخارجية الإمبريالية لدولة الإمارات العربية المتحدة.

وقال العناني في مقاله: "منذ بعض الوقت، أتيحت لي الفرصة لمقابلة باحث يعمل في مركز أبحاث إماراتي على هامش مؤتمر جامعي في أوروبا، حيث طلبت منه تحليل السياسة الخارجية العدوانية لدولة الإمارات، خاصة منذ بداية الربيع العربي".

وأشار إلى أن إجابة الباحث كانت: "المسؤولون الإماراتيون مقتنعون بأن أفضل دفاع هو الهجوم، وأنه من الأفضل لبلدهم مهاجمة الربيع العربي ومطالب التغيير والديمقراطية خارج حدودهم، قبل أن تصل إليهم".

وأوضح العناني، أن أستاذ العلوم السياسة الإماراتي عبد الخالق عبد الله أدلى مرارا بنفس الإجابة لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، في محاولة لتبرير موقف الإمارات العربية المتحدة منذ بداية الربيع العربي.

الانتفاضة السودانية

وأكد الكاتب، أن هذه هي الطريقة التي يحاول بها الإماراتيون والخبراء العرب والأجانب تبرير السياسة الخارجية للإمارات، لافتا إلى أن أحدث تدخل إماراتي في بلدان الربيع العربي يظهر في السودان، حيث اندلعت انتفاضة سلمية منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي.

ورأى العناني، أنه منذ الإطاحة بالرئيس عمر البشير، انحازت الإمارات، ومعها المملكة العربية السعودية ومصر، إلى المجلس العسكري الانتقالي، الذي يتولى السلطة منذ 11 أبريل/نيسان، إذ استقبلت هذه البلدان رئيس المجلس عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو، الملقب بـ "حميدتي".

ونوه إلى أنه بعد أيام فقط من هذه الزيارات، قامت القوات السودانية بتفريق عنيف للاعتصامات الاحتجاجية أمام مقر الجيش السوداني، الأمر الذي أسفر عن أكثر من 100 قتيل كما تم الإبلاغ عن عشرات حالات الاغتصاب.

ووفقا لصحيفة "نيويورك تايمز"، فقد قدّم القادة السعوديون والإماراتيون الأموال والأسلحة والمشورة لحميدتي، على الرغم من مزاعم تورط مليشيا تحت قيادته في الإبادة الجماعية التي شهدتها دارفور.

كذلك سلّطت "نيويورك تايمز" الضوء على انتشار المركبات المسلحة الإماراتية في شوارع الخرطوم، حيث تنتشر قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، وفقا لطيار سوداني سابق، فقد هبطت طائرات شحن سعودية وإماراتية في مطار الخرطوم على متنها معدات عسكرية.

من اليمن إلى ليبيا

وقال العناني، إنه قبل الأحداث الأخيرة في السودان، تدخلت الإمارات أيضا في الصراع الذي يشهده اليمن لدعم حرب مستمرة من أكثر من أربع سنوات أطلقها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لتحسين وضعه السياسي.

وتابع: "كما دعم الإماراتيون انقلاب المشير عبد الفتاح السيسي ضد الديمقراطية الناشئة في مصر في يوليو/تموز 2013 من خلال ضخ مليارات الدولارات لضمان ولائه وضمان القضاء على المعارضة السياسية، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين".

وبيّن أستاذ العلوم السياسية أيضا، أن الإماراتيين فعلوا الشيء نفسه في ليبيا من خلال دعم أمير الحرب الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، الذي ارتكب مذابح في بنغازي والذي تشن مليشياته للسيطرة على مدينة طرابلس منذ أوائل أبريل/ نيسان الماضي.

وأكد العناني، أنه ليس من قبيل الصدفة أن هجوم حفتر على طرابلس جاء بعد أيام فقط من الانتفاضة الشعبية الجزائرية، التي بدأت في فبراير/شباط، وأدت إلى استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة: فالهدف هو منع احتمال عودة الربيع العربي.

ولفت إلى أن  الأمر الأكثر إثارة، هو قيام الإمارات والسعودية والبحرين ومصر بمقاطعة دولة قطر المجاورة قبل عامين، كما تسعى هذه الدول الأربع لتشويه سمعة الدوحة وصورتها على الساحة الدولية من خلال اتهامات لا أساس لها بأنها تمول الإرهاب.

فشل ذريع

ولفت الكاتب في مقاله إلى أن السؤال الذي يطرح نفسه: هل حققت الإمارات أهدافها من خلال هذه السياسة الخارجية الإمبريالية؟

وتابع: الجواب بسيط: لا، فكل المحاولات الإماراتية للتدخل في دول الربيع العربي فشلت وأفسدت سمعتها بدلا من ذلك. ففي السودان، أدى تفريق الجيش للاعتصام بالقوة، والذي أودى بحياة العشرات، إلى تأجيج نيران الاحتجاج الشعبي. 

وأردف: كما ظهر الوجه المثير للاشمئزاز للجيش عندما حاول برهان وحميدتي خداع المحتجين بإعلان أنفسهم مدافعين عن الثورة، وصدرت مجموعة من الإدانات الدولية من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والاتحاد الإفريقي تجاه المجلس العسكري. 

وزاد العناني: "في اليمن، أصبح من الواضح أن الإمارات العربية المتحدة أكثر من مجرد حليف سعودي ولها أجندتها الخاصة. ومع ذلك، فإن هذا التدخل يترنح يوما بعد يوم حيث يكثف الجيش الإماراتي مشاركته في حرب عديمة الجدوى. حرب، جلبت الموت والمرض والمجاعة لليمنيين على نطاق واسع، وشوهت صورة الإمارات.

وعن الوضع في مصر، رغم الدعم الإماراتي، نوه الكاتب إلى أنه "مع الاستقرار السطحي، يقترب الوضع الاقتصادي والاجتماعي من نقطة التحول، كما في ليبيا، فشل حفتر حتى الآن في فرض سيطرته على طرابلس، بالرغم من الدعم العسكري والسياسي واللوجستي المقدم من الإمارات ومصر والسعودية ودول أوروبية بما في ذلك فرنسا".

"أما فيما يخص حصار قطر، فقد ثبت بالفعل أنه فشل، حيث تبرز الدوحة بثقة وتأثير أكبر في المنطقة، وجميع الجهود التي بذلتها أبو ظبي لعزل الإمارة على الصعيدين الإقليمي والدولي جاءت بنتائج عكسية" بحسب الكاتب.

وأطلق العناني في نهاية مقاله على الإمارات لقب "أسبرطة الصغرى"، في إشارة إلى المدينة التي يسيطر عليها الجيش اليوناني والتي تبنت سياسة توسعية خلال الحرب. لكن ما قد لا يفهمه القادة الإماراتيون هو أن الحرب والفوضى لم تعد نموذجا لإستراتيجيات السياسة الخارجية، ومن المرجح أن تكون مصدرًا للهزيمة والفشل على المدى الطويل. 

يشار إلى أنه في عام 2014، أشاد الجنرال المتقاعد جيمس ماتيس، الذي كان وزير دفاع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لبعض الوقت، بدولة الإمارات، وفي مقال  نشر في صحيفة "الواشنطن بوست"، قال: إن الإماراتيين "ليسوا فقط على استعداد للقتال، بل هم محاربون عظماء. وأنه داخل الجيش الأمريكي "هناك احترام متبادل وإعجاب بما فعلوه وما يمكنهم فعله".

وأطلق ماتيس على الإمارات - التي يبلغ عدد سكانها الأصليين ما يزيد قليلا عن مليون شخص من إجمالي عدد السكان البالغ تسعة ملايين نسمة والباقي منهم المغتربون والعمال المهاجرون – عليها لقب "أسبرطة الصغرى".