بعد فقدانه غريان.. هل تقترب مغامرة حفتر من الانتهاء؟

قسم الترجمة - الاستقلال | 5 years ago

12

طباعة

مشاركة

يبدو أن المغامرة العسكرية للجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر في 4 أبريل/ نيسان الماضي، للقضاء على ما وصفها بـ"الجماعات المتطرفة والإرهابية في العاصمة طرابلس"، حيث توجد حكومة الوفاق المعترف بها دوليا برئاسة فائز السراج، على وشك الانتهاء.

هذا ما رآه الكاتب سيليان ماسيه، في مقال له بصحيفة "ليبراسيون" الفرنسية في ظل المستجدات العسكرية التي تشهدها ليبيا، بعد انسحاب قوات حفتر من مدينة غريان الإستراتيجية مخلفة جرحى وذخائر.

نهاية المغامرة

وأوضح ماسيه في المقال الذي جاء تحت عنوان "في ليبيا.. حفتر يفقد مدينة رئيسية" إلى أن خسارة المشير لمدينة غريان، التي جعل منها مركزا لعملياته، قد تشير الى قرب نهاية مغامرته المسلحة في منطقة طرابلس أو جرّ البلاد إلى حرب ضارية.

وقال الكاتب: قبل يومين من هجوم قوات خليفة حفتر على طرابلس، استولت الأخيرة على مدينة غريان، حيث حوّلتها إلى مركز عمليات ونقطة انطلاق لمشروع السيطرة على طرابلس، لافتا إلى أن "القوات الموالية لحكومة الوفاق المعترف بها دوليا، سيطرت الأربعاء الماضي، على هذه المدينة التي تقع على بعد حوالي 100 ميل جنوب العاصمة الليبية".

ونوه ماسيه إلى أن "غريان" هي حاجز إستراتيجي لأي عملية عسكرية باتجاه طرابلس، وخسارتها تعد ضربة لرئيس ما يعرف بـ"الجيش الوطني الليبي" الذي فشل في دخول العاصمة على مدار ثلاثة أشهر تقريبا من القتال.

وخسرت قوات حفتر "غريان" بالسرعة نفسها التي سيطرت فيها عليها، وقال المتحدث باسم قوات حكومة الوفاق مصطفى المجعي، إن المقاتلين المناهضين لحفتر استولوا على المدينة في هجوم مفاجئ، وذكر مصدر طبي سقوط أن 23 قتيلا على الأقل في الاشتباكات، وعشرات الجرحى في كلا المعسكرين.

ونقل الكاتب عن أرنود ديلالاندي، وهو محلل دفاعي وأمني مستقل، الذي كتب نظرة شاملة في الآونة الأخيرة عن القوات والمعدات التي يجري إرسالها حاليا بواسطة حفتر، "فوجئ الجيش الوطني الليبي، لقد تركوا وراءها الكثير من المعدات: الصواريخ الروسية، والصواريخ الصينية، وحتى قاذفات الصواريخ الأمريكية المضادة للدبابات".

وأكد، أن حفتر أقام في غريان، التي تقع على بعد ألف كيلومتر غرب مقره في المرج، مركز القيادة الرئيسي لمعركة طرابلس، إذ كانت المدينة في المقام الأول مركزا لوجستيا لتزويد الجبهات القليلة التي بلورتها المعارك في ضواحي العاصمة.

وأضاف أرنود ديلالاندي، أنه "بدون غريان، فإن قوات الجيش الوطني الليبي العاملة في طرابلس ستجد نفسها في ورطة، بالتأكيد سيحاول حفتر شن هجوم مضاد، ويعتمد نجاحه في نهاية المطاف على حلفائه"، متسائلا: "فهل الإمارات العربية المتحدة، أول داعمي الجنرال، ستكون مستعدة دائما لدعمه خلال هذا الهجوم؟"

دعم تركي

ورأى الكاتب، أن "القوات الموالية لحكومة الوفاق هي، مدعومة بسرية من الأتراك، فهناك مواجهة بين أنقرة وأبو ظبي بليبيا، في صدام يمزق الشرق الأوسط، بما في ذلك الطائرات المسلحة المسيرة، وهو انتهاك صارخ للحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة".

وأشار إلى أن آخر مدينة إستراتيجية تقع تحت سيطرة الجيش الوطني الليبي في طرابلس هي "ترهونة" فمنذ أسابيع عدة، تحاول شخصيات بارزة من المعسكر الموالي للحكومة إقناع الشخصيات البارزة بالتخلي عن حفتر، وإذا حدث ذلك، فقد يغري الشركاء المحليين بالانقلاب عليه.

وخلص ماسيه إلى أن هزيمة غريان، المدينة التي بدأ من خلالها كل شيء في أبريل/نيسان الماضي، يمكن أن تكون بداية نهاية المغامرة المسلحة التي قام بها حفتر في طرابلس، أو الدخول في حرب لا هوادة فيها.

من جهته، قال "راديو فرنسا الدولي" إن القوات الموالية للجنرال حفتر عانت من انتكاسة شديدة في مدينة غريان، بعد أن طردت القوات الموالية لحكومة الوحدة الوطنية قوات الرجل القوي في شرق ليبيا، من المدينة التي سيطر عليها حفتر منذ بداية هجومه على العاصمة.

وأكد، أنه بالنسبة للعديد من المتخصصين، فإن فقدان غريان على أيدي قوات حكومة فائز السراج يهدد قوات حفتر التي فشل حتى الآن في هدفه السيطرة على طرابلس، وأنها نقطة تحول في هذه الحرب التي بدأت في أوائل أبريل/ نيسان، فجميع ذخيرة "قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر" تمر عبر هذه المدينة.

ولفت الراديو إلى أنه من جانبها تنوه القوات الموالية لحكومة الوفاق، أن عمليتهم المفاجئة كانت معدة بشكل جيد، إذ شنت الأربعاء الماضي، غارات جوية عدة على مواقع الجيش الوطني الليبي في المدينة، ثم دخلت القوات المناهضة لحفتر غريان، بمساعدة من المقاتلين المحليين، وهو ما اعتبرتها قوات الجنرال "خيانة" من جانب المقاتلين الذين احتشدوا في صفه بداية هذه الحرب.

الانتقام من تركيا

وأمر خليفة حفتر قواته، بعد خسارة غريان، باستهداف السفن التركية في المياه الإقليمية الليبية وأهدافها الإستراتيجية كافة على الأراضي الليبية من شركات ومقار ومشروعات، بعد أن اتهم المتحدث باسم قوات حفتر اللواء أحمد المسماري، أنقرة بدعم قوات حكومة الوفاق الوطني في استعادة السيطرة على المدينة الإستراتيجية.

ورد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، على إعلان قوات حفتر أنه أصدر أوامر باستهداف السفن التركية في المياه الإقليمية الليبية وأي نقطة على الأرض تتعامل مع تركيا، قائلا: إن بلاده ستتخذ التدابير اللازمة حال التأكد من صدور قرار من خليفة حفتر، باستهداف الطائرات التركية.

وأضاف في مؤتمر صحفي: "ليس لدي علم حول توجيه حفتر أمرا بضرب الطائرات التركية، قد نتخذ التدابير اللازمة في حال كان صدر قرار كهذا من حفتر".

وتعم ليبيا الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011، وتفاقمت الأزمة مع إعلان حفتر عملية عسكرية للسيطرة على طرابلس، وبعد تقدم سريع، تعثرت قواته في مواجهة القوات الموالية لحكومة الوفاق، حيث تسببت المعارك منذ اندلاعها بسقوط 739 قتيلا على الأقل وإصابة أكثر من 4 آلاف بجروح، فيما وصل عدد النازحين إلى 94 ألف شخص، بحسب الوكالات التابعة للأمم المتحدة.
وتساءلت "ليبراسيون" قائلة: إذا كانت الامارات مستعدة للاستمرار بدعم حفتر بعد تعثر هجومه على طرابلس، مشككة في الوقت ذاته بولاء شركائه المحليين في طرحونه آخر موقع إستراتيجي له في محيط طرابلس.