بأزياء صليبية.. موقع بريطاني يستنكر رد مشجعين غربيين على تسامح قطر

قسم الترجمة | a year ago

12

طباعة

مشاركة

سلط موقع بريطاني الضوء على توقيف الأمن القطري لاثنين من المشجعين الإنجليز، ومنعهما من دخول استاد البيت لحضور مباراة منتخب بلادهما ضد نظيره الأميركي؛ بسبب ارتدائهما زي الحملات الصليبية.

وأوضح موقع "ميدل إيست مونيتور"، أنه بينما سعت قطر للاستفادة من استضافتها كأس العالم لكرة القدم في دعم قيم التسامح والتعايش، أصر بعض المشجعين الإنجليز على تذكير المسلمين بماضي أوروبا الأسود.

تاريخ مرير

وأشار الموقع البريطاني إلى أن الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، كان قد خَيّر الجمهور البريطاني بين التخلي عن زي الصليبيين في العصور الوسطى، وبين عدم حضور المباريات وتفويت فرصة دعم منتخبهم.

وقال الفيفا، قبل الجولة الثانية لدور المجموعات ضمن نهائيات بطولة كأس العالم لكرة القدم، إنه "يسعى جاهدا لخلق بيئة خالية من التمييز، وإلى تعزيز التنوع في الاتحاد الدولي، وفي جميع أنشطته وفعالياته".

وأضاف أن ارتداء "الأزياء الصليبية في العالم العربي أو الشرق الأوسط يمكن أن يكون مسيئا للمسلمين، ولهذا السبب طلب من المشجعين تغيير الملابس، أو تغطية الملابس التي عليها رموز صليبية".

وأبرز الموقع البريطاني أن ارتداء زي الصليبيين جاء رغم تصريح وزير الخارجية البريطاني، جيمس كليفرلي، قبل بدء البطولة، إنه "يجب على الجماهير إظهار بعض المرونة حيال قوانين الدولة المستضيفة للبطولة".

وكرر الوزير البريطاني تصريحاته في غير مرة قائلا: "إن قطر دولة إسلامية، ولديها ثقافة مختلفة عن تلك السائدة في بريطانيا ولا بد من احترام ذلك".

وبينما أرادت قطر أن تجعل من كأس العالم مناسبة للتعايش والتسامح، استدعت الأزياء الصليبية التي ارتداها المشجعون البريطانيون ذكريات تاريخية أليمة بالنسبة للعرب والمسلمين، الذين يتابعون البطولة بشغف حول العالم.

فالعرب والمسلمون لا يرون الحروب الصليبية، التي بدأت عام 1095، مثل أي حروب أخرى، بل يرونها محاولات ذات دوافع دينية للقضاء على المسلمين، وما يخصهم من دين وثقافة وحضارة.

وتاريخيا، الحروب الصليبية هي سلسلة من الحملات الأوروبية ضد المسلمين، وبدأت عندما وقف البابا أوربان الثاني، في فرنسا في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 1095، وحشد المسيحيين لمساعدة البيزنطيين على احتلال مدينة القدس.

وعندما احتل الصليبيون القدس عام 1099، نفذوا مذابح بحق عدد كبير من سكان المدينة الإسلامية، سواء من المسلمين أم اليهود.

ونقل المؤرخ المسلم الشهير، ابن الأثير، عن شهود عيان قولهم إن الصليبيين قتلوا أكثر من 70 ألف شخص عندما احتلوا المدينة المقدسة، بينما رفع مؤرخون آخرون العدد إلى 100 ألف شخص.

ثم حول الصليبيون المسجد الأقصى في القدس، ثالث الحرمين الشريفين، وأحد أقدس أماكن المسلمين على وجه الأرض، إلى إسطبل للخيول ومكب للنفايات.

فضلا عن المجازر العديدة التي ارتكبها الصليبيون خلال طريقهم إلى القدس. كما استمرت الحروب الصليبية لعدة قرون تالية، تخللها انتصارات وهزائم، لكن نجا المسلمون منها.

والعرب والمسلمون كانوا يحاولون التعايش مع الأوروبيين، الذي يعدون أحفاد الصليبيين، على الرغم من المجازر التي اقترفتها أيديهم خلال احتلالهم للبلاد الإسلامية في التاريخ الحديث.

ومع ذلك، يصر الأوروبيون من وقت لآخر على تذكير العرب والمسلمين بماضي أوروبا الأسود مع البلاد العربية والإسلامية.

حروب متواصلة

ولفت الموقع البريطاني إلى أنه في بعض الأحيان، لا تصدر هذه الأفعال من شخص عادي، بل تأتي عن قادة دول.

كما استخدم الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش، مصطلح "الحملة الصليبية" حين أعلن حربه المزعومة على "الإرهاب"، في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001.

إذ قال بوش: "هذه الحملة الصليبية، هذه الحرب على الإرهاب ستستغرق بعض الوقت، وعلى الشعب الأميركي أن يتحلى بالصبر".

والغزو الأميركي للعراق وأفغانستان وسقوط عشرات الآلاف من القتلى في تلك الحروب، دفع العديد من العرب والمسلمين إلى النظر إلى تلك الحروب على أنها امتداد للحروب الصليبية.

وبوش نفسه لم ينكر لاحقا أن معاركه التي شنها ضد الدول الإسلامية، على أنها حروب صليبية ذات دوافع لاهوتية.

فقد كتب عنه الأستاذ بجامعة شيكاغو بروس لينكولن، قائلا إن "الرئيس بوش يعتقد أن الله أمره بالترشح لرئاسة الولايات المتحدة".

كما قالت صحيفة نيويورك تايمز إنه "يعتقد حقا أنه في مهمة كلفه الله بها"،  كما نقلت عنه قوله: "أنا على ثقة من أن الله يتكلم من خلالي، فأنا أحمل كلام الله".

ونقلت أن بوش أخبر صديقا له بأن الله "أراد أن تقود الولايات المتحدة حملة صليبية لتحرير الشرق الأوسط"، معتقدا أن "نداء التاريخ هذا قد وصل إلى البلد المناسب".

فيما اعتراف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إلى هناك، عام 2017.

وقال إن هذا يأتي بناء على تعاليم الكتاب المقدس، التي كانت الحافز كذلك خلف العديد من الحملات الصليبية.

علاوة على ذلك، فإن المسيحيين الإنجيليين يعتقدون حاليا أن القدس يجب أن تكون تحت السيطرة اليهودية، تمهيدا لعودة المسيح.

وأورد الموقع ما ذكره الكاتب الهندي سمير أرشد ختلاني، من أن "الحروب الصليبية شكلت وجهة نظر ضيقة الأفق في الغرب عن الإسلام، وتسببت في انتهاج الدول الغربية لسياسات عدائية تجاه العالم الإسلامي".

فالتحريفات الأوروبية في سيرة نبي الإسلام محمد، صلى الله عليه وسلم، والتي كانت مصدرا رئيسيا للخلاف بين الجانبين يعود تاريخها إلى الحروب الصليبية، وفق ختلاني.

وأشار الكاتب الهندي إلى أن سفاح مذبحة المسجدين في نيوزيلندا، برينتون تارانت، كان يحمل أسلحة تشير إلى تأثره بالحملات الصليبية أيضا.

وكان تارانت، الذي قتل 51 مسلما وأصاب العشرات، في 9 مارس/ آذار 2019، قد كتب على سلاحه عبارات منها: "آكلو الأتراك" (Turcofagos) وهو اسم لعصابات يونانية بالقرن الـ19 كانت تشن هجمات دموية ضد العثمانيين.

كما كتب على سلاحه عبارة "1683 فيينا"، في إشارة إلى معركة فيينا التي خسرتها الدولة العثمانية ضد الإمبراطورية الرومانية، فضلا عن تاريخ "1571" في إشارة إلى معركة ليبانتو البحرية التي خسرها العثمانيون كذلك.

وأردف ختلاني أن أندرس بهرنغ بريفيك الذي ادعى أن هناك استيلاء إسلاميا ماركسيا على أوروبا وقتل 77 شخصا في النرويج عام 2011، كان يعتقد أنه جندي في حملة صليبية.

وأكد الموقع البريطاني أن الأحداث التي سبق ذكرها تؤكد أن الأخطار والتهديدات التي تمثلها تلك الأفكار مازالت قائمة بشكل واضح.

وأضاف أن العديد من العرب والمسلمين يرون الدعم الأوروبي للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، بما في ذلك السيطرة على القدس ومحاولات تهويد المسجد الأقصى، امتدادا للحروب الصليبية.

ويختم بالقول إنه "في مثل هذه الأحداث الرياضية الدولية التي تهدف إلى نشر التسامح والتعايش، كمونديال قطر، يجب حظر تلك الأفعال التي تنبش الماضي الأسود، وتتسبب في نشوب نزاعات بين الدول".