وسط انشغال روسيا بأوكرانيا.. لماذا تتصارع إيران وإسرائيل في القوقاز؟

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

افتتحت إيران، نهاية أكتوبر/ تشرين الأول 2022، قنصلية عامة في مدينة كابان الأرمينية قرب ممر زنغازور الذي من المتوقع أن يربط إقليم ناختشيفان الأذربيجاني ذاتي الحكم ومن ورائه تركيا، بأراضي أذربيجان ومن ثم بقية الدول التركية مرورا بأرمينيا.

وفي ضوء هذا التطور، أكدت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، في نسختها الفارسية، أن إيران تبذل قصارى جهدها لسد الفراغ الذي تركته روسيا في جنوب القوقاز في وجه مساعي أذربيجان لتحقيق مزيد من المكاسب مع دول مثل تركيا وإسرائيل.

فجوة كبيرة

وذكرت الهيئة البريطانية أن روسيا فقدت نفوذها في جنوب القوقاز بسبب الحرب الأوكرانية مع ضعف الموارد المالية، والاقتصادية، والعسكرية الروسية.

وشجع هذا الأمر الحكومة الأرمينية حليفة روسيا التقليدية للبحث عن أصدقاء في الغرب، وخلال هذه المرحلة تسعى إيران نحو سد الفجوة تدريجيا بمساعدة القوى الإقليمية.

وخلال الشهرين الأخيرين، أصدرت طهران تحذيرات عدة مبنية على أساس اعتراضها على السماح بدخول المسؤولين الأجانب إلى جنوب القوقاز.

وهي تدعم أرمينيا ومن ثم عقدت مناورة عسكرية ضخمة على حدود أذربيجان وأرمينيا، وشددت الحرب الكلامية تجاه أذربيجان.

وقال أغلب الخبراء في أذربيجان إن الافتتاح "المتسرع" للقنصلية الإيرانية في كابان والتدريب المكثف للحرس الثوري بالقرب من حدود أذربيجان قبل المفاوضات التي انعقدت في مدينة سوتشي الروسية يوم 31 أكتوبر كانت بهدف الضغط على باكو.

ويقال إنه في تلك الجلسة الثلاثية بين أرمينيا، وأذربيجان، وروسيا لم يستطع رئيس الأخيرة فلاديمير بوتين أن يقنع نظيره الأذربيجاني إلهام علييف بأن يوقع على وثيقة تفيد إعطاء إقليم قره باغ مكانة خاصة، وبأن يطول مدة إقامة القوات الروسية المحافظة على السلام هناك.

فيما أعرب علييف خلال حديثه في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022 عن قلقه تجاه إيران، وطلب من أرمينيا أن تؤخر التوقيع على معاهدة سلام مع أذربيجان.

وقال إن أرمينيا يجب ألا تعتمد على إيران، مضيفا: "ليس بإمكان أي شخص أن يرهبنا".

وأعلن التلفزيون الحكومي الأذربيجاني أن طهران تجاوزت "الخط الأحمر" بدعمها يريفان، ومنعها من الوصول إلى اتفاقية سلام مع باكو.

كما أعلنت بعض المحافل الإعلامية الأرمينية فيما يتعلق بزيارة رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان إلى طهران بعد جلسة سوتشي مباشرة أن روسيا وإيران تنسقان جهودهما معا للحيلولة دون تدخل دول ثالثة في تطبيع العلاقات بين أرمينيا وأذربيجان.

صراع مشتعل

واكتشفت أرمينيا عدم كفاءة الأساليب والمعدات العسكرية التي تملكها وترجع تاريخها إلى الاتحاد السوفيتي بعد الهزيمة في حرب قره باغ عام 2020، وأعلنت أنها بدأت مرحلة الانتقال إلى المعايير الحديثة.

بالإضافة إلى ذلك فإن الحرب الروسية في أوكرانيا والمشاكل اللوجستية الناتجة عن انقطاع العلاقات الدبلوماسية بين جورجيا وروسيا أدت إلى تقييد قدرة موسكو على توفير السلاح لأرمينيا بشكل لافت.

وفي مايو/ أيار 2022، وقعت أرمينيا بضع معاهدات عسكرية مع اليونان وقبرص، وكذلك كانت على وشك زيادة التعاون الدفاعي مع فرنسا.

وفي سبتمبر/ أيلول 2022، اقترح الرئيس الأرميني السابق، زعيم المعارضة الموالية لروسيا روبرت كوتشاريان، أن إيران يمكنها أن تكون بديلا لروسيا لضمان أمن أرمينيا.

وكرر وجهة النظر هذه وزير الخارجية الإيراني أمير عبداللهيان خلال افتتاح القنصلية الإيرانية في كابان بالقول: "نعد أن أمن أرمينيا هو أمن إيران".

وقال عبداللهيان إن طهران ستبذل جهودها لتقوية طريق النقل بين الشمال إلى الجنوب الذي يصل الخليج العربي بالبحر الأسود عن طريق أرمينيا وجورجيا.

وبحسب اتفاقية وقف إطلاق النار التي أنهت حرب قره باغ عام 2020، فإنه يتوجب إعادة فتح ممر زنغازور.

ويرجع تاريخ هذا الممر إلى عهد الاتحاد السوفيتي، حيث يصل أذربيجان بإقليم ناختشيفان، ويقع على امتداد حدود أرمينيا وإيران، وظل مغلقا منذ النزاعات بين أرمينيا وأذربيجان في بداية التسعينيات.

ويعتقد العديد في أذربيجان أن هذا الطريق السبب الرئيس في الهجوم الكلامي الأخير من قبل إيران نحو أذربيجان.

لأنه من الممكن أن يعزز التحالف بين أذربيجان وتركيا، وكذلك يعمل على اتحاد دول الأتراك في القوقاز وآسيا الوسطى.

وفي الوقت نفسه اتفقت إيران وأذربيجان في مارس/ آذار 2022، على تأسيس طريق اتصال مشابه بين غرب أذربيجان وناختشيفان عبر إيران.

وتعارض طهران فتح حدود أذربيجان وأرمينيا وتركيا، لأن هذا الأمر من الممكن أن يؤدي إلى زيادة نفوذ تركيا في المنطقة، ومن ثم تهميش إيران.

وتدعي أن ممر زنغازور سيوسع نفوذ إسرائیل وحلف شمال الأطلسي "ناتو" ناحية حدودها، وسيحد من علاقاتها مع أرمينيا.

فيما تؤكد أذربيجان أن علاقة الصداقة مع إسرائيل غير موجهة إلى أي طرف ثالث، لكن إيران تشعر بالخطر من أي نشاط إسرائيلي لدى جيرانها، وقلقة بشأن استغلال إسرائيل المحتمل للأراضي الأذربيجانية لأهداف استخباراتية وعسكرية ضدها.

رياح الحرب

وفي ظل هذه التوترات، تتحدث المحافل الرسمية والإعلامية في أذربيجان بشكل موسع عن حقوق الأذريين في إيران، لدرجة أن البعض منهم جدد الحديث بشأن توحيد جمهورية أذربيجان مع أذربيجان إيران.

وكانت العاصمة الأذربيجانية باكو في السابق تشعر بالخطر من ناحية طهران، وأدت التوترات الأخيرة في العلاقات بين البلدين إلى نقاشات مستفيضة في وسائل الإعلام الأذربيجانية حول احتمالية اندلاع حرب بين البلدين.

لكن المحللين المحليين فهرسوا الأسباب التي من الممكن أن تردع إيران وهي الاتحاد العسكري بين أذربيجان وتركيا وباكستان.

إضافة إلى بناء جيش قوي، ومشاركة الطاقة مع الغرب، فضلا عن التعداد السكاني الأذري في إيران الأكبر من التعداد السكاني في أذربيجان نفسها بشكل ملحوظ.

ويعتقد بعض من المحللين أن إسرائيل دعمت أذربيجان عسكريا في حرب قره باغ قبل عامين، وفي حال وقوع الحرب من الممكن أن تنضم إلى حلف ضد إيران.

وفي الوقت نفسه، قال الخبير السياسي الأرميني؛ بنيامين بوغوسيان، إنه يجب على أرمينيا وأذربيجان أن تقوم بجميع الإجراءات اللازمة للحيلولة دون أن تعلق في مواجهة دولية إيران وروسيا ضد الغرب أو أميركا.

وقال: "أثبتت الحرب الراهنة في أوكرانيا أن هذا السيناريو من المحتمل أن ينتج عنه عواقب وخيمة لكلتا البلدين".