أحرقوا منزل الخميني.. صحيفة إسبانية: متظاهرو إيران لن يعودوا للوراء

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة إسبانية الضوء على رمزية إحراق المتظاهرين الإيرانيين منزل المرشد الأعلى السابق مؤسس الجمهورية الإسلامية روح الله الخميني، مؤكدة أن "الاحتجاجات لن تعود إلى الوراء".

وأوضحت صحيفة "إيه بي سي" أن الفجوة بين حكومة المرشد الحالي علي خامنئي والمتظاهرين بات صعبا التغلب عليها، وصارت تهدد بشدة وجود النظام، رغم لجوئه إلى القمع الهائل وأحكام الإعدام.

لا عودة للوراء

وقالت الصحيفة الإسبانية إن الإيرانيين لن يعودوا للوراء، ومصممون على مواصلة احتجاجاتهم، رغم رد الفعل العنيف للحرس الثوري ضد الاحتجاجات التي راح ضحيتها أكثر من 300 قتيل بينهم أطفال.

فضلا عن إصدار أحكام الإعدام ضد المحتجين، التي بلغ عددها خمسة حتى الآن، كما أنه رقم يمكن أن يصل إلى عشرين حكم إعدام، ناهيك عن الأحكام بالسجن، التي يصل بعضها إلى أكثر من عشرين سنة.

وأضافت أن المتظاهرين الإيرانيين يواصلون تهديد السلطات الإيرانية وحكومة خامنئي، ويهاجمون بشكل شبه يومي الرموز الرئيسة للجمهورية.

في البداية كان الحجاب، إذ رفضت مئات النساء ارتداءه. وفي وقت لاحق تم إزالة العمائم من رؤوس رجال الدين، والآن، حرق المحتجون منزل مؤسس الجمهورية الإسلامية روح الله الخميني. 

وذكرت الصحيفة أن الإيرانيين بحثوا منذ بداية الاحتجاجات عن شخص يحملونه مسؤولية الوضع الذي يعيشونه، ووجدوا في  الخميني الشخص المثالي. 

وبحسب مقاطع فيديو أوردتها وكالتا أنباء رويترز وفرانس برس، اشتعلت النيران في منزل الخميني بمحافظة مركزي بعد إلقاء محتجين زجاجات حارقة على المنزل الذي ولد فيه زعيم الجمهورية عام 1902. 

وأظهرت المقاطع التي عرضت عبر الشبكات الاجتماعية، الناس وهم يصرخون ويحتفلون بهذا الإنجاز عندما بدأ المنزل في الاشتعال وخرجت ألسنة اللهب من النوافذ.  

وادعى حساب على تويتر باسم "1500 تسفير"، الذي يديره نشطاء ومعارضون، أن الحادث وقع في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، لكن لم ينشر ما حدث إلا في اليوم التالي، رغم نفي وسائل الإعلام الحكومية ذلك. 

ولفتت وكالة تسنيم الإيرانية إلى أن "الصور كذبة، حيث إن أبواب منزل مؤسس الثورة الكبرى الراحل مفتوحة للعموم". وتجدر الإشارة إلى أنه جرى تحويل هذا المنزل إلى متحف بعد وفاة المرشد.

رفض واضح 

ونقلت الصحيفة الإسبانية عن المحلل السياسي الخبير في شؤون الشرق الأوسط دانيال باشاندا، أن "هذا الحدث يمثل رفضا صريحا للنظام الإيراني ولرجال الدين في السلطة". 

ويواصل إن "إحراق المنزل هو نتيجة لتطور الاحتجاجات. لقد ازدادت حدة المظاهرات خلال هذين الشهرين".

وأشارت الصحيفة إلى أنه منذ بدء الاحتجاجات في 16 سبتمبر/ أيلول 2022، بسبب وفاة الشابة الكردية مهسا أميني التي توفيت أثناء احتجازها لدى شرطة الأخلاق لعدم ارتدائها الحجاب بشكل صحيح، واصل الإيرانيون النزول إلى الشوارع.

ووفقا لبيانات الأمم المتحدة، جرى اعتقال حوالي 15 ألف شخص لمشاركتهم في الاحتجاجات.

ويضيف باشاندا: "كلما زاد قمع النظام، ازداد تعزيز قضية المتظاهرين. كما يشجع هذا النوع من الهجمات الذي يتم بثه عبر الشبكات الاجتماعية المزيد من الناس على الانضمام إلى الاحتجاجات". 

ويواصل أن هذا الوضع يجعل من الصعب التغلب على الفجوة بين النظام والمواطنين.

ويتابع: لقد أظهر الإيرانيون أنهم ضجروا ونفذ صبرهم. لقد سئموا من قيام رجال الدين بتقييد حرياتهم وإحباطهم من ركود الاقتصاد.

"عموما، جعل هذا الوضع، بالإضافة إلى القمع، الإيرانيين يفقدون الثقة في النظام السياسي الذي أسسه الخميني، والذي يلومونه الآن ويحملونه مسؤولية العلل التي يعاني منها مجتمعهم"، يؤكد باشاندا.

وذكرت الصحيفة أن الخميني عاد إلى وطنه منتصرا بعد 15 عاما من المنفى في غرة فبراير/ شباط 1979.

وبعد عشرة أيام، أطاح بالشاه محمد رضا بهلوي من العرش وأسس ما يعرف الآن باسم جمهورية إيران الإسلامية.

وفي الحقيقة، الخميني، هو رجل مهيب يرتدي سترة سوداء وله لحية بيضاء ومتدين متحمس، بنى دولة على صورة مثله العليا.

لكن، استبعد البلد من التنمية الاقتصادية والتغيير الاجتماعي، حيث تمت معاقبة أي معارضة للنظام.

عموما، حافظ المرشد الأعلى الحالي، علي خامنئي، على طريقة الخميني لحكم الدولة، كما أنه يدير البلاد بقبضة من حديد. 

تحدي النظام

واستدركت الصحيفة: أما الآن، بعد حوالي 40 عاما من تأسيس الجمهورية الإسلامية، يبدو أن الإيرانيين عازمون على تحدي النظام.

ويقومون الآن بهدم أسس ما بناه الخميني واحدة تلو الأخرى، واليوم جاء دور المنزل الذي ولد فيه.

وكتب أحد النشطاء على تويتر: "تجذب هذه الإيماءات الرمزية الانتباه للاحتجاجات، وتضرب النظام محليا".

 في الأثناء، يواصل النظام استهداف الجهات الأجنبية، التي يزعم أنها تروج للاحتجاجات المناهضة للحكومة لإضعاف النظام.

وأصر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، في تصريحات صحفية، على أن "حربا إعلامية تشن ضد إيران لتغيير نظرة المواطنين، وتضخيم نقاط ضعف النظام، وتجاهل مواطن قوته".

في الأثناء، سجلت في الأيام الأخيرة أحداث ساخنة؛ أولا، في مدينة إيزه، جنوب غربي البلاد، حيث فتح مسلحون النار في سوق وقتلوا خمسة أشخاص وأصيب عدة مدنيين وعناصر من القوات الأمنية.

وفي مدينة أصفهان وسط البلاد، قتل مسلحون اثنين من أفراد الباسيج شبه العسكرية وأطلقوا النار من دراجة نارية.

ولم توضح الصحافة الرسمية ما إذا كانت أحداثا تتعلق بالثورة الحالية.  

وأمام هذا الوضع، يعد الضغط الدولي ضعيفا وغير كاف لدعم الاحتجاجات التي تطالب بالحقوق الأساسية للإيرانيين.

في المقابل، يسير الشعب الإيراني بخطى ثابتة في حركة تتحدى النظام الاستبدادي ويدفعون الثمن غاليا.