أشرف صبحي.. وزير تحشيد شباب مصر ومخرج "احتجاجات المناخ" المزيفة

داود علي | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

تردد في الآونة الأخيرة بصورة لافتة اسم وزير الشباب والرياضة المصري أشرف صبحي، لا سيما على خلفية دوره في تنظيم وتلقين حشود من الشباب لدعم رئيس النظام عبدالفتاح السيسي.

وطوال شهور طويلة شغل مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي "كوب 27" الذي استضافته مدينة شرم الشيخ المصرية بين 6 و19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، رأس النظام، بسبب مخاوف من مظاهرات الناشطين الدوليين المتوقعة خلاله.

وكرد فعل مضاد عمل صبحي على حشد مجموعات من الشباب للانتشار في المؤتمر، ودعم السيسي، وإظهاره للعالم كأنه يتمتع بحاضنة شبابية لا كما يُتداول من تنكيله بعشرات آلاف الشباب وزجهم بالسجون.

ومع تسليط وسائل إعلام النظام المصري الضوء عليهم في شرم الشيخ، برزت عديد من الأخطاء في تنظيمهم، ما فضح مخطط صبحي، وسط انتقادات بشأن مستواه الذي لم يرتق إلى آخرين تولوا هذا الملف في عقود سابقة.

مسار متواصل

واللافت أن هذا المخطط ليس سابقة يلجأ إليها النظام العسكري في مصر، بل أقدم عليه السيسي نفسه في بداية حكمه بالتعاون مع كاتبه الصحفي المفضل الراحل ياسر رزق، وبرز كثيرا في مؤتمرات الشباب التي نظمت لسنوات لتلميع النظام.

لكن ترجع فكرة تشكيل تنظيم شبابي على عين النظام، أشبه ما يكون بالتنظيم الطليعي، إلى حقبة ستينيات القرن العشرين. 

وعرفت مصر في الفترة من عام 1963 إلى 1971 ما يعرف بـ "التنظيم الطليعي"، وهو تنظيم سياسي كان تابعا للاتحاد الاشتراكي بمصر في عهد الرئيس جمال عبد الناصر.

والهدف من التنظيم آنذاك تمثل في تجنيد العناصر الصالحة للقيادة من الشباب، ثم تنظيم جهودهم لخدمة النظام الحاكم، وحشد الجماهير إليه، وإعلان الولاء الكامل للرئيس.

واعتنى عبد الناصر بالتنظيم، وعهد إلى كاتبه الصحفي المفضل محمد حسنين هيكل، ورئيس المخابرات العامة علي صبري، وسكرتير رئيس الجمهورية سامي شرف، بعملية التنظيم والبناء.

وأشار الميثاق الناصري إلى تكوين هذا التنظيم، وإن لم ينص على الطبيعة السرية له. 

ووصل عدد أعضاء التنظيم إلى 30 ألفا، حسبما ذكر الباحث المصري الدكتور حمادة حسني في كتابه "التنظيم الطليعي السري" الذي صدر عام 2008. 

وفي 8 فبراير/ شباط 2020، كتب ياسر رزق مقالة تحت عنوان "حركة 3 يوليو"، فند فيها رؤيته لمستقبل حكم السيسي، ووضع أجندة منهجية، كقالب أيديولوجي للأجيال القادمة، وهو ما عبر عنه في مطلع المقالة قائلا: "الآن يساورني قلق جديد لا أستطيع أن أخفيه إزاء جيل 2030".

واقترح رزق إنشاء ما أطلق عليه "منظومة كاملة"، تستوعب الجيل القادم، وضع لها مسمى "طلائع 3 يوليو"، أما المكونات فتبدأ من أطفال المدارس، حتى شباب الجامعات. 

ورغم رحيل رزق في 26 يناير/ كانون الثاني 2022، لكن أشرف صبحي أخذ على عاتقه التنفيذ كمسؤول عن الوزارة التي تخص الشباب، والتي جندت طاقتها على خلق جيل يدين بالولاء للسيسي فقط.

من هو؟ 

اسمه أشرف صبحي محمد حسين عامر، ولد يوم 14 أبريل/ نيسان 1968، في محافظة الشرقية شمالي مصر. 

وفي عام 1989 حصل على بكالوريوس التربية الرياضية، من كلية التربية الرياضية، جامعة حلوان بتقدير عام امتياز.

وفي عام 1994 حصل على ماجستير في العلاقات العامة والإدارة الرياضية من جامعة حلوان.

بعدها بدأ نشاطه في عدد من المجالات، فهو كان مولعا بلعبة الكاراتيه، وحصل على بطولة الجمهورية للكاراتيه والحزام الأسود.

وفي الفترة من 1994 إلى 1997، عمل سكرتيرا عاما لمنطقة الجيزة للكاراتيه.

وعمل في عدة شركات رياضية كمدير للتسويق والعلاقات العامة بجانب عمله الأكاديمي كأستاذ للتربية الرياضية، ثم أخصائي نشاط رياضي بنادي الزمالك، ثم رئيسا للعبة الكاراتيه بالنادي.

وشهد عام 2000 حصول أشرف على درجة الدكتوراه في الإدارة الرياضية من جامعة حلوان وجامعة أوتاوا الكندية. 

ثم تولى منصب مدير العلاقات العامة بنادي الزمالك، وفي عام 2004 تم تعيينه عضوا بمجلس إدارة الاتحاد المصري لكرة القدم بالتعيين. 

وكان صبحي مقربا من وزير الشباب والرياضة (آنذاك) علي الدين هلال، وثيق الصلة بالرئيس المخلوع حسني مبارك، والذي كان أيضا أمينا للتثقيف الشبابي للحزب الوطني (المنحل).

 

وزير الشباب

وبدأت ذروة الترقي الوظيفي لأشرف صبحي عندما تم تكليفه بالعمل كمساعد لوزير الشباب والرياضة خالد عبد العزيز، في حكومة إبراهيم محلب منذ أغسطس/ آب 2014، وحتى مارس/ آذار 2016، إلا أنه تقدم باستقالته دون أسباب.

وفي 14 يونيو/ حزيران 2018، تم تعيينه وزيرا للشباب والرياضة في حكومة مصطفى مدبولي، وأدى اليمين الدستورية أمام السيسي، خلفا لخالد عبد العزيز.

ويرتبط أشرف صبحي مع النظام الحاكم في الإمارات بعلاقة وثيقة وقديمة، وهي الدولة التي دعمت الثورة المضادة ضد الحكم المنتخب في مصر وساهمت في انقلاب عبد الفتاح السيسي عام 2013. 

ففي عام 2005 سافر صبحي إلى الإمارات، ليشغل منصب المدير التنفيذي لشركة "القدرة للإدارة الرياضية" في أبوظبي، وهي الشركة التي تدير معظم المنشآت الرياضية في القطاع الحكومي الإماراتي. 

وفي عام 2009 شغل أشرف صبحي منصب المدير التنفيذي لنادي "بني ياس" الإماراتي.

وتلك العلاقة بدولة الإمارات حفزت صبحي إلى فتح أبواب لها داخل قطاعات رياضية في مصر، بعدما أصبح وزيرا للشباب والرياضة. 

ففي 30 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، حضر ندوة بعنوان "تاريخ العلاقات الرياضية بين مصر والإمارات"، رفقة الدكتور أحمد سعد الشريف رئيس جمعية الرياضيين في الإمارات. 

وقال صبحي خلالها: "كرة القدم مجال اقتصادي رياضي كبير، والمنتج الكبير لمصر في الرياضة هو الأهلي والزمالك، لذا فإنه شرف كبير لنا إقامة مباراة كأس السوبر في أرض الإمارات الشقيقة". 

وأضاف: "توجد مجالات تعاون كثيرة بين الدولتين، على سبيل المثال مؤسسة زايد تولت تحديث 60 مركز شباب في أرض مصر". 

 

مثير للجدل

وتخللت ولاية صبحي لوزارة الشباب مجموعة من الأحداث والاتهامات التي أثارت الجدل والرأي العام في مصر. 

حيث شهد يوم 28 مايو/أيار 2021، نشر تدوينة عبر "فيسبوك" للوزير السابق خالد عبد العزيز، يعلن فيه عن تصريحات صادمة يتم الإفصاح عنها لأول مرة بخصوص رئيس نادي الزمالك مرتضى منصور.

وجاء فيه: "حدث اجتماع بين وزير الشباب والرياضة الدكتور أشرف صبحي والكابتن محمود الخطيب والكابتن حسن مصطفى والمهندس فرج عامر واتفقوا على رحيل مرتضى منصور".

وأضاف: "ليس لي دخل بهذه الأحداث، المستشار مرتضى شخصية قوية رغم خلافاتي معه.. أنا كلامي موثق وسوف أقدمه للنيابة العامة، بعد تجاوزات الوزير الحالي بحقي في مكالمة هاتفية".

وفي 21 نوفمبر 2021، شهدت وزارة الشباب والرياضة "فضيحة" بحسب توصيفات الصحف المحلية المصرية كـ"فيتو". 

وذلك بسبب إصدار الوزير أشرف صبحي قرارا بالتجديد لعدد من وكلاء مديريات الشباب والرياضة في المحافظات.

وتبين وجود اسم وكيل مديرية الشباب والرياضة بأسيوط في القرار الوزاري رغم وفاته منذ أكثر من عام بفيروس كورونا.

وتضمن القرار رقم 576 لسنة 2021، التجديد لـ7 من القيادات في المديريات، من بينهم المتوفى سيد زكريا عثمان. 

الأمر الذي أثار أزمة كبيرة داخل الوزارة، خاصة أنه لم يكتشف اسم الوكيل سوى بعد صدور القرار بتوقيع الوزير أشرف صبحي، ما سبب له حرجا بالغا. 

وفي 14 يونيو/ حزيران 2022، طالب النائب الدكتور إيهاب رمزي، عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، أشرف صبحي بالكشف عن جميع التفاصيل الخاصة بهزيمة المنتخب الوطني لكرة القدم أمام المنتخب الإثيوبي، والأداء المتردي الضعيف للاعبي مصر في هذه المباراة.

وحمله حالة اليأس والإحباط الشديدين لدى الجماهير المصرية، وطالب بوقفة جادة ضد وزير الشباب كمسؤول عن الفشل الإداري الخاص باللعبة الشعبية الأولى في مصر، التي ينفق عليها ملايين الدولارات.   

قائد التنظيم

وظهرت مهمة أشرف صبحي الأساسية إبان مؤتمر المناخ في حشد مجموعات شبابية خاصة من مختلف المحافظات، وشحنهم إلى شرم الشيخ مقر انعقاد المؤتمر. 

العملية لم تكن عشوائية، فالشباب تم اختيارهم بعناية منذ فترة طويلة، وعقدت لهم معسكرات تدريبية، وندوات تثقيفية، وحملات توعوية ليكونوا على مستوى الحدث. 

والأهم أن مهمتهم لن تقتصر على تلك النقطة، بل سيكونون أشبه بتنظيم شبابي داعم ومؤيد للنظام في مختلف المحافل داخليا وخارجيا. 

لكن سخرية كبيرة سيطرت على مواقع التواصل الاجتماعي، فور انتشار صور وفيديوهات وقفة تضامنية نظمتها مجموعات صبحي الشبابية للتضامن مع النائب عمرو درويش.

وطرد درويش صاحب من ندوة دولية للناشطة الحقوقية المصرية سناء سيف، التي أقيمت للتضامن مع إضراب شقيقها علاء عبد الفتاح عن الطعام، على هامش مؤتمر المناخ، بسبب تهجمه على سناء.

وزاد من السخرية، انتشار فيديو لمذيعة قناة "إكسترا نيوز" التابعة للسيسي أثناء تغطية الوقفة، إذ فُضح الترتيب المسبق لها، بسبب ارتباك إحدى المتضامنات، ووقوعها في الخطأ أكثر من مرة في اسم المتضامنين معهم، والمتظاهرين ضدهم.

اللافت أن الفيديو حذف لاحقا من حسابات القناة على مواقع التواصل، لكن المغردين تلقفوه ونشروه، واستدلوا به على فبركة التظاهرة، وترتيبها المسبق من قبل رجال السيسي.