"تي آر تي": لماذا تفتح سلطنة عمان سفارة لدى فلسطين؟

قسم الترجمة - الاستقلال | 5 years ago

12

طباعة

مشاركة

عندما بدأ الحاكم العماني قابوس بن سعيد آل سعيد يكثف المحادثات مع القيادتين الإسرائيلية والفلسطينية في أواخر عام 2018، بالنسبة للكثيرين، بدت الدولة الخليجية الصغيرة كحكم غير محتمل لتولي مهمة حل واحد من أطول الصراعات في العالم.

كانت سلطنة عمان، التي هي واحدة من أقدم الدول المستقلة في العالم العربي، قوة سياسية واقتصادية حاسمة في المنطقة حتى القرن التاسع عشر. منذ أن أطاح قابوس بن عبد العزيز بوالده في عام 1970، اتبع سياسة خارجية معتدلة تقوم على مفاوضات تمتزج بالبراغماتية وأهداف السياسة الخارجية طويلة الأجل، بحسب تقرير للنسخة الإنجليزية من موقع "تي آر تي" التركي.

وتساءل التقرير عن الأسباب التي تجعل من سلطنة عمان أول دولة خليجية تفتتح سفارة في فلسطين.

مناورة نادرة

وعلى الرغم من أن السلطنة سعت إلى تخفيف الجمود بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، إلا أنها أنكرت أن تكون وسيطًا بين الطرفين. ويعد الإعلان عن افتتاح سفارة في رام الله، المركز الإداري للسلطة الفلسطينية، خطوة أخرى نحو وضع نفسها كقناة دبلوماسية محايدة في الشرق الأوسط - وهي مناورة نادرة لأي ملكية خليجية عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

ونقل الموقع عن وزارة الخارجية قولها على "تويتر": "تماشيا مع دعم السلطنة للشعب الفلسطيني الشقيق تقرر فتح بعثة دبلوماسية جديدة لفلسطين على مستوى السفارة. سيتوجه وفد من وزارة الخارجية إلى رام الله للشروع في افتتاح السفارة".

 

 

 

لقيت الخطوة ترحيبا من الجانب الفلسطيني شرط ألّا يكون لها أي علاقة بالاعتراف بدولة إسرائيل، إذ قالت عضو اللجنة التنفيذية لـ"منظمة التحرير" الفلسطينية، حنان عشراوي: "إذا كان لسلطنة عمان ارتباط أو علاقة بالاعتراف بإسرائيل، سوف يكون هذا مرفوضا بشكل تام". وأشارت إلى أن المبادرة العربية للسلام أعلنت وبشكل واضح جدا أنه لا اعتراف ولا تطبيع مع إسرائيل حتى تنسحب من الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وتوقعت عشراوي أن تعمل هذه السفارة فقط للفلسطينيين في عدة مجالات وأن تكون العلاقة مباشرة، آملة أن تساعد السفارة في تعريف الحكومة العمانية بطبيعة الاحتلال الإسرائيلي فعليا. 

ونقلت وكالة "رويترز" عن مصدر مطلع على القرار أن عمان أغلقت بعثتها الدبلوماسية في غزة في أعقاب قصف إسرائيل للقطاع عام 2006، لكنها أبقت على علاقة وثيقة بالسلطة الفلسطينية.

ولفت مدير الدائرة الإعلامية في وزارة الخارجية الفلسطينية، طارق عيدة، إلى وجود سفارة واحدة فقط في الأراضي الفلسطينية تتبع لدولة الإكوادور، بالإضافة إلى 42 مكتباً تمثيلياً، بينها مكاتب تمثيل دبلوماسية لأربع دول عربية هي مصر والأردن والمغرب وتونس.

فشل مؤتمر البحرين

وجاء قرار السلطنة تزامنا مع ورشة المنامة التي أعلنت فيها واشنطن خطتها الاقتصادية وقالت إنها ستكون أساسا للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

بعد يوم واحد من قيام كبير المستشارين للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، جاريد كوشنر، بإطلاق مؤتمر بعنوان "السلام من أجل الازدهار" في البحرين للكشف عن خطة واشنطن الاقتصادية لفلسطين، التي وصفها بـ"فرصة القرن" بدل "صفقة القرن".

ورأى التقرير أنه مع ذلك، فشل المؤتمر في تحقيق الأهداف المرجوة، حيث كان يفتقر إلى المحتوى السياسي ولم يعترف بحل الدولتين للنزاع.

حضرت المؤتمر العديد من دول الخليج بينما قاطعه الزعماء الفلسطينيون، بسبب القرار الأمريكي بقبول القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إلى هناك. إضافة إلى ذلك، فإن تقليل التمويل الذي تقدمه الولايات المتحدة أدى إلى تعطيل حياة عشرات الآلاف من الفلسطينيين النازحين الذين اعتمدوا اعتمادًا كبيرًا على مساعدات من وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

واتهم جاريد كوشنر في اختتام مؤتمر المنامة، القيادة الفلسطينية بالفشل في مساعدة شعبها، مؤكدا أن "الباب لا يزال مفتوحا" أمامها للمشاركة في خطة واشنطن للسلام الذي انطلق الجانب الاقتصادي منها في هذا المؤتمر.

الدفء لا يعني التطبيع

وبحسب التقرير، فإن عُمان تغيبت عن المؤتمر مبددة الشائعات بأن السلطنة كانت تخطط للمشاركة فيه.

ففي وقت سابق من هذا العام، أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بسلطنة عمان لاتخاذها خطوات لضمان السلام في الشرق الأوسط، وجاء ذلك بعد قيامه بزيارة تاريخية إلى عمان العام الماضي.

كما أدلى وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي بن عبد الله بعدة تعليقات لصالح إسرائيل في الماضي، بما في ذلك تعريف إسرائيل على أنها "دولة شرق أوسطية مقبولة"، داعياً العرب إلى اتخاذ مبادرات لجعل إسرائيل تتغلب على مخاوفها على مستقبلها.

لكن على الرغم من العلاقات الدافئة مع إسرائيل، قال بن علوي إن السلطنة لن تطبّع علاقاتها مع الدولة الإسرائيلية حتى يتم إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة.

خطوات أخرى في الشرق الأوسط

وسط تصاعد التوترات بين إيران والولايات المتحدة، كثفت عُمان من المحادثات مع كل من طهران وحلفائها في الخليج، السعودية والإمارات، في محاولة لتخفيف التوترات في المنطقة. وشجعت عُمان أيضًا المفاوضات بين طهران والولايات المتحدة، مستفيدة من وجود علاقات ودية مع كلا البلدين.

وجاءت زيارة وزير الخارجية العماني إلى طهران في شهر مايو/ أيار بعد أقل من أسبوع من إجراء مكالمة هاتفية من وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو مع قابوس.

وقال بيان صحفي صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية: "شكر الوزير السلطان على شراكة سلطنة عمان الدائمة مع الولايات المتحدة، وكذلك مشاركتها المستمرة وحوارها في أكثر القضايا صعوبة في المنطقة".

وأضاف تقرير "تي آر تي" أنه "على الرغم من الجهود التي تبذلها عمان، يتعين على البلاد التعامل مع العديد من المشاكل القريبة من حدودها. وأردف: "في 20 مايو/ أيار، أسقطت إيران طائرة أمريكية بدون طيار بقيمة 110 ملايين دولار في الخليج بعد أن اتهمتها واشنطن الأسبوع الماضي بمهاجمة عدة ناقلات نفط في خليج عمان مملوكة للسعودية والإمارات".