حال تشكيله الحكومة.. هل ينسحب نتنياهو من اتفاق ترسيم الحدود مع لبنان؟

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

بعد تكليفه بتشكيل الحكومة الإسرائيلية في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، تدور تساؤلات عن مدى التزام رئيس حزب الليكود بنيامين نتنياهو باتفاق الحدود البحرية مع لبنان.

وفي الثالث من الشهر نفسه، أعلن فوز معسكر نتنياهو بـ64 من مقاعد الكنيست (البرلمان) الـ120 في انتخابات هي الخامسة في غضون أقل من 4 سنوات.

ويترقب الجميع في الداخل والخارج تشكيلة حكومة نتنياهو التي يسود الظن أنها ستكون يمينية متطرفة. ومن هنا تسود تخوفات تتعلق بالاتفاق الأخير مع لبنان.

وفي 27 أكتوبر/تشرين الأول 2022، وقع الرئيس اللبناني السابق ميشال عون، ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق يائير لابيد، نص اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين الجانبين، دون حضور مراسم التوقيع.

وخاض لبنان وإسرائيل مفاوضات غير مباشرة استمرت عامين بوساطة أميركية حول ترسيم الحدود في منطقة غنية بالنفط والغاز الطبيعي بالبحر المتوسط تبلغ مساحتها 860 كم مربعا.

"استسلام لحزب الله"

وتقدر مصادر إسرائيلية مطّلعة أن نتنياهو سيتصرف بحذر وسيجد الطريق الصحيح للتعامل مع الاتفاق كما فعل مع اتفاقية أوسلو 1993 مع الفلسطينيين، في إشارة إلى التجاهل التام.

ومن الأسئلة التي تثير الاهتمام، إذا ما كان بنيامين نتنياهو سيلغي أو يعطل تنفيذ الاتفاق ويمنع لبنان من إنتاج الغاز الطبيعي من حقول الغاز.

وقال نتنياهو خلال الحملة الانتخابية، إن الاتفاقية "استسلام لحزب الله" وإنه سيلغيها إذا عاد إلى السلطة.

وأشار موقع "زمن إسرائيل" إلى أنه من الناحية القانونية، يمكن للجهة التي صدقت على الاتفاقية، أي الحكومة الإسرائيلية، إعادة مناقشتها وإلغاؤها، كما لم يجر تقديم الاتفاقية للمصادقة عليها من قبل الكنيست.

فنتنياهو لديه أغلبية في الحكومة الجديدة ويمكنه نظريا تمرير مثل هذا القرار، وفق تقدير الموقع العبري.

ووافقت حكومة لابيد على الاتفاق على أساس أن رؤساء المؤسسة الأمنية يثقون به، ومن منطلق الرغبة في تجنب مواجهة عسكرية مع حزب الله.

فهل سيتصرف نتنياهو بشكل مخالف لموقف المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ويخاطر بوقوعها وتكون مقدمة لحرب مقبلة ضد حزب الله؟ وهل ينتهك اتفاقية تهتم الحكومة الأميركية بتنفيذها؟

وتقدر شخصيات سياسية بارزة في إسرائيل أن رئيس الوزراء المنتخب سيدرس بنود الاتفاق بعناية ويكتشف حقيقة موقف رؤساء المؤسسة الأمنية، وبعد ذلك سيصوغ خطواته في هذا الشأن.

ويرى الموقع العبري أنه لا يتوقع حدوث تحرك دراماتيكي في الأشهر المقبلة.

فإسرائيل منهمكة في كبح موجة المقاومة في الضفة الغربية، وحوالي نصف القوة العسكرية للجيش الإسرائيلي منخرطة في هذه المهمة.

لا مغامرات عسكرية

ولفت الموقع العبري إلى أنه لم يجر إزالة التهديد النووي الإيراني، ومن المحتمل أنه بعد انتخابات الكونغرس في نوفمبر، أن يجدد الرئيس الأميركي جو بايدن المفاوضات مع إيران بشأن الاتفاق.

وتزامنا مع ذلك، يستمر حزب الله اللبناني في تجهيز نفسه بأسلحة متطورة تصل إليه من إيران عبر سوريا. ويقدر مسؤول سياسي إسرائيلي كبير أن نتنياهو سيتصرف بحذر شديد وأنه لا يبحث عن مغامرات عسكرية.

وتقول مصادر أمنية إسرائيلية إن حزب الله يستطيع، بصواريخه الدقيقة، تعطيل منصة الغاز "كاريش"، التي بدأت لتوها في إنتاج الغاز، بالإضافة إلى سائر منصات الغاز الإسرائيلية في البحر الأبيض المتوسط.

وقد سبق للأمين العام لحزب الله "حسن نصر الله" أن حذر إسرائيل من هذا الاحتمال.

وأرسل "علي دعموش" ممثل حزب الله في البرلمان اللبناني، رسالة إلى نتنياهو في 13 نوفمبر يقول فيها إنه لا يستطيع إلغاء الاتفاقية لسببين:

أولا، لأن الاتفاق صدق عليه الجهاز الأمني ​​الإسرائيلي لتجنب الحرب مع حزب الله ولن يكون قادرا على اتخاذ قرار يخالف هذا الموقف.

وثانيا، المعادلة التي فرضها حزب الله على الولايات المتحدة وإسرائيل لا تزال سارية وهذا هو الضمان الحقيقي لتطبيق الاتفاق.

والمعادلة التي وضعها حسن نصر الله تقول إن إسرائيل لن تكون قادرة على إنتاج الغاز الطبيعي طالما أن لبنان لا يمارس حقه في ذات الأمر.

وقال نصر الله في خطاب متلفز خلال نوفمبر إن اتفاق الحدود البحرية إنجاز كبير للغاية نتج عن التكامل بين الدولة والمقاومة والشعب.

وأشار المحلل الأمني الإسرائيلي "يوني بن مناحيم" إلى أن منظمة حزب الله واثقة جدا من قوتها الرادعة، والتي تتجلى في ترسانة من نحو 150 ألف صاروخ، منها العشرات من الصواريخ الدقيقة القادرة على ضرب منشآت إستراتيجية داخل إسرائيل.

وبتقدير الأحزاب السياسية المقرّبة من نتنياهو، فإنه ليس في عجلة من أمره للوصول إلى أي مكان وسيبحث عن الوقت المناسب لإفراغ الاتفاق من محتواه وبدون مخاطر لا داعي لها، فقط، كما فعل مع اتفاق أوسلو "الذي عرّض إسرائيل للخطر".

الكلمة الأخيرة 

ولفت ابن مناحيم إلى أن الرئيس لم ينتخب بعد في لبنان والحكومة المؤقتة تملأ مكانه، والنظام السياسي غير مستقر وليس من الواضح إلى متى سيستمر عدم الاستقرار هذا.

بينما في إسرائيل استقر النظام السياسي وانتُخبت حكومة يمكن أن تبقى في السلطة لمدة أربع سنوات، وفق تقديره.

وخلص المحلل إلى القول: "علينا أن ننتظر ونرى. نتنياهو يعارض الاتفاق مع لبنان ولم يقل الكلمة الأخيرة في هذا الشأن بعد".

وفي سياق متصل، أشار موقع غلوباس العبري إلى أنه في قاعدة الأمم المتحدة في "الناقورة"، وقع ممثلو إسرائيل ولبنان على أقسام الخطوط العريضة للاتفاقيات بين الدول التي تحدد الحدود البحرية الاقتصادية.

ولفت الموقع العبري إلى أن هذه هي تفاصيل الاتفاقيات في الوساطة الأميركية وخطابات الإحالة إلى الأمم المتحدة لتسجيل الحدود البحرية الاقتصادية. وجرى التوقيع بناء على طلب لبنان في غرف منفصلة وبدون لقاء بين الوفود. 

وبحسب التقارير الواردة من لبنان، رفض الوفد اللبناني في البداية دخول قاعدة الأمم المتحدة وطالب سفن البحرية بعبور خط الحدود البحرية جنوبا إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولم يدخلها إلا بعد تلبية مطلبه.

وينهي التوقيع العملية الرسمية والقانونية للاتفاقية وستدخل حيز التنفيذ الكامل بعد الموافقة على مخطط الحدود في الأمم المتحدة.

وبحسب المخطط، اتفقت إسرائيل ولبنان على تحديد خط المياه الاقتصادي بالكامل وفقا للمطلب اللبناني، الخط 23، وبالتالي نقل 860 كيلومترا مربعا للسيطرة الاقتصادية اللبنانية، بما في ذلك حقل "قانا صيدا" المحتمل للغاز.

وأشار المحلل السياسي "داني زكين" إلى أن إسرائيل تخلت عن هذه المنطقة، التي تشكل نصف الحقل بأكمله، وسيبقى في يدها جزء صغير "يخترق المياه الاقتصادية لإسرائيل جنوب الخط 23".

وبحسب الاتفاقية، سيدير ​​لبنان الإنتاج في الحقل من خلال شركة "توتال" الفرنسية وشريكتها "آني" الإيطالية.

ولفت زكين إلى أنه من المفترض أن تحصل إسرائيل على تعويضات عن الإتاوات من الجزء المتبقي في يدها (حوالي 17 بالمئة) في الاتفاقية التي من المفترض توقيعها مع شركة توتال.