دافع عن المهاجمين وتجاهل الضحايا.. تفجير تركيا يسقط قناع إعلام الغرب

إسطنبول - الاستقلال | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

شهدت مدينة إسطنبول التركية في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022 "تفجيرا إرهابيا أسفر عن مقتل 6 أشخاص وإصابة 81 آخرين، وفق السلطات التركية.

وأثارت تغطية صحف غربية، في مقدمتها "نيويورك تايمز" الأميركية لوقائع التفجير غضب كثيرين، على خلفية تركيزها على المكانة السياحية لموقع التفجير بدلا من التعاطف مع الشعب التركي وضحاياه الأبرياء.

وأكدت وكالة الأناضول أن هذه التغطية أسقطت القناع الإنساني الذي تتخفى وراءه وسائل الإعلام الغربية، وكشفت عن رغبة في إبراز تركيا كـ"بلد غير آمن"، ما يظهر مدى عمق نفاق الغرب وازدواجية معاييره.

ووقع التفجير في شارع الاستقلال المتفرع من ميدان تقسيم، الذي يعد مكانا مهما يقصده الزائرون والسائحون، ومعروف بازدحامه أغلب الأوقات.

نفاق علني

وذكرت الوكالة التركية أن النفاق خيم على تغطية صحيفة نيويورك تايمز لتفجير تقسيم الذي نفذه عناصر يتبعون حزب العمال الكردستاني "بي كا كا"، الذي تصنفه تركيا وأميركا "تنظيما إرهابيا".

إذ كتبت الصحيفة في تغريدة عبر تويتر: "من بين عشرات الملايين من السياح من جميع أنحاء العالم الذين يزورون تركيا كل عام، يقضي الكثيرون منهم وقتا في المنطقة التي وقع فيها تفجير الأحد"، في إشارة إلى شارع الاستقلال.

وقالت الأناضول: "تعكس هذه الخطوة من نيويورك تايمز وجهة نظر وسائل الإعلام الغربية المزمنة تجاه الحوادث الإرهابية غير المتعلقة ببلدها".

وهذا المنظور، الذي تشكل نموذجه تحت هيمنة نظرة عالمية مركزية أوروبية، هو وجهة نظر إشكالية تثبت وجود الفكر الاستشراقي، الذي يتكرر على فترات منتظمة ويجد بسهولة استجابة في الرأي العام العالمي. 

في الواقع، هذه التغطية كشفت مرة أخرى عن كيفية اختلاف محتوى ونتائج العمل وفقا لتوجه وسائل الإعلام.

فنحن لسنا غرباء عن نظرة ورأي وسائل الإعلام الغربية فيما يتعلق بهذا الشأن. 

وتغطية صحيفة نيويورك تايمز للهجوم الذي أودى بحياة 6 أشخاص وإصابة 81 شخصا باتخاذ السياحة أساسا للمعالجة الصحفية يساهم في أجواء الخوف والفوضى التي يحاول "الإرهاب وتنظيماته" نشرها.

كما تخدم هذه التغطية تصور "الجغرافيا غير الآمنة" التي يحاول الغرب والإرهاب خلقها عن تركيا في الساحة الدولية.

فكر استشراقي

واللغة المستخدمة والتركيز على "السياح"، الذي أصبح النقطة المحورية للأخبار، يغذي المنظور الاستشراقي بالمعنى الذي كتب عنه المفكر الفلسطيني الأميركي "إدوارد سعيد".

في كتابه "الاستشراق"، الذي ترجم إلى عدة لغات، يقول "إدوارد سعيد" إن الغربيين يرسمون مشهدا شرقيا يناسب مصالحهم بناء على وجهات نظرهم الخاصة عند التعامل مع الشرق. 

في هذا المشهد، الذي يتم رسمه وفقا للمصالح، يمكن للشرق أن يجد مكانه في موقع "الآخر" في شكل موضوعي ومحدد. 

فالتهميش الذي يظهره الغرب هو الموضوع الحقيقي الذي يجد أرضيته كممثل للحضارة المادية والثقافة في أوروبا. 

لأنه يجب تعريف الشرق على أنه كائن "مهمش" فهذا التعريف واضح جدا في الأخبار التي تخلقها وسائل الإعلام الغربية في تركيا. 

وكما يتضح من تغطية نيويورك تايمز، جرى تجاهل المواطنين الأبرياء الذين قتلوا وأصيبوا بعد الهجوم عن وعي وتم نقل السياحة إلى المركز وتم التعبير عن الشرق من وجهة نظر استشراقية.

ويمكن رؤية هذا الشكل غير الجديد من النظرة في أوقات مختلفة، سواء في تقارير نيويورك تايمز في تواريخ مختلفة أو في وسائل إعلام أخرى مثل: وكالة رويترز، وهيئة الإذاعة البريطانية، ووكالة فرانس برنس.

وشاهدنا مقاربات مماثلة خلال عمليات درع الفرات (2016) وغصن الزيتون (2018) ونبع السلام (2019)، التي نفذتها تركيا من أجل تطهير شمال سوريا من الجماعات المسلحة، مع مراعاة وحدة أراضي سوريا.

غير أن هذه الوسائل الإعلامية الغربية شوهت حقيقة أن عمليات تركيا في كل فرصة تستهدف الجماعات المسلحة، وجعلتها أن "المدنيين والشعب الكردي هم الهدف".

وكان يتم إيصال ذلك بإصرار إلى الرأي العام العالمي، بل كانت تصور التنظيمات المسلحة التي تشكل تهديدا على المنطقة على أنها "منظمات شرعية".

فاستخدمت صحيفة نيويورك تايمز أوصافا تخفيفية لحزب العمال الكردستاني الذي تعترف به الولايات المتحدة "تنظيما إرهابيا"، مثل "المتمردين" أو "المجموعة الكردية المتمردة"، في تواريخ مختلفة.

وعلى هذا النحو تحاول وسائل الإعلام الغربية باستخدامها الواعي للغة أن تسوق للجمهور العالمي مسلحي "بي كا كا" على أنهم "متمردين عاديين". 

وهذا النهج لا يخدم فقط دعاية حزب العمال الكردستاني بشكل مباشر، بل بالإضافة إلى ذلك فإنه يعزل أيضا الجمهورية التركية على الساحة الدولية.

وكما قال خبير الإرهاب الأميركي براين جينكينز، فإن هدف التنظيمات الإرهابية "ليس قتل الكثير من الناس، بل جعل الكثير من الناس يشاهدون، ووسائل الإعلام هي أهم ركيزة لتحقيق هدفهم".

وتغطية نيويورك تايمز على تويتر تخدم الاستشراق بمنظور أوروبي حيث ترى أن "الإرهاب" خطر لا على تركيا بل على السياح، تؤكد الوكالة التركية.