تخلت عن الدبلوماسية.. ما أسباب عدم اهتمام إيران بنجاح مفاوضات النووي؟

قسم الترجمة | a year ago

12

طباعة

مشاركة

دخلت الجهود العالمية الرامية لتقييد برنامج إيران النووي إلى منطقة مجهولة، إذ تلمح الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى فشل المفاوضات.

في هذا السياق نشرت صحيفة "واشنطن تايمز" تقريرا استعرضت فيه الخطوات التالية التي قد تتخذها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، تجاه إيران.

ووفق الصحيفة الأميركية، من غير الواضح إذا ما كان لدى إدارة بايدن خطة بديلة قابلة للتطبيق، لمنع النظام الثيوقراطي (الديني) الإيراني من امتلاك قنبلة نووية.

ويشير التقرير إلى أن الانهيار المفاجئ لتلك المحادثات شديدة الأهمية، جاء بالتزامن مع تعميق إيران لعلاقاتها الدبلوماسية والعسكرية مع روسيا.

وهو الأمر الذي أثار مخاوف من أن الكرملين ربما يعرض مساعدة سرية لبرنامج طهران النووي، مقابل أن تمد إيران روسيا بمزيد من الطائرات المسيرة، والصواريخ، لمساعدتها في حرب أوكرانيا.

ويقول محللون إنه أصبح من الواضح أن إيران- على الأقل حاليا- تخلت فعليا عن المسار الدبلوماسي، واتخذت قرارا محسوبا، بأن هناك فائدة في الاصطفاف مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أكبر من الاستمرار في مسار المحادثات مع الولايات المتحدة وأوروبا.

وتقول الصحيفة، إن انهيار تلك المفاوضات النووية، إلى جانب الشراكة العسكرية العميقة بين طهران وموسكو، دفعت السياسة الأميركية تجاه إيران إلى حالة من عدم اليقين.

فقد انسحب الرئيس السابق دونالد ترامب، من الاتفاق في 2018، كما واجهت إدارة بايدن والقوى الدولية الأخرى -التي تحاول استعادة الاتفاق- إحباطات متكررة على طاولة المفاوضات، وفق التقرير.

وتشير الصحيفة إلى أن مسؤولي الإدارة الأميركية يقرون بأن المحادثات النووية دخلت حالة من السُبات العميق؛ بسبب دعم إيران لروسيا، وحملة القمع الوحشية التي تشنها السلطات الإيرانية ضد مواطنيها.

ووفق ادعاء الصحيفة، تصر الإدارة الأميركية على أن الدبلوماسية تظل أفضل أداة لمنع إيران من حيازة أسلحة نووية.

وهو هدف قد يكتسب أهمية أكبر في ظل التقارير الأممية التي تفيد بأن إيران تعمل بنشاط على تكثيف تخصيب اليورانيوم، وسط غياب اتفاق جديد. لكن من غير الواضح مدى استعداد الإدارة الأميركية لهذه اللحظة الحاسمة، حسب التقرير.

لا خطة (ب)

ويقول النقاد إن العديد من كبار المفاوضين داخل إدارة بايدن- بما في ذلك المبعوث الأميركي الخاص لشؤون إيران، روبرت مالي- كانوا متمسكين للغاية بإحياء الاتفاق مع طهران، لدرجة أنهم لم يفكروا في بدائل.

كذلك، فإنهم ليس لديهم أي طرق ممكنة للتعامل مع الحكومة الإيرانية، التي ينفد صبرها يوما بعد يوم انتظارا لتخفيف العقوبات الاقتصادية الواقعة عليها، والتي تزداد عدائية أيضا تجاه مواطنيها، فضلا عن الغرب.

من جانبه، يقول مايكل روبين المسؤول السابق في وزارة الدفاع "البنتاغون"، إن "الافتقار إلى الخطة (ب) كان هو المشكلة في الإستراتيجية الأميركية للتعامل مع إيران طوال الفترة التي فُعِّل فيها الاتفاق النووي".

ويضيف أن "فشل (الرئيس الأسبق باراك) أوباما أولا، ثم بايدن ثانيا في إعلان أفضل البدائل حال عدم وجود اتفاق، أقنع إيران بأن المفاوضين الأميركيين كانوا في وضع بائس".

ووصف المسؤول الأميركي إدارة بايدن بأنهم "مقامرون يعتقدون أن بإمكانهم تخليص أنفسهم برهان أخير وحيد. لكنهم بدل أن يخسروا الأموال، فإنهم يستنزفون المصداقية الأميركية التي تراكمت عبر الأجيال".

وشدد روبين على أن "بايدن ليس لديه خطة (ب)"، مضيفا أن "النظام الإيراني سينتصر في الأمد القريب، ما لم تكن هناك استعادة فورية لسياسة الضغط القصوى"، التي اتبِعت في عهد ترامب.

واستهدف ترامب الاقتصاد الإيراني بفرض عقوبات غير مسبوقة، ما أدى إلى توقف نموه، وقيد بشكل كبير قدرة إيران على تنفيذ أعمال تجارية، أو بيع احتياطياتها الهائلة من النفط والغاز الطبيعي دوليا.

وفي الوقت نفسه، استهدفت إدارة ترامب الحرس الثوري الإيراني، الذي يُعد نخبة الجيش بالبلاد، والذي له صلات مباشرة بالمليشيات التي تستهدف القوات الأميركية في العراق وسوريا بانتظام.

وإزاء تلك الخلفية، يبدو أن المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، قد دخلا جولة المفاوضات الأخيرة بنوع من الشك والريبة.

فبعد أن أبرم القادة الإيرانيون اتفاقا مع الغرب في 2015، ثم مزقه رئيس أميركي جديد، سعوا هذه المرة إلى أخذ ضمانات صعبة وغير واقعية بأن واشنطن لن تسحب البساط مرة أخرى، وفق وصف الصحيفة.

كما كشف مسؤولون أميركيون أن الجانب الإيراني أصر على إنهاء تحقيقات الأمم المتحدة في المواقع النووية غير المعلنة كجزء من أي اتفاق، فضلا عن مطالب أخرى رفضتها إدارة بايدن.

نهاية الدبلوماسية؟

وترى "واشنطن تايمز" أن الدبلوماسية تداعت أخيرا حين قمعت إيران المتظاهرين الذين خرجوا لشوارعها في سبتمبر/أيلول 2022، وأيضا عندما باعت إيران أخيرا طائراتها المسيرة إلى روسيا.

بدوره، قال مدير برنامج إيران في معهد الشرق الأوسط، أليكس فاتانكا: "إذا كان الإيرانيون مهتمين جدا بإحياء الاتفاق النووي، فما كانوا ليرسلوا تلك المُسيرات إلى روسيا. فَهُم في الواقع قدموا بذلك ذريعة للغرب للشك في التزامهم".

وأردف: "لقد اتخذوا قرارا بالاصطفاف مع بوتين"، مضيفا أنه "في سياق المفاوضات، ليس عليك أن تكون عبقريا لتكتشف أن خامنئي يهتم بإرضاء الرئيس الروسي أولا وقبل كل شيء. وإذا كان ذلك سيضر بالمحادثات النووية، فليكن. هذه مسألة ثانوية بالنسبة له".

وتضيف الصحيفة أن إيران نفت إرسال مسيرات إلى موسكو منذ بدء حرب أوكرانيا، وتصر على أنها لا تزال ملتزمة بمفاوضات إعادة إحياء الاتفاق النووي، محملة واشنطن مسؤولية المأزق.

ويعتقد "فاتانكا" أن المحادثات النووية يمكن أن تستأنف في مرحلة ما من فترة بايدن، على الرغم من أن الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2024 قد تُقلق إيران بشأن استمرارية الاتفاق.

كما أن فشل الجمهوريين - الذين انتقدوا بشدة اتفاق 2015 ومحادثات إحيائه- في تحقيق مكاسب كبيرة في انتخابات التجديد النصفي لعام 2022، قد يمنح بايدن مجالا للمناورة، وفق فاتانكا.

ولكن للمضي قدما في المفاوضات، هناك تساؤلات متزايدة حول قدرة العلاقات الإيرانية-الروسية على إعادة تشكيل المشهد الأمني ​​الدولي.

وتقول الصحيفة إن روسيا تعتمد بشكل كبير على طائرات "شاهد" الإيرانية المسيرة، لشن هجمات على البنية التحتية الأوكرانية، ومن المؤكد تماما أن طهران تريد شيئا في المقابل.

وقد اجتمع الرئيس الإيراني المتشدد– وفق وصف الصحيفة- مع سكرتير مجلس الأمن الروسي، نيكولاي باتروشيف، في طهران في 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، للتباحث حول التعاون الاقتصادي والإستراتيجي بين الدولتين.

إذ قال إبراهيم رئيسي لضيفه الروسي، إن "التعاون بين الدول المستقلة هو الرد الأكثر حسما على سياسة العقوبات وزعزعة الاستقرار التي تنتهجها الولايات المتحدة وحلفاؤها".

في هذا السياق، يتفق معظم المحللين على أنه ليس من مصلحة موسكو مساعدة طهران في تطوير سلاح نووي، حسب زعم الصحيفة.

فقد كانت روسيا إحدى الدول الموقعة على خطة العمل الشاملة المشتركة (اتفاق 2015)، إلى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والصين، كما يعلن قادة الكرملين دعمهم لسياسة منع طهران من امتلاك قنبلة نووية.

ومع ذلك، أكدت صحيفة "واشنطن تايمز" أن خبراء الأمن القومي الأميركي قلقون بشأن ما قد يخبئه المستقبل.