بعيدا عن أفكار الغرب "الوهمية".. موقع إيطالي يقترح حلولا لإنهاء أزمة أوكرانيا

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

انتقد موقع إيطالي ما أدت إليه الحرب في أوكرانيا "من تطرف تصورات واعتقادات المجتمعات والطبقات الحاكمة المتورطة بشكل مباشر في الصراع" الذي بدأ في فبراير/شباط 2022.

واستدرك موقع "إنسايد أوفر" بالقول إن ما يجري "ظاهرة طبيعية شائعة في جميع الحروب، ولا تعد أوكرانيا استثناء لها".

ويرى أنه لن يجري حل الأزمة في أوكرانيا من خلال محاولة تحويل الأفكار الوهمية مثل تغيير النظام والتدخل المباشر من قبل حلف شمال الأطلسي "الناتو" أو تدمير روسيا، إلى واقع، وإنما منع الكراهية والراديكالية من السيطرة على العقل والبراغماتية.

الذاكرة والتاريخ

وقدم الموقع اقتراحا لحل الأزمة الحالية من خلال عقد مؤتمر يشبه مؤتمر فيينا (سبتمبر/أيلول 1814 - يونيو/حزيران 1815) بين سفراء الدول الأوروبية.

كان هدف المؤتمر التاريخي تسوية العديد من القضايا الناشئة عن حروب الثورة الفرنسية والحروب النابليونية وتفكك الإمبراطورية الرومانية.

وجاء اقتراح الموقع في دعوة منه لتغليب الحوار مع روسيا على توجهات أخرى حذر من أنها قد تؤدي إلى خراب أوروبا.

وشدد على أن "حل الأزمة يكمن في التعلم من النجاحات والإخفاقات السابقة وبأنه من خلال التفكير في حلول واقعية وملموسة للحرب في أوكرانيا، سيتبين عدم وجود مخرج سوى التفاوض المباشر بين موسكو وكييف". 

وأوضح أن "هذا يعني أنه بالنسبة للطرفين من الضروري الانتقال إلى الدعم السياسي والدبلوماسي الهادف إلى تحويل النتائج العسكرية الميدانية إلى مفاوضات"، مؤكدا أن هذا السيناريو هو الأمثل لأوروبا. 

يشرح إنسايد أوفر بأن الحرب في أوكرانيا تعد نزاعا متعدد الأبعاد، وهي حرب تقليدية بين الدول.

إذ تسعى موسكو في القرن الحادي والعشرين باستخدام أساليب القرن العشرين (الغزو الواسع النطاق) لتحقيق أهداف القرن التاسع عشر (التوسع الإقليمي الإمبراطوري).

وأضاف بأنها أيضا حرب بالوكالة بين "الغرب وروسيا بمشاركة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة من الخلف، بينما الجيش الأوكراني والاقتصادات الأوروبية في المقدمة".

يرى الموقع الإيطالي أن "الشعوب بلا ذاكرة محكوم عليها بتكرار أخطاء الماضي. لذلك معرفة الماضي ستكون اليوم وغدا وإلى الأبد مصدرا للخلاص الأبدي"، مؤكدا على أهمية ذلك في العصر الحالي.

ويتابع أن الماضي يوحي بأن كلا الجانبين مخطئ، دعاة السلام الذين يدعون إلى مفاوضات يرافقها وقف شحن الأسلحة إلى أوكرانيا.

والصقور الذين يدعون التحالف الأطلسي للتدخل في الصراع والدعوة لتغيير النظام وتدمير روسيا، متناسين أن بذور الحرب العالمية الثانية زرعت في فرساي (في شمال فرنسا)، وفق قوله.

يذكر أن المعاهدة التي جرى التوقيع عليها في عام 1919 بين قوات الحلفاء وألمانيا، تمخض عنها تأسيس عصبة الأمم.

كما أنها ألزمت ألمانيا بخسارة بعض من أراضيها وتقديم تنازلات إقليمية واسعة، وتقاسمت الدول المنتصرة الرئيسة في الحرب العالمية الأولى مستعمراتها في إفريقيا والمحيط الهادي.

روسيا نحو الانهيار

وانتقد الموقع الإيطالي "عودة عالم التحليل الأنجلو ساكسوني في الأسابيع الأخيرة في الصحافة إلى الحديث عن انهيار روسيا". 

ويذكر أن صحيفة "ذا كونفرزيشن" كتبت أن "بقاء روسيا في أعقاب الهزيمة في أوكرانيا ليس مضمونا تماما" وأن "الحرب فاقمت التصدعات بين المركز السياسي الروسي ومحيطه غير المتجانس عرقيا".

بدوره، تنبأ الباحث تاراس كوزيو من جامعة كييف الوطنية بانهيار روسيا ككيان دولة بفقدان نفوذها في البلدان المجاورة. 

وقال إن "روسيا في خضم انهيار إمبراطوري آخر. فالدول التي أمضت العقود الثلاثة الماضية كجزء من إمبراطورية موسكو غير الرسمية تبتعد الآن عنها وتتحكم في مصيرها".

وتطرق الموقع الإيطالي إلى ما دعت إليه أصوات أخرى بينها رسمية، بطرد موسكو من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. 

وعلق بأن ذلك إن تحقق سيشكل "عقابا شديدا من الناحية النظرية، لكن من شأنه أن يؤدي فقط إلى تفاقم الحرب في أوكرانيا، وإلى منافسة أكبر بين القوى العظمى ويجعل المنظمة الدولية غير فاعلة وعاجزة، وبذلك عودة إلى الماضي إلى عصبة الأمم".

وأردف بأن "الحث على استبعاد روسيا من مجلس الأمن تعسفي للغاية، لأن الولايات المتحدة انتهكت بدورها ميثاق الأمم المتحدة وأفلتت من العقاب عدة مرات، على سبيل المثال مع غزو العراق عام 2003 بناء على أدلة تبين لاحقا أنها خاطئة".

 ويضيف "كما أنه يأتي بنتائج عكسية، لأن التاريخ يعلمنا أن الحروب الإقليمية والعالمية الكبرى تندلع أيضا، خاصة بسبب عدم وجود هيئات فوقية تعمل في تناغم وحوار ووساطة".

ويرى بأن "قرار استبعاد روسيا من هيئة مهمة لاستقرار النظام الدولي مثل مجلس الأمن، خاصة وأنها قوة نووية أسهمت في حل أزمات في سياقات مختلفة، سيكون بمثابة إدانة للأمم المتحدة بنفس المصير المؤسف لعصبة الأمم". 

"أي كيان طوباوي (يحلق بعيدا عن الواقع) لكنه غير متحرك لم يكن بإمكانه فعل أي شيء لمنع اندلاع الحرب العالمية الثانية بسبب غياب الدول الوحيدة  التي كانت قادرة على منعها مثل ألمانيا واليابان والولايات المتحدة" وفق الموقع الإيطالي.

مؤتمر فيينا جديد

دعا الموقع إلى إزالة "أي وهم سياسي مرتبط بهذا المنظور الذي لا يجب أن يصبح الفكرة السائدة في سياق سياسي أوروبي من مصلحته نهاية الأعمال العدائية في وقت قصير ومعقول"، مشددا على ضرورة أن تستعيد أوروبا السيطرة على مصيرها.

كما يرى بأنه من الضروري الحوار والتفاوض مع روسيا برئاسة فلاديمير بوتين، مؤكدا أن مهمة أوروبا تتمثل في تهيئة الظروف لإجراء حوار بين موسكو وكييف.

وأيضا المضي قدما بسرعة، خصوصا وأن من شأن المفاوضات المباشرة بين روسيا والولايات المتحدة أن تقطع وتهمش وتلغي أي آفاق سياسية وإستراتيجية للقارة القديمة. 

في هذا الصدد، اقترح الموقع فكرة عقد مؤتمر جديد يشبه مؤتمر فيينا، تحت إشراف منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.

وهذا من شأنه أن يفتح آفاق إعادة إطلاق دور القارة القديمة من الناحية الإستراتيجية خاصة من ناحية توفير الضمانات السياسية والدبلوماسية الأوروبية لسيادة أوكرانيا ودخول كييف بشكل منظم إلى الاتحاد الأوروبي، بحسب تقديره.

 وثانيا، تحرير القارة العجوز من الضغوط الأنجلو-أميركية نحو مواجهة باستعراض العضلات ضد روسيا وكذلك وقف عدوان موسكو من خلال العلاقات الدولية.

وبحسب إنسايد أوفر، "ليس من الانبهار بروسيا أو نظام فلاديمير بوتين أن زعماء أوروبيين مهمين مثل سيلفيو برلسكوني وأنجيلا ميركل وإيمانويل ماكرون سعوا أمس واليوم إلى بناء مساحات الحوار والتعاون بين أوروبا وموسكو". 

كما أن دعوة البابا فرانسيس أطراف النزاع إلى النظر في المنظور الدبلوماسي من أجل إنهاء الحرب لا تعني التأييد لبوتين، وفق تقديره. 

وتابع أنه "ليس من باب الخيانة تجاه القضية الغربية دعوة خبير في العلاقات الدولية مثل هنري كيسنجر لتسوية العلاقات مع موسكو". 

واقترح إجراء مفاوضات مباشرة بين روسيا وأوكرانيا في إطار مؤتمر سلام دولي كبير يعقد في أوروبا، برئاسة الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

أو التوصل إلى اتفاق شبيه باتفاقية هلسنكي وهي وثيقة صدرت عن مؤتمر عقد عام 1975 من أجل خلق أسس جديدة للأمن والتعاون بين الدول الأوروبية.

وأكد الموقع أن "الفاتيكان سيكون هو الضامن الأول لهذه العملية، والتي يمكن للولايات المتحدة والصين والهند، إذا رغبوا في ذلك، المشاركة فيها.

وشدد أنه "من الضروري تخيل سيناريوهات معقدة لإرادة السلام وفتح مفاوضات قادرة على كسر الحلقة المفرغة للأوهام الروسية والأوكرانية والغربية حول الحرب وإيجاد البعد الصحيح بين التسويات والتنازلات اللازمة لوضع حد لها، وإلا سيحل الخراب بأوروبا".