التعاون بين روسيا وإيران في حرب أوكرانيا.. لماذا تخشاه إسرائيل؟

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

رأى موقع "يسرائيل هيوم" أن إجلاء روسيا قواتها من سوريا وتوثيق علاقاتها مع طهران وتحديث الإستراتيجية الأميركية لا تعد أخبارا جيدة لإسرائيل "فالخطر عليها ليس فوريا ولكنه ملموس جدا".

وقال الموقع العبري: "نحن في خضم تطور جيوسياسي عواقبه بالغة الأهمية، وهو المنافسة بين الشرق والغرب لتغيير النظام العالمي".

وأضاف أن ذلك يأتي رغم "النجاحات التكتيكية الإسرائيلية العديدة على جبهة مكافحة الفصائل الفلسطينية في الضفة الغربية، وإعادة الاستقرار على الحدود الشمالية مع توقيع اتفاقية الحدود البحرية (مع لبنان)".

وأشار إلى أن التحالف الروسي الإيراني، وتطور الحرب في أوكرانيا، والنشر الأخير لإستراتيجية الأمن القومي الأميركية (نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2022) تشكل ثلاثة تطورات رئيسة، "على الرغم من النظرة السطحية بأنهم غير مرتبطين ببعضهم البعض ولا يعرضون إسرائيل للخطر".

ثلاثة تطورات

فمن الناحية العملية، هذه التطورات الثلاثة تشكل تحديا للأمن القومي الإسرائيلي "ويجب أن نكون مستعدين لها"، بحسب الجنرال احتياط تمير هايمان.

وقال هايمان وهو رئيس سابق لوكالة الأمن القومي (الاستخبارات الإسرائيلية): "التطور الأول هو دعم طهران لموسكو بأنظمة أسلحة دقيقة".

ووفقا للبيت الأبيض، فإيران متورطة أيضا بشكل مباشر في الهجوم على أوكرانيا عبر مشغلي الطائرات الإيرانية المسيرة المتمركزين في شبه جزيرة القرم.

وبين المدير الحالي لمعهد دراسات الأمن القومي في "تل أبيب" أنه "على الصعيد الداخلي، تصدّر إيران أكثر من مليون برميل نفط يوميا، وهو ما يكفي لاستدامة اقتصادها (الكفاف وليس الازدهار)".

وعلى عكس الانطباع القوي على الشبكات الاجتماعية، يتعامل النظام بشكل حاسم وفعال مع مظاهرات الحجاب المتواصلة منذ منتصف سبتمبر/أيلول 2022 بعد مقتل الشابة مهسا أميني.

والتطور الثاني هو الحرب في أوكرانيا المستمرة منذ فبراير/شباط 2022، إذ أعلنت روسيا حالة الطوارئ في غرب البلاد، وتجدد الضغط على العاصمة كييف، لكنها لا تزال متورطة في حرب فاشلة.

فموسكو عازمة على مواصلة الحملة حتى النصر وبالتالي، إلى جانب تعثر التعبئة الاحتياطية، تضطر إلى نقل القوات والأسلحة من سوريا إلى الجبهة الأوكرانية، وعلى ما يبدو، هذا التطور سيصبح سلبيا بالنسبة لإسرائيل.

التطور الثالث، هو وثيقة إستراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة، التي تركز على أن الصين هي التحدي الرئيس للنظام العالمي.

ويرى الموقع العبري أن على دول الشرق الأوسط أن تتعامل مع مشاكلها الخاصة، بينما ستدعم الولايات المتحدة من بعيد.

كما أن الولايات المتحدة ملتزمة بمنع وصول إيران للقنبلة النووية، لكنها لن تستخدم القوة العسكرية لتغيير الأنظمة؛ فالتكنولوجيا هي مورد للأمن القومي.

هذه التطورات تلزم إسرائيل للتطرق لما هو دفين، لأنها تقع تحت عتبة الضوضاء، "وهذا الخطر ليس على المدى القصير فقط بل له تبعات مستمرة".

ويرى الموقع العبري أن هذه الضوضاء والتطورات التي تحدث لا تشبه التهديد الفلسطيني في الضفة الغربية، فالأمر يستحق المناقشة، ويجب تحليل المخاطر المحتملة على المدى الطويل، إلى جانب الاستفادة من الفرص المختلفة.

ولفت الموقع العبري إلى أن التهديد التكتيكي قد يأتي من جهة سوريا، على الرغم من أن روسيا لن تتخلى عن وجودها في الساحة بسبب وصولها إلى البحر الأبيض المتوسط ​​وموطئ قدمها في الشرق الأوسط.

ولكن قلة ​​القوات هناك والالتزام المتزايد تجاه إيران قد يزيد من التعاون بين طهران وموسكو على الأراضي السورية. 

وعلى عكس الماضي، هذه المرة، قد تدعم روسيا بنشاط جهود المؤسسة الإيرانية في سوريا، أو على الأقل أن تمنحها الدعم - على سبيل المثال، من خلال حماية الأصول الإيرانية في سوريا بطريقة من شأنها أن تعطّل حرية إسرائيل في العمل.

وقد يشمل هذا المساعدة بشكل غير مباشر في نقل المعدات العسكرية الإيرانية المتقدمة إلى سوريا، ومن الممكن حتى اتخاذ رد يتجاوز الإدانات المألوفة للهجمات المنسوبة إلى إسرائيل، بحسب تقدير الصحيفة.

تهديد إستراتيجي

وقد يأتي التهديد الإستراتيجي من اتجاه البرنامج النووي الإيراني، ومع مرور الوقت، تقل فرصة التوصل إلى اتفاق، فطهران ترفض الموافقة على مسودة الاتفاقية المعروضة عليه بصيغتها الحالية.

ويقول الجنرال احتياط "تمير هايمان": "الغرب لا يتخلى نهائيا عن التحقيق في الملفات المفتوحة" (اكتشاف يورانيوم مخصّب غير معلن في ثلاثة مواقع، وهو ما يعد انتهاكا لمعاهدة مكافحة انتشار الأسلحة النووية)، وعلى الرغم من الراحة الاقتصادية التي يتوقعها من الاتفاقية، لا يزال الزعيم الإيراني (علي خامنئي) لا يعترف بفائدتها".

وعلى عكس الماضي، عندما كان على القائد أن "يشرب كأس السم" فإن الواقع الحالي لا يتطلب مثل هذا الحل الوسط، وفق تعبيره.

وأردف أنه "بعد كل شيء، حتى لو عاد إلى الاتفاق النووي، فمن الواضح للجميع أن التحولات الاقتصادية لن تحدث تغييرا كبيرا في إيران".

وأشار هايمان إلى أن سبب ذلك يتعلق بالتطورات الأخيرة، إذ أدى دعم إيران العملي للحرب في أوكرانيا إلى موجة جديدة من العقوبات ضدها، من عدم الاستقرار في شوارع طهران وعدم ثبات الاتفاق النووي.

وواصل الصول: "حتى لو جرى تجديده، فلن نشجع المستثمرين الغربيين على الاستثمار في إيران". 

ومن ناحية أخرى، تنجو إيران من العقوبات، والآن، في ضوء المساعدة المقدّمة لروسيا، ستتلقى تعزيزا، مما يمنحها شبكة أمان اقتصاديا وأمنيا تجاه الغرب.

ونظرا للتصور الأميركي لإيران كمشكلة محلية شرق أوسطية، نشأ وضع خطير تواصل فيه إيران تسريع مشروعها النووي دون انقطاع ودون أي عائق لتأخيره أو تقييده.

وقد يتوصل الزعيم الإيراني إلى استنتاج مفاده أن العقوبات غير فعالة، وأن العمل العسكري الأميركي ضد نظامه أقل احتمالا في العصر الحالي.

وفي هذه الحالة، بافتراض أن النظام لن يسقط قريبا، قد نجد أنفسنا في واقع إيران النووية كجزء من تحالف شرقي للقوى النووية، بحسب تقديره.

وينبع التهديد الإستراتيجي طويل المدى، وهو ليس أقل أهمية، من المنافسة الأميركية المتزايدة مع الصين.

فوضع قضية التجارة والتكنولوجيا والبحث والتطوير كقضية أمنية حساسة يعرّض للخطر المحرك الاقتصادي الرئيس في إسرائيل.

وقد تضطر إسرائيل، كدولة ناشئة، إلى اتخاذ قرار بشأن سياسة تصدير التكنولوجيا والأبحاث إلى منافسيها في الولايات المتحدة.

وما يُنظر إليه حاليا على أنه تجارة وأعمال مشروعة، قد يُنظر إليه في المستقبل القريب على أنه وضع لا يجرى تسويته وتنظيمه وفقا لمصالح الولايات المتحدة.

ولفت هايمان إلى أن تقلبات النظام العالمي الجديد تطرق باب الأمن القومي الإسرائيلي في المنافسة العالمية الحالية، فلإسرائيل مصلحة واضحة في انتصار الغرب.

وبين أن "الجلوس على السياج هو شكل من أشكال التوقف والبلادة، يجب إعادة النظر فيه". 

وخلص إلى أن نجاح روسيا نتيجة المساعدات الإيرانية سيعزّز الروابط والالتزام الإيراني الروسي، ويعني هذا النجاح تعزيز الجمهورية الإسلامية بما يسمح لها بتحقيق هدفيها الإستراتيجيين: القدرات النووية والهيمنة الإقليمية.